أنا يهودية جزائرية، ولا أنسى جرائم الاحتلال الفرنسي للجزائر
- وجّهت اليهودية الجزائرية Ariella Aicha Azoulay، رسالة باللّغة الفرنسية إلى اليهودي بن يامين ستورا،عبر أسبوعية LE CHELIF[1]النّاطقة باللّغة الفرنسية بشأن تقريره المقدّم للماكرو ماكرون وبطلب منه، والمتعلّق بالاستدمار الفرنسي بالجزائر.
- تساءلت وباستنكار شديد عن محو جرائم الاستدمار الفرنسي بالجزائر من تقرير ستورا. وذكرت بأنّها ستركز في رسالتها على هدم الثقافة اليهودية في الجزائر من طرف الاستدمار الفرنسي.
- تقول: أنا من مواليد سنة 1962، وهي نهاية الحرب ضدّ الجزائر حيث عائلتي وعائلتك و140000 يهودي جزائري أجبرهم الاستدمار الفرنسي على الخروج من الجزائر[2].
أوّلا: أقسام هجرات يهود الجزائر: قسّمت هجرة يهود الجزائر إلى خمسة أقسام من طرف الاستدمار الفرنسي ولأغراض تثبيت الاحتلال، وفصل يهود الجزائر عن جذورهم، وعاداتهم، وتقاليدهم الجزائرية وهي:
- الأوّل: قانون كريميو سنة 1870 الخاص بمنح الجنسية الفرنسية ليهود الجزائر، واعتبرت ذلك من الظلم الذي تعرّض له يهود الجزائر على يد الاستدمار الفرنسي بالجزائر، وأنّ الاستدمار الفرنسي تدخل في شؤون يهود الجزائر وحرمهم من جذورهم التّاريخية بالجزائر، وقطعهم عن التّقاليد الجزائرية التي يفتخرون بها، وعن أصولهم الجزائرية.
- ثانيا: قانون فيشي سنة 1940 الذي ألغى قانون كريميو 1870 المتضمن منح الجنسية ليهود الجزائر. وتدخل يومها الاحتلال الفرنسي في الجزائر يومها وحرم اليهود من الجنسية الفرنسية سنة 1940، باعتبار حكومة فيشي يومها تابعة لهتل، كما تدخلت فرنسا المحتلّة من قبل ومنحتهم الجنسية الفرنسية. وفي كلتا الحالتين ماكان للاستدمار الفرنسي أن يتدخل في شؤون يهود الجزائر لأنّهم لم يطلبوا منه الجنسية الفرنسية.
- ثالثا: تهجير يهود الجزائر من الجزائر سنة 1962غداة استرجاع الجزائر لسيادتها. وكانت هذه الهجرة بتحريض من الاستدمار الفرنسي وليس من طرف الجزائريين[3].
- رابعا: محو تاريخ يهود الجزائر بالجزائر، وهذه المرّة من طرف اليهودي ستورا الذي تعمّد عدم التطرّق إلى وجود يهود الجزائر بالجزائر منذ قرون خلت باستثناء فقرتين[4].
- خامسا: إبعاد يهود الجزائر عن العرب والمسلمين وإقحامهم في عالم جديد حيث وجدوا أنفسهم يتقاسمونه خارج وطنهم الجزائر، وفي فرنسا.
- تقول: كيهودية جزائرية أرفض الجنسية الفرنسية التي "منحها"[5]الاستدمار الفرنسي ليهود الجزائر وفصلهم عن أجدادهم الجزائريين.
- حين شرعت في جمع التّاريخ والذكريات المتعلّقة بيهود الجزائر، لاحظت أنّ هناك تطابقا مذهلا بين هوية الاستدمار الفرنسي التي منحت لي وتلك التي منحت لأجدادي الجزائريين سنة 1870.
- أستطيع القول أنّي يهودية من أصول جزائرية، لكن الاستدمار الفرنسي حطّم العالم المشترك حيث أصبحت هذه الهوية أكثر مادية.
- "منح" الجنسية الاستدمارية ليهود الجزائر يعتبر شكلا من أشكال الاستدمار الفرنسي.
- بسبب "منح" الجنسية الفرنسية ليهود الجزائر تمّ فصلهم عن شعبهم الجزائري الذي كانوا يعيشون معه ويقاسمونه اللّغة، والجغرافيا، والمعتقدات، والتجارب، والعادات، والوجوه، والتّاريخ، والذكريات.
- ابتداء من سنة 1865 توقّف أغلبية يهود الجزائر عن طلب الجنسية الفرنسية.
- غاية الاحتلال الفرنسي أن يجعل يهود الجزائر ومن خلال الجنسية الفرنسية الممنوحة لهم مغايرين لما كانوا عليه من قبل[6].
- هدف فرنسا المحتلّة والصهاينة هو فصل يهود الجزائر عن العرب والمسلمين وإقحامهم في "التقاليد اليهودية المسيحية". طبعا، بعض اليهود كانوا متطوعين لينضموا "للنطاق الأكثر شساعة للحضارة الغربية" كما قال: Susannah Heschel.
- حرص الاستدمار الفرنسي والصهيونية على أنّ العرب أعداء ليهود الجزائر الذي فصلهم الاستدمار الفرنسي عن جذورهم، وعاداتهم، وتقاليدهم الجزائرية[7].
- تعمل الدولة الصهيونية كمصفي لمسؤولية فرنسا عن جرائم الاحتلال ضدّ يهود الجزائر وبعض الدول الإسلامية.
- تعتبر الجنسية الفرنسية "الممنوحة" ليهود الجزائر، وإنشاء الدولة الصهيونية هدية من الاستدمار الفرنسي للتغطية عن جرائمه في الجزائر، وتثبيت الاحتلال.
- لاأعتبر جرائم الاحتلال الفرنسي في الجزائر من الماضي، بل مازالت قائمة ونحن مطالبون بتحطيم القيود، والقوانين التي تحميها.
- كان يهود الجزائر في الجزائر وبشكل مباشر ضحية لعنف الاستدمار الفرنسي، وقد قبلوا تدريجيا مساومات الاحتلال الفرنسي عبر الهجرات الخمسة[8]التي فرضها الاستدمار الفرنسي على يهود الجزائر.
- تتساءل اليهودية الجزائرية قائلة: لماذا يتم محو تاريخ يهود الجزائر من الجزائر على أيدي المحتل الفرنسي؟ لماذا أصبح يهود الجزائر أعداء السامية بمجرّد قبولهم الجنسية الفرنسية التي منحت لهم من قبل الاستدمار الفرنسي للجزائر.
- الاستدمار الفرنسي هو الذي فرض على يهود الجزائر الهجرة من الجزائر عبر قبولهم للجنسية الفرنسية التي منحها لهم وأصبحوا بالتّالي أعداء ليهود الجزائر بالجزائر، واختاروا أن ينسحبوا من تاريخ أسلافهم يهود الجزائر.
- تخاطب على إثرها اليهودي ستورا وفرنسا بكونهم مشاركين في جريمة محو تاريخ يهود الجزائر ومنذ احتلال فرنسا للجزائر، ومرورا بتقرير اليهودي ستورا وإلى اليوم.
- خاطبت اليهودي ستورا قائلة: اختارك الماكرو ماكرون لتقديم التقرير لسبب واحد وهو كونك يهودي، ولم يكن هذا الاختيار من الصدفة[9].
ثانيا: الاتّفاقيات التي فرضها الاستدمار الفرنسي على يهود الجزائر:
- تعرّض يهود الجزائر لثلاثة اتّفاقيات فرضها الاحتلال الفرنسي عليهم ولأغراض تتعلّق، وأثّرت سلبا عليه وعلى تاريخه، وعاداتهم، وتقاليدهم، وجذورهم بالجزائر، وهي: أوّلا: يرى الاحتلال الفرنسي أنّ حياة يهود الجزائر في الجزائر من الماضي، وعليهم أن يندمجوا في أوروبا ولذلك تمّ إبعادهم عن الجزائر. ثانيا: قانون كريميو الذي "منح" يهود الجزائر الجنسية الجزائرية أفقدهم خصائصهم الذاتية التي كانت تميّزهم عن غيرهم. وبهذا يكون الاحتلال الفرنسي قد سرق من يهود الجزائر إرثهم، وتقاليدهم. ثالثا: اعترفت فرنسا سنة 1995بمسؤوليتها فيما يخصّ تهجير اليهود أثناء الحرب العالمية الثّانية في عهد حكومة فيشي الموالية لهتلر يومها، وبهذا تكون فرنسا قد دفعت ديونها المستحقة عليها لليهود. وما يجب ذكره في هذا المقام، أن يهود الجزائر ظلمتهم حكومة فيشي وظلمهم الاحتلال الفرنسي لأنّ المسألة تتعلّق بيهود أوروبا وليس بيهود الجزائر. مايعني أنّ المسألة تتعلّق بمساومات تمّت يومها. ولماذا إذن يخضع يهود الجزائر لقانون يهود أوروبا، وهذا بحدّ ذاته ظلم وإجحاف في حقّ يهود الجزائر. ومن قبل هذه التّفاقيات من اليهود من أمثال اليهودي ستورا فقد قبل أن يدخل في التّاريخ الإمبراطوري[10].
- اخترع الامبراطور الماضي وكلّف معاونيه، ومؤرخيه ليبحثوا في الأرشيف، وتحويل جرائمه إلى مواضيع تحقيق امبراطوري. ويستعمل ضحاياه ليثبت أنّه لم ترتكب في حقّهم أيّة جريمة[11].
ثالثا: خاتمة رسالة اليهودية الجزائرية الموجّهة لليهودي بن يامين ستورا:
- تختم رسالتها وهي تخاطب اليهودي ستورا بقولها: نطالب أن يكتب تاريخ يهود الجزائر من طرف الضحايا أنفسهم، لأنّهم وحدهم الذين يرفضون النسيان، ويستطيعون التحدّث عن الاحتلال الفرنسي لالجزائر، ويتحدون عمل الإمبراطور، وقادرين على التقدّم بالقضية إلى ماأسميه بمحو تعليم الإمبراطورية.
- عوض أن تخدم المشروع الإمبراطوري كان عليك أن تفتح ملف جرائم فرنسا ضدّ الجزائريين، وجرائم الاحتلال الفرنسي صدّ الإنسانية. كان عليك –ياستورا- أن تقيم علاقة بين جرائم الاستدمار الفرنسي في الجزائر ومؤسساته الإمبراطورية الداعمة له والتي ساهمت في تثبيت الاستدمار الفرنسي بالجزائر كالشرطة، والسجن، والرأسمالية العنصرية، والأرشيف، والمتاحف، والمواطنة وغيرها.
رابعا: مقالاتي وكتاباتي حول تقرير اليهودي ستورا، وكذا نقده للجزائريين الذين انتقدوه:
- مقالنا بعنوان: "الجزائر.. بين خبث الماكرو ماكرون وحقد بن يامين ستورا"، وبتاريخ: الجمعة 17 جمادى الثّاني 1442 هـ الموافق لـ 29 جانفي 2021.
- مقالنا بعنوان: "من جريمة الوجود المشترك للمجرم ديغول إلى جريمة الذاكرات المشتركة لليهودي بن يامين ستورا "، الأربعاء 21 جمادى الثّاني 1442 هـ الموافق لـ 3 فيفري 2021.
- مقالنا بعنوان: "اليهودي بن يامين ستورا يصرّ على جرائمه ضدّ الجزائر" ، وبتاريخ: الأحد 24 جمادى الثّاني 1442 هـ الموافق لـ 7 فيفري 2021.
[1] للزيادة، راجع الرسالة بنصّها الأصلي الفرنسي: LE CHELIF: “Moi, Juive algérienne, Je n’ai pas oublié les crimes coloniaux de la France”, Par: Ariella Aicha Azoulay. Du 17 février au 23 février 2021. N 378. P 10-11.
[2] أقول: ترى اليهودية الجزائرية أنّ الاستدمار الفرنسي هو الذي طرد يهود الجزائر من الجزائر. وهي بهذا تكذّب وبقوّة ماذهب إليه اليهودي بن يامين ستورا من أنّ الجزائريين هم الذين طردوا يهود الجزائر من الجزائر.
[3] أقول: وهي بهذا تردّ على اتّهامات اليهودي ستورا في تقريره الذي يتّهم الجزائريين زورا، وظلما، وكذبا بكونهم كانوا من وراء تهجير يهود الجزائر من الجزائر. مع العلم، يومها لم يكونوا يهودا إنّما كانوا مواطنين فرنسيين تابعين للاستدمار الفرنسي.
[4] أقول: مع العلم، كان يهود الزائر بالجزائر منذ قرون وقبل الاحتلال الفرنسي للجزائر.
[5] أقول: تستعل اليهودية الجزائرية كلمة منح بين شولتين هكذا "منح". وتعتبر أن الاستدمار الفرنسي بالجزائر فرض الجنسية الفرنسية على يهود الجزائر بالقوّة ولم تمنح لهم برضاهم. ولذلك مازالوا يرون فيها أّنّها أداة من أدوات الاستدمار الفرسي.
[6] أقول: بتنكر يهود الجزائر للجزائر التي ولدوا فيها، واستمدوا منها عاداتهم، وتقاليدهم، وجذورهم.
[7] أقول: أخفى اليهودي ستورا عمدا هذه العلاقة من تقريره.
[8] للزيادة حول هجرات يهود الجزائر، راجع من فضلك العنوان أعلاه، وهو: "أقسام هجرات يهود الجزائر: قسّمت هجرة يهود الجزائر إلى خمسة أقسام، وهي:"
[9] أقول: توصّل صاحب هذه الأسطر لنفس النتيجة وقبل أن يقرأ رسالة اليهودية الجزائرية، عبر 3 مقالات أفردها لتقرير اليهودي ستورا، وهي:
[10] أقول: تستعمل اليهودية الجزائرية مصطلح "الإمبراطوري" عبر رسالتها وفي عدّة مرّات، لثبيت -في تقديري- أنّ الاحتلال الفرنسي في الجزائر تعامل مع يهود الجزائر بثقافة الإمبراطور، والإمبراطورية. أي جعلهم –عبر منح الجنسية الفرنسية لهم. أداة من أدوات تثبيت الاحتلال في الجزائر، ومنح الشرعية له.
[11] أقول: اليهودية الجزائرية تقصد أنّ اليهودي ستورا ومن يحمل فكره من: معاوني الاستدمار الفرنسي، ويستغلّ الأرشيف لإخفاء جرائمه، ويحقّق في جرائمه ثمّ يصل إلى أنّ ضحايا الاستدمار الفرنسي لم ترتكب في حقّهم أيّة جريمة من طرف الاستدمار الفرنسي. وهذا ماجسّده اليهودي ستورا بالحرف في تقريره.
وسوم: العدد 917