القط وصديقه المشهور 14
القط وصديقه المشهور
( 14 )
أ.د/
جابر قميحةمن كتاب :
(The Big Story Book)
ولد سبايس ( Spice ( في قطار من قطارات السكة الحديدية ... ولأنه لم يكن له بيت يعيش فيه تبناه موظفوا القطار ، فكانوا يطعمونه ، ويعنون به أحسن عناية .
وذات يوم شاهد سبايس وجها جديدا بالقطار ... إنه غلام في سن الثانية عشرة كان يبيع الجرائد للركاب ، وسمع الناس ينادونه ( توماس ) ( Thomas ) .
وكان توماس إذا باع كل جرائده ، وقبل أن يصل القطار إلى المدينة التي يعيش فيها ... جلس على أحد الكراسي بجانب النافذة ، وأغمض عينيه ، وراح في نومة لذيذة لا يقطعها إلا وصول القطار إلى مدينته .
وذات يوم كان سبايس يبحث عن مكان هادئ في المطار لينام بعض الوقت ، فاكتشف توماس ، فقفز إلى الكرسي الذي بجانبه ، وحينما استيقظ توماس من نومته رأى صديقه الجديد .
وبعد ذلك كان سبايس ملازما دائما مع توماس في القطار ، بعد أن ينتهي من بيع جرائده .
وحينما تقدمت السن بتوماس وتوقف عن بيع الجرائد في القطار أخذ سبايس ليعيش معه في بيته في ( مانلو بارك ) في ولاية ( نيوجيرس ) . وكان هذا هو أول بيت حقيقي يعيش فيه سبايس ، وكان سبايس يتبع توماس في المنزل أين ما ذهب ، وكان يشعر بالسعادة إذا ما تمدد بجانب قدمي توماس حينما يكون في معمله يزاول تجاربه ، ويصنع اختراعاته .
وكان توماس يملك أفكارا رائعة في البناء والصناعة . كان يعمل على ضوء شمعة في أشياء تحدث ضجة ممتعة : فبعضها كان يدق ويتحرك من غير أن يدفعه توماس في كثير من الأوقات كان توماس يظل ساهرا طيلة الليل بلا نوم لمزاولة العمل في مخترعاته . وأحيانا كان سبايس يسمع توماس يصيح من الفرح إذا ما رآى أحد مخترعاته يتحرك ويعمل .
وأحيانا ــ بعد ساعات طويلة في المعمل ــ كان توماس يجلس ويدلل سبايس ، ويذكره بأوقات القطار الممتعة التي قضوها في الماضي ، وفي ذلك الماضي كانت مخترعات توماس مجرد أحلام تداعب خياله ، ولكن الحلم أصبح الآن حقيقة .
وكان سبايس يحب أن يثب على المنضدة التي يعمل عليها توماس ، وأحيانا كانت تأخذه غفوة ، أو يظل مستيقظا يرقب ضوء الشمعة وهو يتراقص في الحجرة المظلمة ، ولم يكن سبايس يعلم أن لهب الشمعة يؤذيه إذا لمسه ، لذلك حاول أن يلمسه مرات عديدة ، وتوماس يصرخ في وجهه : " لا يا سبايس لا ... وإلا حرقت يدك " . فيبتعد سبايس عن لهب الشمعة ، ويراقب توماس وهو يعمل في آلات وأجهزة غريبة ... إلى أن وصل إلى اختراع ما سمي بالكهرباء .
وذات يوم بعد أن عمل توماس لمدة طويلة سمع سبايس صيحة صادرة من أحد أركان المعمل الذي وقف فيه توماس أمام ضوء غريب ... إن سبايس لم يشهد مثل هذا الضوء من قبل إنه لا يبدو كالشمعة ، ولا تخرج منه رائحة كرائحة الشمع المحترق ، ولهبه لا يتراقص كما يتراقص لهب الشمعة .
وكانت السعادة تبدو على وجه توماس حتى إن سبايس استنتج أن توماس قد توصل إلى اختراع نوع جديد من الضوء .... لقد كان توماس يضحك من أعماقه ، وظل ساهرا يرقب الضوء الجديد الذي ظل موقدا يضيء الغرفة كلها طوال الليل دون أن ينطفيء .
وقال توماس في حماسة ــ وهو يرفع إليه سبايس وهو يضمه إليه :
ــ " تعال إليّ يا سبايس ... انظر يا صديقي العزيز إلى الاختراع الجديد ... إنه المصباح الكهربي " .
وبعد أن علم الناس باختراع توماس الجديد أصبحت حياته أكثر انشغالا من ذي قبل ، لقد جاء الناس من أقصى العالم ( الدنيا ) لمشاهدة الاختراع الجديد :
ــ إنه اختراع مدهش .
ــ إنه اختراع عجيب .
ــ إنك ساحر حقيقي يا توم .... سوف نطلق عليه " ساحر منلوبارك " .
كان توماس يسمع هذه العبارات وأكثر منها ممن يرى اختراعه ، فيبتسم ، ويشعر بالزهو و الفخر .
أما سبايس فلم يكن بعينه يعرف الذي يعنيه الناس بكلمة " ساحر " ... ولكنه خمن أنه يعني أنها تعني شيئا عجيبا ممتازا . ومع ذلك لم يكن مستريحا للوفود الضخمة التي تزور توماس يوميا لمشاهدة اختراعه . إنه يتمنى أن تعود أيام الهدوء من جديد ، لذلك كان يتسلل إلى زاوية هادئة بالمنزل ويحلم بالأيام الجميلة التي كان يتراقص فيها ضوء الشمعة وهي تضيء الحجرة .
وذات مساء ــ بعد أن انتهى توماس من قراءته بجانب المصباح الكهربي ــ أخذ يربت على ظهر سبايس ، ويمرر يده على رأسه ، وقال له :
ــ " سبايس ... عندي فكرة طيبة ... دعنا نتخيل أننا مازلنا معيش في أيامنا الماضية ... فالليلة سنتناول عشاءنا ــ أنا وأنت ــ على ضوء شمعة " .
وأطفأ توماس المصباح الكهربي بعد أن أخرج شمعة من الدرج وأوقدها ، وتناولا عشاءهما في ضوء الشمعة .
وأخذ توماس يتحدث عن اختراعاته وعظمتها . وكان سبايس يموء مواء الموافقة والزهو والاعجاب بعمل سيده .
وبعد العشاء أطفأ توماس الشمعة ، وأوقد المصباح الكهربي ، فأشرقت الحجرة بهذا النور الجميل الباهر .
وقال سبايس في نفسه :
ــ " نعم ... إن المصباح الكهربي اختراع عظيم ... وإن سيدي توماس إديسون ــ في الحقيقة ــ ساحر عظيم ... عظيم " .