القط الذي أنقذ محصول الكرنب
( ستولكر ينقذ محصول الكرنب )
( 12 )
أ.د/
جابر قميحةمن قصص الأطفال الغربية
من كتاب :
(The Big Story Book)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقف مستر كرتيشمر ( M. Kretchmer ) الفلاح الطيب ... حزينا أمام بيته الريفي وهو يمسح العرق المتصبب على جبينه ، ويحرك قبعته يمينا وشمالا أمام وجهه لتجلب له بعض الهواء في ذلك اليوم الحار .
وكان يبدو واهنا ، خائر العزيمة حينما دخل المطبخ وقال لزوجته :
ـ " لقد عادت الفئران مرة أخرى إلى أرض الكرنب يا حبيبي " .
وصاحت زوجته :
ـ " أوووووه ... كلا ... غير معقول هذا " .
فقال الفلاح الطيب :
ـ " نعم ... عادت الفئران والتهمت بعض أوراق الكرنب من أعلاها إلى أسفلها ... لابد لأن لأفعل شيئا ... ولكن ماذا أفعل ؟ " .
كان ستولكر ـ قط الفلاح الطيب ـ واقفا في هذه اللحظات يتناول فطوره المكون من فتات الخبز المنقوع في اللبن الدافئ ... كان واقفا في المدخل المؤدي مباشرة إلى المطبخ . وسمع كل كلمة قالها الفلاح . وقال القط في نفسه :
ـ " فئران في أرض الكرنب ؟؟ !! حسنا ، لابد من تصرف سريع " .
وترك المدخل وانطلق مباشرة إلى أرض الكرنب ، وزحف القط بين صفوف الكرنب بحثا عن فأر يدفعه حظه السيء إلى واحدة من الكرنب لقضم أوراقها . وقال في نفسه ولعابه يسيل شوقا إلى فأر يلتهمه بعد وجبته :
ـ " لابد من العثور على هذه الفئران ... لن أسمح بتجول فأر واحد في هذه الأرض ... ولكن للأسف لم يظهر فأر واحد . لابد أن أنتظر ، وسأبقى في هذا الحقل مراقبا ، وستكون أول حركة يقوم بها فأر تعني نهايته . نعم سأصيد كل فأر يخرج إلى هنا وهو متلبس بجريمته " .
وجلس القط ينتظر ... ولكن الصباح كان حارا ، وتسلطت عليه أشعة الشمس القاسية ، وهو يقوم بمهمته في حراسة أرض الكرنب ... وبدأ يأخذه النعاس ، ثم استغرق في النوم فلم يشعر بالحركة في الجانب الآخر من الحقل ، إنه الفأر هومر (homer ) الذي كان يثب في سعادة بين صفوف الكرنب المزروع ، وبدأ يقضم أوراق الكرنب في نهم ومتعة ... " ياااااااااه ما ألذ هذه الأوراق " ! .
وأخذ يقضم ورقة وراء أخرى ، إلى أن بدأ يقضم قلب الكرنب . وبينما هو يتناول طعامه في متعة مرت به مسزفلوفي ( Mrs . Fluffy ) التي كانت في طريقها إلى المدينة ورأته في أرض الكرنب فصاحت :
ـ " هومر إذهب إلى بيتك واترك أرض الكرنب ؛ فقد سمعت أن القط ستولكر يراقب هذه الأرض ويحرسها ... فقد غضب الفلاح صاحب الأرض غضبا شديدا بعد الحفل الذي أقمناه هنا في الليلة الماضية " .
وفي غضون ذلك كان القط ينطلق في سرعة إلى أن دفعته وثبته إلى داخل قاع الجردل ، وكانت الصدمة قوية بحيث أطارت هومر خارج الجردل في الهواء إلى أرض الكرنب .
فلما وقف على أقدامه أخذ يجري بأسرع ما يستطيع ، ولم يتوقف عن الجري إلا بعد أن اطمئن أنه قد عاد إلى بيته ... إلى جحره في الأرض .
حينذاك أفاق القط من هول اصطدامه بالجردل ... أين الفأر ؟؟ الفأر لا يعرف له مكان .
وغمغم القط وهو يتحسس بيده أثر الصدمة في رأسه :
ـ " وا أسفاه ! لقد أفلت مني هذه المرة ، ولكن إذا ظهر مرة أخرى لقي نهايته على يدي " .
وعاد القط إلى مكانه على رأس حقل الكرنب يراقب كما كان . وفي الجحر أخذ هومر يقص على أمه متفاخرا متباهيا كيف استطاع بمكره ودهاءه أن يفلت من القط ستولكر فحذرته أمه قائلة :
ـ " يجب أن تكون متيقظا ... لقد أنقذك الحظ ... ولكن لا تعتمد على الحظ في عملك وحياتك ... تذكر دائما ما حدث لعمك هاري ، وابن عمك مالفن ... لقد افترسهما ستولكر بوحشية " .
ولكن هومر شعر بالثقة بنفسه إلى أقصى حد بعد أن نجح في هروبه من ستولكر حتى إنه تمنى أن تتكرر هذه التجربة مرة ومرات ، لذلك بدأ يخطط لزيارة مزرعة الكرنب مرة أخرى في اليوم التالي .
وبالطبع كان ستولكر ينتظر في مزرعة الكرنب وهو متيقظ مفتوح العينين ... نعم فهو هذه المرة لن يكون غافلا أو أحمق كما كانت في اليوم السابق ... فعليه أن يكون دقيق المراقبة اليوم ، والفأر يجب ألا يفلت من يديه هذه المرة . ولم يطل الانتظار بالقط ستولكر ، فسرعان ما دار هومر حول منحنى الطريق ، ودخل مباشرة حقل الكرنب ، وأخذ يثب ويرقص فرحا ، وأخذ يضحك في سعادة وهو يفكر في هذه الوجبة الشهية من أوراق الكرنب . والأهم من كل ذلك كله في نظره أن يهزم ذلك القط مرة ثانية :
ـ " كم هو غبي أحمق هذا القط ... أما أنا فليس هناك من المخلوقات من هو أذكى ولا أمكر مني " .
وأخذ يغني ، ويضحك بصوت مرتفع .
وأثناء ذلك كان ستولكر بفكر في الغداء الشهي الذي سيتناوله اليوم :
ـ " ليس هناك ما هو ألذ من فطيرة مصنوعة من لحم الفأر ... آه ما ألذ الفطيرة ومعها صلصة مرق اللحم !!!" .
إنه الآن في أشد الاشتياق لهذه الوجبة هو الآن يقف مسددا نظراته المتلهفة القوية إلى أرض الكرنب ... الجو اليوم صاف معتدل فلم يهب نسيم يهز أوراق الكرنب ... ولم يهزها إلا هومر .
لقد دخل ا{ض الكرنب من الجانب البعيد ، وفي فرح وابتهاج اختار أكبر الأوراق ليلتهمها .
ولكن ستولكر رآه هذه المرة ، وفي هدوء تام زحف إلى هومر من خلفه بحيث لا يراه .
ولكن هومر استطاع أن يلمحه بطرف عينه ، واتخذ بينه وبين نفسه قرارا يدل على غبائه وحماقته .
ـ " سأنتظر حتى يقترب مني هذا القط العجوز الغبي ... وحينذاك أنظطق هاربا فلا فائدة من الخوف وترك كل هذا الطعام الذيذ " .
لذلك استمر هومر في أكله ، ملقيا نظرات عارضة بين الحين والحين نحو ستولكر ، وخلال هذه النظرات العارضة تمكن ستولكر من التسلل إلى أن صار خلف هومر مباشرة .
وفجأة علا الغبار في كل اتجاه ... وصراخ ... ومواء ... ثم سكون تام .
**********
وبعد دقائق عاد القط المنتصر إلى سيده وهو يشعر بالذهو والفرح وخافت بقية الفئران ، فابتعدت عن المزرعة ، ولم يعد هناك فأر واحد يملك الشجاعة التي تجعله يقترب منها .
ونما الكرنب في الأيام الباقية من الصيف ، وكان الفلاح الطيب كرتيشمر يعتز بقطه العظيم ستولكر ، ويتباهى به أما جيرانه من الفلاحين .