قراءة سريعة حول ... ما يحدث في ليبيا
شوهدت قافلة رئيس حكومة الوحدة الليبية المدعومة أمميا فايز السراج تتحرك بعد اجتماع مع القادة العسكريين والأمنيين للقوات الحكومية. والذين أشرفوا على استعادة نقطة التفتيش رقم 27 في جنزور، بين طرابلس وبلدة الزاوية الساحلية في 5 أبريل 2019، بعد ساعات من طرد قوات حفتر من المكان الرئيسي، على بعد أقل من 30 كيلومترًا (18 ميلًا) من العاصمة. محمود تركي - وكالة الصحافة الفرنسية / غيتي إيماج
ما حدث في هذا الأسبوع:
هو استكمال للمشهد الدرامي شمال إفريقيا خلال هذين الأسبوعين الأخيرين بعد الإطاحة بالحكام القدامى في كل من الجزائر والسودان. فضلا عن أن الأحداث الأخيرة التي تجري هناك في ليبيا، ما يقوم به الجنرال خليفة حفتر للاستيلاء على العاصمة الليبية طرابلس. كما تعلمون ليبيا جيدًا، فإن التخلص من زعيم وحشي ليس سوى البداية - والسؤال الحقيقي هو ما الذي سيأتي بعد ذلك، وتطورات هذا الأسبوع في ليبيا ماهي إلا غيض من فيض.
لماذا تعدد ليبيا ذات أهمية كبرى:
تمتلك ليبيا أكبر احتياطيات نفطية في إفريقيا، كما أنها لاعب رئيس في سوق الغاز الطبيعي. وذلك وحده كافيا لجعل الوضع السياسي في البلاد محط اهتمام . لكن قصة ليبيا أكثر تعقيدًا من تأثيرها على أسواق الطاقة.
لقد مرّ ما يقارب عقد من الزمان منذ أن خُلع العقيد معمر القذافي، وبعد موجة من التفاؤل و الاطمئنان لى كلا من الليبيين والمجتمع الدولي - ناهيك عن الانتخابات التشريعية التي أجريت في أعقاب الإطاحة بالقذافي - الوضع السياسي في ليبيا قد انتقل من سيء إلى أسوأ. لم تكن ليبيا بأي حال من الأحوال تمرّ بمرحلة انتقالية إلى ديمقراطية حقيقية ، فالأمور واضحة للغاية. ومما زاد الطين بلة، انحدار البلد إلى الفوضى وانعدام الحكم ما جعلها "بوابة" فعلية إلى أوروبا خلال أزمة الهجرة في القارة قبل بضع سنوات.
في الوقت الحالي، يقاد النصف الغربي من البلاد من قبل حكومة مدعومة أمميا ومقرها طرابلس، لكنها تكافح لتأكيد سيطرتها فعليًا على المدينة، . إلا أن النصف الشرقي من البلاد خاضع للميلشيات المحلية، الذي يحكمه حفتر، الذي قام بتهميش العديد من الميليشيات ذاتها، وجرّها لصالح قضيته الخاصة. واعتاد حفتر أن يكون حليفًا مقربًا للقذافي قبل سقوطه في الثمانينيات. لقد فرّ حفتر من البلاد، وعاش في فيرجينيا لمدة تقرب من 20 عامًا (قضى بعضًا من ذلك الوقت في وكالة الاستخبارات المركزية) قبل أن يعود إلى ليبيا للمساعدة في الإطاحة بالقذافي. و هو من بقايا الجيش الليبي، فقام بتشكيل قوة قتالية تعرف الآن باسم الجيش الوطني الليبي، (بعضها م المرتزقة الأجانب) مع نمو القوة - فأعداد الجنود و الأسلحة غير معروفة في الوقت الراهن.
وفي خضم هذه الفوضى، ظهر فرع لداعش في البلاد أيضًا. فرنسا، التي تربطها علاقات تاريخية بالمقاطعة فضلا عن مصالحها النفطية الكبيرة، صعدت لمساعدة حفتر في قتاله ضد داعش، والتي انتهى بها الأمر بمنحه قدرًا معينًا من الشرعية الدولية. بعد أن أعلن حفتر الانتصار على داعش في ليبيا في عام 2017، وكان المجتمع الدولي يتحدث عن حل سياسي للحرب الأهلية الحالية في ليبيا، إلا أن المؤشرات و الدلائل تفيد بأن حفتر سيكون لاعبًا سياسيًا رئيسيًا في مستقبل ليبيا وبدأ في توجيه نفسه في هذا الاتجاه. من المفيد أن يكون حفتر معارضا للتطرف الإسلامي أيضا.
في الأسبوع الماضي، كان الأمين العام للأمم المتحدة في طرابلس يستعد لقمّة السلام المقبلة قبل الانتخابات المقرر إجراؤها في نهاية هذا العام. عندها قام حفتر بمسرحيته تلك مما أدى إلى صدمة الجميع.
ولعل أبرز مقاصد المؤتمر كان إنشاء إطار دستوري لتلك الانتخابات المقبلة. و أن حفتر كان ينتظر وينتقل إلى البلد من خلال صندوق الاقتراع. ويبدو أنه اختار القيام بذلك عن طريق العنف بدلاً من ذلك. وقد تم تأجيل مؤتمر الأمم المتحدة إلى أجل غير مسمى.
ماذا حدث بعد ذلك:
يلعب حفتر دوره في طرابلس، والحقيقة أنه يمتلك أفضل قوّة قتالية مجهزّة في البلاد تعني أن لديه فرصة ثمينة للاستيلاء على المدينة. لكن التمسك به سيكون أمرًا صعبًا - فالميليشيات العاملة في طرابلس تتقاتل فيما بينها، ولكن قد تكون مقتنعة بدمج القوات لصد هجوم حفتر. على عكس تلك الميليشيات الموجودة في شرق ليبيا والتي تمكن حفتر من تقزيمها وتهميشها، وجرّها إلى جانبه من خلال إبعادهم عن بعضهم البعض ومعالجة مخاوفهم المحلية، فإن تلك التي تعمل في طرابلس لديها شكاوى طويلة الأمد إبان عهد القذافي، و المقلق أكثر أن يكون حفترهو القذافي 2.0. .... أعرب حفتر مرارًا عن رأي مفاده أن ليبيا ليست مستعدة للديمقراطية. إنه ليس مخطئًا، ولكن هذا تصريح مقلق يأتي من الشخص الذي من المحتمل أن يقود ليبيا إلى المستقبل.
الاقتباس الرئيسي الذي يلخص كل شيء:
على الرغم من أن الرعاة الأجانب وراء حفتر مسرورون بالتدهور الحاد، إلا أنه ليس لديهم خيار سوى مواصلة دعمه. فلقد تم التركيز في معظم الرهانات الخاصة بهم على شخصية واحدة منذ نصف عقد تقريبًا. فلا يمكنهم التراجع عن ذلك بين عشية وضحاها. جليل هرشاوي، باحث في معهد كلينجندل.
المفهوم الرئيسي الخاطئ:
إلى جانب التطورات السياسية الأخيرة في الجزائر والسودان، نحن على أعتاب "ربيع" سياسي جديد من نوع ما.. هذه كلها بلدان مختلفة تماماً في مراحل مختلفة من التطور السياسي.
والشيء الوحيد الذي يمكن قوله عن ذلك : ليبيا تذكير صارخ بأنه على الرغم من كل هذا الخطاب المتصاعد، فإن الديمقراطية تعمل بشكل أفضل عندما تكون تتويجا للإصلاح السياسي الحقيقي وليس نقطة الانطلاق.
وسوم: العدد 820