سوريا: مناطق آمنة بالاسم فقط
هوفنغتون بوست
21\8\2015
كثرت التكهنات حول الكيفية التي تنوي فيها كل من الولايات المتحدة وتركيا فرض "منطقة آمنة" شمال سوريا, أو فيما إذا اتفقوا على ذلك من الأصل. في حين أكدت التصريحات الصادرة عن الولايات المتحدة بأن الهدف هو تطهير المنطقة من قوات داعش المتطرفة على طول الحدود التركية, إلا أن وزير الخارجية التركي ميفلو جاويش أوغلو قال:" عندما يتم تطهير الأراضي شمال سوريا من تهدد داعش, فإن المناطق الآمنة سوف تشغل بصورة طبيعية, حيث سوف يعود إليها الناس الذين شردوا إلى هذه المناطق الآمنة".
يبدو أن الطرفين لم يتفقوا على الكيفية التي سوف تنشأ فيها مثل هذه المناطق والحفاظ عليها آمنة, أو كيف سوف تشغل "طبيعيا" بالنازحين" وكيفية عودة اللاجئين.
في حين أن هدف الولايات المتحدة العسكري هو البحث عن موطئ قدم لمواجهة داعش, فإن تركيا ليها هتمامات أخرى, تتضمن قلقها من إمكانية ظهور كيان ذو حكم ذاتي آخر للأكراد على حدودها والكلفة الهائلة المستمرة لاستضافة هذا العدد الهائل من اللاجئين. منذ أن بدأ الصراع عام 2011, تقبلت تركيا عددا ملفتا من اللاجئين السوريين. لا تستضيف تركيا حاليا أكبر عدد من اللاجئين السوريين, فقط ولكن أصبح لديها أكبر عدد من اللاجئين مقارنة بأي دولة أخرى في العالم.
يشعر الشعب التركي بقلق متزايد من دور بلادهم المتزايد كمستقبل للاجئين. لا يمكن للحكومة المساعدة ولكنها قلقة حيال إمكانية استمرار تدفق اللاجئين بالنظر إلى انخفاض إمكانية الوصول إلى حل سياسي من قبل أطراف الصراع في سوريا ووجود ما لا يقل عن 7.5 نازح لا زالوا داخل سوريا.
لذلك, فإن عدم الاتفاق مع الحكومة الأمريكية على نقاط معينة يمكن أن يردع تركيا عن استمرار الحديث عن إيجابيات "المنطقة الآمنة". قال الرئيس رجب طيب أردوغان :" تطهير المنطقة من جميع عناصر التهديد وإنشاء منطقة آمنة يؤسس لعودة 1.7 مليون لاجئ سوريا"
من جهتها, وبينما ركزت الولايات المتحدة التزامها على دعم منطقة خالية من داعش على الجانب التركي من الحدود, إلا أنها رفضت قطعيا وضع قوات أمريكية على الأرض أو الإعلان عن فرض منطقة حظر طيران. بالتأكيد, فإن أي منطقة يطلق عليها منطقة آمنة تستمر بالسماح لمروحيات الأسد بإلقاء البراميل المتفجرة لن تكون جديرة بهذا الاسم. ولكن إدارة أوباما لم ترفض المنطقة الآمنة قطعيا شفويا على الأقل. ورد عن مسئول أمريكي رفيع قوله لصحيفة بأن :" الفكرة من المنطقة الآمنة أو سمها ما شئت, هو إخراج داعش من المنطقة".
أو سمها ما شئت". حقا ؟
استخدام لغة إنسانية غامضة للتعتيم على مبادرة عسكرية ليس بالأمر المؤذي. إن إطلاق اسم منطقة آمنة على أي مكان يدور فيه صراع أمر هام فعلا. معاهدات جنيف, أحد أهم المصادر الأساسية لقوانين الحرب, تستخدم مصطلحات محددة مثل "منطقة محايدة" و "منطقة آمنة" لوصف أماكن مثل المستشفيات لتكون محايدة ومنزوعة السلاح, وبالتالي مناطق آمنة أمر يجب أن تحترمها جميع أطراف الصراع. عندما تعلن أماكن معينة بأنها مناطق آمنة لا تلب هذه المعايير, كما كان عليه الحال في سربرنتيشا في حرب البلقان في التسعينات – التي تحولت إلى أسوأ فظاعة ترتكب في تاريخ أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية, فإن الإعلان عنها بأنها مناطق آمنة تؤمن حماية حقيقية أدى إلى وقوع الناس في أفخاخ الموت وعملت على تدفق اللاجئين بدلا من حماية المدنيين من الأذى.
يظهر التاريخ بأن الأمر ليس مجرد خطابات يمكن أن تلقى. نتفهم رغبة تركيا في التخفيف من عبئ اللاجئين الذي تحمله على عاتقها, ولكن الحل لا يتمثل في إنشاء منطقة آمنة بالاسم فقط تكون ذريعة لاحتواء اليائسين وتعريض حياتهم للخطر.
وسوم: العدد 631