هنري كلب الصيد 11
هنري كلب الصيد
( 11 )
أ.د/
جابر قميحةمن قصص الأطفال
الغربية
من كتاب :
(The Big Story Book)
في الصباح الباكر نهض هنري كلب الصيد من فراشه ، وفي سرعة دس قدميه في حذائه ، وغطى رأسه ، واتجه إلى الدور السفلي من المسكن ، ووثب في خفة إلى المطبخ حيث كان أبوه وأمه يجلسان وأمامهما مائدة الإفطار وحياهما هنري :
ـ " صباح الخير يا أمي ... صباح الخير يا أبي ... أليس هذا اليوم جميلا للخروج إلى الصيد ؟ " .
فنظر الأب إلى زوجته ، فهزت رأسها وكتفيها ، وقالت :
ـ " نعم يا أمي إني ذاهب إلى الغابة ولن أعود إلا في وقت متأخر ، سأقتفي آثار أقدام الحيوانات طيلة النهار ، فهذا فرض على كل كلب صيد عمله القيام بمهمة الصيد " .
ونظر إليه أبوه وابتسم ابتسامة المشفق العطوف :
ـ " وما الذي تنوي أن تصيد ؟ " .
فأجاب هنري :
ـ " أنا عازم على صيد الأرانب والسناجب ، والسمان ، والدببة ، والسمور ، ومختلف الطيور والحيوانات " .
فصاحت أمه :
ـ " لا تحملي هم ما ستطبخينه الليلة ، فأنا أعدكم بأن أحضر معي ما ستطبخونه في الغداء " .
فضحك الوالدان وهو يغادر المنزل . هل حقيقة سيستطيع ابنهما كلب الصيد الصغير أن يصطاد لهم شيئا للغداء ؟ إنهما لا يعتقدان ذلك ، وقبل كل شيء فإن هنري مازال كلبا صغيرا فما الذي يستطيع أن يصيده ؟ .
وسار هنري بين الأشجار المتشابكة باحثا في المساحات التي ينتشر فيها أشجار الفرولة ناظرا هنا وهناك إلى أن لمح آثار أقدام . واستطاع الصياد الصغير أن يكتشف أنها أثار أقدام أرنب ، فقرر أن يتعقب هذه الأثار ... اندفع وعيناه معلقتان بها ، وانطلق وراءها بسرعة مذهلة . ولم ينظر هنري كلب الصيد حتى إلى أين هو ذاهب .
بم ... بم ... بم ، لقد سمعت الغابة صوت ارتطام صاخب ، ماذا حدث ؟ لقد تعقب هنري أثار الأرنب ، واندفع واثبا في قوة تجاهها ، وسقط الاثنان : هنري والأرنب في شدة على الأض قال الأرنب :
ـ " يا لله !! ألا تنظر إلى أين أنت مندفع ؟ أعتقد أنك آذيتني وقضمت ذيلي ";
هكذا صرخ الأرنب
بيني " Benny
" اعتذر له هنري وهو يمسح رأسه :
ـ " إني أسف أشد الأسف ، فلم أقصد أن أندفع إليك لإيذائك ، والإضرار بك " .
فتساءل بيني :
ـ " ما الذي كنت تفعله بالضبط دون اهتمام أو اكتراث ؟ " .
فأجاب هنري :
ـ " لقد كنت أتعقبك فأنا كلب صيد " .
فقال بني في سخرية وتعجب :
ـ " يظهر أن الصيد أصبح مهزلة . هل يمكن أن أتتبع آثار الحيوانات معك ؟ هل يمكن أن أشترك معك في الصيد ؟ " .
فوافقق هنري مرحبا :
ـ " حسنا لا مانع عندي بشرط أن أكون أنا المسئول الأول وأنت مساعدي " .
وأجاب بني :
ـ " هذا حسن بالنسبة لي ، من أين نبدأ وماذا نفعل ؟ " .
فحك هنري رأسه قائلا :
ـ " أعتقد أننا يجب أن نبدأ من هنا ، ساعدني في البحث عن مزيد من آثار الأقدام ، لقد وعدت أمي أن أحضر معي صيدا للغداء " .
وبدأ كلب الصيد ورفيقه في البحث عن آثار أقدام ، لقد بحثا حول الصخور والأشجار ، وأخذا يدسان أنفهما بين الأشجار والشجيرات المتشابكة .
وأخيرا صاحت الأرنب بيني :
ـ " هنري انظر ... تعال هنا ... لقد وجدت بعض الآثار " .
فاندفع هنري بسرعة نحو صديقه الجديد ، وحينما نظر إلى آثار الأقدام بدأ عليه العبوث ، وهز رأسه ... لقد ظهر أن بنين أرنب غبي لا يصلح أن يكون صيادا ... وغمغم هنري إنها آثار أقدامنا . وغص بيني بريقه ، وهز كتفيه ، ماذا يستطيع أن يقول ؟ على أية حال إنه أرنب وليس كلب صيد " .
وسار الصديقان ساعة ، وبعد ساعة أو ساعتين أخذا يبحثان عن آثار أقدام .
وأخيرا ... اكتشف هنري آثار أقدام جديدة في الطين . إنها ليست آثار أقدام هنري ، ولا آثار أقدام صديقه بيني . فلمن تكون هذه الآثار إذا ؟ .
ولم يجد واحد منهما إجابة على هذا السؤال .
واقترح هنري أن يتتبعاها ، وهز رأسه واندفع الصيادان : هنري في الأمام وبيني يتبعه . وتوغلوا داخل الغابة يتعقبان هذه الآثار .
وفجأة : توقفت آثار الأقدام أسفل جذع شجرة ، ولم يتجه الصديقان شمال الشجرة ، ولم يذهبا إلى يمينها ... إنهما لم يتحركا إلى أي مكان ... كل ما فعلاه أنهما توقفا ، وبدأ الأمر كما لو أن صاحب آثار الأقدام هذه قد تلاشت في الهواء الرقيق .
وتوجه بيني بالسؤال إلى هنري ودار بينهما الحوار الأتي :
ـ حسنا أين هو ؟
ـ من هو ؟
ـ الشخص الذي طبع بأقدامه هذه الآثار ؟
ـ لا أعرف .
ـ يجب أن تعرف إنك كلب صيد ... إنك كلب صيد .
وفجأة سقط غصن من الشجرة على رأس هنري فنظر إلى أعلى ورأى راكون " Raccoon " يحلق فيهما .
وسأل رورني راكون ، هل تبحثان عني ؟
وصاح بني :
ـ " لقد جئنا لنصيدك ... لقد تتبعنا آثرك ، هذا هو هنري كلب الصيد وأنا مساعده " .
فرد رورني :
ـ " يظهر أن الصيد أصبح مهزلة هل أستطيع أن أكون مساعدا آخر لهنري ؟ "
أجاب هنري :
ـ " أظن ذلك " .
... فإنا علينا أن نبحث عن آثار أقدام جديدة . لقد وعدت أمي أن أحضر شيئا معي للغداء .
وثب رورني من فوق الشجرة وحينما استقر على الأرض نظر حوله وصاح :
ـ " إني أرى هنا آثار أقدام ... إنها ليست آثار أقدامي " .
ونظر هنري غلى هذه الأقدام وصاح :
ـ " وليست كذلك آثار أقدام نيبي .. وبالتأكيد ليست آثار أقدامي " .
ومن خلال أغصان شجرة قريبة من أشجار اللوز صدر صوت يقول :
ـ " إنها أقدام سنجاب ... إنها آثار أقدام ... لقد سمعت أنكم ذاهبون جميعا إلى الصيد ، هل أستطيع أن أذهب معكم " .
ورحب الجميع بالسنجاب سيدني " Sidney " وقال بيني :
ـ " ساعدنا في أي صيد يستطيع هنري أن يحمله معه إلى امه من أجل الغداء " .
ووثب سيدني من فوق الشجرة ، ومشى الأربعة يبحثون هن آثار أقدام في الغابة كلها إلى ما بعد الظهر ، ولكنهم لم يجدوا أي آثر .
وبدات الشمس تختفي خلف قمم الجبال حيث تنهد هنري وقال :
ـ " إنه وقت عودتي إلى البيت . لقد خرجت من أجل الصيد طلية النهار ، ولكني لم أصد أي شيء أحمله معي إلى البيت من أجل الغداء . نعم لقد فعلت ومالوا جميعا برءوسهم على هنري وهمسوا بكلمات في أذنه " .
وابتسم هنري ـ كلب الصيد ـ وهز رأسه موافقا ، وجرى نحو البيت يتبعه أصدقاؤه الثلاثة .
وحينما رآه أبواه قادما فتحا الباب الأمامي ، ووقف كلب الصيد أمام أبويه ، ووراءه وقف أصدقاءه الثلاثة .
وسأله أبوه :
ـ " حسنا يا كلب الصيد ، ما الذي أحضرته إلى البيت للغداء ؟ " .
وابتسم هنري ابتسامة عريضة وقال :
ـ " لقد أحضرت أصدقائي الثلاثة للغداء " .
وضحكت أمه وقالت :
ـ " تعالوا جميعا من حسن الحظ أنني طبخت طبقا كبيرا من الخضار " .