مسرحية التحدي
مسرحية التحدي
أو
الرنتيسي أسد فلسطين
تأليف : نعيم الغول
ما تقدمه هذه المسرحية هو أحد مواقف الشهيد عبد العزيز الرنتيسي التي اسماها هو نفسه
" كيف تحديت الضابط الصهيوني"
ما قلته في هذه المسرحية عن شخصية الشهيد لم يكن خيالا ولا مبالغة ولا تصويرا له على انه سوبرمان، الشهيد بلسان من عرفوه كان اكثر من هذا. وودت لو استطعت أن أفيه حقه . اقرءوا ما قاله الشيخ سعيد صيام أحد قادة حركة حماس عنه:
" يمثل الدكتور عبد العزيز رخمه الله رجل المواقف الذي لا يتزحزح ولا يهادن ولا يتنازل حينما يقتنع بصوابية موقفه ثم تثبت بعد ذلك الأيام صدق فراسته . كان رحمه الله يتمتع بفراسة المؤمن ..فراسة غريبة متقدمة فقد كان يستبق في رؤياه كثيرا من الأحداث"
فإلى الشهيد تحية إكبار واعتزاز ورجاء إلى الله العلي القدير أن يتقبل هذا العمل في ميزان حسنات الشهيد وان شاء تعالى أكرمني ببعض من الأجر من معط كريم.
نعيم الغول
شخصيات المسرحية
د. عبد العزيز الرنتيسي : قائد مناضل فلسطيني حكم إداريا لمدة عام في معتقل النقب
.
شلتئيل : يهودي غربي ذو رتبة عسكرية كبيرة. مدير عام معتقل النقب
المهندس إبراهيم رضوان : معتقل فلسطيني في معتقل النقب. تضامن مع الرنتيسي.
عبد العزيز الخالدي : معتقل فلسطيني في معتقل النقب .تضامن مع الرنتيسي.
العقيد سامي أبو سامي: مناضل من أحد فصائل المقاومة معتقل في معتقل النقب م شارك في الاجتماع مع شلتئيل.
سامي أبو سامي: معتقل . من قادة أحد الفصائل في المعتقل.
شلومو بن منحاس : يهودي شرقي .يحضر للاجتماع بين ممثلي الفصائل وشلتئيل.
د. جيرارد ماثيو : ممثل إحدى منظمات حقوق الإنسان
داني أليسار : صاحب شركة تعهدات غذائية. يقوم بتوريد مواد غذائية غير
مطابقة للمواصفات
عامير: جندي يهودي شرقي من اصل يمني يعمل في ديوان شلتئيل ويتآمر
مع شلومو على شلتئيل.
المحقق: ضابط يهودي يحقق في قضية اللحوم.
معتقل أول
معتقل ثاني
معتقل ثالث
الفصل الأول
المشهد الأول
( ترفع الستارة عن مجموعة من الخيام محاطة بسياج معدني شائك ارتفاعه أربعة أمتار وعلى أطرافه ابراج يظهر منها برج او اثنان. أمام الخيام ساحة صغيرة و جنود إسرائيليون يحملون أسلحة فرديةو يتجمع فيها عدد من المعتقلين في جماعات من ثلاثة أو أربعة أفراد. يلبسون بدلات رياضية و في أرجلهم شباشب. تبدو وجوههم غاضبة . يتحدثون بانفعال واضح ويشيرون بأيديهم إلى فسحة بين الخيام تؤدي إلى الساحة. أمام أحد الخيام يجلس الرنتيسي متربعا على الأرض وبيده مصحف يقرأ منفردا ترتفع صوت جلبة وضوضاء من خلف الخيام . يدخل الساحة معتقلان )
المعتقل الأول(بغضب): لم يعد السكوت يجدي . لقد طفح الكيل .
المعتقل الثاني: ماذا ؟ ما الأمر؟
المعتقل الأول: لم يعد ينقصنا إلا هذا. بعد كل ما تحملنا من صنوف العذاب على أيدي الشاباك الأنذال يحدث معنا ذلك أيضا. ما يحدث أقسى من التعذيب ألف مرة. هل أقول لكم كيف كان التعذيب؟ ولماذا أقول وانتم تعرفون؟ كلكم مررتم بالتجربة نفسها .
المعتقل الثاني : أجل مررنا بالتجربة نفسها. كلنا وقنا على رجل واحدة لساعات طويلة وتعرضنا لأقذع سباب وتهديد إذا تعبنا أبدلنا أرجلنا قبل أن يأذن المحقق الصهيوني.
المعتقل الأول: هل نسيت الشبح والفروجة وهز الرأس المفاجئ ؟
المعتقل الثاني: كيف أنسى ؟ وكيف أنسى الضوء الساطع المتواصل ؟ كيف آنسي منعي من النوم أيام متتالية؟ كيف أنسى التعذيب بالصدمات الكهربائية ؟ بالضرب بالإهانات بالشتائم ؟ لولا إرادة الله لما جئت إلى معتقل النقب هنا بل إلى مستشفى المجانين. ولكن كل هذا كوم والاعتداء على ابسط حقوقنا كوم ثان. ولكن لم تقل لي ما الذي أثار هذا الآن في ذهنك؟
(يقترب معتقل ثالث فيما ترتفع الأصوات خارج الساحة بشكل لافت )
المعتقل الثالث : ما الأمر اسمع ضجة كبيرة عند بوابة المعتقل.
المعتقل الأول : هذه أصوات المعتقلين يحتجون . من المؤكد أنهم أهلنا يحتجون أمام بوابة
المعتقل. وأخشى أن يبدأ حراس المعتقل بإطلاق النار لتفريقهم كما يحدث كل
مرة.
المعتقل الثاني : أخشى ذلك أيضا . هذا يحدث كل يوم .. الاحتجاجات لم تنقطع أبدا.
المعتقل الثالث : لقد تجاوزوا كل الحدود . من ابسط حقوق المعتقل أن يسمحلذويه بزيارته. إن رؤية أمي عندي وسماعها تدعو لي تساوي إفراج فوري. رؤية ابني تنزل على قلبي كما ينزل الماء البارد في جوف رجل تائه في حر الصحراء.
المعتقل الأول : أي نسمة تأتى من طرف الأهل تقوي المعنويات . ولهذا يمنعونهم منولكننا لن نسكت على ذلك.
المعتقل الثاني: ما ذا نفعل ؟ هذه هي السنة الثانية ونحن نحتج دون جدوى.
المعتقل الثالث : لا بد من فعل شيء . هنا معتقلون من كافة الفصائل الفلسطينية. وهنا قادة معتقلون أيضا. من السهل الوصول إلى عمل ما . يجب أن يكون هناك موقف واحد. يجب الاتفاق على خطة ما.
المعتقل الثاني : نعم لدينا قادة هنا . انظر مثلا هناك الدكتور عبد العزيز الرنتيسي . وفي المعتقل أيضا العقيد سامي أبو سامي و المهندس إبراهيم رضوان وغيرهم.
المعتقل الثالث: قلت الدكتور عبد العزيز الرنتيسي؟ لقد سمعت باسمه ولكني لم أره حتى الآن. أهو بيننا؟
المعتقل الثاني : انه ذاك الرجل الجالس هناك يقرا القران. انه هنا منذ أسبوع قط . لم يبدأ بالتعرف على الجميع. اقترح أن نبحث الأمر معه.
( ينظرون باتجاهه، ويمشون إليه. يسلمون. يظل جالسا . يغلق المصحف ويقبله)
الرنتيسي: عليكم السلام ورحمة الله. عفوا يا شباب . من السنة عدم القيام. تفضلوا اجلسوا )
المعتقل الأول : الأمر لا يحتمل الجلوس يا دكتور. الأمر يحتاج إلى وقفة.
الرنتيسي( يقف مبتسما) : ونحن أول من يقف له . هات ما عندك.
المعتقل الأول : من زارك من اهلك يا دكتور ؟
الرنتيسي : أنا هنا منذ أسبوع فقط . ولم يزرني أحد لا زوجتي ولا اخوتي ولا أولاد عمي لعلهم لم يعرفوا بعد أنني نقلت إلى هنا بأمر الحاكم الإداري الصهيوني؟ ولكن لم السؤال عن زيارة الأهل اعتقد أن الوقت مبكر بعض الشيء؟
المعتقل الثاني: الحقيقة يا دكتور إن المعتقلين في معتقل النقب يعانون معاناة شديدة وكذلك ذووهم. يأتي الأهل من بيت لحم ومن نابلس ومن الخليل ومن غزة ومن كافة أرجاء فلسطين وبعد أن يمروا بمئات نقاط التفتيش حتى يصلوا إلى هنا ويروننا لمدة ربع ساعة او حتى بضع دقائق يمنعونهم. يبقونهم تحت الشمس المحرقة في الصيف او البرد الشديد في الشتاء ثم يقولون ان الزيارة ممنوعة. ولا أدري إلى متى نسكت؟
الرنتيسي (محتدا): من قال نسكت؟ في أي معجم وردت كلمة نسكت ؟ لقد علمت بالموضوع من الاخوة الذين سبقونا هنا. لا يا أخي لن نسكت .الاحتجاجات مستمرة. قبل قليل ذهب مجموعة من الاخوة من حماس وفتح الشعبية وطلبوا مقابلة مدير عام المعتقل.ومنذ يومين أرسلت احتجاجا إلى منظمات حقوق الإنسان وجاء الرد بالطرق المعتادة انهم سيرسلون مندوبا لتقصي الحقائق. السكوت قفل لا يضعه على فمه إلا من كان مشاركا في الجريمة أو جبانا. ونحن لسنا مشاركين ولا جبناء.
المعتقل الأول: هل ننتظر حتى يأتي الاخوة بالرد؟
الرنتيسي: أرى أن نجتمع وان نبحث في تصعيد الموقف . سيكون هناك اعتصام في الساحة ومظاهرة وتقديم مطالب وإضراب عن الطعام . وستكون فرصة نريح أمعائنا من طعامهم الرديء. أنا طبيب وأعرف الطعام الجيد من الرديء . على أية خال ،سنتدرج في الأشكال النضالية كلما فشل شكل منها انتقلنا إلى شكل أخر. ولن نتوقف حتى يتحقق مطلبنا. أرجو أن تبدءوا بإبلاغ الجميع.
المعتقل الثاني وهو يسير باتجاه الممر: ملاحظة الدكتور في محلها عن الطعام . أكاد اقسم أن به شيئا لا يستساغ. أتمنى أن لا يكون ما نأكله لحم كلاب أو قطط. لقد لاحظت أن الكثير من المعتقلين يعانون من أمراض باطنية وتكرر ترددهم على العيادة.
( يذهب كل منهم إلى إحدى الجماعات. يدخل سامي أبو سامي و إبراهيم رضوان و عبد العزيز الخالدي يذهبون إلى الدكتور الرنتيسي مباشرة . يسلمون. يأتي معتقلون آخرون.)
الرنتيسي : بشروا ؟ ما الذي حدث؟
الخالدي : لم نجد مدير عام المعتقل. كان نائبه المدعو شلومو موجودا. وقال إن هذه سياسة عامة في كل المعتقلات المؤقتة وإن الأمر يجب بحثه مع المدير. والمدير في إجازة.
الرنتيسي : هل قال إن معتقل النقب مؤقت. كذب الكلب . مضى على إقامة المعتقل ثلاث سنوات.. قبل أن آتي إلى هنا بلغني أن اللجنة المالية في الكنيست تناقش موضوع المعتقلات المؤقتة. أظن أنه سيصبح معتقلا دائما ما لم نكنس الاحتلال عن أرضنا وشعبنا إن شاء الله.
( الجميع يهمس : إن شاء الله)
المعتقل : كيف تعرف يا دكتور انه لن يكون معتقلا مؤقتا؟
الرنتيسي: لم يكن أول معتقل خيام يقام. هكذا هي البداية يا أخي الحبيب. يقومون بحملة إعتقالات شرسة وكبيرة. و إلى أن تستقر الأوضاع ، ويرتبون أمورهم فإما أن يبنوا سجنا دائما وإما أن يوزعوا المعتقلين على السجون الأخرى. إن كنت تقصد إنني أعلم الغيب فحاشا لله أن ادعي ذلك . ما أنا إلا عبد فقير من عباد الله . الأمر يحتاج إلى قليل من الفراسة ولا تنس أن خبرتنا بعدونا الخبيث الحاقد تعلمنا أن ما يسعى إليه هو إيصال معاناتنا إلى أقصى حد ممكن كي يضعف من مقاومتنا ويكسر من إرادتنا ويجعلنا نستسلم لما يريد وبذا تخلو الساحة له في الداخل كما خلت في الخارج فتتم له السيطرة الكاملة ويتوسع بشتى الطرق استيطان واستيلاء على الأراضي والمياه والتوسع الاقتصادي في خارج فلسطين . نعم . أول الطريق هو كسر إرادة المقاومة عندي وعندك وعنده وعند شعبنا كله. إننا الآن نعرف عدونا جيدا.
سامي : هذا الكلام صحيح ولكنه لا يقول أكثر من عنوان عريض هو المقاومة. ولكن السؤال كيف ؟ أنا أرى أن نتحرك باتجاه تحقيق هذا المطلب.
الرنتيسي : هذا بالضبط ما قلته للشباب. لنتفق على برنامج مقاومة لتحقيق مطلبنا هذا. سنبدأ بالاعتصام في الساحة اعتبارا من الآن. واذا فشل تتلو خطوات أخرى. ماذا ترون؟
رضوان : سنبلغ جميع المعتقلين.( يخرج)
سامي : سأذهب لإبلاغ الاخوة في فصيلنا.( يخرج)
(يبقى الرنتيسي ومعه المعتقل الأول . يفتح الرنتيسي المصحف ويقرأ)
الرنتيسي : (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص)
المشهد الثاني
( ديوان شلتئيل . مكتب ضخم في وسط الغرفة وخزانة ملفات وفي ارففها العليا بعض الكتب وفي الأرفف السفلية أضابير . إلى يمين المكتب علاقة ملابس . يدخل شلتئيل وهو رجل ضخم الجثة بلباس عسكري وعلى كتفه عدد من النجوم وعلى صدره عدد من النياشين. يدخل معه نائبه شلومو )
شلتئيل: ها شلومو . بم أجبتهم؟ أرجو ألا تكون العادات الشرقية قد تحركت عندك وقبلت مطالبهم.
شلومو( بوجوم ) : أي عادات سيدي المدير . لا افهم ما تقصد؟
شلتئيل : العادات الشرقية . أحيانا يتصرف السفارديم مثل العرب تماما. لا تكاد تشعر بوجود شيء تحت جمجمة الواحد منهم.
شلومو( بتكشيرة) : تقصد جمجمة السفارديم؟
شلتئيل : اقصد العرب يا شلومو.. حين قسم الله الغباء على جميع الحيوانات أعطى كل حيوان مقدارا صغيرا منه . ولكن عندما جاء دور العرب في آخر طابور الحيوانات كانت حصتهم الأكبر. هؤلاء خلاصة الغباء.
شلومو ( مقطبا): وهل السفارديم مثلهم؟
شلتئيل : أحيانا يهبطون إلى مستوى العرب . ولا أدري ما السبب. لا أظنه الماء أو الهواء . أنا أتنفسه منذ ثلاثين سنة هنا . هواء وماء ارض الميعاد خليق فقط باليهود الحقيقيين . اليهود الذين عانوا في أوروبا. أظنه طول الجوار يا شلومو. الحمد لله أن دولة إسرائيل قامت قبل أن نختلط بهؤلاء المنحطين وإلا لصرنا مثلهم. ألا ترى شلومو أنن الله إذا أراد أن يمسخ إنسانا جعله عربيا أو ميالا له؟
شلومو: أنا لا أميل إلى العرب سيدي المدير. أنا مثلك أكرههم ولكني لا أظنهم حيوانات . انهم بشر لكنهم أدنى مستوى من اليهود. ثم إنني أرى أن هذه الحديث ينحرف إلى جوانب قد لا تكون سارة.
شلتئيل : أشم رائحة تهديد يا شلومو. أنا فقط أردت أن اعرف إن كنت قد أعطيتهم أية بارقة أمل. هذا ما اعنيه. أن تكون قد أحسست بواجب الضيافة فأكرمتهم بوعد ما ولو بعد ألف سنة.
شلومو: لم يحدث يا سيدي المدير . قلت لهم إن سياستنا بالنسبة للمعتقلات المؤقتة تقضي بعدم السماح بزيارة أهالي المعتقلين. وان لا حديث في الموضوع دون وجودك. ثم حتى لو أعطيتهم وعدا فهل يعني هذا الوعد شيئا؟
شلتئيل : هذا حسن . تستحق مكافأة على ذلك يا شلومو. ( يخلع جاكتته ) خذ هذه وعلقها على المشجب. و اذهب ودع عامل البوفيه يحضر لي فنجان قهوة. فنجان واحد يا شلومو. أنا احب شرب القهوة وحدي.
شلومو ( بعصبية) : وهل طلبت أن اشرب معك القهوة سيدي؟
شلتئيل : خشيت أن يكون قد انتقل إليك من العرب ذلك فهم ينظرون إلى اتفه الأمور ويركضون خلفها وكأنها الدنيا وما فيها.
( يخرج شلومو وهو يتمتم لنفسه . )
شلومو متمتما: لقد تجاوز حدوده . ولكنه وقع. سيرى من شلومو بن منحاس المغربي ما لم تعلمه أمه الراقصة في حانات وارسو.
(يخرج . يغيب قليلا ثم يعود ومعه ورقة)
شلومو: سيدي المدير . جاءتنا من أحد عملائنا رسالة تحذير.
شلتئيل( بقلق): ماذا فيها ؟ اقرأ بسرعة شلومو.
شلومو: الرنتيسي يؤلب المعتقلين على العصيان والاعتصام في الساحة وقد يتطور الأمر إلى إضراب عن الطعام.
شلتئيل : اعتصام وإضراب عن الطعام. الوضع خطير شلومو. كل هذا يحدث في خلال إجازة يومين يا شلومو. هل أنت نائب مدير عام المعتقل أم رجل طاولة؟
شلومو: سيدي لا داعي للإهانات. الورقة تقول إن اتفاقهم جرى اليوم . مع قدومك سيدي.
شلتئيل : حسنا ، فكر معي بسرعة شلومو. لا نريد مشكلات في المعتقل . سيُرحِّلون إلينا حوالي ألف خمسمئة معتقل جديد وقد وافقت اللجنة المالية في الكنيست على اعتماد تحويل المعتقل المؤقت هنا إلى دائم. هذا يعني ..
شلومو : يعني ماذا ؟
شلتئيل : يعني ترقية كبيرة . ترقية كبيرة لي ولك يا شلومو؟ ولكن إذا حدثت قلاقل قد ..
شلومو: والعمل ؟
شلتئيل : شلومو سنماطل يا عزيزي. نكسب الوقت. ثم نجمع زعاماتهم ونعذبها ونشتتها. سنقوم أولا بما يلي :ابلغهم أنني أريد الاجتماع بممثلين عن الفصائل في ديواني الأسبوع القادم.
شلومو : وماذا نفعل الأسبوع القادم ؟
شلتئيل : سنتحدث عن مطالبهم. وسنشترط وقف مظاهر العصيان حتى تكون هناك جولة ثانية ،ثم في الاجتماع الذي يليه سنقول بان المعتقلين لم يلتزموا بما اشترطنا عليهم.
شلومو : أرى أن نفتعل شيئا ما لنفشل المحادثات. ثم نتفق على موعد جديد.
شلتئيل : لا بأس . المهم أن تتوقف مظاهر العصيان والتمرد. ثم أريد أن تأتيني بملف المدعو الرنتيسي. وابلغهم بأمر الاجتماع. ولا تنس أن تؤكد على جميع رؤساء الأقسام ا بضرورة الحضور)
( طرق على الباب. يدخل الجندي عامير حاملا القهوة . يظهر خلفه رجل معه حقيبة جلدية سوداء . أشيب في أواخر الأربعين من العمر يخرج شلومو)
عامير : سيدي هذا الرجل جاء من البوابة الرئيسية. سمحوا له بالدخول لأنه يحمل إذنا من قيادة المنطقة.
( يضع القهوة وينصرف)
شلتئيل: تفضل بالجلوس . هل من خدمة؟
جيرارد ماثيو: أنا جيرارد ماثيو من منظمة اوبن آي لحقوق الإنسان.
شلتئيل ( يَصفَر وجهه ويلعق شفتيه ويقطب): حقوق الإنسان. لماذا جئت إلينا هنا يا سيد جيرارد . هل احترم من حولنا حقوق الإنسان وصرنا نحن الذين لا نحترم حقوق الإنسان؟
جيرارد ماثيو : منظمتنا كبيرة ولها مندوبون في كل مكان.
شلتئيل : هذا جيد أنت تعرف أن إسرائيل دولة ديمقراطية ، وتحترم حقوق الإنسان. نحن الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي نظامها ديمقراطي. فأين تبحث عن حقوق الإنسان؟ مستر جيرارد لقد جئت إلى العنوان الخطأ. اليهود في إسرائيل يضربون مثلا للعالم كله في الديمقراطية . هل سمعت عن يهودي تعرض للصفع من شرطي؟ هل سمعت عن يهودي يعذب في إسرائيل؟ هل يتغير قانون الانتخاب وفقا لأهواء السيد رابين؟ هل سمعت عن تبديل صناديق الانتخابات عندنا؟
جيرارد ماثيو: الإسرائيليون لديهم نظام ديمقراطي ولا شأن لي إن كان ديمقراطيا حقيقيا أم غير ذلك، أنا هنا لبحث أمر آخر . حقوق الإنسان للمعتقلين الفلسطينيين في معتقل النقب.
شلتئيل : آه هؤلاء المخربون الإرهابيون؟ هل تعتقد أن المخرب والإرهابي يتمتع بحقوق الإنسان؟هل تعتقد أن الذي يزرع القلاقل ويخل بالأمن في المناطق يتمتع بحقوق إنسان. دعني أقول لك بصراحة مستر جيرارد : بمجرد أن ينزل أحد سكان المناطق من العرب إلى الشارع ويقذف جنديا يهوديا بحجر يفقد كل حقوقه إن كان له أصلا حقوق.
جيرارد ماثيو: حقوق الإنسان تنطبق على كل من يطلق عليه اسم إنسان. وهؤلاء بشر. بالطبع لن أقول إنها أرضهم وإنها محتلة فهذا ليس من شأني. ولكن كما قلت هم بشر ولهم حقوق البشر.
شلتئيل : أرجو أن أكون متيقنا من ذلك مثلك. وهل بلغك إننا ننتهك حقوق الإنسان؟ جميع المعتقلين هنا من يهودا والسامرة وغزة. متشردون . لم يكن لهم مأوى. وبدلا من أن يصبوا غضبهم على زعمائهم الذين يبددون أموالهم ويسرقونهم يصبونه على الجندي الإسرائيلي المسكين الذي يسهر على أمنهم بعيدا عن أمه أو عن حبيبته. وهم لا يقدرون ذلك . هذا اللؤم في العرب. لقد أخرجناهم من أزقة غزة و رفح والمخيمات الموبوءة وجئنا يهم إلى هذه المنطقة ذات الهواء النقي الرائع. هناك يموتون من الجوع والاستجداء على معبر ايريتز. وهنا نطعمهم ونلبسهم . اسأل أي معتقل كم كيلو غرام زاد وزنه. مع انهم إرهابيون وخسارة فيهم ما يأكلون. حقوق الإنسان التي يجب أن تبحث في أمرها مستر جيرارد هي حقوق جنود جيش الدفاع وحرس الحدود الذين يتعرضون لقذف الحجارة من المشاغبين العرب دون رحمة ولا شفقة. لقد تسببوا بعاهات كثيرة لجنودنا. ألا تعتقد أن جرائمهم هذه يجب ألا تمر دون عقاب؟
جيرارد ماثيو ( كمن لم يسمع شيئا من شلتئيل) : جاءتنا شكوى من أن المعتقلين تمنع عنهم زيارة ذويهم وأقاربهم.
شلتئيل : وماذا في ذلك ؟ أي انتهاك في هذا؟ نحن نبحث عن راحتهم النفسية. حين تأتي زوجة معتقل أو أمه أو أبوه يشعر بالإحباط والألم وتصبح إقامته هنا غير سارة. هذا سيء لصحته النفسية ولصحة زملائه. وهذا بدوره سينكد على كل من في المعتقل. ومن ناحية أخرى الزوار ينقلون معلومات من والى المعتقلين وهذا فيه خطر كبير على الأمن. الأمن مستر جيرارد . الأمن . أتفهم مستر جيرارد؟
جيرارد ما ثيو : هذا تفسير غريب يا حضرة المدير.
شلتئيل : هذا تفسير صحيح وعبقري يساوي عبقرية الحقيقة. الا تعلم أن الحقيقة عبقرية؟ نعم. الحقيقة عبقرية و لهذا تبدو كالخيال وتثير الاستغراب عند الناس. بالمناسبة أرجو ألا تكون ممن يحتكون كثيرا بالعرب .
جيرارد ماثيو : لماذا؟
شلتئيل : لأن الحقائق ستهجرك يا سيد جيرارد. وستعيش في أوهام كثيرة كتلك التي تقول إن للفلسطينيين الإرهابيين حقوق إنسان وإن لهم أرض وانهم مظلومون.
جيرارد : سيدي المدير . هل لي بمقابلة بعض السجناء.
شلتئيل : بالطبع لا . لماذا تقابلهم؟ ماذا تريد أن تعرف؟ تعذيب . إسرائيل لا تعذب. من يموت يموت لأنه كان موجودا حين كنا ندافع عن أنفسنا وشعبنا وأرضنا التي وهبنا الله لنا في أرض الميعاد .. أرض اسرائيل.
جيرارد ماثيو: ولكن معي موافقة بمقابلة السجناء والاطلاع على ظروف الاعتقال.
شلتئيل : أقترح أن تنسى الموضوع برمته. الصلاحيات المخولة لي تجيز لي منعك. طاب يومك مستر جيرارد. ( يخرج جيرارد بانفعال. يدخل جندي ومعه ملف)
عامير : ملف الرنتيسي . ( يضع الملف على المكتب ويخرج)
شلتئيل ( متناولا الملف ومقلبا صفحاته ويقول ساخرا): يا سلام. لدينا بطل. وعصبي . ويحترمه الجميع ويقدرونه. كان يعالج الأطفال المرضى مجانا في القطاع وبئر السبع. يعني قيادي ومحبوب . ولكنه قاتل. دماء أبنائنا لا زالت على يديه. ( ينظر باهتمام إلى ورقة و يقرأ) : ما هذا التقرير عنه (هذا الرجل أحد أخطر أعداء الشعب اليهودي واكثر الفلسطينيين تحمسا لإزالة دولة إسرائيل. الرنتيسي خطر وجودي على إسرائيل. اخطر ما في هذا الرجل هي الرسالة التي يحرص على إيصالها إلى الجمهور العربي والفلسطيني أن بالإمكان هزيمة إسرائيل والقضاء عليها وهو يلعب دورا مركزيا في دفع العمل المقاوم ضد الدولة العبرية بكل قوة ومواظبة).
( يفرك ذقنه)
شلتئيل : خطير و عصبي و لا يخاف من أحد. رائع جدا . هذا ما احتاجه. مهما فعلت به لن يلومني أحد إذن.
( يطرق الباب. يرفع رأسه من بين الأوراق ويقول :أدخل . ثم يعود إلى التحديق في الملف)
داني : إجازة سعيدة شلتئيل .
شلتئيل( متفاجئا) : داني ، أنت هنا؟ لم تخبرني انك قادم. هل رآك أحد؟
داني : وماذا في ذلك؟ شلتئيل نحن أصدقاء .
شلتئيل : داني أنا لا احب أن تفتح العيون على علاقتنا.
داني : لماذا؟
شلتئيل: يجب أن يبقى الأمر سرا.
داني : العيون أغمضتها كلها من اجل مصلحتنا. وكما طلبت مني فأنا أكتب الشيكات بعمولتك باسم ولدك شاؤول . ولن تثور شكوك أحد لأنه يعمل عندي. ستعتبر مكافآت عمل.
شلتئيل : لا زلت غير مطمئن. يجب أن نكون حذرين.
داني : لن يشك أحد شلتئيل. ثم بربك ماذا نفعل؟ أنا صاحب شركة تعهدات أغذية للفنادق والمعسكرات التدريبية و للسجون. لدينا معاييرنا للعمل. الشركة تقدم كميات اللحوم المتفق عليها. وتقدم خدمة رائعة . ماذا يعني لو كان اللحم تحت التجميد منذ عشرة أعوام. أو تم نقله دون تجميد . فترة مؤقتة وسيطبخ وسيصبح احسن من الطازج. ماذا يضر المعتقلين لو أكلوا أرز مصري بدل الأمريكي. منذ متى يميز العرب بين الأرز والنخالة؟ العربي يأكل وهو مغمض الأعين مثل الكلاب . الشيء الوحيد الذي نفعله ولا نريد لاحد ان يعرفه..
شلتئيل ( مقاطعا وهو يلتفت يمنة ويسرة): أصمت داني. لا تثرثر.
داني : لا يوجد أحد غيرنا شلتئيل . ماذا أصابك. منذ متى تعاني من وساوس قهرية؟ كل ما كنت سأقوله إن الشيء الوحيد الذي نفعله هو إننا ندس مادة تسبب العقم. وهذا مطلوب من فوق ومعروف في رئاسة الوزراء. وكما قلت لك العرب يأكلون كالكلاب أعينهم مغمضة.
شلتئيل (ضاحكا): مثل القطط داني.
داني ( ينفح بسيغاره الضخم ويمل إلى الوراء في كرسيه): لا مثل الكلاب.
شلتئيل ( وهو يوقع الفواتير دون أن ينظر إليها): لن نختلف على نوع الحيوانات التي تشبه العرب . المهم أن لا تكرر الزيارات كثيرا.
داني (خارجا وهو يقلب الفواتير بفرح ويقبلها) : كما تريد شلتئيل.
المشهد الثالث
( خيمة كبيرة من خيام المعتقلات . يجلس على بساط كبير مجموعة كبيرة من المعتقلين ومن بينهم الدكتور الرنتيسي وسامي و المهندس إبراهيم رضوان والخالدي)
سامي: كما توقعنا أيها الاخوة بعد يوم من الاعتصام في الساحة بدأ الصهاينة بالتراجع وهذا يعني أن قرارنا صحيح ووحدة صفنا تضمن لنا تحقيق المطالب.
رضوان: لقد رأيت أحد الجنود يرافقك إلى إدارة المعتقل. هل قابلته ؟
سامي : في الحقيقة لم أقابله. أنت تعلم انه لا "يستنظف" أن يقابل أحد منا ويطلب من نائبه التعامل معنا؟
الدكتور الرنتيسي (بحدة): لا يستنظف ؟ ومن هذا النجس الذي لا يستنظف أن يقابلنا؟
سامي : شلتئيل المدير العام للمعتقل. ماذا تقول في مسؤول عندما يمر للتفقد لا يتكلم بل يشير برأسه. وحين يريد أن يسألك ينظر إلى نائبه ويطلب منه أن يسألك. وقبل أن يسال يبصق.. أتعرف يا دكتور ؟ لقد زرت جميع السجون والمعتقلات ومررت بأسوأ التجارب وابشع أنواع التعذيب والكثير من الصهاينة القذرين والحاقدين والعنصريين ولكني لم أصادف مخلوقا بخسة ونذالة شلتئيل .
معتقل أول : هذا شيء ومشيته شيء آخر. حين تراه وهو يشمخ بجذعه ويرفع رقبته باتجاه السقف تظن انه شخص يريد ان يقول لك إنه هبط من الفضاء أو أنه مستعمر إنجليزي بين قبائل بدائيو افريقية.
الدكتور : غريب لم الحظ وجوده قبل الآن .
رضوان : لان مكتبه الدائم ليس في المعتقل . له ديوان خاص . وهو قليلا ما يأتي إلى هنا. ثم أنت جديد يا دكتور على المعتقل ونحن هنا منذ ثلاث سنوات.
الخالدي : سمعت أشياء غريبة عنه غير التعالي والغطرسة والعنصرية. سمعت انه مستعد لتلفيق تهمة لأي معتقل . كما انه حقود ويميل إلى الانتقام. ويقال انه كان ضابط الارتباط مع حزب الكتائب وقد اشرف بنفسه على مجزرة شبرا وشاتيلا.
معتقل ثاني: وأنا سمعت عن شراسته وغلظته. صدقوني لقد لاحظت أن الجنود الإسرائيليون يتقون شره . حتى نائبه يتغير وضعه حين يكون شلتئيل موجودا. يصبح مثل الممسوس.
معتقل ثالث: وهل شلومو بن منحاس افضل ؟ الخل أخو الخردل.
الدكتور الرنتيسي : أرى أن الموضوع انحرف نحو هذا النكرة مع العلم أن علاجه بسيط.
سامي : لا يا دكتور أرجوك استرنا لا نريد أن نستفزه. لدينا مطالب يجب ان تتحقق. وخوض معارك جانبية قد يفسد الامر كل÷.
الدكتور الرنتيسي : أنا لم اقل شيئا ولم افعل شيئا. ثم إن التغاضي عن الاهانات والتصرفات المشينة بحقنا لا يخدم قضيتنا. لماذا جئنا جميعا الى هذا المعتقل؟ لو كنا ممن يتلقون الصفعة على الرقبة وينتظرون الركلة في الظهر ثم يقولون الحمد لله لا نزال أحياء لما كنا هنا. ألم تكن انتفاضاتنا لكرامتنا وشرفنا ؟ لا يا اخ سامي أنا ضد العقلية التي تهادن وفي ظنها انها بهذا تجعل العدو يحترمها. صدقني يا أخ سامي ان العدو وبالذات اليهودي لا يزداد بهذا الاسلوب الا شموخا وصلفا وتكبرا وتعنتا . ولكن دعنا من هذا الآن . لا نريد ان نختلف على أمر جانبي كما قلت . المهم الآن ماذا قال نائبه؟
سامي : طلب مني أن ابلغ الجميع أن شلتئيل يريد أن يجتمع بممثلين عن كافة الفصائل. وبعد أن نتفق على أسماء من سيقابلونه نرسلها لهم لتحديد موعد اللقاء.
الدكتور الرنتيسي:وهل طلبوا شيئا محددا؟
سامي: نعم، هدد بنقلنا إلى زنازين انفرادية وتوعد بان يذيقنا اشد العذاب وطلب بفك الاعتصام على الفور وإلا فلن تكون هناك رحمة.
رضوان : رحمة ؟ دعني أتتذكر تعريف الرحمة عند الصهيوني . تعم الرحمة هي الشعور الذي شعره بيغن وهو يقتل جميع أبناء دير ياسين ويغتصب نساؤها. وهل كانت هناك رحمة عندهم حتى يلوحوا بسحبها.
الدكتور الرنتيسي: سنريهم أن التهديد لا يخفنا. نريد أن يذهب ممثلون إلى شلتئيل أو نائبه ويبلغه إننا موافقون على اللقاء ولكن لن نفض الاعتصام، وانهم إذا لجاوا إلى أي أسلوب من أساليبهم الهمجية المعروفة فسوف نعلن الإضراب عن الطعام إضافة إلى الاعتصام.
معتقل : ولكن هذا تصعيد يا دكتور. وقد ينقلب الأمر ضدنا فهذا سيجعلهم أشرس.
الدكتور : يا آخي أرجو ألا تكون من المخذلين .هذه مقاومة . معركة ويجب أن نكسبها.
سامي: موافقون. فلنتفق على الأسماء. فليعد كل إلى فصيله لاختيار من يمثله.
الرنتيسي : عن حماس المهندس رضوان والأستاذ الخالدي.
رضوان : والدكتور الرنتيسي أيضا.
الرنتيسي ( مخاطبا اثنين من المعتقلين): توكلوا على الله بانتظار تسمية الفصائل الاخرى ممثليها، لنعد إلى الساحة لمواصلة الاعتصام.
( يخرج الجميع)
الفصل الثاني
المشهد الأول
(ديوان شلتئيل . مكتب شلتئيل. شلتئيل جالس إلى مكتبه . رجلاه على الطاولة في مواجهة شلومو)
شلتئيل : ماذا حدث شلومو؟
شلومو: جاء ثلاثة ممثلين عن المعتقلين أبلغونا بالرد.
شلتئيل( يصرخ بغضب) : الرد؟ هل يملكون الرد؟ من يظن هؤلاء الأوباش أنفسهم. مطلوب أسماء من سيحضر ومطلوب أن يحضر الممثلون يعني المسالة يا شلومو ليست على مزاجهم أو مزاجك.
شلومو( بتوتر): ولكن سيدي المدير هذا ما حصل . لقد أبلغتنهم بتعليماتك وجاءوا بالرد.
شلتئيل : وما هو الرد؟
شلومو( مترددا): الواقع .. الحقيقة ؟
شلتئيل : واقع ماذا وحقيقة ماذا؟ قلت إنهم جاءوا بالرد فما هو؟
شلومو: يقولون بأنهم لن يفكوا الاعتصام حتى تستجاب مطالبهم؟
شلتئيل . عال. عال والله عال. من المعتقل هنا ؟ أنت وأنا أم هم؟ في دولة إسرائيل لا يحق لعربي أن يقول أي شيء. في معتقل شلتئيل على العربي أن يقبل الأرض تحت أرجلنا ويشكر ربه إذ لم نذبحه ذبح التيوس. ماذا أيضا يا سيد شلومو؟
شلومو: وقالوا إن التهديد لا يخيفهم وأننا أن فعلنا ضدهم أي شيء سيصعدون من مقاومتهم و..
شلتئيل (ينتفض واقفا ويضرب الطاولة بيده): هذا ما ينقصنا حفنة عرب يقبلوا أيادينا على معبر ايريتز لنسمح لهم بالدخول والعمل . مجموعة جبناء يركضون إلى مجلس الأمن كلما فعلنا شيئا لحماية أمننا واستعادة ارض إسرائيل من نجاستهم يهددونا الآن. شلومو ألا يعرفوا من هو شلتئيل؟ ألا يعرفوا أنني مستعد أن أحرق المعتقل كله فوق رؤوسهم القذرة. سيصعدون من مقاومتهم . فليصعدوا . سأجعل من جلودهم مكتات سجائر و سأجعل من ليلهم نهار ومن نهارهم ليل. سأجعلهم يشتاقون للحظة راحة . لحظة إحساس بأنهم إحياء.
شلومو: ولكنهم أيضا على استعداد للمباحثات.
شلتئيل : يبدو يا شلومو انك لم تنقل تعليماتي لهم كما هي . التعليمات كانت أن تقول لهم إنني أصدرت أوامري بان يأتي ممثلون عنهم ليعرفوا قراري بخصوص مطالبهم وليس لنتباحث. شلومو هؤلاء عرب . يفهمون الأمور بصورة سطحية . يفهمون كلمة نتباحث ان يجلسوا كند لنا ويقدمون مطالبهم ويفاوضون وكان بيده الأمر او كان بيدهم مفاتيح اللعبة أو أن قرارهم بأيديهم. شلومو عندما تكون أنت والفلسطيني على قدم المساواة تتفاوض معه وتتباحث . ولكن هؤلاء أدنى مستوى منا. شلومو ألا تذكر القصة التي ندرسها لأطفالنا عن العرب ؟ سأذكرك بها لأنني أحفظها عن ظهر قلب: (تقدم اليهودي الطيب " شمعون" بهدية مهمة ومناسبة لصديقه العربي " أحمد" الذي يقيم الليلة حفلة عرسه، كانت هدية اليهودي الطيب "شمعون" لصديقه "أحمد" عبارة عن صابونة. لقد أحضر " شمعون" تلك الصابونة لإدخال السرور على قلب صديقه أسرته. ولقد فرح العربي كثيرا بهذه الهدية القيمة فقام وفتحها أمام الحضور وابتلع منها قطعة وناول المتبقي منها الى زوجته العربية. لكن شمعون بادر صديقه موضحا بان الهدية ليست قطعة حلوى بل صابونة للاستحمام وإزالة النجس والقذارة عن جسده المنتن). أفهمت شلومو. أخشى أن يصدقوا أنفسهم ويتقدموا بمطالب ويصرفوا على أن ننفذها. قد أموت بالسكتة إذا حدث ذلك. كلمة مطالب أشبه بكيبل مليون ميغا واط يصيب رأسي.
شلومو: أعرف القصة . ولكني أؤكد انهم يستطيعون التسبب بمشكلات كبيرة أيضا.
شلتئيل : مثل ماذا؟
شلومو: لوائح السجون والمعتقلات تحظر الاعتصام والإضراب عن الطعام وخلافه. إذا اضربوا عن الطعام ستحدث هناك ضجة في الخارج وستتدخل أطراف من هنا وهناك. دائما ينتج عن هذه الأعمال تدخلات واستفسارات مقلقة. مثلا جماعات حقوق الإنسان تبدأ بالتدخل وستعمد الحكومة من أجل حملات العلاقات العامة وتبييض صورة الحكومة إلى التنصل مما يجري وستقول أنها تحافظ على حقوق الإنسان وان هذه التصرفات ان وجدت فهي فردية ومعزولة ومرفوضة من أشخاص مرضى لا يمثلون قيم المجتمع الإسرائيلي. وآنت تعرف أن أوامرنا تقضي بان نفعل ما نريد دون إثارة انتباه أحد. انهم لا يعترضون على أي شيء ما دام مخفيا. ولكن إذا حدثت ضجة ما سيتخلى عنا الكبار وسنقع نحن تحت طائلة المسؤولية.وسيخرجون منها أبطالا في الدفاع عن القيم اليهودية وحقوق الإنسان.
شلتئيل : معك حق شلومو. دولتنا لا تعترف بمن يتصرف بغباء. قد يطلبون منا أن نقتل ثم نغسل أيدينا وإذا كشفت الجريمة. اتهمونا بأننا نسينا بعض قطرات الدم على أيدينا عندها سنكون ضحايا النفاق والانتهازية. اعطني أسماء الممثلين .
( يقدم إليه كشف الأسماء. يقرأ الأسماء ويتوقف)
شلتئيل : ما هذا ؟أرى اسم الرنتيسي بينهم.؟ من أين جاءنا هذا المأفون؟
شلومو : يقول عملاؤنا انه هو المحرض الرئيسي على الاعتصام والتصعيد.
شلتئيل : أتعرف شلومو؟ اسم هذا الرجل يجعل جلدي يقشعر. أحس بأنني اكرهه دون أن اعرفه أو أراه. اشعر انه نذير شؤم علينا. أتمنى لو اشحنه إلى الفضاء الخارجي بتذكرة ذهاب دون عودة. ولكن لا بأس لدي خطة ستفشل الموضوع وستجعلهم يصمتون وستعطينا الفرصة للتخلص من الرنتيسي.
شلومو : ما الخطة؟
شلتئيل : سنجعلهم يحضرون ويجلسون في الديوان. ونبقيهم وحدهم ينتظرون مدة نصف ساعة حتى تتوتر أعصابهم ثم تدخل أنت ورؤساء الأقسام وتجلسوا على كراسي مقابلة لهم. بعد نصف ساعة أيضا ادخل أنا . أشير برأسي فتقفون لي احتراما. أشير برأسي إليهم فيقفوا . اطلب إليكم الجلوس أبقيهم واقفين . فيحتجون على الإهانة ويغادروا القاعة. عندها نتذرع بأننا طلبنا اللقاء لبحث الموضوع وهم أفشلوه وخرجوا دون ان يتقدموا بمطالب مما يعني انهم يبحثون عن إثارة مشكلات والإخلال بأمن المعتقل. وبالتالي نستطيع أن نقمعهم كما نشتهي دون ملامة.
شلومو : خطة رائعة ولكن من يضمن انهم سيحتجون.
شلتئيل : ملف الرنتيسي يقول إنه رجل معتد بنفسه ويرفض الذل ولا يحتمل الإهانة. وشخص كهذا يظن انه يفيد الآخرين بسلوكه . أضف إلى ذلك انه يكرهنا ويزرع كرهنا في قلوبهم . ستكون فرصته لان يحتج . ولكني سألقنه درسا أخرسه . هذا الأحمق لا يعرف من هو شلتئيل . صرخة واجدة ستجعله ينتفض مذعورا أمامي ولن اقبل ساعتها أن يقبل يدي . بل سأجعله ينحني ويقبل قدمي أنا اكرهه يا شلومو. لقد قرأت الكثير من التقارير عن ملفه. إذا ظل هكذا فالخطر سيأتي من جهته علينا. ولهذا سأحاول أن اكسر إرادته وان أهينه أمام الجميع. بل سأمضي إلى ما هو أبعد من هذا: سأتنازل واضع يدي في أيديهم وحين أصل إليه سأتجاوزه ولن أصافحه مما سيثيره اكثر فإذا فتح فمه ليتكلم جعلته عبرة لمن تسول له نفسه أن ينظر في وجه سيده اليهودي.
شلومو: وهذه معقولة أيضا.
( يدخل عامير مسرعا)
عامير : سيدي المدير هناك حالتا تسمم في المعتقل.
شلتئيل ( بهلع): ماذا تعني ؟
عامير : كان المعتقلان يتناولان الطعام في الميس حين وضعا أيديهما على بطنيهما وبدآ يصرخان.
شلتئيل : ألم اقل إن العرب ليسوا بشرا. يأكلون حتى يخرج الطعام من أنوفهم ثم يصرخون من الألم. انقلوهما إلى المستوصف.
عامير : حسنا سيدي.
شلومو: ( مبتسما بخبث ): هل اخبر داني بالأمر؟
شلتئيل ( بوجوم ودون أن ينظر إلى شلومو): داني وما دخل داني في الموضوع؟
شلومو: ربما يكون الطعام هو السبب.
شلتئيل : من المستحيل أن يكون الطعام هو السبب. شراهة العرب هي السبب. انهم لا يكتفون بما يسكت الجوع بل يأكلون كأنها الوجبة الأخيرة قبل نهاية العالم. وعلى أية حال إذا كان الطعام هو السبب فسأجعل هذا المدعو داني يندم. هل يأكل أحد من الإسرائيليين من طعام العرب؟
شلومو: لا. داني يصر على أن يعد لنا طعاما يهوديا خاصا بنا. وهذا ما يجعل الجميع يحبه ويحترمه. طعام خاص كالذي تناولته في إجازتك سيدي.
شلتئيل ( مبتسما ومتنهدا براحة): كان طعاما رائعا. وحده الخبز المعجون بدم العرب يدخل النشوة الصوفية اليهودية في قلبي. أرسل لي تقريرا بما حدث للمعتقلين.
المشهد الثاني
( ساحة المعتقل. يقف الدكتور الرنتيسي والمهندس رضوان و الخالدي)
الدكتور الرنتيسي: إذن فقد تحدد موعد اللقاء مع المدعو شلتئيل؟
المهندس رضوان : نعم. غدا الساعة العاشرة . ستنقلنا حافلة إلى ديوانه خارج المعتقل.
الدكتور الرنتيسي: هل رتبتم مع الاخوة الممثلين ما سنقول وما سنعرض ؟
الخالدي : كل شيء متفق عليه. يجب أن نخرج ومعنا موافقة على مقابلة الأهل والاعتراف بحقنا في الزيارة.
الدكتور الرنتيسي : يجب أن نضيف إلى المطالب موضوع الطعام. اشك أن اللحم الذي يقدم لنا غير صحي.
الخالدي : ماذا تعني ؟
الدكتور : هناك حالات تلبك معوي تحدث و اليوم حدثت حالتا تسمم. الأمر غير مطمئن.
رضوان : الأمور هذه تحدث منذ مدة طويلة.
الدكتور: إذا كان هذا يحدث من زمن فما معنى السكوت. الخطوة الأولى في تغيير أي وضع غير صحيح هي الاحتجاج عليه وابسط وسائل الاحتجاج هي الكلام. المشكلة هي في سكوتنا على الخطأ. لا يسعد الظالم اكثر من السكوت. الصمت لا يغير شيئا. ولكن كلمة تفعل أشياء كثيرة. خذ مثلا هذا الشلتئيل.
الخالدي: ما به؟
الدكتور: لقد استمعت في الاجتماع إلى حديثكم عنه وعن عنجهيته وعن صلفه واستعلائه ولم يعجبني ذلك.
رضوان : كلنا لا نحب هذا ولكن لم تكن هناك مناسبة مباشرة تجعلنا نتخذ موقفا ما.
الدكتور: لماذا علينا أن ننتظر مناسبة لنعبر عما يجول في صدورنا. هب أن المناسبة لم تأت قط ، فهل نظل نعاني. يا اخوة في حالات الاحتلال او الظلم الذي يلحق بشعبنا او بامتنا لا ينطبق المثل " غلب بستيرة ولا غلب بفضيحة" الغلب هو الغلب ولو تطلب إزالته ألف فضيحة فلتكن . لقد فكرت كثيرا في استعلاء هذا الرجل وهيبته في نفوس الشباب. وأجد ان استفحال الخوف والهيبة منه خطر عظيم. ما دمنا نخاف من عدونا فلن نستطيع مجابهته في أي ميدان.
الخالدي: يجب أن لا تبقى هناك هيبة منه في نفس أحد . انه مجرد بشر.
رضوان : بشر ولكنه سيء الطباع.
الدكتور لقد فكرت كثيرا في كيفية انتزاع هذه الهيبة من نفوسهم.
الخالدي : ماذا ستفعل؟
الدكتور: ليس هناك شيء محدد. ولكني وطنت نفسي على فعل شيء ولا اعلمه .ولدي استعداد أن أتصدى له إذا تصرف بطريقة لا تليق. لشدما اكره الظلم والتجبر والاستعلاء. لا أستطيع أن افهم كيف يستطيع الإنسان الضعيف الذي يحتاج إلى خالقه في كل شيء أن يستعلي ويتكبر؟ ألا يدعو هذا إلى التأمل يا اخوة؟ ما نحن أمام عظمة الله وجبروته وقته؟ ألسنا أصفارا؟ فكيف يجرؤ شخص كهذا لا حول له ولا قوة أن يستكبر؟ أليست هذه عقدة فرعون؟
رضوان: شلتئيل مثل رؤسائه مرؤوسيه ومثل أي إنسان آخر . حين يمتلك الإنسان بعض القوة والسلطة على المستضعفين من البشر يحس أنه امتلك كل شيء. فينسى نفسه و ينسى من حوله. ويبدأ في الرحلة التي ينشق فيها عن فطرته وإنسانيته ويبدأ بالتصرف وكأنما هو الوحيد على الأرض أو كأنما الأرض خلقت له وحده وان الآخرين آدني منه شانا ومستوى. وبهذا يبرر لنفسه ظلمهم.
الرنتيسي : وتكون المشكلة حين يقبلون بظلمه وبهذا يعطونه المبرر الأقوى للظلم والاستعلاء والقمع. صدقوني أن جريمة كهذه يشترك فيها طرفان. الظالم والمظلوم. الضحية أيضا يساهم في أن يكون ضحية. برفض الظلم والصراخ في وجه الظالم وبالتضحية يزول الظلم. التضحية هي مفتاح التغيير. إذا توقفت لحظة لتفكر لماذا أفعل هذا وذاك ستموت فيك المقاومة. أغمض عينيك وفكر فقط في عدوك وما فعله بك وما سيفعل وكيف ستتخلص منه . تذكر ان الكوابيس تزور النائمين فقط وان من يصمت يسمح لها بان تاتيه في صحوه أيضا.لا تنتظر أحدا أن يبادر . هذه هي التضحية القفز الى مقدمة كتيبة التي تبايع على الموت . على أية حال ، شخص بالوصف الذي تصفون لشلتئيل ألا بد وان يتصرف بطريقة غير لائقة عندها سيجدني في مواجهته.سوف أتحداه وأتصدى له واقف في وجهه.
المشهد الثالث
(قاعة في ديوان شلتئيل. تظهر على اليمين منصة ارتفاعها 30 سم عن باقي الغرفة . عليها عدد من الكراسي لجلوس رؤساء أقسام المعتقل . على الشمال عدد من الكراسي مصفوفة لجلوس المعتقلين . المسافة التي تفصل بين صفي الكراسي لا تزيد عن مترين. المعتقلون يجلسون على الكراسي المخصصة لهم.ينظر المعتقلون في ساعاتهم بين الفينة والاخرى)
رضوان : ها قد مضت نصف ساعة ولم بات أحد منهم . ماذا يفعلون.
سامي : هذا دليل على استهتارهم بنا. حين يتعاملون معنا بشيء قد يترتب عليه مصلحة لنا يأخذون ما يطيب لهم من الوقت. لا أستطيع أن أتخيل أحدا في العالم يجيد المماطلات مثلهم.
الخالدي : ألا تذكر مماطلتهم لسيدنا موسى عليه السلام في سورة البقرة.
رضوان : هذا صحيح. سبحان الله . كانت تلك إشارة ربانية لطيفة إلى طريقتهم في الاستجابة للأمور التي تتطلب منهم تقديم شيء أو الامتثال لشيء.
الرنتيسي: أحس أن الأمر مقصود ومخطط له. ليست المسالة متعلقة بمماطلة متأصلة في دمهم.
رضوان : ماذا تعني؟
سامي : هل تقصد انهم الغوا اللقاء؟
الخالدي : لو ألغوه لجاء أحدهم وقال انهم ألغوه. ولكني لا أرى أحدا . القاعة مغلقة علينا. وتلك الكراسي على المنصة فارغة.
الرنتيسي: هذا الأسلوب متبع لديهم وخاصة لدى أجهزة استخباراتهم. يدخلون المعتقل الفلسطيني إلى غرفة ثم يتركونه فترة من الوقت قد تطول لساعات. خلال تلك الفترة يزداد توتره وتبدأ خواطره بالعمل بصورة سلبية وتزداد مخاوفه وترقبه مما سيقال. وتتقاذفه أمواج من التساؤلات عما سيقولون وماذا لديهم ضده ومن وشى به من العملاء . وتبدا الصور تتوالى في ذاكرته تبرئ هذا وتدين هذا ويجد نفسه في خاتمة المطاف وقد بدأ يشك في أقرب الناس إليه. باختصار في تلك الغرفة تمر به ساعات هي أشبه بدوامة داخلية.
رضوان : ولكننا معا . ولن تنجح دوامتهم . دوامتهم تنجح مع شخص يدخل الغرفة وحيدا.شخص ضعيف يستفرد به. يعزل ويشعر ان كل شيء هجره فيبحث في جدران الغرفة عما يسري عنه ويبعث العزم في نفسه وقد يتخذ من خط على حائط الزنزانة صديقا وأخا وحبيبا. العزل سيء ولكن مع الجماعة الأمر يختلف.
الرنتيسي : انهم يريدون استفزازنا وحسب . وسيلة جديدة للتنكر لمطالبنا. تماما كما يفعلون في كل مرة تحدث فيها مفاوضات مع من اختاروا التفاوض معهم يفتعلون أي شيء ليثيروا عند الطرف المقابل الرغبة في رد الاعتبار والانتقام. قد يقتلون قائدا . يقصفون قرية ويقتلون نساء وشيوخا وأطفالا ومدنيين عزل. حتى إذا جاء الرد نفضوا أيديهم من كل شيء.
الخالدي أوراقهم باتت مكشوفة.
سامي : إذا كان الأمر كذلك فلا بد انهم يراقبوننا من مكان ما. لا بد انهم ينتظرون ان تتوتر أعصابنا ربما لنغادر القاعة.
الرنتيسي : إذا لنتظاهر بالمرح والانبساط. لنضع كل رجلا على رجل ولنبتسم.
( يفعلون ويبدأ كل يتجاذب الحديث مع رفيقه وترتفع ضحكاتهم يفتح باب القاعة الرئيسي . يدخل نائب شلتئيل ومعه رؤساء الأقسام . يجلسون على الكراسي الموضوعة على المنصة. يبدأون بالحديث مع بعضهم بعضا. يفتحون ملفات ويغلقونها )
الخالدي ( لسامي) : لقد نجحنا فدخلوا بسرعة . ولكن متى يبدءون؟
سامي : وأين الشيطان الأكبر شلتئيل؟
( يجلسون برهة . ينظرون إلى ساعاتهم. يدخل شلتئيل . يسير ببطء. ناصبا جذعه للأعلى وينظر باتجاه واحد ثم يحول رأسه قليلا باتجاه رؤساء الأقسام فيقفون. وينظر باتجاه المعتقلين يشير برأسه إليهم ليقفوا ويتقدم منهم . يقفون إلا الرنتيسي . يلاحظ ذلك فيتوقف)
شلتئيل ( يصرخ بصوت عال): من هذا؟ لماذا لا تقف ؟
الرنتيسي: اقف لمن؟
شلتئيل ( بغيظ): تقف لي . ألا تعرفني ؟
الرنتيسي . حتى لو عرفتك . لن اقف.
شلتئيل ( بصراخ عال): بل ستقف وأنت ذليل.
الرنتيسي( بهدوء) : العزة لله ولرسوله والمؤمنين . ولن اقف ولو جئت بدولة إسرائيل إلى القاعة.
شلتئيل (باضطراب وصراخ ولهاث ): بل ستقف رغم انفك.
شلومو( يأتي مسرعا): دكتور لماذا لا تقف وتنهي هذا الموقف؟ الا تعرف الجنرال شلتئيل؟ هذا مدير عام المعتقل؟
الرنتيسي: فليكن من يكون .أنا لا اقف ألا لله وهذا ليس إلها( يشير باحتقار الى شلتئيل الذي يتراجع الى الخلف خطوتين ويبدو عليه عدم التصديق . ويمسح راسه بيده ويمررها على فمه . ) انه مجرد بشر وأنا لا اقف للبشر.
رضوان: في ديننا لا يجوز القيام ألا لله.
أبو سامي: يا حضرة المدير . الدكتور إذا قرر لا يتراجع.
شلتئيل ( بتصميم يبدو فيه بداية الضعف): بل سيتراجع .والا جعلته عبرة لكم جميعا
الرنتيسي : أتهدد . أتظن أن التهديد يخيفني. لن تفعل أكثر مما فعلت . جربت الإبعاد عن الوطن وجربت التعذيب . يا شلتئيل ليس في جعبتك شيء. واقسم بالله العظيم إنني لن أقوم لك .
شلتئيل : بل ستقوم وإلا ألغيت الاجتماع.
الرنتيسي : لقد أقسمت بالله ولن أقوم وان شئت ألغه . هذا ما تريده منذ البداية. ونحن لا نعول كثيرا على الاجتماع هذا. نحن نعول على ما سنفعل.
شلتئيل : اخرس . نحن لا نتذرع بشيء . الاجتماع قائم ولكنك لن تحضره. اخرج
رضوان : إذا خرج خرجنا معه أيضا.
أبو سامي : لا اجتماع بدون جميع ممثلي الفصائل. أنا أتضامن مع الدكتور.
الرنتيسي : ولكن قبل أن اخرج . ولكن سأسمعك مطالبنا: السماح بالزيارة . تحسين نوعية الطعام. وقف التحرش بالمعتقلين وافتعال أسباب لتعذيبهم. الإفراج عن المعتقلين.
شلتئيل ( وهو يدور في القاعة مهتاجا): لن استمع لأية مطالب. أخرجوه من هنا . أخرجوهم جميعا.
(يُخرجون المعتقلين ويدخل عامير مسرعا يقترب من شلتئيل ويؤدي التحية العسكرية)
عامير : سيدي. جاءت إشارة مستعجلة من المستشفى .
شلتئيل : إشارة من المستشفى ؟ أي مستشفى وما علاقتنا بالمستشفى ؟ هل أصيب أتحد حراس المعتقل بأذى؟
عامير : لا يا سيدي . المعتقلان اللذان نقلناهما إلى المستشفى بعد أن ساءت حالتهما في المستوصف.
شلتئيل ( يبدأ في الانصراف عنه بعد أن بدا أن اهتمامه قد خف): آه المعتقلان. ما بهما.
عامير : ماتا يا سيدي.
شلتئيل ( يصمت. ويبدو كأنه يقلب الأمر. يصرخ فجأة): ماتا ؟ كيف ماتا؟
عامير: لا ادري يا سيدي. لم يرد شيء في إشارة المستشفى.
شلتئيل : اتصل بالمستشفى حالا. واطلب منهم عدم إعطاء أية معلومات دون إذن مني. أريد تقريرا وافيا. فليرسلوه على الفاكس فورا.
( شلومو يقترب)
شلومو: سيدي هل هناك شيء خطير سيدي؟
شلتئيل (ينظر باحتقار إليه): شيء خطير. لا شيء خطير . كلبان ماتا. وسنتدبر أمرهما قبل أن يبدأ النباح في كل مكان.
شلومو: لست افهم يا سيدي. من مات؟
شلتئيل : المعتقلان اللذان نقلا إلى المستشفى .
شلومو: ماتا بالتسمم؟
شلتئيل (مجفلا) : ما ذا تقول يا شلومو. تسمم ماذا؟ اسمع . لا أريد أن يتحدث أحد بموضوعهما. لا أريد أن يصل خبر وفاتهما إلى المعتقلين. لم نحل موضوع الزيارات بعد. لا نريد أن يجدوا مبررا جديدا لتخريب الأمن في المعتقل. انتظر مني أوامر جديدة غدا بشان الرنتيسي.
( يخرج يبقى شلومو وحيدا في المكتب )
شلومو : وأخيرا حانت الفرصة التي انتظرتها منذ زمن بعيد يا شلتئيل. إهاناتك لي وتلميحاتك عن السفارديم والاشكيناز. واليوم افتعالك المشكلة مع المعتقلين مما يعني الاستهتار وعدم القدرة على التحكم بأعصابك. هذا خطر على أمن إسرائيل. وفاة المعتقلان جاءت في الوقت المناسب. يجب أن يعرف المعتقلون حتى تنقلب خيام المعتقل على رأسك يا شلتئيل وتطير . ستطير يا شلتئيل تطير مثل ماذا . أي طائر اختار لك ؟ أريدك طيرا يبتعد كثيرا ويحلق حتى يصل إلى جهنم التي تستحقها بجدارة .
( يخرج من بين الأضابير في خزانة الملفات آلة تسجيل صغيرة)
شلومو: وهذه ستكون وسيلة الإثبات التي لا تدحض.
(ينادي عامير)
شلومو: عامير . عامير
(يدخل عامير الذي جلب الإشارة)
عامير : نعم سيدي
شلومو : عامير . شلتئيل أخطأ كثيرا. أنا وأنت سفارديم.
عامير : ونعاني من الاشكينازي الحقير. لا أنسى طريقة صرفه لي في كل مرة. ولا نظرات الاحتقار كل ما مر بي. أتمنى لو حياني مرة واحدة. لقد عطل ترقيتي مرتين رغم تدخلك ومحاولاتك.
شلومو: لا باس اقتربت ساعته. هل سمعت كل ما دار بينه وبين داني؟
عامير : سمعت كل حرف . حتى الهمسات حفظتها.
شلومو: وستشهد أمام أي جهة؟
عامير: سأشهد أمام أي جهة حتى لو كانت الشيطان نفسه.
شلومو : أريد منك أن توصل الخبر إلى المعتقلين . أريدهم أن يعرفوا أن المعتقلين ماتا. ولكن كن حذرا . انقل الخبر بطريقة غير مباشرة. لا نريد أن يصب شلتئيل نقمته عليك وعلي إذا فشلنا . من السهل أن يلفق أي تهمة.
عامير : نعم سيدي.
( شلومو يفرك يديه مغتبطا ويخرجان)
الفصل الثالث
المشهد الأول
(ساحة المعتقل. المعتقلون يجلسون في هيئة اعتصام. بعضهم يقف ويبدو متوترا . الرنتيسي يجلس وسطهم. إلى يمينه المهندس رضوان والى يساره الخالدي. وحولهم عدد من المعتقلين)
معتقل أول : أيها الاخوة بعد ما سمعناه عن استشهاد أخوينا يجب أن نفعل شيئا.
معتقل ثاني: لا تنس أننا معتقلون أيضا. خياراتنا محدودة.
المعتقل الأول: هل يعني هذا أن نسكت. نضرب ونسكت. يقدم لنا طعام مسموم ونسكت. نمنع من مقابلة أهلنا ونسكت. نموت ونحن صامتين.
المعتقل الثاني: لم اقل أن نصمت . قلت خياراتنا محدودة وهذا يعني أن نتحرك ضمنها.
الرنتيسي: يا اخوة لنتحدث دون انفعال. أخونا أبو البراء محق و أخونا البرقاوي محق أيضا. لنفكر في الموقف ولنتخذ القرار الصائب.
أبو سامي: كلنا متفقون على الاعتصام ونحن معتصمون. لقد فشلت محادثاتنا أمس مع شلتئيل السافل وعلينا أن نصعد.
الرنتيسي : شلتئيل يجب أن يفهم أننا سنستمر في التحدي. يا اخوة ما دمنا لا نعرف سبب وفاة اخوينا وهناك شك أن الطعام غير سليم. إذن لا بد من إعلان الإضراب على الطعام.
رضوان : أنا مع الإضراب.
المعتقل الأول : وأنا مع الإضراب.
أبو سامي: ولكن هذا التصعيد قد لا يكون في موعده . أرى أن نحاول مع شلتئيل ثانية.
الرنتيسي : لا مانع عندي من المحاولة ولكن من معرفتنا بالصهاينة لن ينجح أسلوب الحوار والجلسات والمناقشات. شلتئيل لن يخيفه سوى التحدي والصمود. التصعيد هو الحل. الإضراب يأتي الآن في موعده . أخوان لنا توفيا . ويجب أن نعرف سبب الوفاة ومن حقنا ألا نتناول طعاما مسمما. ثم إنها فرصة لفرض مجموع مطالبنا بدلا من تجزئتها.
أبو سامي : الإضراب عن الطعام قرار خطير. لا تستطيع أن تضمن تنفيذه من قبل الجميع أو حتى الصمود عليه ومواصلته. يجب أن نستشير الكوادر والفصائل كلها.
الرنتيسي : لا مانع عندي من استشارة كل المعتقلين . أنا عن نفسي أقول توكلت على الله وسأبدأ منذ اللحظة.
أبو سامي : أرى أن تتريث يا دكتور. أنسيت موقفك مع شلتئيل ؟ انه في اشد الحقد عليك. لقد أهنته أمام الجميع. لم يستطع أن يجبرك على القيام له. لقد كسرت هيبته أمام رؤساء الأقسام وجعلته أضحوكة لن يسكت. لن يدعك تفلت بما فعلت.
الرنتيسي : وماذا سيفعل؟
أبو سامي: لا ادري ولكن خياراته كثيرة.
الرنتيسي : لا خيارات عنده . أنا معتقل .هل سيقتلني. لن يستطيع ولو استطاع فهي الشهادة التي أتمناها في كل لحظة.
معتقل: قد يتخذ من موضوع الإضراب عن الطعام ذريعة للإساءة إليك.
الرنتيسي: فليفعل. لن أتراجع.
معتقل آخر: قد يأمر جنوده بافتعال مشاجرة والاعتداء عليك.
الرنتيسي: لن أتراجع.
رضوان : من يعتدي عليه؟ وأين نحن؟ ثم هو ليس وحده . جميع اخوته معه.
( يهتف عدد من المعتقلين ( الله اكبر والجهاد سبيلنا)
الرنتيسي : أيها الاخوة فليفعل ما يشاء . العمر واحد والرب واحد ولن نموت وقد انقص التحدي من عمرنا يوما واحدا ، ولن يزيده الجبن يوما واحدا. إن الله هو حسبي عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.
أبو سامي: ونحن جميعا معك . ليكن إضرابا عن الطعام واعتصام وتظاهر واحتجاج وليحدث ما يحدث.
الرنتيسي : لنبدأ بتشكيل لجان عمل.
(ينهمكون في الحديث)
المشهد الثاني
( ديوان شلتئيل. شلتئيل يذرع مكتبه بقلق. يدخل شلومو)
شلتئيل: كيف هي الأمور الآن؟
شلومو : لقد اتفقوا على الإضراب عن الطعام.
شلتئيل : هذا تصعيد خطير ما السبب؟ هل عرفوا بأمر الشخصين اللذين ماتا؟
شلومو: لا ادري.
شلتئيل : كيف لا تدري . هذا يعني انهم ربما عرفوا؟ ألم تعط تعليماتي بالا يعرفوا؟
شلومو : بلى ولكن من قال إنهم عرفوا؟ ولو عرفوا من قال إنهم عرفوا عن طريقنا. أنت تعلم أن المعتقلين لديهم طرق خاصة في إرسال المعلومات واستقبالها. كم مرة قمنا بالتفتيش لضبط أوراق أو أي شيء. وفشلنا.
شلتئيل: قل فشلت يا شلومو. اسمع شلومو إن قدراتك الإدارية ضعيفة وهذا ليس في صالحك. حين تنتهي هذه المشكلة سيكون تقريرك سيئا للغاية.
شلومو: حين تنتهي هذه المشكلة ستتغير أمور كثيرة يا سيدي.
شلتئيل : ماذا تعني ؟
شلومو: لا اعني شيئا. ولكني لست صيدا سهلا ولن اسكت بعد اليوم.
شلتئيل : ( يضرب الطاولة): تسكت على ماذا ؟ أتهددني؟ تهدد الأعلى منك رتبة. اعتبر نفسك محال إلى محكمة عسكرية يا شلومو.
شلومو : لا مانع عندي وعندها سنعرف سر اللحوم الفاسدة مع السيد داني. وسنعرف الرشاوى..
شلتئيل : ( يتقدم منه) : ماذا تقول أيها التعس؟ هذا اتهام خطير.
شلومو : لدي كل ما يجعلك نسيا منسيا يا شلتئيل.
شلتئيل ( بهدوء وثقة): شلومو لا تنس انك مساعدي ونائبي . هذا يعني أن كل شيء كان يتم بمعرفتك وموافقتك.
شلومو (بتحد): ابحث عن حيلة غير هذه. أعرف كيف اثبت تورطك وحدك مع داني.
شلتئيل ( مهادنا): اسمع شلومو كان ذلك مزاحا ثقيلا من طرفي . اعرف أنني لا أجيد المزاح. أنا ثقيل الظل . لننس ما حدث ولننظر إلى الخطر الموجود بين أيدينا. هذا الرجل المدعو الرنتيسي خطر عليّ وعليك وعلى كل يهودي. انه اكبر خطر عل دولة إسرائيل. هذا الرجل مرشح لان يتولى قيادة حركة تدعو إلى قتل اليهود ورميهم في البحر وتدمير دولة، و قد لا نستطيع قتله في المعتقل. ولكنه رجل لا يستحق أن يعيش. إما نحن وإما هو. هذا الرجل إذا خرج من هذه المشكلة منتصرا سيكبر في نظر من حوله كثيرا و سيكون عدو إسرائيل رقم واحد يوما. يجب تحطيمه. يجب هزيمته. يجب أن يخرج بعد ثلاثة اشهر شخصا آخر لا يمت إلى العقل بصلة .
شلومو: سيدي المدير أنت تعلم ان كل من يقاوم إسرائيل هو عدوها رقم واحد. أنا معك . أمن إسرائيل أولا . نرجئ خلافنا ونتفق على حل مع هذا المشاغب. ماذا تنوي أن تفعل؟
شلتئيل : لا حل إلا حبسه حبسا انفراديا. زنزانة لا تزيد على متر في متر . يجب ألا يتمكن من النوم ولا التفكير ولا الراحة. يجب أن يعيش ثلاثة اشهر حافلة بالإرهاق والنكد.
( يستدير جانبا متحدثا إلى نفسه كأنه يتحدث إلى شخص آخر)
شلتئيل : هذا الرجل لم يكن أمس عربيا من عرب اليوم . أنا كنت أمامه يوم أمس اليهودي الذي طرد من خيبر. كنت أمامه اليهودي الذليل في الغيتو. هذا الرجل مسلم وهذا يكفي لأن يجعل دمي يغلي لمجرد رؤيته. لو أنني أستطيع أن اشرب دمه وأبصقه كأي شيء كريه منتن. لو اني اصفي دمه في برميل واعجنه مع خبزنا المقدس لربما شفيت بعض غليلي. نظراته النارية اخترقتني بالأمس وجعلتني شيئا تافها. وأنا لا احتمل هذا .
(يستدير نحو شلومو)
شلتئيل: شلومو نفذ الأمر فورا.
شلومو: ولكن سيدي . لا نستطيع أن نحبسه حبسا انفراديا اكثر من أسبوع.
شلتئيل : شلومو . أنا مديرك أعطيتك أمرا. لقد اتفقنا أن هذا الرجل يستحق الموت وأنا لا اقتله . أنا اعمل على إخراجه من سجل العقلاء . اريد أن الغي تأثيره.
شلومو : ما دمت أمرت سأنفذ . ولكني لست موافقا على ذلك . اللوائح تنص على أن المسائل الشخصية لا تدخل في العمل. هذه عقوبة لسبب شخصي.
شلتئيل: بعد كل ما شرحته لك؟ أبدا بالتنفيذ فورا. وحين تصبح مكاني تصرف معه كيف تشاء.
شلومو : إذا كنت مكانك . سأحترم اللوائح.
( يخرج. يرن جرس الهاتف يذهب شلتئيل إلى الهاتف. يرفع السماعة)
شلتئيل: جنرال شلتئيل. الو . ( يقف) تحياتي سيدي البريغادير. الامور جيدة . ماذا؟ ليست جيدة؟ كيف يا سيدي ؟ تعرفون كل شيء؟ كل شيء عن ماذا سيدي؟ لقد ماتا في المستشفى. تعرضا لحالة مغص. محقق ؟ محقق سيأتي ؟ للتحقيق مع من؟ معي ؟ مدعي عام الشرطة ؟ ولكنني عسكري يا سيدي ؟حسنا سيدي . سأستقبله. ليس هنا؟ تريدني أن آتي إلى القيادة. أمرك سيدي. ( يضع السماعة . ويضع رأسه بين يديه ويميل إلى المكتب. يدخل عامير ومعه أوراق)
عامير عامير: سيدي جاء بريد اليوم. هذا البريد عاجل.
شلتئيل ( يتناول التقرير المستعجل ويقرأ): قيادة المعتقلات والسجون. عاجل. أعلمكم بان رئيس الوزراء اصدر أمرا بتغيير السياسة المتبعة في المعتقل والسماح للمعتقلين بمقابلة أقربائهم. هذا الموقف جاء نتيجة لضغوط من جماعات حقوق الإنسان. فقد كتب مندوب إحدى الجماعات خطابا إلى رئيس الوزراء ينتقد فيها طريقة تعاملكم معه، ويقول انه كان بصورة مهينة وانك لم تسمح له بمقابلة أي معتقل. ملاحظات رئيس الوزراء على الشكوى لا تتضمن أي لوم لكم على ذلك ولكنه يرى أن سياسة المنع لا فائدة منها. لذا يجب وقفها.)
شلتئيل : تبا . كل المصائب تأتي معا. لقد تحقق لهم ما يطلبون . كانت فرصة لزيادة معاناتهم واشعارهم انهم ليسوا بشرا. ولكن الرنتيسي لم ينجح بعد. حبس انفرادي سيجعله أسوأ من الدكتور صانع الأحذية في سجن الباستيل.
المشهد الثالث
( غرفة في مديرية الشرطة الإسرائيلية. مكتب طويل يجلس خلفه ضابط برتبة كبيرة إلى جانبه شرطية أمامها جهاز كومبيوتر لطباعة ما سيقال. شلتئيل جالس على كرسي إلى يمين المكتب. يبدو مضربا )
المحقق: بوكيرتوف سيد شلتئيل. أنا سعيد لأنك حضرت مبكرا. كما ترى علينا أن نحقق في بعض الأمور التي حصلت في معتقل النائب. ما صفتك في المعتقل؟
شلتئيل : مدير عام المعتقل.
المحقق: هل تعرف العربيين اللذين ماتا؟
شلتئيل : لا . انهما معتقلان كبقية المعتقلين.
المحقق: هل تعرف اسميهما أو أية تفاصيل عنهما؟
شلتئيل : لا . أنا لا أهتم بتفاصيل حياة كل معتقل. لدي في المعتقل ما يزيد على ثلاثة آلاف.
المحقق: هل تعرف سبب وفاتهما؟
شلتئيل : لقد قرأت في تقرير المستشفى انه تسمم . ربما أرادا التخلص من حياتهما.
المحقق: انتحارا؟
شلتئيل: ربما.
المحقق : ربما لم تقرأ التقرير جيدا سيد شلتئيل . التقرير يقول إن الطعام الذي تناولاه غير صالح للاستهلاك البشري وفيه مادة غير مغذية.
شلتئيل: لقد تناول غيرهم من المعتقلين الطعام نفسه ولم يحدث ما حدث.
المحقق: كانت الكمية التي أكلاها كبيرة جدا ربما لهذا تأثرا. ألم تصل إليك شكاو من المعتقلين عن نوعية الطعام؟
شلتئيل : بلغني شيء من هذا القبيل ولكن لم أعره اهتماما. المعتقلون ليسوا في نزهة ونحن لسنا فندقا لنستقبل الشكاوي من الزبائن . هؤلاء قتلة ومشاغبون ويكفي أننا نطعمهم.
المحقق: ما علاقتك بداني غانور اليسار؟
شلتئيل : لا علاقة شخصية بيننا. هو متعهد الطعام للمعتقل.
المحقق: ولكن لدينا وثائق تقول إنكما درستما في مدرسة ثانوية واحدة.
شلتئيل: لقد درست في نفس المدرسة مع كثيرين وهذا لا يعني أنني على علاقة شخصية بأي منهم.
المحقق: ولكن لا أحد غير داني أليسار يعمل لديه ابنك .
شلتئيل: هذا صحيح ولكن لا علاقة لي بحياة ابني الشخصية او المهنية.
المحقق: ولكن داني يأتي إلى مكتبك ويجلس جلسات طويلة وهناك شهود سمعوا حديثكم.
شلتئيل : مسالة عمل. انه يأتي لتوقيع فواتير المواد الغذائية الموردة للمعتقل.
المحقق: بمناسبة ذكر الفواتير. من يوقع الفواتير؟
شلتئيل : أنا يا سيدي.
المحقق: وهل تقوم بتدقيقها؟
شلتئيل : بالطبع يا سيدي.
المحقق( مخرجا صور من الفواتير مع عقد ): فكيف تفسر ان مجموع قيمة الفواتير ضعف قيمة العقد؟ العقد السنوي بأربعين مليون شيكل. والفواتير بثمانين مليون شيكل.
شلتئيل ( مأخوذا): مستحيل . لا بد من تزوير. أنا اطعن في صحة الفواتير.
المحقق: الفواتير صحيحة وتوقيعك صحيح. ثم هناك الحساب المصرفي لابنك في البنك . هناك شيكات بمبالغ كبيرة تودع في حسابك ابنك وتخرج منه إلى حساب زوجتك ومن ثم إلى حسابك. طريق طويلة ولكنها سهلة. لقد فاتكم ألا تنقلوا المبالغ نفسها في كل نفدة. سيد شلتئيل انا اتهمك رسميا بالتآمر مع داني اليسار على التلاعب في عقود المواد الغذائية الموردة إلى معتقل النقب. أرجو أن تعتبر نفسك موقوفا عن العمل حتى تبت المحكمة في الأمر. أما بخصوص موت المعتقلين فلا صلاحية لي بالتحقيق في هذا الموضوع. ولكني أشاطرك الرأي لقد انتحرا . لم يقل لهما أحد أن يأكلا بشراهة. تستطيع ان تتصل بمحاميك ان شئت.
المشهد الرابع
(ديوان شلتئيل. شلومو يجلس إلى المكتب. يمد قدميه فوقه. ينادي عامير)
عامير: سيدي المدير . هل طلبتني؟
شلومو: عامير لماذا تقول سيدي المدير وكأنك غير مقتنع بها. لقد أصبحت مدير المعتقل بعد أن غار شلتئيل.
عامير : كان خبرا سعيدا. لم اصدق أننا تخلصنا من كابوسه. ولكن ماذا حدث معه؟
شلومو : شهادتك وأشرطة التسجيل عجلت بنهايته ثم لا تنسى اعترافات داني.
عامير : بماذا اعترف؟
شلومو: اعترف بأنه كان يزور الفواتير ويضع مبالغ ضخمة . وصاحبنا يوقع دون أن ينظر. كان الغبي شلتئيل يظن ان فقط يسهل عملية التلاعب في الكميات الموردة وفي نوعيتها الرديئة ولكنه لم يكن يعرف ان الثعلب داني كان يزيد أيضا في المبالغ .وقد أثارت هذه الفواتير بالطبع شكوك ديوان المحاسبة أولا لان مبالغها كبيرة وعند مقابلتها بالعقد تبين أنها تجاوزت إلى حد كبير قيمته.
عامير : ولكن كان يمكن اكتشاف ذلك منذ البداية.
شلومو : ليس منذ البداية ولكن بعد عدد من الدفعات كان يمكن اكتشافه. ولكن حسب اعترافات داني هناك شركاء داخل الديوان قاموا بمساعدته وتدقيق الفواتير وتسليمها على أنها سليمة وبالطبع كانوا يتلقون رشاوى.
عامير : مثل شلتلئيل.
شلومو: وابن شلتئيل. انه رهن التحقيق أيضا.
عامير : ماذا عن الطعام واللحوم؟
شلومو: تقرير المستشفى يقول إن المعتقلين ماتا بسبب تناول كمية زائدة من اللحوم التي ثبت بعد تحليلها إنها منتهية المدة وغير صالحة للاستهلاك البشري. وقد اعترف داني بأنه متعاقد مع أحد الشركات الدولية على توريد اللحوم التي تنتهي فترة صلاحيتها أو لا تخضع لظروف تجميد مناسبة على استيرادها بدعوى توريدها لحدائق الحيوان.
عامير ضاحكا : يعني ستقدم للحيوانات. وهذا ما حصل بالفعل.
شلومو: لم تنظر لجنة التحقيق إلى الأمر من زاوية انه قدم للمعتقلين. كانت الخشية أن يكون قد قدم لنا نحن اليهود.
عامير : لقد سألوني فقلت بان طعامنا كان منفصلا ويشرف عليه طبيب المعتقل.
شلومو : اجل كان طعاما خاصا. ولهذا شطبت اللجنة موضوع تقديم مواد ضارة بالإنسان و أبقت على توريد مواد لا تتفق مع المقاييس.
عامير : وشلتئيل ؟ ماذا حدث له؟
شلتئيل أنكر في البداية ولكنهم واجهوه بالأدلة الدامغة على تورطه مع داني واعترافات داني والتسجيلات التي قدمتها . شهادتك وشهادة آخرين. فانهار واعترف بكل شيء.
عامير : إذا سيسجن؟
شلومو : أظن ذلك ولكن ليس لمدة طويلة. المهم أنه أوقف عن العمل.
عامير: هل هو معتقل ؟
شلومو : انه طليق . بانتظار المحاكمة . لقد خرج بكفالة. لا خطر منه على أية حال.
عامير : هل تقدمت بشكوى ضد ممارساته العنصرية معنا؟
شلومو : ليس الآن . أريده أن يخرج من السجن ثم اتقدم بالشكوى. ليسجن مرة أخرى بعد أن يكون قد أحس بأنه تخلص من حياة السجن. سيكون العذاب اشد عليه. سأذيقه ضعف العذاب الذي أذاقني بعجرفته وصلفه البولندي الوسخ.
عامير: وأنا أيضا. كان يذكرني ليلا نهارا بأصلي اليمني وكان يتهكم كثيرا ويسال دون مناسبة عن السعادين في اليمن. ولكن على ذكر السعادين هل ستفعل شيئا للرنتيسي؟
شلومو: عامير . أنت جندي ، فاهتم بشؤونك.
عامير : آسف سيدي لتجاوزي. سالت فقط لإنك تحب تطبيق اللوائح. وأوامر شلتئيل كانت موجهة نتيجة إحساسه بالإهانة. يعني انه ادخل الأسباب الشخصية في العمل . والرنتيسي محكوم حكما إداريا لمدة سنة وسينهيها بعد ثلاثة اشهر ولا يوجد حبسه انفراديا اكثر من أسبوع.
شلومو: أنا احب اللوائح واتبعها بدقة ولن أحيد عنها. وأنا أؤمن بالعدالة يا شلومو أؤمن بها إلى حد بعيد. ماذا يفعل القاضي يا عامير فبل أن يصدر قراره.
عامير : لا ادري يا سيدي. هل يأخذ غفوة كي لا يقال انه يتكلم وهو نعسان؟
شلومو: ما هذا المزاح السخيف؟
عامير : آسف سيدي . نسيت نفسي.
شلومو: لا تفعل كثيرا فأنا شخص لا ينسى الإساءة بسهولة. القاضي يا عامير يقلب الامور ويوازنها مع امور كثيرة. منها إن كان المتهم مظلوما حقا. إن كان القانون في صفه صراحة أم أن هناك تأويل. روح القانون أيضا أين تطبق؟ المصلحة العامة يا عامير مهمة أيضا في قرار القاضي.
عامير: ولكن هل سيقدم الرنتيسي إلى المحاكمة؟
شلومو : عامير أنت غبي. لنذهب ونرى الرنتيسي في زنزانته. أظنه في غاية السعادة وكأنه طائر في الجو يطير.
( يضحكان ويخرجان)
المشهد الخامس
(بقعة ضوء تنصب على قفص ذي قضبان معدنية أبعاده متران طولا ومتر عرضا وارتفاع متران. الرنتيسي يقف في وسط الزنزانة . يداه مقيدتان كل إلى أعلى القفص بقيد معدني ( كلبشات) يبدو كالمصلوب . )
الرنتيسي ( يرفع رأسه): حسبي ربي جل الله.
اللهم لك الحمد على كل حال. لست وحدك يا عبد العزيز في هذا. هو طريق طويل لا بد من السير فيه لمن يبغي إرضاء الله والجهاد في سبيله.آه يا وطني.
ينشد)
من يملك بيعك يا وطني
في هذا العالم إنسان
وأنت يا أقصى. فدتك عيوننا. بأبي أنت وأمي. دونك لحمنا . دونك عظمنا . دونك أرواحنا. لست وحدك يا عبد العزيز. سبقك الكثير ومعك الكثير . القافلة ستظل بإذن الله تسير. ما لي اذكر شيخ الإسلام ابن تيمية. نعم . يذكرني به ثباته في سجنه. جهاده حين تخاذل الأمراء والولاة. ما أكرمك من عالم نأى بنفسه عن الحلقات التي باركها التتار والصليبيون. كانت فتواه سلاحه. كان علمه وقودا للهيب المعركة وتحدي الغزاة.
(ينشد)
فالحق وربي منتصر
ونصيب الباطل خذلان
أتذكره الآن وكلي سعادة. كأن روحك تسكن معي وتشد من أزري. كلماتك وأنت في السجن محفورة بحروف من نور على قلبي . تضيئه في ليل المعتقل ووحشة الزنزانة. نعم يا شيخنا. سور القرآن تتراءى لي سورة سورة . آية أية وحرفا حرفا. بوركت يا من ساعدتني على حفظه. بوركت يا شيخي أحمد ياسين. بوركت وبورك ما صنعت حين بعثت في الشعب حب الجهاد والاستشهاد.
(ينشد)
الشعب الحر بثورته
بركان ثار وطوفان
أنا الآن أراجع كتاب الله. الآن تتبدى لي بركات جديدة من بركاته. كما أتعلم يا شيخنا إن حفظ القران له فوائد لا حصر لها. يقينا انك تعلم الكثير منها. ولكنك قد لا تعلم انه مع استحداث الطغاة لأساليب جديدة في التعذيب النفسي. هذا النوع من التعذيب علم يا شيخنا. علم يدرس ولا حول ولا قوة إلا بالله. هدفه فقط تحطيم النفسية حتى الاستسلام الكامل. لا علاج لهذا النوع من التعذيب إلا الاستسلام و الجنون. لكني اكتشفت أنا ومرة الحق آن القران هو العلاج. من يحفظ القران لن يكون وحيدا. أنا الآن لست وحيدا. أترى بذكر القران تذكرت شيخي المجاهد وتذكرتك. وفوقكما أتذكر الله عز وجل أحس بمعييته. ياه يا شيخ احمد. أتذكر ما قلت لي. في السجن تذوق حلاوة القرآن. والله إني لأذوقها الآن. النصر آت بإذن الله. والله لكأني أرى فلسطين ترفل بحلة طاهرة بعد ان نظفناها من نجس يهود
(ينشد )
وغدا تعود فلسطين ويعود بنوها الشجعان
ويعود الحقل وفلاح وربيع حلو فتان
وتعود طيور وزهور وتعود رياض وجنان
بالقرآن أحس بمعية إلهية. وأي معية . معية لا يدركها البشر بل ويديرون ظهورهم لها.
( يضاء المسرح ويدخل شلومو وعامير)
شلومو( مخاطبا عامير):اسمعه يهذي. رائع هذا يعني ان معنوياته نزلت الى الحضيض)
(مخاطبا الرنتيسي) هاه يا دكتور كيف الحال. ( بانزعاج حقيقي) وجهك يشع بالنور. هل أنت حقا في زنزانة ؟ في حبس انفرادي؟ لقد جئت وأنا أحس بالشفقة عليك.
الرنتيسي: وفر شفقتك على نفسك وعلى جنرلاتك المجرمين فيومكم قريب.
شلومو(بغيظ): هذا الكلام كبير. يا دكتور . جنرالاتنا يدوسونكم بأرجلهم في كل مكان. جنرالاتنا إذا هددوا اختبأ كثيرون في جحورهم او ركضوا يوسطون العالم لتفادي غضبنا. ذراعنا تستطيع أن تطال من لا يحترم نفسه معنا.
الرنتيسي: خسئت . هذا يسري على من لا يعرفكم . انتم بالونات منفوخة . لأنكم لم تجدوا من يحمل الدبوس من امتنا زاد انتفاخكم. ولكن لكل شيء نهاية يا شلومو . اقرأ التوراة . (بسخرية) هل أنت مؤمن بها؟
أم تسبها وتسب الحاخام الذي يكدس الأموال على حسابكم؟
شلومو: يبدو انك تحب أن توضع في زنزانة أضيق من هذه.
الرنتيسي : لا تستطيع أن تفعل شيئا دون أوامر شلتئيل. لِمَ لَم يأت معك لأسمعه بعضا مما يكره.
شلومو: شلتئيل تقاعد. وأنا الآن مكانه.
الرنتيسي: سبحان الله.
شلومو : أستطيع أن أخرجك من هذه الزنزانة أعيدك إلى خيمتك. ولكن شرط أن تحسن التصرف ولا تتدخل في شيء.
الرنتيسي( ساخرا): وهل ستنقلني إلى الشيراتون يا سيد شلومو. أنا لا أساوم. يا شلومو . لم ولن أساوم. لن تستطيع إبقائي طويلا هنا. سأتقدم بشكوى .
شلومو : لن يستمع إليك أحد.
الرنتيسي : أنا لا أتقدم بشكوى إيمانا أو طمعا بعدالتكم فانتم لا تعرفون معنى العدالة . ولكن لأنني مجاهد وأؤمن بأن على المجاهد أن يسعى إلى تغيير الواقع بشتى السبل إلا الاستسلام. أنا لن اطلب الرحمة منكم فالحر لا يطلب الرحمة من عدوه . ولكني سأواجهكم بحقيقتكم. تدعون أن عندكم ديمقراطية وقوانين وأنظمة. فهل تسمح أنظمتكم بحبس انفرادي اكثر من أسبوع لأسباب شخصية؟
شلومو(بحقد ولؤم): الأسباب لم تعد شخصية يا دكتور. أمن إسرائيل يتطلب أن تظل بعيدا عن الساحة. إبعادك أنت وأمثالك هدفنا. المسالة ليست مسالة قوانين وعدالة. العدالة نسبية ومرهونة بالظروف والمصالح. عدالة إسرائيل مع أن شعب إسرائيل ولو تطلب الأمر دفنك حيا أو حرقك في سيارة بصاروخ من طائرة أبا تشي لفعلنا.
الرنتيسي: هذا ليس جديدا. قبل هذا الاعتقال كنت معتقلا كهذه المرة اعتقالا إداريا وأنهيت المدة. وحين صعدت إلى الباص يوم الإفراج . جاءني ضابط لئيم مثلك وقال إن رابين قرر تمديد اعتقالي ستة اشهر أخرى. يا هذا لقد رهنت نفسي لله . لقد ولدتني امرأة. والنساء المسلمات كثيرات و لا يزلن يلدن. لقد خلقني الله . والله حي لا يموت. هل تفهم ما اعني. شعبنا ارض خصبة . كلها تنبت الزرع. المهم هو ألا تسقط الراية والراية ليست مربوطة بكف شخص. نحن في سبيل الله نأتي ونمضي.
شلومو: يا وقح سترى أياما أسود من الكحل.
(الرنتيسي ينشد حسبي ربي جل الله)
شلومو : منحتك فرصة فأضعتها. أحببت أن أساعدك. أنا على عكس شلتئيل . أنا معجب بك. خسارة أن يضيع رجل بعقليتك وذكائك وصفاتك خلف القضبان. ولكنك اخترت أن تبقى. واحب أن أطمئنك أنا مع القوانين واللوائح ولا أحيد عنها. وضعك في الزنزانة جاء بأمر من شلتئيل وكان على راس عمله. وأنا أطبق أوامره حرفيا. و بالمناسبة احب أن أزف إليك بشرى . شلتئيل لم يكره أحدا في الدنيا كما كرهك. حتى الآن وهو في بيته وبعد أن تقاعد يظل يقول : الرنتيسي الرنتيسي. غريب ماذا فعلت لهذا الرجل كي تظل في ذاكرته؟
ينصرف الرنتيسي بوجهه عنه . يخرج شلومو وعامير. يبدأ الرنتيسي بالإنشاد. يظلم المسرح وتسلط بقعتا ضوء. إحداهما على شلتئيل وهو يدخل وبيد خنجر والأخرى على الرنتيسي . وفيما يستمر الرنتيسي بالإنشاد يحوم شلتئيل من وراء ظهره رافعا خنجره كم يتحين الفرصة.
حسبي ربي جل الله
ما في قلبي إلا الله
(يصمت لحظة ثم ينشد)
أن تدخنلي ربي الجنة
هذا أقصى ما أتمنى
(ستار)