المحقق العراقي الكبير الدكتور بشار عواد معروف يبطل أقوال المتخرصين

المحقق العراقي الكبير الدكتور بشار عواد معروف يبطل أقوال المتخرصين الذين يرومون النيل من أمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري رحمه الله

نشر مركز المخطوطات بمصر فيديو لمحاضرة ألقاها المحقق العراقي الكبير الدكتور بشار عواد معروف تحت عنوان : " صحيح البخاري بين الأصول الخطية ونظرية الانتقاء "، وهي محاضرة قيمة، وفي غاية الأهمية . وكانت هذه المحاضرة صفعة قوية من محقق راسخ القدم في التحقيق  لكل المتكالبين على الإمام البخاري في المشرق والمغرب على اختلاف توجهاتهم التي تجتمع كلها عند هدف واحد هو النيل من الإسلام عن طريق النيل من صحيح الإمام البخاري رحمه الله ، والتشويش بهذا النيل على المسلمين عن طريق تشكيكهم في دينهم .

وفيما يلي أهم ما جاء في هذه المحاضرة القيمة  الموجودة على اليوتوب:

أبدأ بما انتهى إليه الدكتور بشار عواد معروف وهو الإشادة بأمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري رحمه الله حيث قال : عندي منزلة الإمام البخاري بين المحدثين كمنزلة أبي بكر الصديق بين الصجابة ، ذلك الصديق رضي الله عنه لم يخالف رسول الله صلى الله عليه في شيء أبدا ، وعليه لا يقاس بمنزلته أحد من الصحابة ، وكذلك الإمام البخاري لا يقاس بمنزلته أحد من المحدثين . ويضيف الدكتور بشار قائلا : لقد قدم لنا البخاري كتابه النفيس الصحيح على طبق من ذهب ليقول لنا :هذا هو الإسلام عقيدة ،وعبادة، ومعاملة، وأدبا ،وسلوكا ، وأن كتابه ليس مجرد صناعة حديثية  بل هو صناعة فقهية، وسلوكية أيضا .

وبعد هذا أعود إلى ما جاء في المحاضرة من بدايتها مختصرا كلام المحاضر . يقول الدكتور بشار : كتب الحديث أساسية لفهم الدين الإسلامي، وفي مقدمتها صحيح البخاري ،وصحيح مسلم . ويذكر أن الصحيحين  لا زالا لحد الساعة لم يحققا تحقيقا علميا قائما على جمع جميع نسخهما ودراستها . وخلص من ذلك إلى أن النسخة الوحيدة  المتداولة لصحيح البخاري هي الطبعة السلطانية المطبوعة على فرع من فروع النسخة اليونينية ، وكل الطبعات هي عيال على هذه الطبعة . ويكرر المحقق العراقي أنه لم يقم حتى اليوم جهد فرد أو جماعي لجمع مئات نسخ صحيح البخاري القديمة لدراستها، وبيان اختلافها، وتحقيقها تحقيقا علميا يقوم على أسس .  وذكر الدكتور بشار أن عالمين كبيرين هما أبو الحسن اليونيني ، وصاحبه ابن مالك صاحب الألفية في النحو جمعا  كل روايات البخاري المذكورة في حواشي الطبعة السلطانية ، وحاولا تقديم أصح نص للبخاري .  ومن فرع من فروع النسخة اليونينية  طبعت الطبعة السلطانية التي طبعها السلطان عبد الحميد ، وهي أفضل طبعة ولا زالت كذلك .  ويقول الدكتور بشار : وفي العصر الحديث لم يقم أحد بجمع نسخ صحيح البخاري لمعرفة عمل اليونيني وصاحب الألفية .  ويضيف كذلك كان الشأن بالنسبة لصحيح الإمام مسلم إذ لم يقم أحد بجمع جميع  نسخ صحيح مسلم ودراستها ، والطبعة الوحيدة لهذا الصحيح هي الطبعة الإسطنبولية التي أعاد الشيخ عمر عبد الباقي ترتيبها . وينبه الدكتور بشار إلى وجود مشاكل عندنا  في التحقيق لأن الأصل أن يكتب المحقق ما كتبه المؤلف لا ما يعتقده هو ، لهذا يدعو إلى إعادة النظر في طريقة التحقيق .

ويقول أيضا  لما كان صحيح البخاري على قدر كبير من الأهمية ،كانت له نسخ كثيرة ، وروايات عديدة  تحتاج إلى جهد  متميز لجمعها وتحقيقها . ويرى أنه الآن بدأت الدراسات  الحقيقية الحديثة للحديث ، نظرا لتوفر الإمكانيات والمستلزمات كالحاسوب الذي أصبح  يوفر على مستعمليه الأوقات الثمينة التي كان البحث يتطلبها .

وينتقل الدكنور بشار إلى الحديث عن منهج البخاري في جمع الحديث ، فيتساءل : هل كان البخاري يعتني بالرواة أم كان يعتني بالمتون ، فيجيب لقد كان يعتني بالمتون لا بالرواة ،لأنه روى عن ثقاة وضعاف . ويوضح الأمر، فيقول مبدأنا هو أن كل ما في صحيح البخاري، وصحيح مسلم هو صحيح عندهما أو هو صحيح في الجملة وفي الغلبة ، ويستشهد على ذلك بقول الله عز وجل : (( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم )) ويعقب بالقول: لم يكن كل العرب أميين ،ولكنهم كانوا كذلك على الغلبة ، فكذلك صحيح البخاري و صحيح مسلم . ويقول الدكتور بشار إن ما انتقده  القدماء  في الصحيحين لا يخرجهما عن  مفهوم الصحة العامة أو الغالبة. ويوضح الدكتور بشار كيف كان البخاري ومسلم ينتقيان روايات الحديث من خلال رصد كمية الخطأ التي  يقع فيها الرواة ،والتي تؤدي بهم إلى النزول من درجة التوثيق إلى درجة أدنى منها . ويذكر الدكتور بشار أن الراوية الضعيف له أحاديث صحيحة ، وصحيحه هو ما وافق صحة صحيح الثقاة ، لهذا كان البخاري ومسلم ينتقيان من صحيح  روايات الرواة الضعاف ما وافق روايات الثقاة . ولا يرى الدكتور بشار أن طريقة دفاع الحافظ ابن حجر عن البخاري طريقة مثلى ، ويقول رواة البخاري كثر فيهم من تكلم فيهم بغير حق وفيهم من كثر فيهم الكلام أي ضعّفوا ، ومنهم إسماعيل بن أبي أويس، ولكن البخاري  روى عنه ما وافق صحيح الثقاة ، ويعقب الدكتور بشار بالقول : لو أسقطنا ابن أويس من الأحاديث التي رواها له البخاري لوجدنا طرقا أخرى تصححها ،وهي طرق الثقاة ، ولهذا إذا وافقت رواية  الراوي الضعيف المتكلم فيه رواية الثقة كانت مقبولة أو صحيحة .  وهكذا كان الشيخان البخاري ومسلم ينتقيان من أحاديث الرواة الضعاف ما صحّ ، وهو ما وافق أحاديث الثقاة . وذكر الدكتور بشار أنه وجّه أحد تلاميذه لجمع أحاديث ابن أويس عند البخاري، فجمعها ، فكانت 232 حديث كلها صحيحة على الحقيقة ، ومنها 80 حديثا موجودة في موطأ الإمام مالك ورواته ثقاة  ، وهذا يؤكد أن ما يرويه الراوية الضعيف عن الرواة الثقاة يكون صحيحا ، وهذا منهج البخاري في انتقاء الحديث ، والأصل في التصحيح عنده الموافقة والمخالفة أي ما يخالف فيه الراوية الضعيف الراوية الثقة ، وما يوافقه فيه .ويقول الدكتور بشار الراوية الثقة  إذا خالف الثقاة يحكم عليه بالشذوذ ، ولا يقال عن ذلك أنه زيادة في الثقة ، وقد يكون ضعيف الرواة  أوثق من الثقة إذا وافق الثقاة ، لأن الثقة قد يخطىء، فيشذ عما هو معروف عنه من الثقة .

ويذكر الدكتور بشار أن الحديث لا يقاس بموجب إسناده  بل بموجب متنه، وأن الأصل في معرفة الحديث بالمتون  لا بالأسانيد . وذكر أن أبا حاتم كان يسأل أباه عن رواة فيقول : لا أعرفهم ، ثم يعرض عليه أحاديثهم  ، فيقول أصحابها ثقاة، لأنه كان يقوّم الرواة حسب إصابتهم أو خطئهم في متون الأحاديث . ويقول الدكتور بشار الراوية الضعيف المتكلم فيه إذا لم نجد متابعا له، لا نقبل منه الحديث . وبختم الدكتور بشار محاضرته بالقول : إذا قيل هذا الحديث ذكره البخاري، وفيه رواية راوية ضعيف متكلّم  فيه، فقل لمن قال هذا الكلام ابحث عن هذا الحديث من طرق أخرى، فستجده صحيحا قد صح لأن البخاري كان يعتمد منهج الانتقاء، فلا يأخذ عن ضعاف الرواة إلا ما وافق ثقاتهم . وهذه صفعة موجعة من المحقق العراقي الكبير الدكتور بشار  لكل متخرص  يطلق لسانه في الإمام البخاري ، وكان آخرهم عندنا في المغرب الذي زعم أنه أنهى أسطورة البخاري ، الذي أراد مثل شهرة الأعرابي الذي تبول في زمزم ، فحاز لعنة الحجيج .

وسوم: العدد 746