باحثة أمريكية: النهضة أكثر ديمقراطية و”علمانية” من كل منافسيها
قالت الباحثة الأمريكيّة “أنّا وولف”، إنّها وخلال تعمّقها في خبايا “النّهضة” التّونسيّة، تفاجأت بأنّ زعيم الحركة راشد الغنّوشي “لا يلعب دور المرشد ولا البابا داخلها”.
والباحثة الأمريكيّة “أنّا وولف” هي مؤلّفة كتاب “الإسلام السّياسي في تونس ـ تاريخ حركة النّهضة”.
ولفتت خلال مناقشتها لكتابها إلى أنّ “راشد الغنّواشي هو أحد مؤسّسي حركة “النّهضة” وأهمّ شخصيّاتها، حصل على إشادة دوليّة لكتاباته عن الإسلام والدّيمقراطيّة ويتمتّع داخل الأوساط الإسلاميّة بمكانةٍ أسطوريّة تقريبًا”، مضيفة “لذلك كنت أتوّقّع بأنّه يلعب دور المرشد أو البابا داخل الحركة”.
وتابعت :”ولقد دُهشت عندما اكتشفت العكس. العديد من نشطاء حركة “النّهضة” ينتقدون بكلّ صراحة سياسيات راشد الغنّوشي، ولا يخجلون حتّى من إعلان ميلهم لشخصيّاتٍ أخرى على غرار علي العريّض وعبد الحميد الجّلاصي وغيرهم، وهؤلاء أيضًا شخصيّاتٌ معتدلةٌ للغاية.”.
وعبّرت “أنّا وولف” عن إعجابها بحريّة التّعبير داخل حركة “النّهضة” وقدرة نشطائها على نقد القيادة، مشيرةً إلى أنّ “هذا الأمر مطمئن بالنظر إلى التقاليد القديمة في السياسة التونسية”.
الباحثة الأمريكيّة أوردت في كتابها بأنّه لا صحّة لما يروّجُ عن أنّ تونس لديها تقاليد “علمانيّة” طويلة ومتأصّلة بعمق، وأنّ حركة النهضة، كحركة دينية، هي أبعد من هذه العلمانيّة.
وفسّرت في حوارٍ مع إحدى المنظّمات الأمريكيّة رأيها عذا بالقول إنّ “حركة “النّهضة” نهضت في السّتينيات والسبعينيات من القرن الماضي في قلب مجتمعٍ متضارب شعر فيه كثير من الناّس بالغربة بسبب إصلاحات التغّريب التي أطلقها الرّئيس الأسبق الحبيب بورقيبة.
وأضافت :”هذا لا يقلّل من الأهميّة التي اكتسبتها بعض الّتقاليد العلمانية في تونس، كما هو الحال في مجالات قانون الأسرة والتعليم، وهي قوانين تفاعلت معها الحركة الإسلامية على غرار قانون الأحوال الشخّصية.
تقول أنّا وولف “بالّطبع هناك اختلافات أيديولوجيّة ودينية بين حركة “النهضة، ولنقل، حزب “نداء تونس”، أحد منافسيها السّياسيين الرئيسيين.. لكن هذه الاختلافات هي فكريّة وليست شخصيّة أساسية، فـ “نداء تونس” ليس حزبًا “علمانيّا” كما الحال في الغرب، بينما حركة “النهضة” ليست حركة محافظًةً دينيًّا”.
وتابعت :”على سبيل المثال، يلجأ الرئيس الباجي قائد السبسي والمؤسّس التاريخي لـ “نداء تونس” وزعماء الأحزاب الأخرى إلى المبادئ الإسلاميةّ لتبرير سياساتهم والمشاركة بانتظام في الاحتفالات والمناسبات الدّينية ، بما في ذلك في جامعة الزّيتونة، إنهم أنفسهم يرفضون العلامة “العلمانية” الّتي يتلقّونها غالبًا في الغرب.. في المقابل، تمتلك النّهضة عددًا أكبر من النّساء في مناصب قيادّية أكثر من نساء “نداء تونس”، على الرّغم من أن نشطاء “نداء تونس” يؤكدون دائما أنهّم يناضلون من أجل المساواة بين الجنسين مثلاً”.
هذا وأشادت “أنّا وولف” في حوارها بحركة “النّهضة” وقدرتها على ما أسمته “تمييز نفسها بوضوح عن الحركات الإسلاميّة الأخرى في المنطقة من أجل اتّباع نهج تونسي حقيقيّ تجاه الإسلام والديمقراطية”، مشيرةً في هذا الإطار إلى أنّه “عندما برزت جماعة الإخوان المسلمين المصريّة كأكبر قوة سياسيّة في مصر ما بعد مبارك ، حثّ راشد الغنوشي الجماعة على تقاسم السّلطة مع الأحزاب، وفي عام 2013 ، عندما تصاعدت معارضة حكومة التّرويكا عقب اغتيال اثنين من السّياسيين اليساريين ، وافق قادة حركة “النهضة” على التنازل عن السلطة لحكومة انتقالية.
واستنتجت :”مرارًا وتكرارًا، أظهرت حركة “النهضة” نهجها الفريد في الحكم وإيمانها بأنّ الإسلام والدّيمقراطية ليسا متوافقين فحسب، بل أنّ مزيجهما يمكن أن يؤدي إلى سياسات مستقرة وشاملة”.
وعن حظوظ “النّهضة” في الانتخابات المنتظرة، نوّهت الباحثة الأمريكيّة “أنّا وولف” إلى أنّه وعلى الرّغم من التّحدّيات الكبيرة، فإنّ الحركة ما تزال الأكثر جاهزيّة في السّياسة التّونسيّة، على حدّ تعبيرها، “على عكس العديد من الأحزاب السياسية المنافسة التي ظهرت بعد الثورة وتفتقر إلى قاعدة اجتماعية منظمة”.
وسوم: العدد 828