القط والفأر
كان قط وفأر يعيشان في صداقة حميمة ؛ في مخزن غلال ، وكان الفأر حصيفا ، حسن التدبير ، فاهتم بادخار مخزون من الطعام للشتاء مثلما يفعل الناس عادة في الصيف . ووجد يوما قطعة شحم صالحة ، فقال للقط : هذه مؤنة تصلح للشتاء الصعب ! إنما أين نخفيها حتى لا تسرق ؟!
فاقترح القط : يمكن أن نخفيها أسفل مذبح الكنيسة .
وأخفياها هنالك إلا أن القط الصغير الطاغي الجوع لم يستطع منع نفسه من إدامة التفكير فيها ، فاعتزم الأوبة إلى الكنيسة لأخذ جزء صغير منها ، وابتدع حجة طريفة حتى لا يهيج الريب في نفس الفأر ، قال : قدمت ابنة عمي المقيمة في مخزن القمح لتضع مولودا ، أنا عرابه ، وسأذهب غدا إلى الكنيسة لتعميده !
فقال الفأر : أحسن الإفادة جيدا من الحدث ! ولا تنسَ أن تحضر لي شيئا من فضلات الطعام !
وذهب القط في غده إلى الكنيسة ، وأخرج الشحمة من مخبئها ، وأكل جزءا منها ، وانطرح في الشمس في غفوة مديدة ، ورجع عشية إلى مخزن الغلال ،
فقال له الفأر : اسمع ! كنت حسن السلوك في غيبتك ، استمتعت بتعميد المولود ؟
فأجابه القط : استمتعت ، إنما لم أحضر لك شيئا .
فقال الفأر مستشعرا قدرا قليلا من الخديعة : لبئس ما فعلت ! ماذا سميتم المولود ؟
فتلعثم القط ، وقال : سميناه ... سميناه ... " من الطرف " !
فقال الفأر : يا له من اسم غريب عجيب !
وبعد أيام قال القط للفأر : ستأتي ابنة عمي المقيمة في الكهف لتضع مولودا ، وعلي أن أذهب غدا لتعميده .
فقال الفأر :أحسن الإفادة من الحدث ! ولا تنس أن تحضر لي شيئا من فضلات الطعام !
وذهب القط في غده إلى الكنيسة ، وأكل نصف الشحمة ، ورجع عشية إلى المخزن ،
فقال الفأر : اسمع ! كنت حسن السلوك في غيبتك ، استمتعت بتعميد المولود ؟
فأجابه القط : نعم ، إنما لم أحضر لك شيئا .
فقال القط مستشعرا اتصال خداع القط له : لبئس ما فعلت !
ماذا سميتم المولود ؟
فأجاب : سميناه " النصف "
قال الفأر : يا له من اسم غريب عجيب !
وشعر القط بالإثم لأكله نصف الشحمة ، لكن غواية أكلها كانت لا تقاوم ، فقال بعد أيام :
قدمت خالتي التي تقيم عند الطاحونة لتضع مولودا ، وعلي أن أذهب في الغد لتعميده .
قال الفأر : أحسن الإفادة من الحدث ! ولا تنس أن تحضر لي شيئا من فضلات الطعام !
وأسرع القط إلى الكنيسة ، وأكل بقية الشحمة ، ورجع عشية إلى المخزن ،
فقال الفأر : اسمع ! كنت حسن السلوك في غيبتك . استمتعت بتعميد المولود ؟
فأجابه القط : نعم ، إنما لم أحضر لك شيئا .
فقال الفأر مستشعرا اتصال خداع القط له : لبئس ما فعلت ! ماذا سميتم المولود ؟
فأجابه " بالكامل " !
فقال : يا له من اسم غريب جدا .
وأتى الشتاء ، فقال الفأر للقط : هلم إلى الكنيسة لنحضر الشحمة !
فصحبه إليها دون أن ينطق أي كلمة ، ومؤكد أنهما لم يجداها ، فانفجر الفأر منتحبا صارخا : سرقوا شحمتنا !
وتلفت القط في كل جهة قلقا مضطربا ، وعرف الفأر عندئذ أن الشحمة لم تسرق ، وأن القط هو الذي أكلها ، فصرخ : آه ! فهمت ! أنت الذي أكلتها أجمعها ! يا كذاب ! يا سراق ! يا مسيء ! يا أناني !
واستمر يعنفه ، فغضب القط ، وانقض عليه وأكله .
*موقع " قصص وأساطير قصيرة " الفرنسي .
وسوم: العدد 848