السلطة الرابعة
( ينبغي ان نطور نظرتنا التحليلية للحياة السياسية بخاصة، فنوقن بأن السلطات ما عادت ثلاثا فقط ؛ تشريعية وتنفيذية وقضائية، كما هو المفهوم العالمي منذ قرنين وأكثر، بل هناك سلطة رابعة تتمثل في (الإعلام) بكتلته المتنوعة من فضائيات وإذاعات وصحف ومواقع فيسبوك وتويتر، وتدير كل ذلك عقول ذكية تحمل العلوم والمعرفيات، ولها لغة وصنعة وامالة لسان وطبقات صوت وحزمة افكار وذبذبات عواطف، وانت تربي في الخلوات وزوايا المساجد المئات والالوف، بينما هم يبدلون فهم الملايين الكثيرة، ولذلك ما زالت الدعوة تعيش معارك صعبة ليس فيها تكافؤ، وبحملة تشتري فيها دولة خبراء الإعلام يكون افساد وهدم ما صرفنا على بنائه اكثف الجهود، فيقول لك الذي يمس كتفه كتفك في الصلاة: نعم الرجل انت واقتدي بك في الصلاة ولكني اخالفك في السياسة والمواقف، وما ذاك الا للبراعة البلاغية والتاثير النفسي الذي يمارسه الإعلاميون، فيجعلون المصلي يقسم الدين الى نصفين، فيتابعنا في العبادة ويفاصلنا في الحكم والاقتصاد ويكون مخلطا تاءها من دون ان يدري وهو المعذور اذ نحن الذين هجرنا الإعلام والكاميرات والشاشات والمطابع ولبثنا مع اساليب الدهر الغابر واتحنا للعلماني والمصلحي ان ينفرد بالتكلم الى الملايين فكانت هذه النتائج ولا بد من ان نسرع الى توبة صارمة ندفع فيها ثلة من اذكياء الدعاة لدراسة فن الاعلام والاستزادة من الاداب والمعارف واللغات والنحو والانماط الابداعية ليكونوا اصحاب برامج تلفزيونية جريئة في الحق ذات ابتكار وتنويع ومماشاة لاحاسيس المثقفين والمستضعفين والفقراء والشباب والنساء فيتكلموا في قضاياهم وتدخل كلماتهم اعماق البيوت ....) ص 248
وسوم: العدد 650