خالتي فرنسا: يحيا العام الثقافي!

وصف عضو الحظيرة زيارة الجنرال إلى باريس؛ بأنها زيارة فريدة تمخضت عن نتائج ثقافية وفكرية وحضارية لا تقل أهمية عن أية نتائج سياسية. فقد تقرر خلال الزيارة أن تصبح 2019ـ يا ترى من يعيش؟ - عام الثقافة المصرية الفرنسية، وما بين فرنسا ومصر ثقافيا تجارب غير قابلة للتكرار مع أية دولة أخري، وشواهدها كثيرة، وتاريخها بلا حدود، ومنها مستشفى قصر العيني الفرنساوي!

تذكرت منذ زمان فيلما عرضه التلفزيون تستعرض فيه البطلة "خالتي فرنسا" قاموسها البذيء؛ الفريد في الردح والصوات والندب؛ بما يشنف الأذن بمعجم غير مسبوق في القبح والدمامة الفكرية والخلقية، وتُسْكت به من يعترضون طريقها أو سلوكها. لا يختلف الحظائري ورفاقه كثيرا عن منهج خالتي فرنسا، حين يضللون الأمة ويخدعونها ويسكتونها للاحتفال بعدوهم وغازيهم وقاتلهم! 

تساءل أحدهم: هل نجحت الثقافة الفرنسية في توجيه لطمة للثقافة الأميركية في العالم العربي؟ مؤكدا أن فرنسا تخسر النقاط في معركة الإشعاع الثقافي واللغوي. بينما قالت حظائرية أكبر شهادة: الثقافة الفرنسية لا تشيخ ويجب الاستفادة منها! وقال حظائري معتّق: إن القرار بجعل 2019 عام الثقافة الفرنسية في مصر، صائب ويدل على الذكاء والمعرفة. وأضاف: إننا في حاجة شديدة الآن لعلاقات وثيقة مع غرب أوروبا خصوصًا فرنسا، فقد بدأ أول اتصال بالعصر الحديث من حملة نابليون بونابرت ونتائج تلك الحملة والآثار التي ترتبت عليها في المقام الأول ثقافية! لأن بونابرت عندما جاء إلى مصر لم يأت بالجيش فقط ولكن جاء بعدد كبير من العلماء في مختلف العلوم، وأعلنت مسئولة كبيرة أن مدينة رشيد ( بالبحيرة) تتزين من أجل استقبال أحفاد مينو وشامبليون وبوشار!

ورصد حظائريون تأثّر عددٍ كبير من الشخصيات المصرية بالثقافة والأدب والتاريخ الفرنسى، ومن أبرزهم رفاعة الطهطاوى وأحمد شوقى ومصطفى كامل ومحمد حسين هيكل وطه حسين وعبد الرزاق السنهورى وتوفيق الحكيم وطلعت حرب والشيخ مصطفى عبد الرازق، وزعموا أن الثقافة الفرنسية متسللة إلى أعماق المصريين.

في أول القرن الحالي ( ذكرى مرور مائتي عام على الحملة العسكرية الفرنسية)  أقامت الحظيرة مهرجانات صاخبة عند سفح الهرم تزعمها يهودي فرنسي تحت لافتة العلاقات الثقافية. وكانت مصر بهذه المهرجانات أول دولة في العالم تحتفل  بجلادها الذي احتلها، وذبح أبناءها، ودمر مدنها وقراها، وضربت مدفعيته أهم رموزها وهو الأزهر الشريف، ولم تكتف بذلك بل دخل جنوده قبلة المسجد الطاهر وربطوها هناك، وسرقوا الطعام والأموال من الطلاب المجاورين.

ثم وهو الأخطر أن حصيلة الشهداء الذين ذبحهم السفاح نابليون من الشعب المصري الطيب الذي لم يعتد على الفرنسيين، ولم يذهب إلى باريس ليقاتلهم ( 300 ألف شهيد) من مجموع الشعب المصري الذي كان يبلغ تعداده يومئذ نحو مليوني مواطن. أي إن السفاح الفرنسي المستنير قتل سُبْع الشعب المصري المسكين!

وفي ظل الاستنارة الدموية الفرنسية التي يحتفل بها مثقفو الحظيرة، فقد قدم نابليون نموذجا في الخسة والدناءة والتدليس لم يسبق إليه إلا أجداده الصليبيون وأحبابه المغول، يتمثل ذلك في الكتاب الذي وجهه إلى المصريين وهو في طريقه للانتصار عليهم وقتل الآلاف منهم ونهب محاصيلهم وأموالهم والاستيلاء على دوابهم وتدمير بيوتهم، وقد نشر الجبرتي مؤرخ مصر الشهير(1756-1825) صاحب ”عجائب الآثار في التراجم والأخبار" و"مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس"، هذا الكتاب الذي يمثل فلسفة نابليون الدموية في الاستنارة(؟)وعلق الجبرتي بما يصعب نقله هنا، ولكن الكذاب الأشر بدأ بالخداع والتضليل حيث ذكر البسملة والنصف الأول من شهادة التوحيد، ونفى عن نفسه تهمة إزالة الإسلام، وزعم أنه قدم لتخليص حق المصريين من يد الظالمين، وكأنه متطوع في سبيل الله! 

ثم يواصل الكذاب الفاجر الزعم أن الفرنساوية مسلمون مخلصون، ويدعو المصريين للحاق بالغزاة كي ينصلح حالهم وتعلو مراتبهم، أي خيانة بلادهم والغدر بها، ثم يقول   "طوبى أيضا للذين يقعدون في مساكنهم غير مائلين لأحد الفريقين المتحاربين، فإذا عرفونا بالأكثر، تسارعوا إلينا بكل قلب، لكن الويل ثم الويل للذين يعتمدون على المماليك في محاربتنا، فلا يجدون بعد ذلك طريقا إلى الخلاص ولا يبقى منهم أثر..". أرأيتم نوايا السفاح المستنير يا أهل الحظيرة الثقافية؟ ويضيف رسول التنوير الفرنسي الذي لم يأت بالجيش القاتل، ولكنه جاء بالعلم كما يقول الخونة:

" كل قرية تقوم على العسكر الفرنساوي تحرق بالنار".( هذا هو إسلام نابليون!) 

نابليون الذي زعم أنه يعبد الله أكثر من المماليك، ويحترم القرآن؛ كان جنوده يستخدمون أوراق المصاحف ليتنظفوا بها بعد التغوّط ثم يرمونها وهي ملطخة، وهم لا يستخدمون المراحيض ولا يستنجون بالماء البتة كما يقول الجبرتي بل إنهم يستخدمون الأوراق إن وجدوها. ويستنكر الجبرتي ما قاله نابليون عن تدمير كرسي البابا؛ ويرى أن ذلك يدل على أن الغزاة يخالفون الأديان الثلاثة وأنهم ملحدون ”دهرية مبطلون“ وينكرون النبوة والرسالة. ولا يؤمنون بيوم القيامة وربما اعتقدوا بتناسخ الأرواح، ويصف الجبرتي سلوك الفرنسيين اليومي، فيذكر أنهم لا يتسترون عند قضاء الحاجة، ويمارسون الجنس كلما تيسّر لهم ذلك ويحلقون لحاهم وشواربهم ولا يحلقون رؤوسهم ولا عانتهم ومن سوء خلقهم أنهم لا يخلعون أحذيتهم ويمشون بها على السجاد ويبصقون فوقه. أرأيتم الثقافة التي يراد لنا الاحتفال بها؟

إن نفرا ممن يتصدرون المشهد الثقافي لا تعنيهم دماء المصريين والمسلمين ولا كرامتهم، ولا يتذكرون أن فرنسا المتحضرة التي قتلت المسلمين في الجزائر والشام وتونس والصومال ، ما زالت تقتل المسلمين في إفريقية الوسطى ومالي وليبيا تحت زعم محاربة الإرهاب، بينما تتلمظ للثروات المعدنية والبترولية التي تغص بها بلاد المسلمين التعساء! 

 يقول بعضهم متعالما إن زيارة جان بول سارتر وسيمون دى بوفوار في الستينيات من أكثر المواقف الضميرية(؟) قوة ودعما لمصر، وينسى الجهول أن سارتر وعشيقته كانوا أول من قاد التظاهر في باريس ابتهاجا بهزيمة البكباشي عام 67، وقاما بجمع التبرعات للكيان النازي اليهودي دعما له بضمير ميت وقلب حقود!

 فرنسا راسخة في عقول الخونة بجمالها وحيويتها وتمردها وشغفها وبريقها الذى لا ينطفئ، ومذابحها التي لا تسقط بالتقادم! ويظنون أنها ستنقل ثقافة "أشلاء دولة" إلى العالم! خاب سعي خالتي فرنسا الحظائرية!

وفروا أموال العام الثقافي لرصف طريق لا يصلح للسير وتكثر حوادثه وقتلاه!

الله مولانا. اللهم فرّج كرب المظلومين. اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم!

وسوم: العدد 746