النفير
ليست الهجرة انتقال موظف من بلد قريب الى بلد ناء ولا ارتحال طالب قوت من أرض مجدبة الى أرض مخصبة .
إنها إكراه رجل آمن في سربه ممتد الجذور في مكانه على إهدار مصالحه وتضحية أمواله والنجاة بشخصه فحسب وإشعاؤه وهو يصفي مركزه بأنه مستباح منهوب قد يهلك في أوائل الطريق أو نهايتها وبأنه يسير نحو مستقبل مبهم لا يدري ما يتمخض عنه من قلاقل وأحزان ولو كان الأمر مغامرة فرد بنفسه لقيل مغامر طياش فكيف وهو ينطلق في طول البلاد وعرضها يحمل أهله وولده وكيف وهو بذلك رضى الضمير وضاء الوجه .
إنه الإيمان الذي يزن الجبال ولا يطيش وإيمان بمن ؟
بالله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الأولى والآخرة وهو الحكيم الخبير.
هذه الصعاب لا يطيقها إلا مؤمن أما الهياب الخوار القلق فما يستطيع شيئا من ذلك إنه من اولئك الذين قال الله فيهم :{وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ ۖ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} .
المصدر
فقه السيرة
وسوم: العدد 723