أخذت المسرحية ــ وهي فن قديم ــ دورَها ومكانها في التأليف والتمثيل في القرنين الأخيرين ، لدوافع عديدة وأهداف متنوعة ، بقصد التأثير على الجمهور المشاهِد ، ترمي إلى إحياء القيم النبيلة والفضائل الكريمة ، أو هزلية همُّها إدخال الفرح على الحاضرين ، وإثارة الضحك فيهم .
وبين الأولى التي تصل إلى حدِّ ( المأساة ) والثانية التي تتدنَّى إلى حدِّ ( الملهاة ) تظهر عناصر ومقومات المسرحية ، من حوار يتجلَّى فيه نقل الحدث من قضية حقيقية أو مُتَخَيَلة إلى الواقع الذي يمثله أشخاص لهم القدرة ولديهم الموهبة على تصوير ماكان ، كما تظهر قوة الصراع من خلال الأفكار التي تضمها المسرحية . ومن خلال ألسنة الممثلين ،وحركاتهم وانفعالاتهم .
وللمسرحية مجالات اجتماعية ، تتناول نقد وحل بعض قضايا المجتمع ، وفكرية تطرح من خلالها الدعوة إلى أفكار معينة ، وسياسية تؤيد أو تستنكر مواقف محددة ، وقد استُغلت خشبة المسارح في كثير من البلدان إلى مايشبه التهريج ، والدعوة إلى التفلت .
***
( وهذه المسرحية : ( المعلم وأولاده ) مسرحية مدرسية ، أعددتُها لبيان فضل العلم والدعوة إلى الإقبال على موائده الكريمة ، وقد تم تمثيلها في إحدى الثانويات من قبل طلاب المدرسة منذ ثلاثين سنة تقريبا في مدينة نجران ، ونجحت نجاحا كبيرا ومؤثرا ، و كان المخرج الأستاذ / صلاح الدين عبدالعزيز ــ يرحمه الله ــ من مصر ــ وكان مشرفا على النشاط الطلابي في إدارة التعليم ، وبالمناسبة لمن يريد تمثيلها في مدرسة أو في أي مكان ، فعليه بإتقان عملية الإخراج ، وخصوصا جلوس المعلم على كرسيه وأمامه مكتبه وعليه مجموعة من الدفاتر ، ويمكن أن يقوم بدوره وهو جالس ... ، ماعدا النص الأخير من المسرحية فيجب القيام به ، وإلقاء الأبيات على الجمهور ، وكذلك يجب إتقان دور الطلاب من دخول أو جلوس على الكراسي المعدة لهم في المسرح ، ويمكن دعم الإخراج بمؤثرات صوتية مناسبة ، وبأنوار ... وغير ذلك من لوازم الإخراج التي ماعادت تخفى على مهتم بهذا الفن ... ) .
مسرحية : ( المعلم وأولاده )
( الأب جالس في مكتبه ، وبين يديه دفاتر التلاميذ ، ويدخل عليه أحد أبنائه ...)
الابن الأول :
الأب :
( يدخل ابنُه الثاني ... ) :
الأب :
(يدخل الابن الثالث ، ويقول ... )
الأب :
(الابن الثالث ... بحرقة وألم : )
( الأب لايجعله يتم كلامه ويقول ... )
(الابن الثالث بنفس الحرقة والألم ... )
( الأب : لايجعله يتم كلامه ، ويقول : )
(الابن الثالث بنفس الحرقة والألم ... )
الأب :
( الابن الثالث ... )
الأب :
(الابن الثالث بنفس الحرقة والألم ... )
الأب :
( الابن الرابع : وكان جالسا منذ البداية لايتكلم ... )
الأب :
( يدخل بقية أبناء المعلم ويجلسون على الكراسي الموجودة من قبل ، والابن الرابع يتم كلامه ... )
( ويقوم الابن الخامس من مكانه ويقول : )
( ويقوم الابن السادس من مكانه ويقف مواجها لأبيه . ويقول : )
( هنا يرفع الابن القلم عاليا ... ويتم كلامه )
( ويقوم الابن السادس من مكانه ويقول : )
( ويقوم الابن الخامس من مكانه بعد أن رجع إليه ويقول موجها كلامه لأبيه : )
الأب :
الابن الخامس :
الابن الأول :
الابن السادس :
الأب : ( يخرج من مكتبه الذي كان يجلس عليه ويقول : )
هوامش :
- إشارة إلى قصيدة أحمد شوقي بمدح المعلم ، ورد طوقان بقصيدة عليه .
- برأسي ألم : وجع .
- قد ألمَّ : نزل ، أصاب ، أوجعَ .
- وفصل أصم : طلاب الفصل لايسمعون الكلام ، لايهتمون .
- قُحَم : الأمور الشاقة .
- الدُّهُم : الليالي الثقيلة الشاقة .
- الحِبــاء : الجود ، الكرم ، العطاء .
- العِصم : الثمين من كل شيء .
- ولمَّـا يَجِــمْ : يتراجع ، يتوانى .
أعانك ربي فأنتَ الحفيُّ = بعلمٍ يبددُ شرَّ الظُلَمْ
يقولون من قبلُ كنَّا بليل = وفيه التعلمُ لايُحتَرمْ
فجهلٌ تفشَّى ، وأُمِّيَّةٌ = وباللهوِ وجهُ الشبابِ اتَّسمْ
وعاشوا مع الجهلِ لايكتبون = ولا يعرفون صعودَ القِممْ
أجلْ يابُنَيَّ مضتْ أمسيات = على الناسِ عاشوا دجاها عُدُمْ
فلا العلمُ أشرقَ في صبحِهم = ولا المجدُ أيقظَ روحَ الهممْ
سوى بعضِ دورِ كتاتيبِهم = يُرَدِّدُ فيها الصغارُ الكَلِمْ
فكيف أتانا ضياءُ العلوم = وكيفَ تجلَّى افترارُ السِّيَمْ ؟
فها نحن نبصرُ بين الدروب = ألوفا خُطاهم كسيلٍ عَرِمْ
وهذي المدارسُ والجامعات = وهذي المعاهدُ كيفًا وكَمْ
نعمْ يابُنَيَّ حبانا الإله = بفضلٍ عميمٍ ونورٍ أَعَمْ
فزالَ ظلامُ الونى والضياع = وأدبرَ حالُ العنــا والسأمْ
ووفق ربي شبابَ البلاد = يباهون بالعلمِ بينَ الأُممْ
وأنتَ المعلمُ لاتستريح = وليس يضيرُكَ لذعُ الوصمْ
أراكَ تجدُّ وفي مقلتيك = ضياءُ المجالدِ ترعى الذممْ
أجلْ يابُنيَّ فبالعلمِ كان = لنا المجدُ : أسفارُه والقلمْ
ونسعى نعيدُ نداءَ الحنيف = فللعلمِ نادتْ مثاني القيمْ
أجابَ نِداهـا الكبارُ الذين = مضى عمرُهم بينَ جهلٍ وذمْ
ولبَّى الشبابُ ، وعزمُ الشباب = يجددُ في الجيلِ ما يُحتَرَمْ
أبي يارعاك الإله = ...............................
ففيمَ التراخي ؟ وفيمَ الونى ؟ = وإنِّيَ لابْنُ الهدى والقلمْ
سأمضي أعلِّمُ طولَ الحياة = وللعلمِ أُلقي أيادي السَّلمْ
ولو قيلَ لي من جديد : ترى = أترضاهُ نهجًا ؟ لقلتُ : نَعَمْ
وشكرا( لشوقي ) وتبجيلِه = وما عابَ (طوقانُ ) يوما وذمْ (1)
فوجهُ المعلمِ بوحُ الصباح = لجيلٍ تَخَطَّى فيافي الغسمْ
ففيم التواني ؟؟؟ وفيمَ الونى ؟؟؟ = ...............................
أبي يارعاك الإله ... = .......................
بُنَيَّ ، بُنَيَّ ... كفاك بُنَيَّ = فما ضَرَّني وجعٌ أو سأمْ
بنيَّ بُنيَّ تعالَ ائتني = بأوراقِ فصلٍ ، وقلْ لي : نَعَمْ
لعلي أُصَححُ ما يكتبون = برغمِ صداعٍ برأسي ألَمْ (2)
ففي الغدِ عنديَ درسٌ جديد = ولستُ أبالي بما قد ألمْ (3)
أبي يارعاكَ الإلهُ الرحيم = وعافاكَ من كلِّ ضُــرِّ و هَمْ
أتقضي لياليك نهبَ الشقاء = لفصلٍ تراخى ، وفصلٍ أصَمْ (4)
وعندَ كسولٍ يذمُّ الرقيَّ = وآخرُ يمشي ثقيلَ القَدَمْ
وآخرُ يلهو ولا يستفيد = ومنهم قليلٌ وَعَى واغتنمْ
أرِحْ نفسَك اليومَ إنَّ العناء = سيأتي عليك بِحُمَّى السَّقمْ
كفاكَ بُنَيَّ ... كفاكَ بُنَيَّ = فليس بما أبتغي ما يُذَمْ
فبين التلاميذ عشتُ السنين = وما هدَّني تعبٌ أو قُحَمْ (5)
وقفْتُ أعلمُ جيلا فجيلا = وليس عليَّ به من رَغَمْ
حنانك ياوالدي ماقصدْتُ = ولستُ بعاصٍ ولا متَّهَمْ
ولكنْ رأيتُ ثيابَ الشقاء = عليك تلوكُ ثيابَ النَِّعَمْ
فألفيْتُ قلبي الحزينَ عليك = وأخشى عليك الليالي الدُّهُمْ (6)
كفاك بُنيَّ ، فهذا الشعور = ............................
.............................. = شعوري بحبِّك هذا الأهمْ
أراك فتعرو فؤادي الشجون = ويشوي ضلوعي لهيبُ الألمْ
هـو العملُ المستطابُ لديَّ = ومهنةُ فخــرٍ ، فما من نَدَمْ
لـو اخترتَ ياوالدي غيرَها = لدرَّتْ عليك يأشهى النعمْ
وتهجرُ هذا الفخارُ الذي = تَوَلَّى ــ فديتُك ــ ثم انبهمْ
أراك كأنَّكَ تبغي ازدراء = وتبغي امتهانَ صريرِ القلمْ
وتحسبُ أني طريدَ الكروب = وجمرُ الشقاءِ بصدري اضطرمْ
وتنكرُ قدسيَّةَ المصلحين = وحقَّ الذي عاشَ يرعى الذِّممْ
إذا مانظرتُ هنا أو هناك = رأيتُ المعلمَ في ملتَطَمْ
كثيرَ العطاءِ ، قليلَ النوالِ = وإن مــرَّ في الناسِ لايُحتَرَمْ !
فدعْ عنكَ قولَ الذي قد أشاد = بدورِ المعلمِ بين الأممْ
فتبجيلُ شوقي مُجَرَدُ قِيْلٍ = ( وكادَ المعلمُ ) قولٌ بِفَمْ
أُخيَّ اتئدْ إنَّ وجهَ الحياة = تراءى جميلا بنورِ القيمْ
وطيبُ العطاءِ لدى المؤمنين = جَناهُ الشَّهيُّ دليلُ الكَرَمْ
وخيرُ الحِباءِ ضياءُ العلوم = إذا أسفَرَ الصبحُ فوقً الأكَمْ (7)
و وجهُ المعلمِ وجهُ الربيع = تطيبُ لديه المنى والشِّيَمْ
مُحَيَّاكَ عنوانُ زهوِ الوفاء = وإيثارُ قلبٍ تسامى وعــمْ
كما يُكبِرُ المجدَ أهلُ الطموح = كما تعشقُ الأرضُ هَمْيَ الدِّيَمْ
تجاهدُ فينا ولا تنثني = وسيفُك هذا الذي ما نثلَمْ
لكَ اللهُ تسمو بطُهرِ الفؤاد = وتحملُ روحُكَ نورَ العِصَمْ (8)
ألمْ يزدَهِ الدربُ عندَ الصباح = وقد أشرقتْ شمسُه في الغسمْ
وموكبُ طلابِِنــا عنده = كزهرٍ تأرَجَ فيه العَنَمْ
هو العلمُ يجلو ظلامَ النفوس = وتزدانُ بالعلمِ أبهى السِّيَمْ
فكم من عظيمٍ تخطَّى الصعاب = وبالعلمِ نالَ العلى واستنَمْ
ولولا المعلمُ لــم يشتهِرْ = ولولا المعلمُ لــم يُحتَرَمْ
صَدَقْتَ أبي إنها لوعةٌ = بصدري تلظَّتْ على مُزْدَحَمْ
أخافُ عليكَ ثقيلَ العناء = وأخشى عليك التطامَ القُحمْ
خُطاكَ التي أنبتتْ حقلَهم = وفيه رفيفُ النهوضِ ابتسمْ
ستبقى لكَ الذُّخْرَ عندَ الإله = وفيه المفازةُ والمعْتَصَمْ
مشينا بُنَيَّ بهذا السبيل = ............................
......................... = ونعمَ السَّبيلُ أبي والقدمْ
بعينَيْك أحلامُنا الغاليات = إذا فوَّحتْ في الصدورِ القيمْ
وبورك حرفٌ بثغرِ الصَّغير = تألقَ بدءًا على مُخْتَتَمْ
ألا بورك السَّعيُ سعيُ الشباب = فأهلُ التفوقِ فوقَ القِممْ
ويبقى المعلم من حولِهم = كشمعٍ يذوبُ ، ولمَّــا يَجِــمْ (9)
ونعمَ المعلمُ يسقي البذور = ويرنو مليًّا إلى ما عَـَـزمْ
ويكلأُ للنشءِ آمالَهم = بلا مِنَّةٍ ويردُّ التُّهمْ
وأنتَ أبي يارعاك الإله = كأنك في الحقلِ ماءُ الدِّيَمْ
تمرُّ كنفحٍ يطيبُ شذاه = ووجهُ الضياع لوى وانحسمْ
سلام عليك ، على خافقٍ = لكلِّ المتاعبِ ــ عمرًا ــ كظمْ
مضيْتُ وبالعلمِ ترقى الشعوب = وبالجهلِ عصفُ الضياعِ لَطَــمْ
وفي النشءِ عنوانُ مستقبلٍ = نراهُ بفضلِ الإلـه ابتسمْ
وما خابُ ذا الفألُ في أُمَّــةٍ = تردُّ الهُراءَ على مَن زَعَــمْ
وفيها كتابُ العليِّ القدير = يُهددُ مَن للعلومِ كَتَــمْ
وترفعُ بالعلمِ أفذاذَه = وتُكْبِرُ مَن بالضياءِ اعتصَمْ
فللعلمِ خيرٌ بظلِّ الهدى = إذا بالمآثرِ وافى وعـــمْ