منير مزيد شاعر الحب
مدّاح الجمال
بقلم الشاعر الفرنسي: اتانيس فانتسيف دي ذراكي
ترجمها من الفرنسية: د.المولدي فروج
لماذا وجد هذا الشيء إن لم يكن له سبب الوجود؟ بهذا السؤال الميتافيزيقي للكبير فرناندو باسوا استهل مقدمة موجزة لديوان منير مزيد -صور في الذاكرة –
. نعم ، ان كان هذا العالم مجرّد سراب فما الحاجة من وجوده؟ و لماذا انغمسنا فيه إلى درجة اعتبار كل ما عجزنا عن تفكيكه وهما؟ و لماذا نتأمل الوجوه الحارقة من حياتنا الخيالية و نهمل المتفرقات اللامتناهية للوجود التي تطرح مساحاتها الشاسعة إمام أعيننا؟
التأمل والإثارة والإجلال الدفين كلها أشياء يجب أن تخصص للعالم الحقيقي، هذا العالم الذي يغمره الضوء الصافي و المتوهّج و الحياتي الأصيل الذي يترجم جمالية الإحساس في كل ذات . . .
هل نستطيع أن نتركها على الله و نحيد نماما عن الطبيعة دون أن نغضب خالقها بلامبالاتنا؟
نعم، يمضي كل شيء و يتبخر و يغيب و ما علينا إلا أن نترك يوما ما الشيء الذي أحببناه طويلا
هكذا نتركه بكل حسرة و مرارة و لكن هل يمنعنا هذا الشعور من أن نعيش وبضراوة، الحياة التي وهبنا الله إياها ؟ طبعا لا
للحياة جوانب سحرية عديدة تمنحنا الكثير من الفرح. و الفرح انفتاح القلب و العقل على الخير الذي تمنحه لناالطبيعة و إذا كانت الأسطوري يشكك في الله فالشعراء يمنحون حرارتهم و رؤاهم و
عصارة تأملاتهم للعالم . .
الشاعر ، و منذ القدم، حمال قدسية تمنحه الحق في نشر الحب الذي يتفاعل في الروح و في القلب و في كل الجسد الشاعر ، و منذ القدم، حمال قدسية تمنحه الحق في نشر الحب الذي يتفاعل في الروح و في القلب و في كل الجسد . .
الحب هو النهج الوحيد الذي يجمع المحب و المحبوب حيث يوجد الحب و حيث تذهب الأنظار كما
قال سان اوقيستان و الحب ليس إلا رواية قلب وهو المتعة التي تفتح التاريخ كما قال الكونت الما قيقا في العقد الخامس من زواج فيقارو دي بومارشي. هذا الحب الخالص تتغنى به المجموعة الشعرية للشاعر العربي منير مزيد المخطوطة باللغة الانجليزية .فجاءت القصائد مرشحة بحس مرهف و سخي من محب عاشق للجلالة. .
يتغنى الشاعر في قصائده بكل جميل و مشتهى، بأسلوب لا يرقى الشك إلى سلاسته و رغم أن القصائد مكتوبة باللغة الانكليزية فإنها قد رضعت أساسا من جذورها العربية الغنية والمعطاء عبر العصور.
ينساب فيها الماضي نهرا لا ينصب و يستجمع فيها الشاعر الزمن من الحلم ويلج داخله بطريقة جد أصيلة وبتفتق معتق. فتجد حماسته و تجد أفكاره المتهاطلة ينابيعها في قلب مفعم بالحب لا يكاد يخلو منه بيت واحد من قصائده . .إن روح الشاعر الشفافة تغذي كلماته الغزلية فيبدو الاكتمال بلا نهاية و ينفلت منه الزمن في نشيد من الجمال المعتق و الارستقراطي . و يبدو أن منير مزيد في راحة سواء كان يعايش الحلم أو اليقظة التي يسعى إلى بلوغها وتكون قصائده أغان خالدة للحياة والكمال والأفكار النيرة مكسوة بغطاء شفاف من الوضوح يداوي بها الشاعر جراحات سفره في عوالم الآلهة بحروف وهاجة . . و للشاعر منير مزيد نفس شعري رطب نلمحه كجحافل مضيئة في ليل دامس.
أما قصائده القصيرة فلها قوة البحار الهائجة فكأنّ منير مزيد يدرك أن الاكتمال موجود في التفاصيل
الصغيرة فلا يهملها بل إلى اكتشاف أغوارها. . قلما تفطن إليه غيره من الشعراء لصعوبة البحث
والكشف و هتك المستور منها و لكنه بحث محفوف بصعوبة و بلذة وبمنعة كبيرة . .
أحبّ الفضاءات المقفرة وجحافلها وأحب أقواس القزح وهي تلامس الأفق بألوانها لأنها يرى فيها حبيباتي. .
هكذا يقول الشاعر فإلى هذا الأفق يمضي به الخيال فتتجسد أحاسيسه وتضيء حرارته و تستفيق أحزانه و تتضح ظلاله الوحيدة لكن ما عسى أن يكون الشاعر وهو المدرك انه محب يتغنى في فضاء معطر بقبل الأحبة .