الدكتور حسن نافعة: مصر مقبلة على فوضى عارمة
استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة..
خلافات الأجهزة السيادية أطاحت بوزيري الدفاع والداخلية
السيسي لم يكن صادقا في ولايته الأولى ولن يصدق في الثانية
تردي الأوضاع الاقتصادية نتيجة لغياب الاستقرار السياسي
صمت الشعب على الغلاء نتيجة لخوفه من سطوة الأجهزة الأمنية
السيسي يجهل الأبعاد المتعلقة بنظرية الأمن الوطني المصري
السيسي أقر تحصين قادة الجيش لازاحة شركائه في الانقلاب
قانون التحصين أسوأ القوانين في تاريخ التشريع المصري الحديث
أكد الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، أن نظام عبدالفتاح السيسي لن يكون بمقدوره أن يصمد في وجه غضب عارم يبدو أن مقدماته تتجمع الآن في الأفق البعيد، ولن يصمد إذا انفجر الغضب المكتوم، مشيرا إلى أن أجهزة الأمن المصرية قوية، لكن النظام نفسه ضعيف.
وقال نافعة لـ "عربي21" إن الصمت الشعبي تجاه ممارسات النظام لن يستمر، ومن ثم يمكن توقع حدوث الانفجار في أي وقت، لكنه لن يكون هذه المرة انفجارا منظما، وسيؤدي إلى حالة من الفوضى، خصوصا إذا وصل الجوع أو الغضب الناجم عن استفزازات وبلادة النظام الحاكم إلى حدود يصعب احتمالها.
الصمت الشعبي
وأوضح أن الصمت الشعبي على الغلاء وعلى الأوضاع الاقتصادية السيئة، له أسباب عديدة، أهمها: حالة الخوف الناجمة عن سطوة الأجهزة الأمنية، وتردد وإحجام الأغلبية الصامتة التي تخشى أن يؤدي نزولها إلى الشارع من جديد إلى زيادة الأوضاع سوءا، وربما إلى إشاعة الفوضى بطريقة قد يصعب السيطرة عليها، أو تطورها إلى حرب أهلية قد تتحول معها مصر ، إلى دولة فاشلة أخرى تضاف إلى مجموعة الدول العربية الفاشلة، كليبيا أو العراق أو اليمن أو غيرها.
انفجار جماهيري
وأردف، لكن الصمت الشعبي ليس علامة على الرضا، ومن ثم لا يمكن أن يكون بمثابة شيك على بياض لأحد، فليس بوسع كائن من كان أن يضمن استمرار هذا الصمت، متوقعًا حدوث الانفجار في أي وقت، لكنه إن حدث فلن يكون هذه المرة انفجارا منظما وربما يؤدي إلى حالة من الفوضى الشاملة، خصوصا إذا وصل الجوع أو الغضب الناجم عن استفزازات وبلادة النظام الحاكم إلى حدود يصعب احتمالها، مشددًا على أنه إذا حدث اندفاع نحو الشارع، فسيأخذ صورة انفجار جماهيري عفوي مدفوع بالجوع أو بالغضب من استفزازات النظام وبلادته، لكن الخروج إلى الشارع هذه المرة سيؤدي إلى تفاقم الأزمة وزيادتها تعقيدا بدلا من حلها، لذا من أفضل أن يأخذ التغيير شكلا آخر.
تحصين قادة الجيش
واعتبر أن الهدف الحقيقي للسيسي من قانون تحصين قادة الجيش من المحاكمات هو إزاحة القادة الذين شاركوه في صنع 30 يونيو؛ كي يتربع وحيدا على القمة، وينفرد بالحكم تماما، ولكي يضمن ألا يزاحمه أحد، لا الآن ولا في المستقبل المنظور، خصوصا ممن يتصورون أنهم شركاء في صنع نظامه، مقابل إغداق مزايا مادية وعينية عليهم.
إقالة وزير الدفاع
وحول أسباب إقالة وزيري الدفاع والداخلية، صدقي صبحي ومجدي عبدالغفار، نوه إلى أن قائد الانقلاب يفضل عدم بقاء المسؤولين في مناصب حساسة لفترات طويلة أو أطول مما ينبغي في تصوره؛ حتى لا يتحول شاغل المنصب إلى مركز قوة، مضيفًا، انه لا يستبعد احتمال وجود خلافات في وجهات النظر داخل الأجهزة السيادية، وربما كانت هذه الخلافات من بين العوامل التي دفعت السيسي لإقالة صدقي صبحي ومجدي عبد الغفار. ووصف قانون تحصين قادة الجيش بالسيئ، وواحد من أسوأ القوانين التي ظهرت في تاريخ التشريع المصري الحديث، إن لم يكن الأسوأ على الإطلاق، مشيراً إلى أن الدوافع الحقيقية لهذا القانون تتسم بالغموض، ولا توجد في الوقت نفسه مصلحة عامة واضحة تبرر إصداره.
وأكد نافعة أن السيسي لم يكن صادقا في فترة ولايته الأولى، ولا يوجد ما يشير إلى أنه سيصدق في فترة ولايته الثانية، رغم حديثه المتكرر عن بناء الإنسان وعن استعداده للعمل مع جميع التيارات، موضحًا أن قوة الأجهزة الأمن المصرية لن تجعل بمقدور هذا النظام أن يصمد في وجه غضب عارم يبدو لي أن مقدماته تتجمع الآن في الأفق البعيد.
وقال استاذ العلوم السياسية، ان السيسي، لم يعرف السياسة أو يشارك فيها قط في أي مرحلة من حياته، لا في مرحلة الشباب ولا في أي مرحلة أخرى منذ ولادته وحتى ثورة يناير 2011، بل إنه لم يشارك فعليا في أي من الحروب التي خاضتها مصر في مواجهة إسرائيل، وبالتالي لم تسمح له الظروف بهضم وإدراك كافة الأبعاد المتعلقة بنظرية الأمن الوطني المصري، وعلاقتها بالأمن القومي العربي، موضحًا أن قائد الانقلاب ترعرع في جيش يختلف كليا عن الجيش المصري الذي عهدناه في زمن المواجهة مع إسرائيل.
وشدد على أن العقلية التي تحكم مصر الآن ليست من النوع الذي يمكن أن يدرك متى وكيف ينسحب من الحكم، ولا أظن أن بوسع النظام الذي يدير مصر الآن أن يشعر أو يدرك أو لديه من الآليات ما يساعده على الاقتناع بأن رصيده نفذ فعلا، أو يوشك على النفاذ، أو أن هناك حاجة ماسة لتغيير "نظام التشغيل".
نظام مبارك
ووصف النظام السياسي الذي يقوده السيسي حاليا بانه يشبه إلى حد كبيرا النظام الذي كان سائدا قبل ثورة يناير " نظام مبارك" والذي تم وضع لبناته الأولى في عهد عبد الناصر، مشيراً إلى أن ذلك لا يعني أبدا وجود أي وجه تشابه بين زمن عبد الناصر وزمن السيسي لا على صعيد السياسة الداخلية ولا على صعيد السياسة الخارجية.
التنمية الاقتصادية
وبين أن التنمية الاقتصادية لا يمكن أن تنطلق إلا في ظل درجة عالية من الاستقرار السياسي، الذي لا يتحقق بدوره في ظل أجواء التنافر والاستقطاب السياسي، التي تعيشها مصر منذ سنوات وتزداد تعقيدا بمرور الأيام، مؤكدًا أن إزالة حالة الاحتقان السياسي القائم حاليا، وضمان مشاركة المجتمع المدني بكل قطاعاته في صياغة سياسات الإصلاح الاقتصادي المطلوبة، يعد بداية حقيقة لتحسن الأوضاع الاقتصادية.
وسوم: العدد 784