في سورية حرب دينية لا أهلية
في سورية حرب دينية لا أهلية
صحف عبرية : يديعوت 22/4/2012
عُرض الصراع في سوريا الى اليوم على أنه شأن سوري داخلي متردد بين حرب أهلية أو انتفاضة شعبية، لا تُعنى الدول المجاورة بالتدخل فيه. بيد ان الواقع الذي أخذ ينشأ يغير هذا الصراع من الأساس.
الحديث عن صراع سني شيعي ضخم يتم التعبير عنه على الارض السورية، لكن جميع الأطراف المسلمة تقريبا مشاركة فيه سواء أأرادت أم لم تُرد. وهو صراع عمره نحو من 1300 سنة كان نائما في مئات سني الدولة العثمانية السنية وفي 100 سنة قومية جديدة في المنطقة أخذ يتبين أكثر فأكثر أنها نوع من ظاهرة متكلفة. ان 85 في المائة من المسلمين سنيون ونحوا من 15 في المائة فقط شيعة، وفي العقد الأخير إثر سقوط السنيين في العراق ارتفع الشيعة وأرادوا ان يُعرفوا الشرق الاوسط والآن يعود السنيون ويطلبون مكانهم الطبيعي.
في هذه الازمة الكبيرة يقوم الطرفان مستعدين للمجابهة الكبيرة التي ستنشأ بعد، ففي الجانب السني تركيا والسعودية وقطر والاكراد (الذين ربما يحظون بذلك بتأييد السنيين لدولتهم المستقلة التي أخذت تقترب) وكل دول الخليج الفارسي العربية. وفي المقابل، في الجانب الشيعي ايران والعراق وسوريا (العلويون الذين يُمسكون بزمام السلطة في سوريا يعتبرون امتدادا للشيعة) وحزب الله.
ان أكثر العناصر الشيعية السنية صارت موجودة في وضع تصعيد. فتركيا مثلا في مواجهة العراق (اتهم نوري المالكي، رئيس الحكومة الشيعي للعراق، اردوغان بأنه يعمل عن بواعث 'طائفية'، أي بواعث سنية) أو تركيا في مواجهة ايران. ولهذا فان تحارب هذه العناصر بالفعل مسألة وقت. وما أُسمي تهكما 'الربيع العربي' هو اذا عودة السنيين الى أعلى وانخفاض الشيعة، كما كان ارتفاع دين الاسلام حاكما سياسيا على حساب القومية المتراجعة. والدين على حساب الدولة. ان الصراع السوري أصبح منذ زمن دوليا واقليميا لأنه انفجر هناك الصراع الاسلامي الداخلي في حين أصبح الشرق الاوسط أكثر تدينا ولهذا زادت أهمية الشقاق السني الشيعي.
من المهم ان نذكر أن هذا المُعرّف الديني يتجاوز الهويات العرقية أو القومية، وهكذا يجد العرب أنفسهم في صف واحد مع الاتراك ويجد عرب آخرون في المقابل أنفسهم مع الفُرس. ويرى الطرفان هذه المواجهة مصيرية لمستقبلهم، ويمكن الآن أن نفهم ان ايران التي تسعى الى قوة ذرية تعنى بها لمواجهة السنيين الذين تراهم تهديدا لوجودها. وهي تستعمل اسرائيل ذريعة لصرف الانتباه الى الخارج، لكنها تفكر بالفعل في السنيين وفي الاختلاف الاسلامي الداخلي. وفي مقابل ذلك نشأ عند السنيين العرب تشويه شيطاني لصورة الفرس وحلفائهم وهو ما يعني ان هذا الصراع أخذ يصبح طويلا وقاسيا.
ان أصداءه موجودة في كل مكان في الشرق الاوسط: في البحرين حيث أخذ الصراع السني الشيعي يشوش على سباق للسيارات؛ وعند حزب الله الذي خسر عالمه في العالم العربي بسبب تأييده الأعمى للاسد؛ أو في العراق الذي يتفكك بسبب التوتر السني الشيعي. والأقلية السنية في العراق تستعد هي نفسها لكيان سياسي سني مستقل داخل العراق يسمونه صلاح الدين الى جانب دولة كردية (سنية) مستقلة.
ضاع الفلسطينيون في هذا الصراع الذي يمزقهم بين المعسكرين. فحماس والجهاد يؤيدان الجانب الشيعي (وإن تكن أجزاء من حماس انتقلت الى المعسكر السني في تحدي)، في حين تقوم السلطة الفلسطينية في الجانب السني.
من السهل ان نفهم الآن كم هو هامشي الصراع المختلق مع اسرائيل الذي عمره أقل من 100 سنة في مقابل الصراع القابل للانفجار بين السنيين والشيعة المستمر منذ القرن السابع للميلاد. ليس أمامنا صراع سوري داخلي كما يعتقد فريق في اسرائيل بل فوضى دينية عامة في الشرق الاوسط ما تزال كلها أمامنا ولا تتعلق بإسرائيل ألبتة، وهذا جيد.