السبب الأسوأ للتدخل في سوريا
بيزنس ويك:
السبب الأسوأ للتدخل في سوريا
روميش راتنيسار - نائب رئيس تحرير بيزنيس ويك
ترجمة وتحرير مسار للتقارير والدراسات - 16 أيار 2013
هل يتوجب على الولايات المتحدة أن تتدخل في الحرب الأهلية في سوريا؟ مجموعة كبيرة من أعضاء الكونغرس يعتقدون ذلك، على الرغم من أن ذلك قد لا يكون له علاقة بسوريا.
مايك روجرز رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي يقول: "القضية أكثر من مجرد سوريا، إيران مهتمة بالقضية وكوريا الشمالية كذلك". السيناتور جون ماكين يؤكد أن "مصداقية الولايات المتحدة على المحك، ليس فقط مع سوريا وإنما مع إيران وكوريا الشمالية، وجميع أعدائنا وأصدقائنا الذين يرقبون عن كثب ردة فعل الرئيس وإذا كان سيترجم أقواله إلى أفعال". ويقول السيناتور ساكسبي تشامبليس بتعبير آخر: "العالم يراقبنا".
وفقا لهؤلاء الصقور، إذا تم التأكد من أن بشار الأسد قد تجاوز "الخط الأحمر" باستخدامه الأسلحة الكيميائية ضد شعبه فإنه يتوجب على باراك أوباما اتخاذ إجراءات حاسمة دون الالتفات إلى أي خيارات أخرى.
ما الذي يتوجب على الولايات المتحدة أن تفعله لمعاقبة الأسد - هل تقوم بضربات جوية ضد مواقع الأسلحة؟ هل تسلح الثوار؟ هل تفرض منطقة حظر جوي؟ أم تفعل كل هذا؟ كل ذلك لا يزال أقل أهمية من توجيه رسالة لآخرين. ووفقا لماكين فإن عدم اتخاذ موقف جاد تجاه سوريا يهدد بـ"تبدد مصداقية الولايات المتحدة... في جميع أنحاء العالم". الخطر الأكبر على الأمن القومي لا يكمن في احتمال التورط في الحرب في سوريا وإنما في البقاء خارجها. ويقول السيناتور ليندسي جراهام "إذا واصلنا نهج عدم التدخل في سوريا فإننا متوجهون نحو حرب مع إيران".
دعونا ندرس هذا الاقتراح. الحجة الرئيسية للصقور المتشددين حيال التدخل هي أن الطموحات النووية لإيران وكوريا الشمالية مرتبطة بعض الشيء بما تفعله الولايات المتحدة في سوريا. هناك أدلة قليلة تدعم هذه الحجة، فمنذ عام 2001 استخدمت القوات العسكرية الأمريكية للإطاحة بالأنظمة في أفغانستان والعراق وليبيا، وبمنطق المعسكرات المؤيدة للحرب فإن تدخلات كهذه توجب على الولايات المتحدة أن تردع القادة في طهران وبيونغ يانغ من امتلاك الأسلحة النووية، لكنهم بدلا من ذلك تركوها مستمرة في مشروعها. وكما يقول الباحث في "مركز الفعل الوقائي" ميكا زينو فإن نظام الملالي في إيران تخطى بالفعل "الخطوط الحمراء" في العالم سبع مرات، ولا يبدو أنهم قد فكروا ولو لمرة واحدة قبل فعل ذلك.
افتراض سوريا نموذجا لكيفية التعامل مع الأزمات المحتملة مع إيران وكوريا الشمالية معيب على حد سواء. على الرغم من أن الارتفاع المروع في عدد القتلى إلا أن الصراع في سوريا لا يزال صراعا داخليا ولا يشكل تهديدا حيويا للولايات المتحدة. ومن ناحية أخرى فإن من شأن إيران النووية أن تغير ميزان القوى في الشرق الأوسط وأن تهدد وجود إسرائيل، وأن تفجر أيضا سباق تسلح إقليمي قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة. معاداة كوريا الشمالية يهدد بشكل مباشر أقرب حلفاء الولايات المتحدة في آسيا، ناهيك عن 28.000 جندي يتمركزون في كوريا الجنوبية. وخلافا للحالة السورية حيث يعارض أكثر من 60% من الأمريكين التدخل في سوريا، سيكون هناك دعم شعبي ودولي واسع النطاق لاستجابة الجيش الأمريكي في حال حدوث تهديد كبير من قبل إيران أو كوريا الشمالية. ومن الصعب تصور عدم التفات الكوريين الشماليين والإيرانيين لذلك.
كيم جونغ أون والمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي من الممكن أنهما يتابعان مشاورات إدارة الرئيس أوباما عن الأسد ويعايران سياستهما وفقا لذلك. ومن المرجح أن المسار الذي ستسلكه الولايات المتحدة في سوريا لن يؤثر عليهم على الإطلاق. ولا يمكن التأكد من ذلك. حيث تشير التجربة إلى أن الأسباب التي تسعى الدول من أجلها لامتلاك أسلحة نووية متجذرة في القومية والثقافة والتاريخ، وبمجرد بدئها بالخطوة الأولى على هذا الطريق، لا يمكن لأصوات الأسلحة أو المظاهرات العارمة أن تقنعها بالتراجع عن ذلك.
وباختصار، الخوض بشكل أعمق في حرب أهلية في سوريا لن يجعل خصوم أمريكا أكثر أو أقل خطورة، وهناك بالتأكيد أسباب أخلاقية قوية لدعم إجراءات أمريكية أكثر عدوانية ضد بشار الأسد، ولكن إرسال رسالة إلى إيران وكوريا الشمالي ليس واحدا منها.