الاستبداد السياسي وتسخير المؤسسة الدينية
[عمر عبيد حسنة، من مقدّمته لكتاب: "الحاكمية في الفكر الإسلامي". كتاب الأمة: العدد 118]
فكما أن الاستبداد السياسي يسعى لاستزلام طبقة من المثقفين والإعلاميين ويحملهم على خيانة الأمانة، بحيث يتحولون إلى خدمة السلطان، ويشكلون سدنة له، فإن هذا الاستبداد لا يغفُل بطبيعة الحال عن الفكر الأكثر تأثيراً في الأمة وهو الفكر الديني، لذلك يسعى إلى إقامة وتعيين مؤسسات دينية تناط بها الفتوى والتشريع، تتحول شيئاً فشيئاً للأكل من خبز السلطان والضرب بسيفه، وإسباغ الشرعية الدينية على تصرفاته وممارساته، تتحول إلى طبقة كهنة تمثل طاغوتاً أخطر من الطاغوت السياسي، لأنه يتحكم بدنيا الناس من خلال الطاغوت السياسي، وآخرتهم من خلال الكهانة الدينية، وعندها يتحالف الجبت والطاغوت الذي أُمرنا أن نكفر به.
وبدل أن تكون المؤسسة الدينية قادرة على تخليق السياسة والارتقاء بممارساتها، أو بعبارة أخرى تديين السياسة وانضباطها بقيم الوحي، تصبح المؤسسة السياسية هي المهيمنة، بحيث تسيّس المؤسسة الدينية بأشكالها التقليدية لتتحوّل إلى خدمة المؤسسة السياسية وتسويغ وشرعنة تصرّفاتها أمام الناس.
وسوم: العدد 1002