البجعات الحمقاوات

كان في مملكة بعيدة نهر تقطن عنده جمهرة بجعات ذهبية حيث تقضي جل وقتها في ضفتيه ، وكن يدفعن كل ستة أشهر ريشة ذهبية أجر انتفاعهن منه  ، فيجمع جنود المملكة الريش ، ويودعونه الخزينة الملكية . ورأت يوما عصفورة مشردة لا مسكن لها النهر ، فحدثت ذاتها : " يبدو ماء هذا النهر مسرف البرودة والقدرة على تهدئة الأعصاب ، لأتخذن مسكني عنده ! " ، فلحظتها البجعات الذهبية حالما استقرت في المكان ، فجئنها صارخات محتجات : النهر نهرنا ، وندفع للملك ريشة ذهبية كل ستة أشهر لانتفاعنا منه ، لا مقام لك هنا !

فتضرعت العصفورة : ليس لي مسكن يا أخواتي ! سأدفع الأجر مثلكن  ، رجائي هبنني مسكنا هنا !

فقلن ضاحكات مستهزئات : ليس لك ريش ذهبي .

وأردفن  : ذري الأحلام وانصرفي دون رجعة !

فتوسلت العصفورة الذليلة مرات إلا أن البجعات الحمقاوات دفعنها للابتعاد ،

فقالت مقهورة النفس : لألقنهن درسا !

وقصدت الملك وقالت له : أيها الملك ! البجعات في نهرك وقحات ، قاسيات القلوب . تضرعت إليهن من أجل مسكن لي ، فأجبنني إنهن اشترين النهر بالريش الذهبي .

فغضب من البجعات الحمقاوات لإهانتهن العصفورة المشردة ، وأمر جنوده بجلبهن إلى بلاطه ، فجئن في لمحة البصر ، فصرخ فيهن : تحسبن الخزينة الملكية تعتمد على ريشكن الذهبي ؟ ليس لكن أن تقررن من يقيم عند النهر .

فارتعدن هلعا من كلامه ، وطرن منتئيات دون رجعة ، وبنت العصفورة مسكنها عند النهر ، وعاشت سعيدة مدى حياتها ، ومنحت كل الطيور الأخرى مساكن عنده .

*عن موقع " قصص قصيرة جدا " الإنجليزي .

وسوم: العدد 736