مسرحية مدرسية : (( الدفاع المدني ... ويوم الكوارث ))
(( عشرة طلاب داخل مسرح شبه مظلم في أحاديث جانبية ، مع مؤثرات صوتية للرعد ... ))
الأول : إنها أمطارٌ لم نشهدْ مثلَها من قبلُ ...
الثاني : أجلْ ... انظرْ إلى السماء كيف ادلهمَّت بالغيومِ المحملةِ بالأمطار ، واسمعْ إلى صوتِ الرَّعدِ يبثُّ الرُّعبَ في القلوب .
الأول : انظرْ ... انظرْ إلى لمعانِ البرقِ يكادُ يخطفُ الأبصار .
الثاني : إنَّه الشتاءُ ... بأمطارِه وعواصفِه ورعْدِه وبرقِه .
الأول : إن الأمطارَ غزيرةٌ ، وكأنها قِربُ ماءٍ تتدفَّقُ من السماء ،
(( يدخل الثالث إلى الممسرح ، وعليه آثارُ المطر ... والخوف ... ويقول :))
الثالث : لاحولَ ولا قوةَ إلا بالله ... لاحول ولا قوةَ إلا بالله .
(( يجلس مكتئبا ورأسُه بين ركبتيه ))
الرابع : مالَكَ ... ما الأمرُ ... ماذا جرى !!
الثالث : ماذا جرى !! إنها كارثةٌ ... كارثة ... لا بل كوارث ...
الرابع : إنا لله وإنا إليه راجعون ... ماذا جرى ؟ ... ماذا رأيتَ ؟ ماذا سمعتَ ؟
الثالث : لم أسمعْ ، ولكنِّي رأيتُ ...
الرابع : وماذا رأيتَ ؟
الثالث : رأيتُ كيف هدمت السيولُ الجارفةُ بيوتَ الناس ، وكيف غمرت المياهُ الشوارع ودخلت إلى المساكنِ ، وكيف أتلفت الأمتعة ، وكيف شرَّدت الناس فأصبحوا في العراء !!
الخامس : إنا للهِ وإنا إليه راجعون ... حقيقة إنها كارثة ، لم يحدث مثلها منذ زمن بعيد ، نسأل اللهَ السلامةَ للجميع . إنها من أقدار الله تعالى ...
السادس : وإنها تأتي بدون سابقِ إنذار ، كانت السماءُ أمسِ صافية ، والشمس ساطعةً ... وكأننا في يوم صائف ... سبحان الله !!
الثالث : (( بانفعال وغضب )) أيُّ صيفٍ !! أقول لك إنَّ الديار تهدَّمت ، والناس في خوف على أنفسِهم وأمتعتهم ... وتقول : صيف !!
(( ويعود إلى جلسته الأولى ))
السادس : هوِّنْ عليك ــ يا أخي ــ لابدَّ من الهدوء والصَّبرِ ، حتى نستطيع التفكير فيما يجبُ عملُه ، لتخفيف وقعِ الكارثةِ على الناس .
الرابع : فأثناء الحوادثِ والكوارثِ لابدَّ من الهدوء ، ورباطةِ الجأشِ حتى نُحسنَ التَّصرُّف تجاه الكارثة وآثارِها .
الخامس : ولا بدَّ من التعاون ، فنحن كالجسدِ الواحد ، وأيام الكوارث هي المحك للرجال ... أهل النخوة والنجدة والمروءة .
(( أصوات سيارات الدفاع المدني ، وصفارات الإنذار )9
السادس : اسمعوا ... اسمعوا ... إنها أصوات سيارات الدفاع المدني ...
(( ينظرون من طرف المسرح ))
نعم ... نعم ... عشرات السيارات نراها تنطلق الآن شطرَ مكان الكارثة
الأول : هذا يوم مشهود من أيام الدفاع المدني ... أيام الرجال الأشداء الأوفياء لتعاليم دينهم الحنيف . ومواساة المصابين من مواطنيهم ، يدفعون الأذى عن الناس في الكوارث والحوادث .
الثاني : إنهم طلائعُ أهل النجدة في ساعات الشِّدةِ .
السابع : لاشكَّ أنَّهم مستعدون لمثل هذه الأيام ، بخبرتهم ، بهممهم العالية .
الثاني : أجل ... كم رأيناهم يخمدون ألسنةَ اللهبِ المنبعثةَ من البيوت أو المحال التجارية ، وكم رأيناهم في ميادين النجدة في ظلمة الليل أو في وضح النهار ، ينقذون الأنفس من موت محقق ...
السابع : بارك اللهُ فيهم ، وأثابهم على تضحياتهم ، وسدَّد خُطاهم ، فما ذلك إلا بسبب التخطيط الذي يسبق حلول الكارثة .
الثاني : وهذا أيضا من جِدِّيَّةِ الإدارة والتحضير لمثل هذه الساعات الحرجة ، ومن حُسنِ تحديد وسائل الوقاية من الكوارث وآثارها .
السادس : ولا تنسوا تعاونَ بقية القطاعات الحكومية والأهلية ، فكم رأينا من الرجال والشباب مَن شمَّرَ عن ساعدِ النخوة ، وانخرط في معترك الكارثة ، يساعد في إطفاء حريقِ ، أو في إنقاذ محاصَر بمياه السيول ...
السابع : هذه شيمنُا وعاداتُنا ، وهذه قيم ديننا الإسلامي الحنيف . فليس من الغريبِ أن نرى الناسَ كلَّهم جنودًا للدفاع المدني في مثل هذه الكوارث .
الرابع : نعم ... هذا يحملُ مصابا ، وذاك يحاول إنقاذ أسرة ، والآخر يحذِّرُ من الاقتراب من الأمكنة الخطرة ...
السابع : (( يوجه كلامَه للفتى الثالث ، والذي يجلس حزينا مكتئبا مطأطئ الرأس ))
: مالك أيُّها الفتى ... أهكذا يكون الشبابُ أثناء وقوع الكوارث !!
الثالث : مالي !!! مالي !!! الكوارث خسارة ... الكوارث دمار ... لقد تهدمت البيوت ، ولقد مات بعض الناس ، ولقد تلفت الأمتعة ... الكوارث خسارة للفرد وللمجتمع ، الكوارث ... (( يقاطعه السابع ))
السابع : كفى ... كفى ... هوِّنْ عليك وعلى الناس . لارادَّ لقضاءِ الله ، والحمدُ لله على كلِّ حال ، الكوارث خسارةٌ ... هذا صحيح ، ولكن لابدَّ من التعاون والتكاتف ، لابدَّ من أن يقدم كلُّ واحد منَّا شيئا يخفف من نتائج الكارثة .
السادس : هذا صحيح ... لاتتشاءمْ ياأخي ... وتجنَّبْ إثارةَ المخاوف بين الناس ، وابتعد عن التهويل ، فربما أخذها البعضُ إشاعاتٍ تؤثر في المجتمع !!
السابع : ... فيصيب الناسَ الذُّعرُ والقلق ، لابدَّ من الصَّبر والهدوء ، لابدَّ من ضبطِ الأعصابِ للسيطرة على الكارثة مهما كانت نتائجُها ، لابدَّ من احترام مشاعر الشيوخ والنساء والأطفال ...
الرابع : لامكان للتشاؤم والخوف والفوضى في مثل هذه الساعات . فقد أعدت العدة . ووضعت كلَّ الإمكانيات استعدادا لوقوع مثل هذه الكارثة ،
(( أصوات سيارات الدفاع المدني ... ))
هاهي أرتال سيارات الدفاع المدني تشقُّ الطرقاتِ مسرعةً إلى مكان الكارثة ، يمتطيها رجال صادقون مدربون ذوو حِنكةٍ وخبرةٍ .
الخامس : وعلى جانب من العلم والخبرة ، وحبَّذا لو تعرَّف الناسُ على نغمات الإنذار ، وتابعوا ماتبثُّه وسائلُ الإعلام ... فإنهم يستفيدون ويفيدون ...
الأول : وسائلُ الإعلام ... أصوات يجب أن نستمع إلى إرشاداتها قبل وقوع الكارثة ، لنتخذ الاحتياطات اللازمة .
الخامس : وكذلك أثناء وقوع الكارثة ، ليتعلم الناس كيف يتصرفون ، فهنا تتجلَّى قدرة الرجال على مواجهة الأحداث .
الثاني : وكذلك بعد الكارثة ... ليعمل الجميع على معالجة النتائج ، والأخذ بأيدي المصابين ، ومساعدة المنكوبين بالمعونات العينية والنقدية .
الخامس : نسألُ اللهَ سبحانه وتعالى أن يحمي بلادَناوأمتَنا من كل مكروه ، ومن كل الكوارث والنوازل ، وأن يجبرَ كسرَ المصابين ، وأن يضاعف الثواب لكلِّ مَن شارك في التقليل من آثار الكوارث على الناس .
(( يدخل الثامن وعلى وجهه علامات الاستبشار ... ))
الثامن : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الجميع : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
السادس : بشِّرْ ... ماوراءَك من الأخبار ...
الثامن : إنها فعلا كارثةٌ ... ولكنْ أبشروا .
إنَّ لطفَ اللهِ عزَّ وجلَّ ، ثمَّ ما أعدَّه الرجال الأوفياء من إمكانيات على أعلى المستويات ، وإن مالدى أبناء شعبنا من نخوة وتعاون ، وكذلك ماقدَّمتْه مختلف الجهات ذات العلاقة ... قلَّل الكثير من وطأةِ الكارثة ، وخفَّف من حدَّتِها ، وقد تمَّت السيطرةُ التامةُ على آثار الكارثة ، والحمد لله ربِّ العالمين .
السابع : (( موجها كلامه للثالث ... )) قُم يارجل ... تحلَّى بالهدوء والصَّبرِ أثناء أي كارثة قد تنزل بالناس ...
الثالث : الحمد لله ... الذي ابتلى وأعان .
الجميع : الحمد لله ... الحمد لله .
ــــــــــــــــــــ ســـــــتار ــــــــــــــــــــ
وسوم: العدد 1028