في الطريق إلى حلب
نضال نجار
قادما من حماه أو اللاذقية في موكب تحتشد فيه
اشجار التفاح والتين والزيتون والفستق ......
كل شجرة سرير ويهمس الظل؛
خذني ايها النهار ، وأغطيك بعذوبتي
اما الغصن فيوشوش؛ خذني ايها الليل واوشحك بدفئي
ومطلقا اسئلتك ، لن تقلق هذي الكائنات الترتاح تحت الاخضرار
والتي تؤوي الفستق.........
في الطريق؛؛؛ شاهدت الايام تنتصب فوق السهول كسرب من العصافير
التبني اعشاشها
الأشجار كانت الواحدة تلو الاخرى تنحني لتحية الأجنحة........
لو استطعت ـ ايتها المروج ـ أن أحدثك ثغرا لثغر .. عن روح التاريخ اليهدر في عروقي
لو استطيع حمل غصن زيتون لأكلل الشمس ...........
في الطريق
المواويل والاناشيد تهدر من حناجر اهالي الريف
وهي مزيج من الحزن والفرح ..
ثم .. القدود الحلبية ، خاصية هذي المدينة .......
... الأدوار والموشحات .. القصائد والقوافي...
ثم انتقلت من مقام لآخر عابرا النغمات الاثنا عشر..........
غير مبالٍ بهدير السيارة التي كانت تقلني ملتهمة سواد الاسفلت
كنت مستغرقا في الموسيقى التي عزفتها التلال... الحقول.. القرى.. وأنا أتأمل المشهد
على شكل ناي أو عود أو قانون... ناياتٌ.. دفوفٌ.. ومزاهر.......... تنبت من الاصابع.
ماجعلني اتخيل الاشجار جوقة للغناء والرقص............
كيف ستقابل هذي المدينة ـ حلب ـ ذات السبعة الاف عام في الذاكرة؟؟..
الاعوام دفعتني لتذكر الحجارة الكلسية .. البيضاء ، الصفراء والسوداء ..
بينما وجدتها على الواجهات والقناطر والاعمدة التناثرت على السطوح....
هذي رسائل ابجديات الماضي..............
حلب... مجموعة من الاسماء التي بمجملها تشكل حجر الاساس للمدينة..
" خالمان " وفق رُقُم ايبلا ......
" خلابة " وفق رُقُم ماري...
" بيرويا " مسقط رأس والد الاسكندر المقدوني.......
قلتُ لنفسي :
وعلى غرار الاسكندر الذي استأذن ارسطو للبقاء في حلب لغاية الاستشفاء،
يخطر على ذهني الآن أن اتفهم سبب قدومه الى هنا كما اولاده الذين ترعرعوا
فيها وتعلموا حقيقة صفاء ونقاوة الرمز :
المتنبي... الفارابي.... الحمداني... البحتري... المعري... السهروردي... الصنوبري....
القديس افرام ... فرانسيس المراش... الكواكبي... عمر ابو ريشة... اورخان ميسر...
فاتح المدرس.. علي ناصر... سامي شوا.................. الخ
كذلك يعكس التاريخ ضوء الحقيقة وينشر ايضا غيوما من الغبار........
اذكر كتابة منقوشة...
لن تدخل الاشياء الا حين تغوص في اعماقك.............
هل ينبغي أن انقب المدينة لاتحدث عنها وكأني اسبر جسدي لاعبّر عما فيه؟؟؟
للحقيقة أقول:
تفاحة حواء وآدم ،، ليست سرير الغواية المشترك وحسب ..........
التاريخ أيضا له تفاحته...........