الشيرازي من أسر إلى أسر
زهير سالم
روى الشيرازي في ورضة الورد فقال:
(اعتراني ملل من صحبة إخواني في دمشق، فخرجتُ هائماً على وجهي في بادية القدس،
وأَنست بصحبة الوحش بعد صحبة الإنس ؛ ولكني وقعت أسيراً بيد الإفرنج فأصبحت أشتغل
بالطين مع اليهود في خندق طرابلس. حتى مرّ بي أحد رؤساء حلب وكان بيننا سابق معرفة
فقال لي: ما هذه الحال ؟ وكيف صرت إلى هذا المآل ؟ فقلت:
قطعة
هربت إلى الصحراء عن صحبة الورى إلـى الله لا أبغـي سـواه أنيسـا
تصور بهـذا الوقـت ما هـي حالتـي مع البهم في الإسطبل صرت حبيسا
..........................
بيت
الرجل في القيد عند الأصدقاء ولا رياضـة في جنان عند أعدائـي
فرحمني ورق لحالي وافتداني من أسر الفرنجة بعشرة دنانير، وأخذني معه إلى حلب. وكانت له ابنة فعقد لي نكاحها بمائة دينار، وبعد أن بنيت بها ظهر لي أنها سيئة الطبع مجبولة على العناد، مخلوعة العنان سليطة اللسان فنغّصت علي عيشي وكأنما عناها الراجز بقوله:
سيئة الخلق بدار الخير جهنم من قبل يوم المحشر
حذار من أمثالها حذار وقل: قنا رب عذاب النار
وذات مرة أطالت بي لسانها واستمرت تقول: ألست أنت ذلك الذي اشتراك أبي فأعتقك من قيد الفرنجة بعشرة دنانير فقلت: بلى هو الذي اشتراني بذلك المقدار ولكنه أوقعني بأسر يديك بمائة دينار.
قطعة
رأى سيـد كبشاً بأنيـاب أطلس فخلصه عند الأصيـل مـن الكـرب
وعند المسا سمى وأزهق روحه فصاحت، وقد طارت إلى الله: ما ذنبي
أيا منقذي من مخلب الذنب رحمة لقد عدت عقبى الأمر من شقوتي ذنبي