الشاعرة والكاتبة غفران سليمان: بدأ عشقي للكتاب قبل أي عشق آخر
تظن غفران سليمان بأن التشارك في الكتب تمنح شهرة أكبر
غفران سليمان امرأة من محافظة طرطوس السورية من مواليد 1970 حاصلة على شهادة المعهد الهندسي، وتعمل في شركة صناعية. أكملت العديد من دورات منها الطبية واللغوية والحاسوب. حصلت على الكثير من الشهادات التقديرية وشاركت في العديد من المهرجانات والفعاليات الثقافية. وقد تأثرت بمجموعة من الكُتاب العرب والأجانب.
شاركت في أكثر من ست مجموعات شعرية وقصصية مع العديد من أدباء العرب أهمها: ـ "أشرعة من ضوء" أول كتاب للقصة القصيرة جدًا في سورية وهناك الجزء الثاني قيد الطباعة ـ ديوان "منارات، سورية" ـ " ترانيم القصص" الجزء الرابع، مصر ـ "ملوك الياسمين" الورقي ـ الموسوعة العربية للقصة الومضة ج1 إلكتروني، العراق _ كتاب إلكتروني لمجموعة قصصية قصيرة جدًا خاص بها بعنوان "عيون تنتظر الفجر" ـ رواية "بداية الحياة" قيد الكتابة ـ تحضير لكتاب تضم كافة الأجناس الأدبية بعنوان "غفرانيات".
وقد رافقها الرقم الثلاث في حياتها، لديها ثلاث إخوة شباب وثلاث أخوات وثلاث بنات وبناتها الثلاث أنجبتهن في يوم واحد(توائم)
حوار مع الكاتبة غفران سليمان/ خالد ديريك
بدأت رحلتها مع الكتابة من القرية، فقد نشأت أستاذة غفران سليمان في بيئة ريفية جميلة، تعلمت من العصافير التغريد ومن الجبال الثبات ومن الأرض العطاء، ومنها نمت بذرة الأدب لديها. وتقول في هذا الصدد: بذرة الأدب التي أمتلكها نشأت في قريتي، عندما كنت في الصف الخامس أي عام 1980 تقريبًا، أحضر مدير المدرسة مجموعة قصصية ووعدنا بعلامات إضافية لمن ينهي قراءة القصص بأسرع وقت ممكن، أذكر إنه لم يصدق حين لخصت له القصص وبوقت قصير.
تضيف: في القرية كنا مشغولون جدًا، وقد كنت اقتنص أي فرصة لأقرأ واكتب فكانوا ينادونني بالكاتبة وكنت أظنهم يسخرون مني، كما أن الأستاذ/ المعلم في المرحلة الابتدائية أسماني "كافور" لأنني كنت أنظم الشعر وأغني للطلاب أغان لم يسمعها أحد، يومها لم أكن أعرف معنى اسم "كافور" وظننته شتيمة، لذلك فإن التشجيع على القراءة هو السبب في محبة الكتابة، وعندما يصبح المخزون المعرفي كبيرًا لا بد أن يفيض. بدأ عشقي للكتاب قبل أي عشق آخر، اطمح دائمًا أن تصل كتاباتي التي تهتم بالشأن العام إلى كل الناس. وكل يوم اكتب نص، أنثره لحمام العالم.
كانت لها رغبة كبيرة في الكتابة، وتكتب عن أي شيء تصادفها: كانت المواضيع المطلوبة في كتب اللغة تحفزني جدًا، وبصراحة كنتُ اكتب عن أي أحد أصادفه ويكون فيه ما يميز ويثيرني للكتابة، وكتبت شبه مسرحية عن الصراع العربي الإسرائيلي، حينها كان الاتحاد السوفيتي مازال محورًا مهماً في العالم، يشعرنا وجوده بالقوة وقد حزنت بانهياره، أما الآن، أسخر من تلك المشاعر، كتبت عن يوغسلافيا، وعن أفغانستان، كنت قد شاهدت صورة لمدينة كابول عام1970 في جريدة أسبوعية كنا نشتريها "أنباء موسكو" كانت كابول كمدينة إربد الآن كـ دمشق قبل الحرب كأجمل مدينة، كمدن ماليزية الجديدة، تأثرت بتهديمهما، لكن مؤسف ما آلت إليه، عندما ذهبت إلى دمشق لدراسة المعهد الهندسي فقدت هذه الدفاتر والكتابات ....
كان لأسرتها ومدرستها الفضل الأول في تطوير كتاباتها: كان لأسرتي ومدرستي الفضل الأول في اهتمامي الأدبي حيث تشغل القراءة حيزًا كبيرًا من وقتي، وأنا قارئة جيدة فلا أنام إلا وقد قرأت شيئًا ولو صفحة واحدة. أحمل كتاب في تنقلاتي .... في الحافلة، الرحلة، أوقات الفراغ...... إلخ.
تأثرت بمجموعة من الكُتاب العرب والأجانب: يمكن نشأت على الأدب الروسي تولستوي، بوشكين، اوستروفسكي، المراهق الإخوة كرامازوف، جميلة وداعا غوليساري، أحببت جدًا بساطة مكسيم غوركي، اين الله، الأم، عناوين لا أنساها مع أنني قرأتها منذ زمن بعيد، من العرب هاني الراهب، نجيب محفوظ، الشاعر هارون الرشيد الفلسطيني، عبد الوهاب البياتي العراقي وأكيد نزار قباني
في طفولتنا رافقنا شاعر واحد وهو: سليمان العيسى، قرأت لـ بلند الحيدري واعتبرته الشاعر الذي ظلمه التاريخ فهو كبير جدًا لكنه غير معروف بمستوى كتاباته. قلت سابقًا لا أحد يبدع، يعاد تدوير الكلام بصناعة فنية للكتابة
تنسج نصوص جميلة بقدر تأثرها بحالة إنسانية ما: اكتب النص بمحبتي للموضوع، بقدر تأثري بحالة إنسانية يخرج النص جيدًا. فالنثر أو كما اسميه أنا "كلام جميل يجذب القارئ قريب من الوجدان نعرفه ولا يستطيع البعض صياغته، لذلك نحب كاتبه ونلاحقه.
تشبه عنوان القصيدة بالعتبة: العنوان هو عتبة النص ومهم جدًا كالأبواب والأصدقاء والوجوه، جميعها تعبر عما في الداخل.
لا توريط مع القصة القصيرة جدًا والومضة بل الحب والاختبار: أعتقد بأن وجودهما (ق، ق، ج، وقصة الومضة) مرتبط بالوقت والتكنولوجيا والسرعة ومع جماليتهما مجتمعة تعد أسباب لانتشارهما الواسع واستسهال البعض كتابتهما والاهتمام بهما من قبل القراء. مع أني أحب قراءة الرواية أكثر، لكن تغريني الومضة الذكية التي تختصر لي رواية. وهذه ومضتين لي متشابهتان بالمفردات لكن معانيهما جد مختلفة / حاكم ... غزل القوانين؛ تعرت الشعوب/ مستقبل ... غزلته بعينيها؛ حل الغدر خيوطه.
القصة القصيرة جدًا والومضة الإبداعية المفهومة والتي تعالج قضية هي باقية لا تلك التي يتراكض الظل حولها. أحببت الومضة والقصة القصيرة جدًا، وأود أن امتحن نفسي بكتابتهما. لا توريط معهما بل سنقف قبل السقوط إن شعرنا بعدم جدواهما.
القصة القصيرة باقية أيضًا: القصة القصيرة ستبقى موجودة لأن عناصرها الحدث والسرد هي قريبة من عناصر الرواية إلا أن شخصيات الرواية وأحداثها المتشابكة تجعلها الأفضل بين فنون الأدب برأيي، ولا يمكن الاستغناء عنها فالرواية هي أساس الآداب وتتبعها القصة القصيرة، ويبقى للومضة والققج جماهير جد خاصة.
ستهدي روايتها لأمهات سوريا: لأنني أشعر بأننا وصلنا الحضيض، نزلنا إلى مستنقعات ظهرت في الحرب لم نكن نعرفها لذلك عنوان روايتي هو "بداية الحياة" أريد قيامة جديدة في بلدنا، قيامة تعيد ابن مدينة الرقة إلى بيتي، أخ وصديق بداية تعيد للياسمين بياضه، بداية تجعل صديقتي لبنى من مدينة منبج تزورني في الصيف، وبداية أترحم فيها على من ماتوا مع كل أم سورية. هذه هي أفق روايتي بما مرت به سوريا من الأحداث. أهديها للأمهات وحدهن اللواتي لن تعود البهجة إلى قلوبهن. لن أنجزها الآن، مازال الوقت باكرًا.
تظن بأن التشارك في الكتب تعطي شهرة أكبر: أولًا، أظن أن التشاركية تعطي شهرة أكبر، مثلًا لو طبع كتاب لي في مدينتي لن يعرفه ابن الشام ودول عربية أخرى إلا بعد أعوام. عندما يشاركني من معظم أو كل المدن والبلدان العربية يكون اسمي قد وصل إلى كل مكان، وهكذا يكون مطلوب مني الاهتمام أكثر بكل كلمة اكتبها والتي هي محسوبة علي سواء في إلغاء أو كسب محبة الناس. ربما من يشاركوننا يستغبوننا!، لكنني، عندما أريد طباعة ديواني لا أحد سيمنعني ستكون كتاباتي بين يدي، بتأكيد لا أحد يشاركنا لولا قناعتهم بجمال ما نكتب.
أسباب عدم طباعة الشاعرة والكاتبة غفران سليمان كتبها: الظروف المادية سبب في ظل الحرب وسبب رئيسي، النشر العشوائي يجعلني أتمهل والوقت أظنه سيكون معي لأحمل كتبي بين يدي لأوزعها للأصدقاء والأحبة. حلمي هو أن أعيش وأرى كتبي على رفوف المكتبات مطلوبة ومهمة ولا يغلفها الغبار. ولا أحب أن أقع في الازدحام.
ترى بأن الإصدارات الحالية لا ترقى بالمستوى المطلوب: ليس كل من يكتب بكاتب ولكن المساحات الواسعة تجعل الجميع يمد بضاعته وللأسف ما ينشر ليس الأفضل. تابعت عدة إصدارات لا رقيب يذكر، وبصراحة لا مضمون يقرأ، كل هذا الفيض لا يروي مثقف جيد للأسف، كل هذا الفيض لا يعادل مجلدين من قصة الحضارة، أقول هذا وأنا أعتذر من نفسي وممن يسمون مبدعين جدد. لا إبداع فيما نقرأ إلا ما ندر.
فوائد الجوائز والمشاركات الثقافية: أفادني الكثير قد يفاجئك جوابي؟ لأنني كنت أخاف من ضعف ما اكتب أمام ما كنت أقرأه في الكتب. عندما شاركت في هذه الفعاليات وجدت نفسي بين المفضلين، أسعدني ذلك واجتهدت لأكون من المميزين ثم اليوم انتقي أين ومتى وكيف أظهر. أما الشهادات، الإنسان بطبيعته تتحكم به مجموعة من الهرمونات، هذه الهرمونات تعطينا جرعات من فرح من حزن من بكاء من حب، من كذب .... كل هذه الأشياء لها في أجسامنا منتجات كيميائية مختلفة، هذه الشهادات والمراكز الأولى تزيد في الدم هرمون التحفيز وبذلك الشهادات والتكريمات تحفز عندي هرمون الإبداع وهرمون الرضى والبحث في العقل عن الأفضل ويجعل هذه الشهادة رمز للاندفاع، لكن نصل إلى مرحلة يتوقف العقل عن إفراز مواده، يعتبر نفسه مستهلك لها لهذا علينا الإدراك وقتها ألا نخيله عما حصلنا عليه ونسعى لأن نبقى في المقدمة ليعاود إفرازه.
تفضل الأستاذة غفران سليمان الكتابة على الهاتف والكمبيوتر: اكتب على الهاتف أو الكمبيوتر لأن خطي ليس جيدًا، وأحيانًا اكتب بالقلم الأزرق أولًا ثم أعيد الكتابة على الهاتف.
هواياتها: أنا ربة بيت، أجيد الطبخ، صناعة الصوف، وكل ما يتعلق بالصحة والأعشاب والمطبخ. أهتم بنظام المكر وبيوتيك وغيره من أنظمة الحياة، وعلى اطلاع تام بها وعندي صفحة على النت "كل شيء مفيد" أديرها، تهتم بهذه المواضيع.
وتختم الشاعرة والكاتبة غفران سليمان الحوار بالقول: أشكرك جدًا على هذه الدعوة التي تهدف للتعريف بي وبتجربتي الكتابية المتواضعة فكيف لي أن أرفض ذلك، أتمنى أن تكون إجاباتي كافية لك وللقارئ الكريم وغير مملة، وتترك لي عندكم ذكرى طيبة وأثرًا حسنًا. مع ألف شكر وتقدير.
نشر الحوار في الملحق الأدبي “أقلام عربية” – الصادر عن جريدة الكلمة بتاريخ 04/ 10/ 2018
حوار أجراه: خالد ديريك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشاعرة والكاتبة غفران سليمان
وسوم: العدد 793