“المنطق الإسرائيلي”: لا نريد سلاماً.. ونطالب العالم بتمويل احتلالنا للفلسطينيين
هذه رؤية نهاية العالم الحقيقية. فحكومة إسرائيل برئاسة نفتالي بينيت، الذي أطلق على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس صفة “إرهابي” و”رأس أفعى التحريض”، هي حكومة تتسول في العالم من أجل هذه السلطة نفسها. لذلك، أرسلت بعثة رفيعة المستوى لحضور اجتماع لجنة الدول المانحة الذي عقد في الأسبوع الماضي في أوسلو. لماذا لا يقوم الجيش الإسرائيلي بحملة “جمع تبرعات” لصالح رجال الشرطة؟ فهم في نهاية المطاف، يقومون بعمل لا بأس به من أجل أمن إسرائيل. وحتى أن محمود عباس فتح بابه على مصراعيه أمام رئيس الشاباك.
الصندوق الدولي الذي أنشئ في نهاية 1993، ليس مؤسسة خيرية. إنما استهدف تشكيل عكازات تسهل على الفلسطينيين والإسرائيليين السير في مسار أوسلو وصولاً إلى انتهاء النزاع. في العام 2012، أجرى يونس ستور، الذي كان في حينه وزير خارجية النرويج (التي تترأس لجنة الدول المانحة) مقابلة مع “هآرتس”، أكد أمامي أن هناك بالتأكيد دولاً إفريقية بحاجة إلى المساعدة أكثر من الفلسطينيين من ناحية إنسانية مجردة. (يمكننا الآن إضافة اللاجئين السوريين، والأفغان الذين يموتون بسبب البرد على حدود بولندا). “لكن الحديث يدور عن حلم بلورة مؤسسات فلسطينية مستقرة وتعزيز العملية السلمية”، وأضاف: “حلم كان يجب أن تكون لإسرائيل مصلحة في تحققه”.
بعد مرور تسع سنوات على ذلك، أعلنت الحكومة الإسرائيلية بأن حلمها لا يتضمن أي نية للسير في طريق السلام. ورغم ذلك، تطالب العالم أن يبقى “جمعية خيرية تطوعية”. بكلمات أخرى، هي تطالب بأن يواصل دافع الضرائب الأمريكي والأوروبي والياباني تمويل الاحتلال.
في المقابلة نفسها، أعلن وزير النرويج في حينه بأن “ليس لدينا نية في إبقاء هذا المنتدى إلى الأبد. وموقفي هو أنه طالما أن الطرفين يقولان بأنهما يهتمان بحل الدولتين، فعلينا تأييد ذلك، ولكن إلى درجة معينة… إذا لم يحدث أي تقدم في المستقبل المنظور فربما نفوت فرصة الوصول إلى حل الدولتين”. لم يكن مخفياً عن عيونه بأن إسرائيل هي الرابحة الرئيسية من المساعدة. “لكن من سيتضرر إذا قمنا بحل منتدى الدول المانحة؟”، شدد السياسي الكبير، وأضاف: “من يضمن لنا بأن حكومة إسرائيل ستتحمل المسؤولية عن رفاه وأمن الفلسطينيين إذا انهارت السلطة؟”. وقد ذكرته بأن إسرائيل قد فعلت ذلك منذ الاحتلال في 1967 وأن “مجرمي أوسلو”، كما سماهم بينيت وأصدقاؤه، أعفوا إسرائيل من هذا العبء.
حذر ستور: “عندما يكون واضحاً للجميع بأن آلية الدول المانحة تساعد في تخليد الوضع الراهن أكثر من المساعدة في عملية السلام، فسنضطر إلى إعادة فحص الأمر. وحتى الآن لم نصل إلى هناك”. ما الذي يجب أن يحدث كي تستنتج الدول المانحة بأن أموالها تساعد في تخليد الوضع الراهن، بل في تعميقه أيضاً؟ ألا يكفي أن أموالها وفرت لميزانية الدولة مليارات الدولارات التي كان يمكن بواسطتها تمويل خدمات وبنى تحتية للمستوطنين، الذين زاد عددهم أربعة أضعاف في السنوات التي مرت منذ تأسيس آلية المساعدة للعملية السلمية؟
استناداً إلى مبدأ المعاملة بالمثل في العلاقات مع الفلسطينيين، من مدرسة رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو (“إذا أعطوا سيأخذون، وإذا لم يعطوا فلن يأخذوا”)، على رؤساء الدول المانحة إبلاغ إسرائيل بأنها لن تحصل على أي دولار إضافي إلى أن يتم إخلاء آخر البؤر الاستيطانية غير القانونية والمزارع المنعزلة. وفي الوقت نفسه، يجب على الحكومة أن تطرح موعداً لاستئناف المفاوضات السياسية بهدف التوصل إلى حل متفق عليه وعادل لجميع المسائل الأساسية. لا احتلال بالمجان.
وسوم: العدد 956