إيران تخسر أهم قادتها في سوريا
بمساعدة الضربات الجوية الروسية, والمقاتلين الأجانب الذين تدعمهم إيران, ومزيج من قوات الدكتاتور السوري بشار الأسد النظامية والميليشيات يتم الاستعداد للهجوم. وذلك على الرغم من أن إيران تعرضت لخسائر كبيرة بين الرتب العالية لقادتها منذ بداية انخراطهم وانتشارهم في سوريا.
هذه الخسائر تساهم في رسم صورة الهجوم الحالي الذي شن في شمال غرب البلاد, في محافظات إدلب وحماة وحلب. في حين أن إيران عانت من خسائر أخرى في الماضي, إلا أن مقتل أعضاء بارزين كان أكثر تباعدا ومركزا على جماعة واحدة خلال معركة معينة. إذا كان الهدف هو تأمين دولة الأسد الساحلية, فإن كلفة ذلك سوف تكون باهظة بالنسبة للحليف الإيراني للأسد.
أبرز ضحية معروفة لطهران في سوريا كان الضابط في الحرس الجمهوري الإيراني العميد حسين همداني الذي يبلغ ال 67 من العمر. حيث أعلن عن مقتله في 9 أكتوبر وذكر أن ذلك تم في حلب. رسميا, وصف الرجل من قبل الإيرانيين بأنه "مستشار عسكري بارز" للأسد. ولكن الاكتفاء بذكر أن "همداني" كان مجرد مستشار, يعادل أن تقول أن نابليون كان مجرد "ضابط فرنسي".
همداني ولعقود كان مؤمنا حقيقيا بثورة آية الله الخميني الإسلامية المتطرفة في إيران. في الأيام الأولى لجهورية إيران الإسلامية وكحال زعيمه, قائد قوة القدس التابعة للحرس الثوري, قاسم سليماني, تلقى همداني (معموديته) في قتال التمرد في كردستان الإيرانية والقتال في الحرب الإيرانية- العراقية. إضف إلى ذلك, أنه شغل منصب نائب قائد للميلشيا الإيرانية التابعة للحرس الثورة التي تعرف باسم "الباسيج". مؤخرا, اعتبر همداني من الشخصيات الرئيسة التي ساهمت في قمع الحركة الخضراء, التي تظاهرت ضد الانتخابات الرئاسية المزورة عام 2009. وفقا لما ذكرته إيران, فإن همداني ذهب للخدمة في مدينة النجف في العراق.
كما كان همداني من أكبر الشخصيات البارزة التابعة للحرس الثوري الإيراني العاملة في سوريا. في حين أن انخراط الحرس الثوري في سوريا أصبح أمرا معترفا به, إلا أن إيران عادة ما تموه وجودها هناك. ولكن, وفي مايو 2014, أعلن همداني تدخل الحرس الثوري في الصراع, وذهب إلى أبعد من ذلك حين أعلن أن عناصر من الحرس الثوري والباسيج سوف يرسلوا إلى سوريا. وقال في عام 2014 :" إننا نقاتل اليوم في سوريا في سبيل مصالح مشابهة لمصالح الثورة الإسلامية".
خبرة همداني في سوريا تتمثل في نشر الثورة الإسلامية الإيرانية وقتال العناصر المتمردة ودعم الرجال الأقوياء المحليين. في المقابلة الأخيرة التي أجريت معه, أشار قائد الحرس الثوري الإيراني بأنه وبمساعدة منه, فإن إيران لم تعد قادرة على نشر النفوذ الأيدولوجي الإيراني فقط, ولكن بناء قوات الأسد وهزيمة العناصر المناوئة للأسد أيضا. في نعي آخر, ذكر بأنه شارك في 80 عملية رئيسة للمساعدة أكثر في تحقيق هذه الأهداف.
مشيدا بالحرس الثوري والباسيج حول دورهم في التواجد الكبير لإيران في المنطقة عام 2014, قال همداني أمام جمع من مقاتلي الحرب الإيرانية العراقية القدامى :" نعلم أنه من خلال إنشائنا للباسيج فإن الطفل الثالث للثورة ولد في العراق بعد سوريا ولبنان. لم تعد إيران لوحدها من تقول الموت لأمريكان, كل الدول أصبحت متحدة وتهتف بهذا الشعار".
مع خسارة الهمداني جاءت خسارة عنصر قيادي رئيس من الحرس الثوري الإيراني, وهو عنصر لن يكون من السهل على إيران تعويضه. فهمداني لم يكن آخر قائد في الحرس الثوري يلاقي هذا المصير في سوريا خلال الأيام القليلة الماضية. في 12 أكتوبر, قتل عميدان في الحرس الثوري. حيث كان كل من فرشيد حسونيزاده وحامد مختاربند قائدين سابقين للواء الصابرين, على الترتيب.
في حين أقام حزب الله الذي يعتبر الذراع الأولى لإيران في لبنان كجماعة وكيلة احتفال تأبين كبير للهمداني, إلا أن حزب الله نفسه يعاني هو الآخر من خسائر على مستوى القيادات في سوريا.
كان حسان حسين الحاج (الملقب بأبو محمد \ الحاج ماهر) قائدا كبيرا في حزب الله وقد قتل في 10 أكتوبر, حيث وصفته صحيفة الأخبار الموالية لحزب الله بأنه " أبرز قادة المقاومة ( سواء في حزب الله أو في المنظمات الأخرى التي يسيطر عليها حزب الله)". كما أظهرت وكالة فارس الإخبارية التابعة للحرس الثوري دور الحاج ماهر مدعية أنه كان مشاركا في "أهم العمليات ... بتغطية روسية جوية".
أعلن عن مقتل الحاج على صفحات الشهداء التابعة لحزب الله وأخرى إعلامية موالية للأسد على الفيس بوك.
أظهرت صور ربما تعود إلى الثمانينات أو التسعينات الحاج وهو يتحدث مع السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله منذ عام 1992 عندما كانت لحيته سوداء. وذلك تأكيدا على أن الحاج كان من أوائل المناصرين لحزب الله, ابتداء من 1983 وقام بأول عملية له عام 1986. في يوليو 1993 وإبريل 1996, لعب دورا في عمليات حزب الله خلال عملية المحاسبة وعملية عناقيد الغضب الإسرائيلية. كما كان نشيطا عام 2006 في حرب حزب الله مع إسرائيل. كان هناك ادعاءات بأن الحاج "شارك بصورة مباشرة" في الكمين الذي تعرض له الجنود الإسرائيليون والذي قيل وقتها أنه تم فيه تعدي الحدود الإسرائيلية اللبنانية في أغسطس 2014.
قبل موقعه القيادي في إدلب, شغل الحاج منصب قياديا في منطقة القلمون. خلال حملة القلمون خاض معارك رئيسة في يبرود. بدأت المعركة في البلدة نهاية عام 2013 وانتهت في منتصف مارس 2014. كما قيل أيضا أنه قاتل في معارك داخلية في الغوطة الشرقية قرب دمشق.
بعد وقت وجيز على إعلان مقتل الحاج, أعلن عن مقتل مهدي حسن عبيد (الحاج أبو رضا) ليلة 12 أكتوبر. وفقا لصحيفة الديار المقربة من حليف حزب الله المعروف باسم الحزب الوطني السوري, فإن عبيد قاتل الإسرائيليين من المنطقة الأمنية جنوب لبنان, حتى انسحاب إسرائيل عام 2000. وقاتل إسرائيل مرة أخرى عام 2006. وأكدت الصحيفة بأنه التحق فيما بعد بالمعركة في سوريا لمواجهة ( المؤامرة الصهيونية الأمريكية) التي خطط لها الغرب لتدمير حزب الله.
على الرغم من رتبة عبيد والخلفية المحدودة المعروفة عنه, إلا أن مقتله يظهر بوضوح العمل الشاق الذي يواجهه حزب الله ووكلاء إيران خلال هجومهم الجديد. فهو, مثل الحاج, قتل في إدلب وفقا للتقارير.
في منتصف أكتوبر, قتل السيد علاء كساد الموسوي من حركة النجباء العراقية المدعومة من إيران في سوريا أيضا. حركة النجباء تتكون من مسلحين شيعة تستخدمهم إيران لإرسال المقاتلين إلى سوريا. خلال الصيف وبداية الخريف, صعدت الحركة من تجنيدها ونشرها للمقاتلين في سوريا.
مقتل الموسوي, وكحال العديد من العراقيين الشيعة الذين قتلوا في سوريا, استقبل بضجة أقل بكثير من نظرائه اللبنانيين أو الإيرانيين في وسائل الإعلام العربية أو الأجنبية. ساهم في ذلك أسلوب النعي الغامض الذي قامت به حركة النجباء. ادعت منشورات على الفيس بوك بأن قتل "وهو يدافع عن السيدة زينب في دمشق", وهي رواية معروفة لبيان سبب مقتل المحاربين الشيعة في سوريا.
ومع ذلك, فإن الحقيقة هو أن الموسوي كان يعتبر "قائدا شهيدا", حيث تبين فيما بعد أنه كان قائدا كبيرا للميليشيات الشيعية في حلب. ولتأكيد أهميته قامت قناة النجباء التابعة للميليشيا ببث مقاطع فيديو عن الموسوي أثناء إلقائه للمحاضرات وقيادته لمقاتلين آخرين.
الولاء والخبرات ومهارة القيادة, أمور من الصعب الحصول عليها بسهولة.
ومه استمرار الحرب في سوريا, فإن ظهور عناصر قيادية وكيلة لإيران أمر مؤكد. في جميع الأحوال, فإن خبرات هؤلاء القادة سوف تتشكل أكثر من خلال الظروف الطائفية المتطرفة والوحشية, وهو أمر ربما يقود إلى مزيد من التطرف. بالنسبة للحرس الثوري, فإن تربية قيادات جديدة للسيطرة على هذه العناصر سوف يواجه نفس المصاعب مع استمرار إيران في توسيع نطاق عملها في الشرق الأوسط.
بغض النظر, لدعم الأسد ولكي تظهر أن بوسعها التصرف على الأرض أمام حليفها الروسي, فإن طهران تخسر بعضا من أهم قياداتها العسكرية التي ساهمت في تشكيل شبكة عملاء الحرس الثوري التي تعمل على الأرض اليوم.
وسوم: 638