سناء العاجي في مدينة وجدة لتسويق وجهة نظرها العلمانية بخصوص الإباحية الجنسية
هتف لي هذا الصباح يخبرني أحد الإخوة الأفاضل أن أحدهم أخبره بلقاء سيتم بمكان ما بمدينة وجدة هذا المساء مع المدعوة سناء العاجي التي قدمتها جريدة النهار اللبنانية ذات يوم بصفة كاتبة وإعلامية مثيرة للجدل ، وأنها كانت تحضر رسالة دكتوراه في علم الاجتماع بإحدى الجامعات الفرنسية تحت عنوان : " العلاقات الجنسية قبل الزواج في المغرب " ويبدو أن هذا الرسالة التي كانت تحضر يوم استضافت جريدة النهار صاحبتها بتاريخ24 حزيران 2013 قد نوقشت وطبعت ونشرت ، وأن صاحبتها تسوق ما تضمنته بخصوص الإباحية الجنسية ، ولربما وقعت مؤلفها هذا المساء بمدينة الألفية التي تم اختيارها عاصمة للثقافة العربية ، ومنها تريد سناء العاجي تسويق ثقافة جلبتها من فرنسا التي تحكمها الإيديولوجيا العلمانية والتي تريد تسويقها في مستعمراتها السابقة ومنها بلادنا المغرب ، وقد جندت لذلك طابورها الخامس من المحسوبين والمحسوبات على الفكر والثقافة والإعلام في بلادنا . ولتعرّف القراء الكرام لهذا الموقع على فكر سناء العاجي ، وسر حلولها بمدينة وجدة ، سأقدم بعض أفكارها التي نشرتها جريدة النهار اللبنانية الواسعة الانتشار في العالم العربي والتي لا يخفى توجهها على القراء العرب في التاريخ المشار إليه أعلاه . والأفكار التي نشرتها هذه الجريدة عبارة عن أجوبة كانت ردا عن أسئلة موجهة إليها ، وفيما يلي الأسئلة كاملة مع اختصار الأجوبة عنها تجنبا للإطالة مع التركيز على المهم الذي يعنينا في التعريف بالمعنية بالأمر دون تحوير لكلامها مع الاحتفاظ بحق التعليق عليه في النهاية :
ـ سؤال : في إطار تناولك لكارثة التحرش الجنسي ، صرحت بأن الرجل الذي لا يتحكم في غرائزه حيوان ، كيف ينظر المغربي إلى المغربية في الفضاء العام؟
ـ أهم ما جاء في الجواب : المرأة الموجودة في الفضاء العام هي ملكية عمومية للرجل يعاكسها ، يتحرش بها ، وقد يلمسها . والتحرش الجنسي ظاهرة خطيرة يريد البعض اعتبار المرأة مسؤولة عنها بما يثيره مظهرها ، لهذا تحدثت عن حيوانية الرجل الذي لا يستطيع التحكم في غريزته الجنسية . وحتى النساء المحجبات والمنقبات يتعرضن للتحرش أيضا ، وهذا دليل على أن التحرش مرتبط بالسلوك الذكوري ،وليس بلباس المرأة . والدليل الآخر على ذلك هو اغتصاب الأطفال الصغار الذي لا يعود إلى قضية اللباس وما يثيره من استفزاز للغريزة الذكورية . وأنا لا أزال مصرة على أن الرجل الذي لا يتحكم في غريزته الجنسية لم يسم بعد إلى مستوى إنسان لأنه لا يتحكم في غريزته بل هي التي تتحكم فيه .
ـ سؤال : هل يعتبر قانون الأحوال الشخصية في المغرب النساء المغربيات ناقصات عقل ودين ؟
ـ أهم ما جاء في الجواب : في معظم البلدان الإسلامية الجانب القانوني الذي يستلهم مادته أساسا من الدين هو قانون الأحوال الشخصية أما القوانين الأخرى الجنائية والتجارية وغيرها هي قوانين وضعية لا تستلهم مضمونها من الشريعة لكن كل ما يتعلق بالزواج والإرث والعلاقات الجنسية والطلاق مستمد من الشريعة .والمرأة اليوم في المغرب تستطيع في القانون أن تؤسس شركة ، وأن تشهد على عقد تجاري ،وأن تترأس إدارة كبيرة ،وأن تكون وزيرة وقاضية ومحامية ...لكنها لا تستطيع أن تشهد على عقد زواج لأن شهادتها تعد نصف شهادة فقط ، إنه شيء مستفز لأن المرأة مواطن يجب أن تتمتع بكامل المواطنة حقوقا وواجبات . ولماذا ترث المرأة نصف ما يرث الرجل ؟و لماذا نحتاج إلى شهادة امرأتين مقابل شهادة رجل واحد ؟و لما يعتبر الصداق شرطا في الزواج وكأن الزواج علاقة تجارية ؟ ونفس الشيء بالنسبة للمتعة بعد الطلاق .
ـ سؤال أو تعليق : لكن هناك من يعتبر أن حريتك تتوقف عندما تمس بحرية الآخرين ؟
ـ أهم ما جاء في الجواب : هذا صحيح ولكن أين هو المساس بحرية الآخرين حين يمارس شخص حريته الفردية ؟ المساس بحريتهم هي أن يفرض عليهم عدم صوم رمضان ، أو اللباس بأسلوب معين ، أو الزواج، لكن أن يصوم شخص ويفطر الآخر فبماذا سيضر الثاني الأول ؟ أين المس بالحرية التي يتحدثون عنها ؟ مشاعر المسلمين ؟ وهل العقيدة هشة إلى هذه الدرجة لدى البعض؟ المسلمون في أوروبا يصومون وغيرهم يأكل ويشرب ، فلماذا لا تتزعزع قناعتهم هناك ، وتتزعزع في دولهم الأم ؟ الواقع أن القضية ليست الخوف من زعزعة العقيدة، بل الرغبة في فرض نمط تفكير وعيش واحد لا حق فيه للاختلاف ، والرغبة في فرض وصاية على الآخر. يجب أن يعترف الذين يخافون من زعزعة عقيدتهم أن المشكل فيهم، وليس في من يمارس حريته الفردية.
ـ سؤال : هل يمكن لمجتمع يفرض الإيمان كواجب أن يعترف في يوم من الأيام بالمساواة بين الجنسين ؟
ـ أهم ما جاء في الجواب : قبل الحديث عن المساواة دعنا نتحدث عن الإيمان ، هل يعقل أن نفرض الإيمان، ونعتقل الأشخاص بتهمة الإلحاد ؟إنه عبث خطير . الإيمان حق يجب أن تضمنه كل دولة لكن لا يمكن البتة أن يكون واجبا ، فقد تفرض ممارسة بعض الطقوس كالصلاة والصيام كما هو الحال في بعض الدول والمغرب منها لكن لا تستطيع فرض الإيمان بقوة القانون، لأن ذلك يجعل النفاق ينمو في تلك المجتمعات . نحن نهتم بالعبادات أكثر من القيم الجميلة التي يحملها الدين . المجتمعات الغربية متحضرة ليس لأنها متدينة بل لأن قوانين ومنظومة قيمية تطور المجتمع وتحفظ سلامته ، والدين فيها يبقى حرية فردية، وحقا لكل مواطن وليس واجبا . وفي العودة إلى موضوع المساواة بين الجنسين بالتأكيد أن مجتمعا يعتمد الدين كمرجعية لا يمكن أن يعطي كل المواطنين حقوق المواطنة كاملة، لأن المرأة تحتاج إلى وصي في بعض الحالات ، ولا يعتد بشهادتها ولا ترث مثل أخيها وزوجها الذكر.
ـ سؤال : في مقالاتك تشجعين العلاقات قبل الزواج
ـ أهم ما جاء في الجواب : أريد أن نخرج من جو النفاق الاجتماعي الذي نعيشه. شئنا أم أبينا هناك علاقات جنسية قبل الزواج في المغرب وفي بلدان أخرى تريد أن تدعي الطهر. أحضر بحث دكتوراه في الموضوع وأعرف عما أتحدث. لدينا خيار بين أن نقبل الواقع ونطوره كما يحب ( دروس في التربية الجنسية توعية في الإعلام والمؤسسات التكوينية ) أو الاستمرار في ممارسة النفاق وادعاء أن ذلك فسادا لا يوجد في المجتمع . ألا يوجد لدى الإسلاميين ظواهر الزواج السري والعرفي وزواج المسيار والمتعة ؟ وغيرها من الاختراعات و البدع الجديدة؟ أليست أشكالا من العلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج ؟ أليس الناس ينافقون عبر أشكال الزواج هذه ؟ الزواج مؤسسة لها شروطها القانونية وحتى على مستوى الأهداف . والزواج في السر أو عبر المسيار أو المتعة هو أسلوب لإراحة الضمير أمام علاقات جنسية بدون عقد زواج . أليس من الأفضل أن نكون واضحين مع بعضنا البعض ؟ ثم أيهما أكثر صدقا وشرعية هل هي العلاقة بين شخصين متحابين بصدق وإن بدون عقد زواج أم العلاقة بين شخصين يربط بينهما عقد زواج لكن بدون حب أو من أجل مصالح مادية . والأساس في العلاقة بعقد أو بدون عقد هو الصدق الإنساني والوضوح .
ـ سؤال : ألا تقول الأغلبية أن هذه أفكار غريبة ومستوردة لا علاقة لها بثقافتنا العربية الإسلامية ؟
ـ أهم ما جاء في الجواب : هذه قيم إنسانية تضمن العيش المشترك بين جميع الأفراد باختلاف دياناتهم وقناعاتهم الشخصية ، وهي قيم وأفكار إنسانية لا دين ولا جنسية لها .هي الوحيدة التي تسمح لنا بضمان الحقوق والواجبات لكل المواطنين بغض النظر عن اعتقاداتهم و دياناتهم أو حتى لا دينهم .
وفيما يلي تعليق مقتضب على صاحبة هذه الأفكار العلمانية والمستوردة كما جاء في سؤال الذي حاورها، والتي تريد تسويقها في مجتمع متدين :
مشكلة العلمانيين والمستجوبة سناء من طرف جريدة النهار منهم أنهم يجيزون لأنفسهم ما ينكرونه على غيرهم . فمن جهة يرفعون شعار حرية المعتقد، ولكنهم في الواقع يقعون في النفاق الذي أنكرته صاحبتنا على المجتمع المتدين، والواقع يشهد على عكس ما يدعون في دولة فرنسا التي يرشفون من علمانيتها إذ كيف تكون الحرية مضمونة في بلد علماني كفرنسا و هو يفرض الحظر على أساليب من اللباس الذي تلبسه المرأة المسلمة في الأماكن العمومية وفي الشواطىء؟ وإذا كانت سناء العاجي لا ترى في الإفطار العلني في رمضان مساسا بالمشاعر الدينية للمسلمين، فلماذا يعتبر لباس المرأة المسلمة في فرنسا العلمانية مساسا بالمشاعر العلمانية للعلمانيين ؟ وكذلك الشأن بالنسبة لرفع الأذان وإقامة الصلاة في أماكن عامة مع تعذر وجود مساجد أو أماكن للصلاة . إن العلمانيين يكيلون بمكيالين أو يمارسون التطفيف اكتيالا وكيلا مع المسلمين .
والملاحظ في هذا الحوار أن مداره هو العلاقة الجنسية التي تعبر سناء العاجي عن رغبتها الواضحة في إطلاقها أو إباحتها وعدم اعتبارها فسادا . وهي لا ترى ضرورة لعقد زواج إذا كانت العلاقة بين الجنسين محكومة بحب، كما أنها تتحدث حديث الواثقة من نفسها بأن تجريم العلاقة الزوجية غير الشرعية في مجتمع مسلم مجرد نفاق اجتماعي، لأن الواقع بالنسبة إليها تسوده تلك العلاقة ، وأكثر من ذلك تقرر أن العلاقة الجنسية موجودة بين الجنسين قبل الزواج . وهذه مجازفة في الحكم على أمة برمتها، علما بأنها إذا زعمت أن أطروحتها قد اعتمدت استمارات أو مقابلات مع عينات ،فلا يمكن أن تكون تلك العينات ممثلة بحال من الأحوال . وحسب الاستنتاج التي توصلت إليه في بحثها، فإن المغرب يعتبر ماخور كبير ، ذلك أن كل المتزوجين فيه مارسوا الجنس قبل الزواج على حد زعمها .
وأما تشبيهها الرجل الذي لا يتحكم في غريزته الجنسية بالحيوان، فمن المفروض أن يكون وصفا مشتركا بين الرجل والمرأة ،أولا باسم المساواة التي تطالب بها في أمور أخرى كالإرث والشهادة وغير ذلك ، وثانيا لأن الجنسين يشتركان معا في نفس الغريزة ، وإذا كان أحدهما لا يستطيع التحكم فيها ،فلا يمكن أن يستطيع الآخر ذلك . وإذا قالت سناء بذلك فستعرض نفسها للسخرية حيث ستعتبر الأنثى من طبيعة أخرى إذا كانت تستطيع وحدها دون الرجل التحكم في غريزتها . ولا يمكن أن تنفي سناء دور تصرفات الأنثى في استفزاز الذكر جنسيا وتحرشها به سواء عن طريق أساليب اللباس أو غير ذلك . ولا يمكن أن تدحض دور ذلك في تحرش الذكور بالإناث عن طريق ذكر الاعتداء الجنسي على الأطفال لأنهم لا يستفزون المعتدين بما يلبسون . ومعلوم أن الاعتداء على الأطفال جنسيا أمر شنيع ،ولكنه لا يختلف في شناعته عن الاعتداء على الراشدين لأنه يعتبر اعتداء في كلتا الحالتين . ومعلوم أيضا أن من أسباب هذا الاعتداء والتحرش التعقيدات التي أصبحت تحيط بالزواج بسبب الشروط التعجيزية والكلفة المادية المبالغ فيها ، وبسبب منع التعدد وعرقلته ، فلا يجد الجنسان معا بدا من اللجوء إلى العلاقة الجنسية غير الشرعية أمام ضغط الغريزة الجنسية الجامحة . ومع ضيق آفاق الحصول على علاقة شرعية، تفتح كل الأبواب على الاعتداء والتحرش والعلاقات المحرمة شرعا .
ولا أريد الخوض في كل ما أثاره هذا الحوار من قضايا لأن ذلك سيستغرق حيزا كبير لا يتسع لمقال كهذا ، وإنما أركز على قضية أساسية وهي أن الاعتقاد هو الذي يوجه السلوك والفعل . وإذا كانت قناعة سناء علمانية، فهي حرة في قناعتها كما أن كل شخص حر في قناعته، ولكن من احترام قناعة الشخص ألا تنكر عليه سلوكات تمليها عليه قناعته . ولا يجب أن يحسب على القناعة الإسلامية عدم احترام الدولة المرجعية الدينية في أمور وقوانين واحترامها في أخرى كالأحوال الشخصية بالرغم من الانتقاص من شأن هذه المرجعية حتى في الأحوال الشخصية إذ لا يمكن الزعم أن كل ما في مدونة الأسرة المغربية يعتمد المرجعية الإسلامية. والحكم على الاعتقاد الإسلامي لا يكون بهذا الشكل إذ لا يمكن ذلك إلا إذا سادت المرجعية الإسلامية كل مجالات الحياة دون انتقائية . والعيب في عدم حصول ذلك يرجع إلى الذين يخضعون لإرادة غيرهم في تعطيل الشريعة الإسلامية، ولا يرجع إلى الإسلام الذي لا يقبل أن نؤمن ببعضه ونكفر ببعض أو نطبق بعضه، ونعطل البعض الآخر . ولا يمكن لسناء أو غيرها من العلمانيين الدوس على إرادة أمة بكاملها مهما كان حكمهم على قناعتها ، كما أنه لا يمكنها أن تجعل العلمانية نفسها عبارة عن قيم إنسانية مشتركة بين جميع البشر دون غيرها من القناعات.
وأخيرا لا يسعني إلا التعبير عن الأسف الشديد لتسخير العلمانية الغربية عموما والفرنسية خصوصا مواطنة مغربية مسلمة للنيل من دينها ومن هويتها الإسلامية وقيم دينه وثقافته . ومن المؤسف أيضا أن تجد من يجالسها ليسمع دعوتها الإباحية التي تهدف إلى التطبيع مع الزنا، ولا يوجد أدق من الوصف الذي وصف به الله عز وجل العلاقة الجنسية غير المشروعة . ولا أظن أن التربية الجنسية في القناعة العلمانية بإباحيتها ،وتهتكها ، ورضائيتها ،ومثليتها باسم شعار الحرية الفردية ستصون إنسانية الإنسان وكرامته كما هو الحال في التربية الجنسية في القناعة الإسلامية ، وهي تربية يجعلها العلمانيون أو يتعمدون تجاهلها لحاجة في نفوسهم .
وسوم: العدد 754