اتّفَقُوا وتفرّقنا
[من كتاب: غزوة بدر الكبرى الحاسمة. تأليف: اللواء الركن محمود شيت خطاب]
لقد تكاثرت الأعداء على المسلمين، واشتد تكالبهم، فتداعت الأمم عليهم كما يتداعى الأكلة على قصع الثريد، لا مِن قِلّة، فهُم يؤمئذٍ كثير، ولكنهم تخلّوا عن الجهاد، وأصيبوا بالوهن، حب الحياة وكراهية الموت، فهانوا على أعدائهم واستُعبدوا في عقر ديارهم، وذَلّوا حتى للصهاينة، وأصبحوا أذلاء لا وزن لهم ولا قيمة بين الأمم.
ولم يقتصر اضطهاد المسلمين على أعدائهم في الخارج، بل أصبح لهم أعداء في الداخل يضطهدونهم أيضاً، اضطهاداً لا يقل شراسة وعنفاً عن اضطهاد أعدائهم التقليديين في الخارج، فلم يبق أمامهم إلا أن يموتوا أعزّاء أو يعيشوا أذلاء، والذل أشدّ وطأة من الموت الزؤام.
ولا يتفق أعداء المسلمين على شيء اتفاقَهم على إذلال المسلمين، إذ يتخَلَّون عن تناقض مبادئهم واختلاف أهوائهم، ويتّفقون على إذلال المسلمين واضطهادهم، أما المسلمون فقد اتفقوا على أن لا يتفقوا، مع أن دينهم الحنيف دين الوحدة والتوحيد.
وسوم: العدد 829