ضرب به المثل
إبراهيم خليل إبراهيم
من الشخصيات الطائرة الشهرة والمحببة إلى كل قلب والقريبة من كل فكر " أشعب " الذى اشتهر بالطمع لدرجة تجاوزت الحد ومن ثم ضرب به المثل فى الطمع فقيل : " أطمع من أشعب "
أشعب بن جُبير أسمة " شُعيب " وكنيته " أبو العلاء " عاش عمراً طويلاً وقيل أنه أدرك زمن عثمان بن عفان رضى الله عنه وسكن المدينة في أيامه وتوفى فى سنة 154 هجرية .. وقيل أنه خال الأصمعي الشاعر المعروف .
أشعب كان يتمتع بالذكاء وسرعة البديهة وكانت فكاهاته ونوادره تدور فى المجالس وكانت حياته صورة للمجتمع الذى يعيش فيه .
من مواقفه الطريف نذكر أنه ذات يوم أجتمع عليه الغلمان بالمدينة المنورة وآذاه الغلمان فقال لهم : إن فى دار فلان عرسا فانطلقوا إليه فهو أنفع لكم .
انطلق الغلمان وتركوا أشعب ولما وصلوا إلى الدار لم يجدوا شيئاً فسخروا من أشعب وسخر منهم .
وذات يوم آخر جاءته جارية بدينار وقالت له : هذا الدينار وديعة عندك .. فجعله بين طياته فى الفراش .
بعد أيام حضرت الجارية وطلبت الدينار .. فقال لها : أرفعى الفراش وخذى الولد فإن الدينار قد ولد درهما ووضعته إلى جنبه .
أخذت الجارية الدرهم وتركت الدينار ثم عادت بعد أيام فوجدت معه درهماً آخر فأخذته ومضت ثم عادت بعد أيام فلما رآها بكى فقالت : مايبكيك يا اشعب ؟
قال : لقد مات دينارك فى النفاس .
قالت الجارية : كيف يكون للدينار نفاس ؟
قال : أتصدقين بالولادة ولا تصدقين بالنفاس ؟
ومن نوادر أشعب أيضاً أنه أراد الذهاب إلى عرس فقام البواب بمنعه من الدخول فابتعد أشعب عن المكان ليبحث عن حيلة يدخل بها .
عاد أشعب وهو يحمل فردة حذائه في يده ويعلق الأخرى داخل كمه وقد أمسك بمنديل ينظف به فمه ثم اقترب من البواب وقال له :
لقد أكلت في الفوج السابق وخرجت مسرعاً فنسيت فردة حذائي بالداخل فهل يمكن أن تتفضل وتخرجه لي ؟
قال البواب : إني مشغول الآن ادخل فأخرجها بنفسك .
دخل أشعب وأكل وخرج .
جزاء سنمار
هل تعرف ياصديقى مامعنى " جزاء سنمار " .. ومن هو سنمار هذا ؟؟ .
هو رجل " رومى " كان ماهراً فى الهندسة المعمارية ودعاه أحد الملوك وهو ( النعمان بن امرىء القيس ) لتشييد قصره .
بعد أن فرغ سنمار من تشييده وأثناء جولته مع النعمان فى ردهات القصر ألقاه النعمان من فوق سطح القصر حتى لايبنى مثله لغيره .
وبعد هذه الحادثة ضرب العرب المثل فيمن يقدم خيراً ويجد الجزاء شراً .. فيقولون : " جزاء سنمار ".
شن طبقة
فى يوم الأيام سمعت مقولة ( شن .. طبقة ) فقمت بالبحث لمعرفة مرجعية هذا المقولة وتوصلت إلى مايلى :
قال الشرقي بن القطامي : كان رجل من دهاة العرب وعقلائهم يقال له ( شن ) فقال :
والله لأطوفن حتى أجد امرأة مثلي أتزوجها . .فبينما هو فى طريقه أوقفه رجل في الطريق فسأله
شن : أين تريد ؟ .
فقال : موضع كذا " يريد القرية التي يقصدها شن "
فوافقه حتى أخذا في مسيرهما .
فقال له شن : أتحملني أم أحملك ؟ .
فقال له الرجل : ياجاهل أنا راكب وأنت راكب فكيف أحملك أو تحملني ؟! .
فسكت عنه شن وسارا حتى إذا قربا من القرية إذ زرع قد أستحصد .
فقال شن : أترى هذا الزرع آكل أم لا ؟ .
فقال له الرجل : ياجاهل ترى نبتاً مستحصداً فتقول أكل أم لا ؟
فسكت عنه شن حتى دخلا القرية فلاقتهما جنازة فقال شن : أترى صاحب هذا النعش حياً أم ميتاً ؟ .
فقال له الرجل : ترى جنازة تسأل عنها أميت صاحبها أم حي ؟ مارأيت أجهل منك .. فسكت عنه شن فأراد مفارقته فأبىَ الرجل أن يتركه حتى يصير به إلى منزله فمضى معه فكان للرجل بنت يقال لها ( طبقة ) فلما دخل عليها أبوها سألته عن ضيفه فأخبرها بمرافقته إياه وشكا إليها جهله وحدثها بحديثه فقالت :
يا أبت ماهذا بجاهل ...أما قوله " أتحملني أم أحملك " فأراد أتحدثني أم أحدثك حتى نقطع طريقنا .. وأما قوله " أترى هذا الزرع أكل أم لا ؟ " فأراد .. هل باعه أهله فأكلوا ثمنه أم لا ؟ .. وأما قوله في الجنازة فأراد هل ترك عقباً يحيا بهم ذكره أم لا ؟ .
فخرج الرجل فقعد مع " شن " فحادثه ساعة ثم قال : أتحب أن أفسر لك ما سألتني عنه ؟ قال نعم فسره . فقال ( شن ) : ماهذا من كلامك فأخبرني عن صاحبه .
قال : ابنة لي فخطبها إليه فزوجه إياها وحملها إلى أهله فلما رأوها أنها تشبهه أو تفوقه في الذكاء والدهاء قالوا:
" وافق شن طبقة "
فذهب مثلاً يضرب للمتوافقين .