الكلب الذي لا يملك ذيلا
الكلب الذي لا يملك ذيلا
( The Puppy Who Had No Tail)
ترجمة: أ.د/
جابر قميحةمن قصص الأطفال
الغربية
من كتاب :
(The Big Story Book)
كان راندي ( Randy ) كلبا صغيرا سعيدا في حياته ؛ فمالكه هو الصبي براين (Braun ) يحبه جدا ويقربه دائما إليه .
وذات يوم كان راندي يلعب أمام منزل سيده ، حين فوجئ بكلب ضخم من نوع ( البلدج ) ( bulldog ) يمر به ، فسأله في صوت عميق أجش :
ـ من أنت ؟ !
ـ اسمي راندي . وأنت ؟ ... من أنت ؟
ـ أنا سيد كلاب هذه المنظقة . وحينما أكون غاضبا أنبح هكذا ...
وألقى البلدج رأسه الضخم إلى الخلف وأخذ ينبح بشدة وقوة .
وأراد راندي المسكين أن يستدير ويجري إلى بيته الصغير حينما سمع هذا النباح الضاري ، ولكنه بقي في مكانه ، وقال في نفسه :
ـ " فأنا لم أمكن كلب عجوزا كهذا أن يدفعني إلى الهرب ، حتى لو كان سيد كلاب المنطقة ، وسأريه من أنا . "
ورد عليه راندي بصوت عال قائلا :
ـ " وأنا حينما أغضب ... أنبح هكذا .... " ورفع رأسه الصغير إلى الخلف وأخذ ينبح بأعلى ما يستطيع ، ولم يكن نباحه في قوة نباح البلدج ، ولكنه نباح على أية حال .
فقال البلدج :
ـ " وحينما أكون جوعان استخرج عظمة هكذا ... " .
ـ " وأنا حينما أكون جوعان استخرج عظمة لطعامي من الأرض ... هكذا...".
وأخذ ينبش الأرض بأظافره الأمامية الصغيرة ، إلى أن جذب عظمة هزيلة بأنيابه الصغيرة ... وطبعا لم تكن في حجم عظمة البلدج ولكنها عظمة على أية حال .
وقال البلدج :
ـ " وحينما أشعر بالسعادة أهز ذيلي يمينا وشمالا هكذا " .
وأخذ يهز ذيله في الهواء ... إنه أصغر ذيل رآه راندي في حياته .
قال راندي :
ـ " وأنا حينما أشعر بالسعادة " .
وتوقف عن الكلام وألقى نظرة على مؤخرته . لا شيء هناك ... راندي لا يستطع هز ذيله ... لسبب بسيط وهو أنه ... لا ذيل له .
وأخذ البلدج يضحك من أعماقه ... صحيح إن ذيله ليس في طول ذيول الكلاب الآخرى ... ولكنه ذيل على كل حال .
وقال البلدج لراندي وهو يهم بالانصراف :
ـ " هذا درس بسيط حتى تتعلم كيف تتحدث مع سيد كلاب المنطقة " .
وسحب راندي نفسه في صمت إلى بيته ولم يغادره بقية النهار وقال في نفسه:
ـ " إنني أستحي أن ألعب بعد ذلك مع الكلاب الأخرى ، وأخجل أن أطارد قطة في هذه الساحة ، بل إنني لأستحي أن أتناول الطعام اللذيذ الذي يقدمه إلي سيدي براين . ألا ما أبأس الكلب الذي يعيش بلا ذيل .
وطبعا أشاع البلدج بين كلاب المنطقة حكاية الكلب الصغير الذي لا ذيل له ، ولم يكن واحد منها قد لاحظ من قبل هذه الحقيقة ، أما بعد أن اكتشفوا ذلك نظروا إلى المسالة على أنها مضحكة ومسلية ، وصاحوا جميعا :
ـ" لم يسمع أحد من قبل أن هناك كلبا يعيش بلا ذيل " .
وبصوت عال أخذوا يضحكون ، ويقهقهون حتى إن صدى الضحك العالي طرق سمع راندي في بيته .
ـ " لقد علم الجميع بحالي ... لقد قررت ألا أغادر بيتي إلا إذا نما لي ذيل " .
ولم تكن مسالة الذيل هذه تهم براين ( مالك الكلب ) ، فهو يحب كلبه راندي سواء أكان له ذيل ، أو بلا ذيل على الإطلاق ، لذلك خاطب كلبه قائلا :
ـ " أخرج وتناول غداءك ، وأنت لست في حاجة إلى ذيل تهزه للتعبير عن سعادتك عند لقائي ... فأنا اكتشفت أنك سعيد حينما تخرج لسانك وتحركه عند عودتي من المدرسة . وأنا أعرف أنك سعيد من بريق عينيك حينما أضع أمامك وجبة الغداء ، وأنا أعرف أنك سعيد من نظراتك الجميلة حينما ألعب معك " .
ولكن راندي غطى أنفه وعينيه بقدميه ، ولم يتزحزح من مكانه ؛ إنه يرى أن سيده براين لا يفهم قدر المأساة ، لأنه طفل آدمي ، الآدميون يعيشون بلا ذيول ، لذلك لا يدركون معنى أن يعيش كلب بلا ذيل .
ودارت الأفكار والخواطر في نفس راندي :
ـ " إن الدببة تستطيع أن تحرك ألسنتها للتعبير عن سعادتها . والقطط تستطيع أن تملأ عيونها بالبريق إذا ما كانت سعيدة ، وأي حيوان يستطيع أن يقفز إلى اعلى وأسفل إذا كان سعيدا . ولكن الكلاب ـ وحدها ـ هي التي تهز ذيولها للتعبير عن فرحها وسعادتها .
آه ... ما أبأس الكلب الذي يعيش بلا ذيل " .
ودخل الظلام وراندي مازال حبيسا في مسكنه ، وبدأ ( براين ) يتساءل : ما إذا كان كلبه قد خرج وتناول غداءه أم لا ؟ .
وصاح في براندي وهو راقد في مسكنه قائلا :
ـ " ما قيمة الذيل لصاحبه ؟ إنه قد يصاب ، أو ينقطع حينما يحشر في الباب ، أو وأنت تجري بين الأشجار ، أو قد تلتهمه قطة شرسة وهي تطاردك . إنك محظوظ لأنك بلا ذيل هل تسمع ما أقول ؟ ... إنك محظوظ ... محظوظ " .
وسمع راندي ما قاله سيده ( براين ) ، ولكنه لم يصدق ، ولم يؤمن بكلمة مما قال . وقال في نفسه :
ـ " صحيح هناك مشكلات ترتبط بالذيل ، ولكن هناك مزايا متعددة له ، فبغير ذيل لا يكون الكلب كلبا ... آه ما أبأس الكلب الذي يعيش بلا ذيل ! " .
وحينئذ قال براين في ضيق شديد :
ـ " لقد بذلت أقصى جهدي ... فافعل ما تشاء ، وتستطيع أن تبقى في بيتك طوال العام ، أما أنا فذاهب لأنام ".
وبمعدة خاوية تمدد راندي المسكين ، وسرعان ما راح في نوم عميق ، وطيلة الليل كان يرى ـ في حلمه الطويل ـ الذيول الكبيرة تهتز يمينا وشمالا أمام أنفه ، وفي صباح اليوم التالي استيقظ راندي من نومه وهو يشعر بفتور في جسده وأعضائه ، إن شيئا ما حدث له أثناء الليل ، ولكن راندي لا يعرف على وجه التحديد ما حدث له .
وزحف ببطء خارج بيته ، ونظر إلى خياله في بركة ماء صغيرة كونها المطر ... فرأى شيئا غريبا ... رأى ورما أو بروزا صغيرا في مؤخرة عموده الفقري فوق رجليه الخلفيتين ، فساءل نفسه :
ـ " ماذا يعني هذا البروز ؟ أهو تورم بسبب نومي الطويل في بيتي الصغير ؟ أم لسعتني نحلة وأنا نائم دون أن أشعر ؟
وفجأة خطر في ذهنه التعليل الصحيح لما حدث ، فصاح بأعلى صوته :
ـ " إن هذا التورم بداية جذر لذيل سينمو تدريجيا ... وإلا فما هو ؟ !! .
وأتى براين ورأى البروز في مؤخرة راندي فابتهجت نفسه وقال :
ـ " إن علينا أن نراقب هذا التورم بعناية فإذا ما نما ... ونما عرفنا أنه بداية ذيل ، وليس شيئا آخر " .
لذلك راقباه جيدا ، فكل صباح كان براين يقيس البروز ، وفي اليوم التالي ازداد البروز نموا ، وفي اليوم الثالث نما البروز عن ذي قبل ، وفي اليوم الرابع لم يعد البروز مجرد تورم عادي . وفي اليوم الخامس أصبح البروز ذيلا قصيرا حقيقيا. وشعر راندي بالسعادة ... أخيرا أصبح له ذيل . ومشى يذرع المنطقة ويهز ذيله الجديد لكل من ينظر إليه ، لقد هز ذيله لموزع الباريد ، وهز ذيله للأطفال الصغار الذين يلعبون في الشارع ، وهز ذيله حتى للرجل العابس السيء الطبع : مستر فلنن فيس الذي كان يهذب أشجار حديقته بمقصه الكبير . وطبعا هز ذيله أمام كل كلب يقابله من كلاب المنطقة .
ولكنه هزه مرات ومرات ... وبطريقة رائعة أمام كلب البلدج الكبير الذي تحداه من قبل ، وضايقه ، وسخر منه .
وحينما عاد إلى البيت ـ حيث كان صاحبه براين ـ كان ذيله مازال يهتز يمينا وشمالا ، وقال في نفسه وصاحبه يحمله بين ذراعيه :
ـ " إنني أسعد كلب في الوجود ابتداء من الآن " .
فقال براين :
ـ " أوه ... ما أجملك يا كلبي العزيز بذيلك الجديد هذا " .