تركيا القوة الأولى في العالم بحلول العام ٢٠٣٠
رغم عدم تصديق الكثيرين بإمكانية تحقيق ما أعلنت عنه القيادة التركية الحالية عن رؤيتها إلى أنها تقود تركيا لتصبح القوة الأولى في العالم بحلول العام ٢٠٣٠ وتصبح ندّاً للولايات المتحدة، إلا أنني لم أكن أتوقع أن كتابا ألفه خبير استراتيجي أمريكي في العام ٢٠٠٩ (قبل الانتفاضات الشعبية العربية في العام ٢٠١١ بسنتين) ينبّه فيه الكاتب بلاده من تحقيق الأتراك لهذا الهدف..
وعندما نقرأ ما كتبه جورج فريدمان في هذا الكتاب "المائة عام القادمة" منذ ٧ سنوات بأن تركيا ستكون القطب المقابل لأمريكا خلال القرن الحالي، فإننا نستطيع فهم ما يجري ضد تركيا أكثر وأكثر..
أترككم مع هذا المقال الذي كتبه أحد المتابعين للأحداث ملخصاً أبرز ما جاء في الكتاب مع الإشارة بالطبع إلى أن توقعات فريدمان تبقى جهدا بشريا وليس بالضرورة متحققة بتفاصيلها التي يتوقعها الكاتب والمثيرة، غير أن الكتاب مثير جداً، والمقال يستحق القراءة بتمعن..
--------------—
لم يترجم للعربية بعد كتاب المائة عام القادمة للمحلّل الأمريكي الشهير جورج فريدمان رغم:
• مرور سبع سنوات على صدوره (صدر ٢٠٠٩م)
• شهرة صاحبه كمحلل وخبير استراتيجي حيث يعتقد الكثيرون أنه ليس محلّلا بل مخطط وموجِّه للسياسة الأمريكية إذ أنه يدير واحدة من أهم وأشهر المؤسسات العاملة في مجال المعلومات والاستخبارات وهي مؤسسة ستراتفور Stratfor (Strategic Forecasting)- للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية.
• أهمية الكتاب على الأقل لقراءة كيف يفكر بعض خبراء الاستراتيجيا المتقدمين من الأمريكيين في مستقبلهم.
ملخّص الكتاب
يرى الكاتب أن القرن القادم سيبقى قرن العصر الأمريكي، وأن أمريكا ليست في أفول كما يشعر الكثيرون داخلها.
كذلك فإن الأعداء التقليديين لأمريكا كالصين وروسيا لا يمثلون أي خطر في المستقبل القريب، بل ولا يتوقع منهم أي خطر.
• فالصين إقليم معزول جغرافياً من الناحية البرية إذ يمنعها عن التمدد الجبال في الغرب والسهول في الشمال، ثم إنها ضعيفة على مستوى القوة البحرية، واقتصادها رغم قوته حالياً إلا أنه يعاني من أزمات دورية وهي الأزمات التي يتوقع مع مرور الفترة القادم أن تستهلك القوة الصينية أو حتى تمزقها داخليا.
• أما الروس فلم يعودوا كما كانوا أيام الاتحاد السوفيتي مهما حاولوا أن يستعيدوا هذا الدور وسيجري استنزاف قوتهم.
وفي نفس الوقت يلفت النظر إلى أن قوى أخرى ستبرز وتسطع في هذا القرن هي: اليابان وتركيا وبولندا والمكسيك، مع خفوت وذبول في قوة الاتحاد الأوروبي وبقاء القوة الأمريكية مهيمنة على العالم، وقد أخذ الكاتب يعرض بالأرقام تفوق أمريكا الهائل عن غيرها في سُلّم القوة.
ويشير الكاتب إلى أن ثلاثاً من القوى الصاعدة ستستفيد من الانهيار الثاني للروس، وهي تركيا واليابان وبولندا، إذ يتوقع جورج فريدمان أن روسيا ستحاول توسيع قوتها مرة أخرى بحلول منتصف العقد الثاني (2010 – 2020) لكنها ستستنزف وستفشل وستنكمش، وساعتها:
• ستتمدد تركيا على حساب روسيا إلى حد التوغل العسكري في القوقاز..!! وستغلق على الروس الملاحة في مضيق البوسفور!!
• كذلك فإن اليابان ستطمع في الجزء الشرقي القريب منها لروسيا الغنية بالخامات الأولية اللازمة لاستمرار الصناعة والتقدم الياباني.
• ثم بولندا التي ستبرز كقوة إقليمية في شرق أوروبا لتتمدد هي الأخرى على حساب الروس.
لقد صدر الكتاب في (٢٠٠٩م) أي قبل اندلاع الثورات العربية، إلا أنه توقع أن تكون المنطقة العربية بحراً من الفوضى، وسيجعلها هذا نهباً لكل طامع، وستبلغ من التمزق حداً يتجاوز التوقعات، وهذا التمزق نفسه هو حقيقة النجاح الأمريكي في الحرب على الجهاديين، لأن الأمريكان لم يستهدفوا القضاء على الإسلام بنصر عسكري، وإنما استهدفوا منع انبعاث المارد الإسلامي مرة أخرى، وحيث ظلت المنطقة العربية ممزقة فإن هذا الهدف قد تحقق.
رواد العالم الاسلامي
ثمة ثلاث دول مرشحة لأن تلعب دورا في العالم الإسلامي: مصر وتركيا وإيران.
• إلا أن ضعف مصر وانهيار اقتصادها يسحبها من هذه المنافسة.
• كذلك فإن ما تعانيه إيران من عزلة جيوسياسية وحجم العداء بينها وبين العرب وضعف اقتصادها وانشغالها بتأمين نفسها ضد صِدام أمريكي يحرمها كذلك من هذا الدور.
• فليس يبقى إلا الأتراك!
يقرّر فريدمان أن الأتراك هم من سيستفيدون واقعياً من هذا التمزق الحاصل في المنطقة العربية، وسيكون هذا عاملاً من عوامل صعود القوة التركية، التي ستجد نفسها عملياً قائدة للعالم الإسلامي.
• بل يتوقع فريدمان أن الاضطرابات التي ستحصل في مصر ستدفع تركيا إلى إنزال قواتها للسيطرة على قناة السويس، ذلك أن مصر لا يتوقع أن يكون لها أي دور في القرن القادم بل ستظل في موقع التبعية لغيرها كما كانت في القرن الماضي، لكن في القرن الجديد لن تكون الهيمنة على مصر أمريكية أو روسية فحسب، بل قد تكون تركية.
وسوم: العدد 835