هل تجاوزت سوريا الخط الأحمر؟
صندي تايمز:
هل تجاوزت سوريا الخط الأحمر؟
توبي هارندن في واشنطن وأوزي ماهنيمي في تل أبيب وماري وولف - صحيفة صندي تايمز
ترجمة وتحرير مسار للتقارير والدراسات - 8 أيار 2013
الأنباء عن استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية تزيد من الضغط على باراك أوباما والغرب من أجل اتخاذ إجراءات بخصوص ما يحصل في سوريا.
ديفيد كاميرون في محادثته عبر الهاتف مع أوباما في تشرين الثاني الماضي حول الموضوع من التهنئة بالفوز في الانتخابات إلى الموضوع الذي بدا الرئيس الأمريكي مترددا في مناقشته الأشهر السابقة، وهو الحديث عن عمليات عسكرية محتملة في سوريا.
أوباما كان قد قال في آب الماضي أن استخدام الرئيس بشار الأسد للأسلحة الكيميائية يعد "خطا أحمر". لكنه أوضح لكاميرون أنه ليس لديه رغبة في مناقشة الخطوط الحمراء أو ما الذي يعد تجاوزا لها، وقال: "لم يتم انتخابي ثانية لكي أبدأ حربا جديدة".
وعلى الرغم من ذلك فقد أجبر البيت الأبيض في الأسبوع الماضي على إعلان امتلاك وكالات الاستخبارات الأمريكية معلومات "بدرجات متفاوتة من الثقة والتأكد" عن استخدام غاز السارين الكيميائي في سوريا - نتيجة توصل إليها جواسيس بريطانيا وفرنسا وإسرائيل.
انزعاج أوباما الواضح لم يمكنه من تجنب نقاش عام حول الخطوط الحمراء التي كان قد وضعها، وما إذا كان التدخل في سوريا يعني تورط الغرب بتسليح الثوار الذين يقاتلون لإسقاط الأسد ومن ثم انجراره إلى الحرب.
بحلول الجمعة الماضية كان أوباما يسعى لكسب الوقت، وقال بكلمات حذرة: "معرفتنا باحتمالية استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا لا تدل بالضرورة على علمنا بالزمان أو الكيفية التي استخدمت بها، علينا أن نتصرف بحكمة . علينا أن نحلل هذه التقديرات بترو (تروي)".
البيت الأبيض كان قد حث الأسد على السماح لمحققي الأمم المتحدة بالدخول إلى سوريا للتحقيق بشأن الأسلحة الكيميائية. وقد دأب مساعدو أوباما على إعادة شبح المعلومات الاستخباراتية الخاطئة التي أدت إلى الحرب في العراق. وعلى الرغم من ذلك فقد أعرب الديمقراطيون في الكونغرس عن شكهم في تجاوز الخط الأحمر، ولكن الهيبة الأمريكية على المحك، لذا لا بد من القيام بشيء.
أوباما وقع في مأزق صنعه بنفسه، بعدما أمضى عاما كاملا في رفض خطط تسليح الثوار التي قدمتها هيلاري كلينتون ووزارة الخارجية وكبار المستشارين. وقد وصف السيناتور جون ماكين، أحد الداعمين لهذه الخطط، تلكؤ البيت الأبيض بالـ"سخيف" وفي نفس الوقت "ليس بالمفاجئ أو المستغرب". كما قال المرشح الرئاسي الجمهوري السابق لصحيفة صندي تايمز: "قالوا إنهم يريدون مصادقة الأمم المتحدة، دعني أخبرك بأن بشار لن يسمح للأمم المتحدة بدخول سوريا". وأضاف ماكين أن التقاعس على مدى العامين الماضيين قد أدى إلى "ذبح 80.000 شخصا، وزعزعة استقرار لبنان والأردن، ووصول عدد النازحين إلى مليون شخصا" والأسد لا يزال يتشبث بالسلطة، وأوضح أنه "عندما قال الرئيس إن السلاح الكيميائي خط أحمر، ترجم بشار الأسد ذلك على أنه ضوء أخضر، لقد قام بفعل كل شيء أقل من ذلك، إنه يذبح شعبه ويقتلهم بصواريخ سكود . نحن نشهد أكثر الفصول عارا في التاريخ الأمريكي".
الضغط الأخلاقي هائل جدا. كتبت آن ماري سلوتر، مساعدة الرئيس كلينتون حتى عام 2011، في نهاية هذا الأسبوع مقالا لاذعا في صحيفة واشنطن بوست تشبه فيه التشويهات اللغوية لأوباما في حالة سوريا بالرئيس بيل كلينتون في حالة رواندا عندما فشلت الولايات المتحدة في التدخل لوقف الإبادة الجماعية، وكتبت: "يجب على أوباما أن يدرك الضرر الهائل الذي سيسببه للولايات المتحدة وإلى إرثه إذا فشل في التصرف".
إذن ما الذي سيفعله أوباما؟ هل سيقدم مساعدات عسكرية مباشرة إلى الثوار؟ أم سيدفع الحلفاء لإعلان منطقة حظر جوي فوق سوريا، أو كما يقترح ماكين يخلق ملاذا آمنا للثوار بالقرب من الحدود التركية؟ أم أنه سيسمح لبريطانيا وفرنسا أن تأخذا زمام الأمور في الوقت الذي تقدم فيه دعما سريا كما حدث في ليبيا؟ أم أن عليه أن يبتلع فخره وكبرياءه ويسمح للأسد أن يذهب دون عقاب في الوقت الحاضر؟.
قرار أوباما في لندن وبروكسل سيكون قرارا محوريا، قال مسؤول بريطاني: "المملكة المتحدة ستتبع أمريكا في هذا، وجميعنا ننتظر لنرى ما إذا كان تحقيق الأمم المتحدة في ادعاءات استخدام الأسلحة الكيميائية سيظهر الحقائق على الأرض".
وقد ردد دبلوماسي في الاتحاد الأوروبي: "تولى الاتحاد الأوروبي دفة القيادة في سياق فرض العقوبات على سوريا، لكن الولايات المتحدة ستتولى القيادة في أي إجراءات أبعد من ذلك".
يخشى كبار البيروقراطيين في وزارة الخارجية من أن إنشاء منطقة إنسانية في سوريا سيكون قمة منحدرٍ زلقٍ يؤدي إلى اشتباكات واسعة النطاق، ليست فقط مع قوات الأسد ولكن مع الجماعات الإرهابية مثل حزب الله.
تتردد في أروقة الحكومة البريطانية انتقادات لتردد أوباما، وكذلك لتعليق الأمور في مجلس الأمن للأمم المتحدة. ويحذر مسؤولون بريطانيون من أن غياب القيادة الأمريكية قد يؤدي بالمواد الكيميائية للوقوع في أيدي الإسلاميين، الذين قد يستخدمونها في أعمال إرهابية على لندن أو نيويورك أو موسكو.
وتكمن جذور المعضلة التي يواجهها أوباما في اجتماع استمر خمس ساعات في الشهر الماضي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وبعد الاجتماع قدمت أجهزة الاستخبارات تقارير إلى أوباما عن استخدام الأسلحة الكيميائية في حلب وحمص ودمشق. وقد أعد العميد إيتاي برون رئيس قسم الأبحاث بالمخابرات العسكرية الإسرائيلية تقارير حول ذلك بالاعتماد على عدة وكالات بما فيها الموساد.