لهذا يبدأ السلام في الشرق الأوسط من السعودية
واشنطن بوست
سعي الولايات المتحدة خلف السلام في الشرق الأوسط أمر مزمن. هذا السعي كان دائما يواجه الفشل، مع أن كل إدارة أمريكية كانت تشعر أن من واجبها أن تحاول. وإدارة ترامب لا تمثل خروجا عن هذه القاعدة.
سوف تفشل أيضا. ومن المؤكد لم يحدث أي ضرر كبير حتى الآن من حماسة الرئيس ترامب لما سوف يكون "اتفاقا نهائيا". ومع ذلك فإن هذا الأمر سوف يعني الانتقاص من أي تقدم ملحوظ سوف يحرز في أماكن أخرى من الشرق الأوسط.
بدأ التقدم مع زيارة ترامب إلى السعودية، وهي الأولى في رئاسته، وهو ما شكل إعلانا لا لبس فيه عن إعادة توجيه سياسة الولايات المتحدة في المنطقة. والرسالة هنا: أن استرضاء إيران قد انتهى.
ميل باراك أوباما تجاه إيران في الحرب الأهلية الكبيرة في العالم الإسلامي بين إيران الشيعية والسنة العرب بقيادة السعودية كان يشبه تقارب نيكسون مع الصين. حيث انتهى الأمر بطريقة مخزية.
إن فكرة أن الاتفاق النووي سوف يجعل إيران أكثر اعتدالا أثبتت أنها خاطئة دون أدنى شك، كما ثبت من خلال تحديها وإطلاقها الصواريخ البالستية، ودعمها الذي لا يمكن الغنى عنه لنظام الأسد الذي يمارس الإبادة الجماعية في سوريا، ودعم الحوثيين في اليمن، ودعمها للإرهاب عبر العالم، ومعاداة أمريكا والتزامها الدؤوب بتدمير إسرائيل.
كان من المفروض أن تهدأ هذه الاعتداءات. ولكن عكس ذلك هو ما حصل. الأموال النقدية ورفع العقوبات الاقتصادية – هدايا طهران من الاتفاق النووي- وفرت لها مزيدا من القوة الجوسياسية.
لقد بدأ عكس الأمر الآن. العمل الأول المتمثل في مخاطبة ترامب ل50 دولة إسلامية (الغالبية العظمى منهم من السنة) يشير إلى تحالف إسلامي واسع ملتزم بمقاومة إيران ومستعد للعمل بصورة كبيرة إلى الجانب الأمريكي.
لقد كان ذلك هو الهدف رقم 1. أما الآخر فهو فهو تحويل القوى السنية ضد الإرهاب السني. الدولة الإسلامية سنية كما هو الأمر بالنسبة للقاعدة. 15 شخصا من مختطفي أحداث 11\9 كانوا سعوديين. كما أن انتشار المدارس التي تمولها السعودية حول العالم أدى إلى انتشار الوهابية التي أدت بدورها إلى انتشار الإرهاب الإسلامي.
إعلان السعودية ودول الخليج الأخرى الحرب على الإرهاب أمر عظيم. كما هو تعهدهم بعدم التغاضي عن أي دعم شبه رسمي للتبرعات. وافتتاحهم لمركز لمحاربة الإرهاب في الرياض خلال القمة.
بعد 8 سنوات من تردد سياسية الولايات المتحدة ما بين الإهمال والخيانة، فإن السنة العرب يشعرون بالراحة لعودة الدعم الأمريكي. حيث أن من الآثار الجانبية التي يمكن أن نحصل عليها هو حصول انفراج في العلاقات مع إسرائيل.
وهذا كله يشير إلى نهج يبدأ من الخارج إلى الداخل في السلام العربي الإسرائيلي: تقارب بين الدول السنية وإسرائيل (الخارجي) سوف يزيد الضغط على الفلسطينيين ليقبلوا بالشروط (وهو الجزء الداخلي). إنها استراتيجية طويلة المدى ولكنها أفضل من أية أمور أخرى مطروحة. تحريك ترامب للمياه الراكدة قليلا في إسرائيل ربما يقود إلى استراتيجية عكسية، وذلك من خلال القول بأن الاتفاق الفلسطييني الإسرائيلي ربما "يؤدي إلى عملية سلام في جميع أنحاء الشرق الأوسط".
هذا هراء. تخيل لو حصل زلزال واختفت إسرائيل غدا عن وجه الأرض. هل يعني ذلك نهاية للحرب الأهلية في سوريا؟ أو عودة الأمن للعراق؟ أو وقف القتال في اليمن؟ هل يغير ذلك أي شئ في الفوضى العربية الداخلية؟ بالطبع لا.
وبصرف النظر عن أن الأمر لا يعدو كونه وهما، فإن استراتيجية (الخارج إلى الداخل) مستحيلة في الوقت الحالي. القيادة الفلسطينية حاليا ضعيفة ومرفوضة. حتى تكون مستعدة للقبول بشرعية الدولة اليهودية - وهو الأمر الذي لم تقم به منذ 100 عام أي منذ وعد بلفور (وعصبة الأمم فيما بعد) بتوفير دولة لليهود في فلسطين- لن يكون هناك أي سلام.
ولكن هذا اليوم ربما يأتي. ولكن ليس الآن. وهذا الأمر الذي جعل وضع القضية الإسرائيلية الفلسطينية في وضع مركزي وليس هامشي في الصراع السني الشيعي الذي يهز الشرق الأوسط الآن خطأ تكتيكيا حقيقيا. حيث تخضع الآن أي مصالحة محتملة ما بين إسرائيل والعرب للفيتو الفلسطيني.
من المفارقات، أن التهديد الإيراني الذي شهد تناميا خلال فترة أوباما وفر فرصة نادرة للتعاون بين الولايات المتحدة والعرب وحتى الإسرائيليين والعرب. مع الوقت، فإن مثل هذا التعاون يمكن أن يجعل الشعوب العربية تخفف من موقفها تجاه إسرائيل وتتأقلم تدريجيا. الأمر الذي ربما يساعد في المقابل في إقناع الفلسطينيين بالتنازل قليلا قبل أن يشعر أقرانهم العرب بالتعب من قرن كامل من الرفض الفلسطيني.
ربما يتطلب ذلك عملية سلام من نوع ما. ليس هناك أي ضرر كبير، طالما أننا نتذكر أن أي محادثات إسرائيلية عريبة هي مجرد استعراض الآن – حتى تنضج الظروف يوما ما للسلام.
في هذه الأثناء، فإن العمل الحقيقي يجب أن يتم على الجبهات المعادية لإيران والمعادية للإرهاب. ولا تسمحو لسراب مثل سراب أوسلو أن يأخذ طريقه.
وسوم: العدد 722