قطوف 934
وقف الإمام الطاهر بن عاشور عند قول الله عز وجل: *{إن ربك واسع المغفرة}* حيث أضاف القرآن الكريم {رب} إلى ضمير الكاف العائد على النبي ﷺ *(ربك)* ولم يقل (ربكم) بضمير الجماعة مع أن الخطاب للأمة: *{هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض}* فاستنبط الإمام رحمه الله تعالى إشارة الآية الكريمة إلى أن عناية الله تعالى ورحمته وواسع مغفرته للمحسنين والمتقين من هذه الأمة المحمدية قد حصلت لهم ببركة نبيهم محمد ﷺ، الذي نسبه إلى نفسه بضمير الخطاب وحده دون سائر الخلق في سياق سعة المغفرة؛ كرامة له ﷺ، وتنويهًا إلى عظيم بركته على البشرية كلها ﷺ.
**********************************************
يقول العلامة الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله في كتابه الرائع :
"هكذا علمتني الحياة"
(لو كبَّرت قلوب المسلمين كما تكبِّر ألسنتهم بالعيد، لغيَّروا وجه التاريخ .
ولو اجتمعوا دائماً كما يجتمعون لصلاة العيد، لهزموا جحافل الأعداء .
ولو تصافحت نفوسهم كما تتصافح أيديهم؛ لقضوا على عوامل الفرقة .
ولو تبسمت أرواحهم، كما تتبسم شفاههم؛ لكانوا مع أهل السماء .
ولو ضحوا بأنانياتهم كما يضحون بأنعامهم؛ لكانت كل أيامهم أعياداً .
ولو لبسوا أكمل الأخلاق كما يلبسون أفخر الثياب؛ لكانوا أجمل أمة على ظهر الأرض).
**********************************************
زمن التمحيص
قال الشيخ *بكر أبو زيد*
المتوفى عام ١٤٢٩ في كتابه حراسة الفضيله :
*إنَّ المراهنة على اندثار هذا الدين بشعائره العظيمة وفرائضه ، بل وسننه مراهنةٌ خاسرة لم تفز يومًا منذ زمن أبي جهل حتى زمن أتاتورك ؛ ولكنكم قومٌ تستعجلون !*
واعلم - ثبَّت الله قلبك -
*أنَّ الإسلام لا يموت ، لكنه يمر بفترات تمحيص ينجو فيها أهل الصدق ويسقط فيها مرضى القلوب في أوحال الانتكاسة فاصبر واحتسب*
*واعلم أنه ستمر بك أيامٌ عجاف، القابض فيها على دينه كالقابض على الجمر ،سيُحزنك الواقع، وتؤلمك المناظر ،هذه المشاعر عظيمةٌ عند الله، ودليل خيرٍ وقر في قلبك ،لا تنحرها بسكين الانتكاسة!*
*لا يغرنَّك في طريق الحق قلة السالكين ،ولا يغرنَّك في طريق الباطل كثرة الهالكين، أنت الجماعة ولو كنتَ وحدك { إنَّ إبراهيمَ كان أُمَّة }*
*كن غريبًا .. وطوبى للغرباء!*
أخيرًا :
*اِعلم أنَّ خروجك من قافلة الخير لا يضر أحداً سِواك ووجودك فيها فضلٌ من الله عليك ونعمةٌ أنعم بها عليك والخروج منها هو الخسران المبين في ثوب مواكبة الموضة الفاسدة والزمن الجديد المنحدر بالأخلاق المعيبة !*
*واعلم أنَّ شريعة الله تسير غير آبهة بأسماء المتخاذلين تسقط أسماء وتعلو أسماء*
*{ وإنْ تتولوا يستبدل قومًا غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم }*
وسوم: العدد 934