بلاد العجائب
بلاد العجائب
أحمد مطر
عَجِبَتْ لمرآنا العَجائِبْ
واَستغربَتْ مِنّا الغَرائِبْ!
لا نحن أحياءٌ ولا موتى
وَلا أَهْلُ البِلادِ وَلا أجانِبْ!
تَهوي المصائِبُ فَوْقَنا
وَتَسوقُنا مِن كُلِّ جانِبْ
لكنَّنا لَسْنا هُنا
فَكأنّما هِيَ نَفسُها ابتُلِيَتُ بِنا
وكأنّما نَحنُ المَصائِبْ!
وأَقُولُ (نَحنُ(..
وَما أَنا إلاّ (أنا(
لا جَبهَتي انخفَضَتْ ولا ظَهري انحنى
لكنَّ مِن شأني الرُّسوبَ لأننّي
أَفنيتُ عُمْريَ كُلَّهُ
أَمَلاً بِتَعويمِ الرَّواسِبْ!
زَبَدُ البِحارِ بِلا يَدٍ
حتّى يَكُفَّ بِكفِّهِ صَفْعَ المراكبْ.
صَخْرُ البِحارِ بلا فَمٍ
حتّى يَفُكَّ بِفكَّهِ قَيْدَ الطَحالِبْ.
لكنَّ كُلاًّ مِنهُما
قَدْرَ استطاعَتِهِ يُشاغِبْ.
وَلَرُبَّما فَتَكَ الطّليقُ بِطُحْلُبٍ
وَلَرُبّما نَجحَ الأَسيرُ بِكَسْرِ قارِبْ!
فَلأَيِّ جِنسٍ تَنتمي
هذي الملايينُ التّي
بِحِمى الجَريمةِ تحتمي؟!
وَلأَيِّ شيءٍ رُكِّبَتُ فيها العُيونُ
وَليسَ مِن عَينٍ تُراقِبْ؟!
وَلِمَ الأَيادي والشِّفاهُ
وَلا يَدٌ تَعلو.. ولا شَفَةٌ تُحاسِبْ؟!
أَشباهُ أشباحٍ
تَروحُ وَتَغتدي
بَينَ المَزابِلِ وَالخَرائِبْ
وَهِتافُها يَعلو لِسارِقِ قُوتِها
وَلِمُستبيحِ بُيوتِها:
شُكراً علي هذي المَكاسِبْ!
رَبّاهُ.. لا تُطفِيءْ ذُبالَةَ خافِقي
دَعْها لِتُؤنِسَ وَحْشَتي
وَسْطَ الغَياهِبْ.
رَبّاهُ.. لا تَنزِعْ ضَميريَ مِن دَمي
فأنا وَحيدٌ..
لَيسَ لي إلاّهُ صاحِبْ.
رَبّاهُ
يا مَن صُغتَني بَشَراً سَوِيّاً
أَبقِني بَشَراً سَوِيّاً دائماً
في عَصْرِ فِئرانِ التّجارِبْ.
فَقْري، عَرائي
غُربتي، دائي
شقائي
وَقْفَتي ما بينَ أنيابِ النّوائِبْ
هِيَ كُلُّها
- حتّى أَظَلَّ كما أنا -
ثَمَنٌ مُناسِبْ!
لافتة 18-12-2004