الصندوق القومي اليهودي.. من الجريمة السرية إلى أبرتهايد بـ”الزي العصري”
تعرفوا على الصهيونية سنة 2021. “إنقاذ أراض” على أيدي الصندوق القومي اليهودي في الضفة”، “إنقاذ” أراض في الجليل أيضاً، حتى لا تقع الأراضي المقدسة في أيدي الإسرائيليين الدنسين، الذين ليسوا يهوداً. إذا بقي هناك شك للطبيعة القومية المتطرفة والعنصرية، نعم العنصرية، للصهيونية حتى بملابسها العصرية، فقد جاء رئيس الصندوق القومي اليهودي، أبراهام دفدفاني، وأزال آخر الشكوك.
ومثل نصوص صهيونية كثيرة أخرى، فإن لقاءه مع كلمان لبسكين في “كان 11” في هذا الأسبوع، يجب أن يترجم للغة أوروبية واستبدال العرب باليهود، حينئذ سنصاب بالصدمة. عندما يكون النص بالعبرية ويتطرق للعرب فلا يصدم أحداً في إسرائيل. “أنقذوني، جاري ينوي بيع أرضه ليهودي”، سيقول اللاسامي الأوروبي الحقير. “أنقذوني، جاري سيبيع الأرض لعربي”، سيقول الصهيوني الطاهر وصاحب القيم. هكذا هي الصهيونية، كما أخبرنا أحد رؤسائها. هذه السنة هي سنة 2021 وليس 1921، فقد قامت الدولة وأصبحت عظمى، لكن لم يتغير شيء بخصوص جشع العقارات من قبل الحركة الدنسة. لنترك جانباً الاستخدام البشع لمصطلح “إنقاذ الأراضي” – لقد تربينا عليه وعلى الصندوق الأزرق، وغسلت أدمغتنا تماماً منذ ذلك الحين – ولن نسأل ممن يتم إنقاذ الأراضي ولصالح من. ولكن كيف يمكن لشخص انتخبه الجمهور في مؤسسات الصهيونية أن يتحدث عن شراء أراض في الجليل الإسرائيلي، العربي – اليهودي، في دولة ديمقراطية كما يبدو، من أجل إنقاذها، حتى لا تسقط في أيدي مواطنيها العرب.
الجليل، يا دفدفاني، ليس لك، هو لسكانه، الذين -لحسن الحظ- لم يطردوا جميعاً على أيدي آباء الصهيونية في العام 1948. لذلك، بقيت قطعة الأرض الأخيرة التي توجد فيها أغلبية عربية. ما هو السيئ في ذلك؟ بل هو الجيد. هذه بلادهم بالضبط مثلما هي بلادك، ربما حتى أكثر قليلاً، بسبب كونهم من مواليدها من الأزل، خلافاً لك. في أيام الجمعة، كنا نرتدي أزرق – أبيض ونلقي قطعة نقود في الصندوق الأزرق. هذا الصندوق مخصص لجمع الصدقات لشراء الأراضي من أصحابها العرب. لقد صدقنا أنه “إنقاذ”. كنا أغبياء وساذجين جداً. معظم الإسرائيليين اليهود حتى الآن يعتقدون ذلك. في الحقيقة، يمكن التحدث عن إنقاذ الأرض دون اعتبارك مع ايتمار بن غبير، بل اعتبارك مع التيار الرئيسي في الصهيونية. دفدفاني تحدث عن كيفية استدعائه: شخص ما من الجليل وشى مؤخراً عن جاره بأنه ينوي بيع أرض للعرب. هنا، دخل إلى الصورة وأنقذ هذه الأرض التي يدور الحديث عنها. “حتى لا نضطر في صباح الغد لشراء الأرض من العرب”، وصف دفدفاني دون أن يرف له جفن، دقات الخلاص. بعد ذلك، سيبني المقاولون اليهود على الأرض مجمعاً تجارياً أو موقف سيارات. وهكذا، جاء لصهيون مخلص.
إن عفن الصندوق القومي يبعث رائحته النتنة من بعيد. وحقيقة أن حزب العمل و”ميرتس” شريكان في مشروع العفن القومي هذا، تشهد على حقيقة اليسار الصهيوني. “شركة لصالح الجمهور”، معظم أراضيها هي أراض سُرقت من أصحابها أثناء النكبة، ولن تتم إعادتها لهم أبداً، وهي التي غطت على أنقاض مئات القرى بالغابات لمحو ذكرها من على وجه الأرض، وإلغاء إمكانية عودة أصحابها؛ والتي باعت بالفعل أراضي لليهود “فقط” خلال سنوات، ومنذ 2009 ضمنت ذلك بقرار رسمي؛ والتي -بالنسبة لها- لا يوجد احتلال ولا يوجد خط أخضر، بل دولة واحدة بين البحر والنهر، ولا يشتري الأرض فيها سوى البيض ولشعب واحد، والتي أعلنت الآن أيضاً رسمياً عن مشاركتها في جريمة الحرب التي تسمى استيطاناً، بعد أن فعلت ذلك لسنوات بواسطة شركة وهمية.
على طاولة هذه الشركة نقوم جميعنا بالتنزه في أحضان الطبيعة، شركة خضراء لصالح الجمهور، وهي ليست سوى شركة عنصرية مقيتة، كان يجب حلها منذ زمن. وحتى ذلك الحين، كان يجب مقاطعتها. والذين ما زالوا متشككين فيما إذا كان هذا أبرتهايد أم لا، يجب عليهم التعرف على الصندوق القومي اليهودي. مع وجود يمين ويسار في الإدارة العليا ووظائف لـ”ميرتس” أيضاً، استقبلوا الصندوق القومي للأبرتهايد، الذي يمثل الإجماع الإسرائيلي.
وسوم: العدد 917