الشام
شعر: أمين تقي الدين
حدَّثتُ نفسي، فاستثرتُ هُـيامَهـا هل تسـتعيـدُ بلادُنـا أيامَهـا
يا نفسُ – والدنيا مُنىً ورَغـائبٌ - ماذا عليك لو استبحتِ جِسامها؟
إن الشباب –وما جهلتِ غُـرورَه- يطوي الحياة مُذهِّباً أحلامهـا
أدعو المنى، فإذا سـعدتُ فغايـةٌ أو لا فنفسٌ قد شفيتُ أوامَـها
ما لذةُ العـيش الحقيقـةُ وحدهـا حسبُ النفوس توهّمتْ أوهامها
تلك البلاد الشـاهقاتُ جبـالُهـا قد وطّدت تحت الثرى أقدامهـا
الراسياتُ أعـزَّةً ، الناهضـات إلى السماء ، اللابسـات غمامها
تتحدَّثُ العظماتُ عن قـمَّاتهـا متلمّسـات صخـرها ورُغامها
فإذا مشى الوادي بهـنَّ حيالهـا وإذا انبسطن مع السهول أمامها
وقف الزمان لديك يروي مجدَها ومشـى إليك جلالُهـا قُدّامـها
تلك البلادُ الشـافيات مياهـها المطفئات، وما بخلن، ضِـرامَهـا
فوّارة فوق الصخور شـرودة بين الرُّبى كالطير رُعتَ نظامـها
ماشَيتُها غضبى كما هيّجتَ في بيداءَ شاسعـة المدى ضِرغامـها
وصحبتها بين الرياض نقيـةً تمشي تضاحـكَ وَردها وخُزامـها
تلك البلادُ الزاهرات نجومُهـا الكاشـفات ، وقد طلعن ، ظلامها
الناظمـاتُ من السناء قلائداً غُرّاً تسـبّحُ بالثـناء نـظامهـا
يا حُسنها بجلالها ووئـامهـا لو كان قومي يفهمـون وئامهـا
تلك البلادُ وقد حوى تاريخـها صفحاتِ مجـد خلّدَتْ أقوامهـا
الصانعين من التـراب عجائباً كَفَلَ الزمان لدى الجمال دوامها
جابوا البحار قريبها وبعيدَهـا وبغوا السماء فسخروا أجرامها
لبنانُهـا ملك الجـبـال وأرْزه مرَّتْ به الإعصار تحـني هامها
يا خالداً تُطوى الدهورُ حيالـه ويظـل يملأ ذكـره أعـوامَها
عوّدتَ مجدكَ أن يلـم به أذى ولك الحياة فـلا رأيتَ ختامـها
تلك البلاد وما ذكرت جـمالها إلا لا ذكر رغم حـبي ذامَـها
علَّ الذي خلق السقام لـها إذا أصغى لشكواها شفى أسـقامها
الله شرفها فأهبط وحيَه فيـها، وعـظـم بالمسـيح مُقامـها
عهدي به دينُ المحبة ديـنُـه ما بالها غلب الخصامُ سـلامِها!
تلك البـلادُ وحـبذا أبـناؤها بين البنين إذا ذكرت كرامهـا
عبثاً تفرّقنـا المنـى فنفوسنا لبلادنـا لا تسـتبيح ذمامهـا
تلك البلاد وما نسيت نساءها تشقى الرياضُ إذا نسيت حَمامَها
الحاضنات برحمةٍ أطفالـها والكافلات من الشـقا أيتامهـا
المطعمات جياعَها ، والكاسيا ت عراتها ، والشافيات سـقامها
والله لم تقم البـلاد بنهضـة حتى تـريد السـيدات قيامـها
نادِ المُنى تقبل عليك سـعودُها ودع الزمان محققاً أحلامـها
تلك البلاد يعيد مجدَ شـبابـها من قاد للمجد القديم زمامَـها
الشعبُ أعظم قـوة غـلابـة يطأ النجوم بها إذا هو رامها
بلغت من العلـياء أرفع ذروة أمـمٌ رأيت ملوكـها خدّامها
وهوت إلى دّرّك الشقاء تحدّراً أمم أطالت في السكون منامها
تلك البلاد ولن تكون عزيـزة حتى يهذّب شـعبها حُكامـها