ملاحقة الخلايا والبؤر النائمة

زهير سالم*

[email protected]

الكلمة الأخطر في حديث بشار الأسد التي لا ينبغي لها أن تمر

في حديثه مع أساتذة وطلاب كلية العلوم السياسية انزلق بشار الأسد إلى كشف المخبوء من سريرته المريبة الحاقدة . فقد نقلت عنه وكالة سانا السورية الرسمية في نشرتها في 14 / 4 / 2014 أنه قال " موضحا أن الدولة تسعى إلى استعادة الأمن والاستقرار في المناطق التي ضربها الإرهابيون للتفرغ بعد ذلك لملاحقة الخلايا والبؤر النائمة .."

ليبقى السؤال الأخطر المطروح هو من هم ممثلو الخلايا والبؤر النائمة في مخيال بشار الأسد مجرم الحرب والمعتوه السياسي ؟! من هم هؤلاء الذين يهادنهم بشار الأسد اليوم ليكر عليهم بعد أن يحقق انتصاره على من يسميهم الإرهابيين من القوى والمواطنين الذين جهروا برفضهم لحكمه أو لظلمه بأي وسيلة من وسائل الرفض الثوري أو السياسي المادي أو المعنوي ؟! فكان منهم الثوار المقاومون ، وكان منهم الرافضون السياسيون ، وكان منهم 10 ملايين لاجئ آثروا أن يبتعدو عن جحيم حرب يديرها عليهم الأشرار الثلاثة : بوتين وخمنئي وبشار ؟!

فهل يعتبر بشار الأسد هؤلاء الذين يحدثهم من أساتذة وطلاب كلية العلوم السياسية من الخلايا والبؤر السياسية النائمة نفسها ؟! وما قاله بشار الأسد هو رسالة تهديد مباشر بمعنى أنه يقول لهم : انتظروا حتى يدور الدور عليكم ؟!

 أم أن تفسير الخلايا والبؤر النائمة يأتي في سياق سياسي حزبي بحيث يضع بشار الأسد كلماته في خطابه الأول منذ الأيام الأولى للثورة ( لا يوجد حياد في الموقف الذي نحن فيه وكل من ليس معنا فهو ضدنا ) وعلى هذا الأساس سيعيد بشار الأسد دراسة ملفات المواطنين السوريين بعد إشاعة انتصاره الحالمة التي يطلقها ثم يجري وراءها فعل أشعب بقصته العربية الشهيرة ، ليقوم بتصفية هؤلاء المواطنين بكل وسائل التصفية التي شاركه المجتمع الدولي في تمكينه منها بما في ذلك القتل بالتجويع وتحت التعذيب وبالحرق والخنق بالغازات الكيماوية  ..

أو هل يجب أن نفسر الخلايا والبؤر النائمة تفسيرا مذهبيا طائفيا تفلت من لاوعي بشار الأسد فأفصح عنه بعد أن وسع دائرة عصبيته الطائفية الضيقة بمدد لبناني وعراقي وإيراني ، قوى داعمة بلا حدود كما يقول المراجع والقادة والساسة والعسكريون الإيرانيون ؟!

في خطابه الثاني منذ الأيام الأولى للثورة أعلن بشار الأسد أنه ( ليس رئيسا لجميع السوريين ) أي أنه رئيس فقط لمن يصفق ويمجد كان ذلك أولا ، ثم تقلصت دائرة الرسالة لتقتصر على الذين يقتلون ويعذبون وينتهكون . ومنذ ذلك التاريخ أعلن بشار الأسد أنه ذاهب إلى حرب كسر الإرادات كما أرادها ..

إن تصريح بشار الأسد أنه يستعد للتفرغ للخلايا والبؤر النائمة بعد انتصاره على الثورة والثوار الذين يسميهم بالإرهابيين يعتبر زلة اللسان التي تكشف عن السر الخطير المخبوء الذي يعده بشار الأسد للكثر من أبناء الشعب السوري ، الذين اختاروا الصمت حتى الآن على ما يجري في بلدهم وعلى شعبهم . حتى هذه الشريحة الصامتة أو المتفرجة لن تسلم من حساب بشار الأسد ووعيده ، إنها العبارة الزلة التي تكشف عما في الضمير كما يقول المحللون النفسيون...

يبقى أن نذكر كل هؤلاء الذين ما زالوا يقامرون بمستقبل الشعب السوري بالحديث عن حل سياسي يضم تحت جناحيه فريقا من القتلة ومجرمي الحرب كما تمثلت وتتمثل في شخص بشار الأسد وفريقه حالا واستقبالا أن التهديد اللامبالية يجب أن تؤخذ على محمل الجد على أعلى المستويات ، وفي كل الدوائر الدولية والإقليمية والمحلية . إذ لا يجوز الاستهانة بتهديدات المعتوهين من المجرمين الأفراد العاديين فليس بتهديد يصدر عن مجرم حرب قتل حتى الآن مئات الألوف من البشر المسالمين . ومن هنا فإننا نطالب بتحويل العبارة إلى مخابر تحليل علم نفس الجريمة والمجرمين لتحليل أبعادها وتوقع تداعياتها ..

إن الرسالة الأخطر في عبارة بشار الأسد يجب أن يقرؤها كل أولئك المتماهين مع أحاديث السحرة الذين يعملون على إهدار دماء الضحايا السوريين ومنح صكوك البراءة المسبقة للقتلة والمجرمين تحت عناوين منمقة ومموهة بأصبغة التسامح والعدل ..

إن تهديد بشار الأسد بالتفرغ للخلايا والبؤر النائمة بعد انتصاره على الثورة وقواها , هو بمثابة إعلان حرب على كل من يتبقى من أبناء الشعب السوري تحت ولايته بأي شكل من أشكال الولاية . إعلان حرب إبادة على أسس مذهبية وطائفية مقيتة وعلى أسس سياسية منغلقة يكرر  بشار الأسد من خلالها مقولة نمرود : " أنا أحيي وأميت .. "

إنه لا سلام بلا عدالة ولا عدالة بدون محاسبة المجرمين ، محاسبتهم وليس مكافأتهم كما يقول بعض السذج الغافلين.

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية