وفقاً لصورتي الفسفوس والرهينة.. للإسرائيليين: كيف تلومون الأتراك وأنتم الوقحون!
أحياناً يبدو أنه لا حدود للنفاق والأخلاق المزدوجة، وأن نقص الوعي في إسرائيل قد يحطم أي رقم قياسي، وأن وسائل الإعلام قد تطمس وتنفي الواقع وتغسل الأدمغة كما تشاء. صحيح أن الجمل لن يرى سنامه يوماً ما، لكن ربما يدرك بأن لديه سناماً. في المقابل، إسرائيل لا تعترف بوجود هذا السنام.
زوجان من السياح، كما يبدو أبرياء، تم اعتقالهما في تركيا. الاتهامات ثقيلة والأجواء مشحونة بعد النشر بأن 15 عميلاً للموساد تم الكشف عنهم في الدولة، وتركيا ليست نموذجاً لدولة القانون. حصل الزوجان على مقابلة مع المحامي بعد مرور بضعة أيام، وأحضر لهما القنصل الملابس والطعام، وبصعوبة تم التحقيق معهما، وبالتأكيد لم يتم ضربهما أو تعذيبهما، وكانت شروط اعتقالهما معقولة. حتى الآن، يعدّ هذا قصة إنسانية محزنة، وربما كافكائية، عن اعتقال عبثي إلا إذا تم إثبات العكس، الذي يجب أن نأمل له نهاية سعيدة. تحت القيادة الساخرة لوسائل الإعلام، التي هي المؤسسة الوطنية لتبادل الأحاسيس وإثارة المشاعر، إسرائيل الآن في حالة اضطراب. في القريب ستكون هناك أشرطة صفراء معلقة على كل نافذة، “اطلقوا سراح موردي ونتالي”، وعناوين رئيسية وتقارير خاصة وأنباء مستعجلة ومبعوثون خاصون يتم إرسالهم إلى هناك، يسرعون ويركضون، والجميع يعرفون أن السبب هو أردوغان ويعرفون قسوته. أحياناً هذا يثير الانفعال والقلق على الزوجين المجهولين، وأحياناً يكون هذا مرفوضاً على اعتبار أنه مبالغة مجنونة، ودائماً ما يكون هذا مقطوعاً عن الواقع.
لا يوجد لإسرائيل، ولا سيما لوسائل الإعلام فيها، أي حق أخلاقي كي تهتاج من أحد الاعتقالات العبثية.
لا يوجد لإسرائيل، ولا سيما لوسائل الإعلام فيها، أي حق أخلاقي كي تهتاج من أحد الاعتقالات العبثية. المجتمع الذي لا يهتم بالاعتقالات العبثية اليومية التي تقوم بها هي نفسها، ولم تبلغ عنها وسائل الإعلام كي لا تغضب مستهلكيها، لا يحق لها إثارة عاصفة من اعتقال عبثي واحد في دولة أخرى، وأن تنتقد بشدة نظام هذه الدولة. في تركيا يحكم الآن نظام غير ديمقراطي بشكل واضح، لكنه بالتأكيد ليس مستبداً أكثر من النظام العسكري في “المناطق” [الضفة الغربية]. إضافة إلى ذلك، من نواحٍ معينة، الحكم العسكري في “المناطق” وحشي وشمولي حتى أكثر من نظام أردوغان المرعب.
موردي ونتالي هم الآن في بؤبؤ عين المجتمع، وهو المجتمع نفسه الذي لم يهتم يوماً ما بعشرات آلاف أمثال موردي ونتالي، الذين يتم اعتقالهم في “المناطق” [الضفة الغربية]، ومعظمهم بدون ذنب اقترفوه. هم يمرون بسلسلة تحقيقات وإهانات لن يمر فيها موردي ونتالي يوماً ما، وقد يحلمان بقنصل يأتي لزيارتهما ويحضر لهما الطعام والملابس. أما هم (الفلسطينيون) فيحكم عليهم بالسجن لسنوات طويلة بسبب أمر لم يرتكبوه، في منظومة قضاء عسكرية وسياسية ومجندة، لا علاقة بينها وبين القضاء العادل. ومعظم الصحف الإسرائيلية لا تهتم بما يجري فيها [الضفة الغربية]، في حين أنها ترسل إلى إسطنبول فوراً مبعوثين خاصين يتحدثون عن نظام القضاء في تركيا.
الإسرائيليون يحبون قصص الضحايا اليهود، لكن أن يسافروا ساعة من بيوتهم ويزورون منزل سجين فلسطيني يضرب عن الطعام منذ خمسة أشهر احتجاجاً على اعتقاله بدون محاكمة وبدون لائحة اتهام، فهذا لا يخطر ببالهم. موردي ونتالي تم “اختطافهما”، يبلغنا من لم يستخدموا نفس اللغة لوصف عملية الاختطاف الوحشية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي بأمر من الشاباك في كل ليلة. ودائماً، يعتبر هذا عندنا اعتقالاً ومحاربة للإرهاب.
لو أن القلق على حقوق الإنسان كان الشمعة التي تقود المجتمع الإسرائيلي ووسائل الإعلام الإسرائيلية، لتفهمنا قوة الصدمة من اعتقال الزوجين اوكنين. “نتالي طلبت جوارب”، قال المحامي الذي زارها، فبكت إسرائيل. وماذا بخصوص جوارب كايد الفسفوس، وهو المعتقل الإداري الذي يحتضر في المستشفى؟ نتالي سألت عن أولادها وبكت. وماذا بشأن بكاء الفسفوس وشوقه لابنته جوان؟ هناك رقم قياسي آخر لوقاحة إسرائيل. فهنا احتجوا لأنه لا أحد قد نشر عن اعتقال الزوجين عبر وسائل الإعلام التركية. هل يمكن ذلك، اعتقال عبثي لأبرياء ووسائل دعاية مجندة لم تنشر عن ذلك، هذا أمر غريب بل وصادم!
وسوم: العدد 956