عقيدة نظام أوباما: التقاعس عن الحركة
عقيدة نظام أوباما:
التقاعس عن الحركة
لامونت كولوتشي - يو أس نيوز
ترجمة وتحرير مسار للتقارير والدراسات - 17 أيار 2013
قبل سبعة أيام من هجوم 11 أيلول 2001 أصدر الرئيس جورج دبليو بوش "توجيه الأمن القومي 9-NSPD" الذي طالب وزير الدفاع بالتخطيط لعمليات عسكرية ضد طالبان والقاعدة. وكان لذلك ثلاثة أهداف: القضاء على شبكة القاعدة، واستخدام كل عناصر القوة الوطنية للقيام بذلك بما فيها العناصر الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية والاستخبارات والمعلومات وإنفاذ القانون، وأيضا القضاء على ملاذات القاعدة والشبكات الإرهابية المتصلة بها إذا فشلت الجهود الأخرى.
وفي المقابل، أصدر الرئيس أوباما في آب عام 2011 "التوجيه الرئاسي للدراسة-10 NSD-10" لإنشاء مجلس الوقاية من الأعمال الوحشية، مشيرا إلى أن "منع الأعمال الوحشية الجماعية والإبادة الجماعية والوقاية منها هو في صلب مصلحة الأمن القومي والمسؤولية الأخلاقية للولايات المتحدة". ولم يتم الإنشاء الفعلي للمجلس حتى نيسان 2012. ودارت أحاديث كثيرة عن حقيقة أن المجلس ظهر إلى الوجود في الوقت الذي كانت فيه أعداد القتلى في سوريا قد تجاوزت السبعين ألفا، وكما ذكر هذا الكاتب من قبل في شهر شباط فقد استخدمت الأسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري.
مجلس الوقاية من الأعمال الوحشية يضم ممثلين من عدة وكالات بما فيها الخارجية والدفاع والأمن الداخلي والسي آي إيه ومكتب مدير الاستخبارات الوطنية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وهيئة الأركان المشتركة، يترأسهم طاقم موظفي مجلس الأمن الوطني للشؤون متعددة الأطراف وحقوق الإنسان. وما سيقومون به هو رصد الأعمال الوحشية والإبادات الجماعية والعمل على إيجاد "عقوبات مستهدفة".
وقد صرح داعمون لإنشاء المجلس مثل مادلين أولبريت وويليام كوهين أنه "لا ينبغي النظر إلى مبادرة الرئيس كما أوحى البعض على أنها مبدأ جديد للتدخل الإنساني أو المغامرة العالمية، بل على أنها محاولة واضحة وعملية لتوسيع أدوات حكومتنا لتصل إلى مستوى التحديات التي يطرحها الطغاة الذين يشكلون تهديدا غير عادي لشعوبهم". وهناك حديث أيضا عن فرض حظر على إصدار تأشيرات السفر للمشاركين في مثل هذه الفظائع.
النقاد يتجمعون على جميع الجبهات، حيث يكتب أستاذ الشؤون الدولية في جامعة هارفرد ستيفن والت أن المجلس لن يفعل شيئا لوقف هذه الفظائع وأن "هذه المبادرة الجديدة تعاني من تهنئة النفس المتعجرفة، وهذا ما وسمت به الإمبراطورية الأمريكية الحديثة". ويشترك السيناتور جون ماكين –الجمهوري من أريزونا - مع البعض في سؤال حول سبب تفعيل هذا المجلس في الوقت الذي تحدث فيه هذه الأعمال الوحشية بالفعل في سوريا.
تشير التقارير إلى أن المجلس يبحث بالفعل في قضايا سوريا والكونغو والسودان، وأنه يبدو حريصا جدا على استخدام كلمات مثل "رصد"، "جمع البيانات" و"التحليل". فيما تدور أحاديث حول التفاعل بين الوكالات وإنشاء لجنة والاتصال عبر أجهزة الحكومة.
ولكن كيف تكون الوقاية؟ على الرغم من دعوة الرئيس الأمريكي إلى تبني نهج شامل تجاه هذه الأعمال الوحشية، إلا أن محور هذا النهج يظل هو الوقاية، وليس الاستعداد لإجراءات ضد الأعمال الوحشية وغير الإنسانية.
مجلس الوقاية من الأعمال الوحشية يبدو نموذجا مثاليا على تقاعس نظام أوباما عن العمل. تم تعيين لجنة لدراسة ورصد أسوأ الأعمال الوحشية التي عرفتها البشرية، وسوف تقوم هذه اللجنة بتقديم توصيات حول جمع معلومات حتى نتمكن من وقف التجارة مع البلدان التي لا نتاجر معها أصلا، ووقف إصدار تأشيرات سفر لأناس لا يرغبون بالقدوم إلى هنا أصلا. وبعد ذلك تذرف اللجنة أنهارا من الدموع على أولئك الذين يعانون وتتعهد بأن تحتفظ "بالدروس المستفادة" للمستقبل.
هل هناك أسوأ وأجبن من تبرير لغة البيروقراطية والتكنوقراطية؟ ماذا سيكتب عنا المؤرخون في المستقبل عندما يرون أن ردات أفعالنا على ما يحدث في سوريا لم تتعدى تكوين مجموعات عمل؟
في عام 1945، صرح القاضي في المحكمة العليا في محاكمات نورمبرغ روبرت جاكسون أن "الأخطاء التي نسعى لإدانتها ومعاقبة مرتكبيها أصبحت كثيرة جدا وخبيثة جدا ومدمرة، لدرجة أن الحضارة لا يمكن أن تتسامح حيال تجاهلها، لأنها لن تتمكن من البقاء في ظل تكرار هذه الأفعال". هذا البيان الذي يجب أن يتحول إلى سياسة، وهو السبب الذي أسست عليه الأمة، والبوصلة الأخلاقية التي يجب أن توجه مستقبلنا. "لن يسمح لنا الموتى بالانتقال بحرية إلى معسكر النفاق".