د. سحر خميس لـ"الشرق": فوز الديمقراطيين يمهد لتغيرات مرتقبة في سياسات ترامب
أستاذة الإعلام بجامعة ميرلاند الأمريكية..
الأغلبية الديمقراطية ستستغل فوزها للتضييق على الرئيس
الأنظمة العربية الديكتاتورية ستتأثر بشكل كبير بنتائج الانتخابات
سياسة ترامب تجاه الشباب والأقليات والمهاجرين أفرزت هذه النتيجة
الديمقراطيون سيجبرون ترامب على تقديم كشوف الضرائب التي لم يقدمها
مصدر أمريكي: فوز الديمقراطيين يمكنهم من ترؤس اللجان الفاعلة بمجلس النواب
الدوائر الانتخابية المصغرة جعلت ديناميكية التذبذب بين حزب وآخر أسرع
الموجة الجمهورية اليمينية المحافظة التي جاء بها ترامب لا تزال متماسكة
أظهرت النتائج الأولية لانتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب الأميركي، بينما عزز الجمهوريون أغلبيتهم في مجلس الشيوخ ليتقاسموا بذلك الكونغرس، ونشرت وسائل الإعلام الأميركية أن الحزب الديمقراطي حصل على 222 مقعداً مقابل 199 مقعدا للحزب الجمهوري في مجلس النواب المؤلف من 435 مقعدا، مما يضع حدا لسيطرة الجمهوريين على المجلس في السنوات الثماني الماضية.
أما في مجلس الشيوخ، فقد أظهرت النتائج أن الجمهوريين انتزعوا مقعدين إضافيين ليعززوا سيطرتهم على المجلس رغم أن حسم بعض المقاعد سيتطلب جولات إعادة أواخر الشهر الجاري، حيث حصل الجمهوريون على 51 مقابل 45 للديمقراطيين بمجلس الشيوخ.
وفي ما يتعلق بالتصويت على حكام 36 ولاية فتفيد المؤشرات تقدم الجمهوريين الذين تمكنوا من الفوز في ولايات مهمة مثل فلوريدا، مما يعني فوز الديمقراطيين بالأغلبية في مجلس النواب أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيواجه خلال العامين المتبقيين من ولايته الأولى معارضة أقوى داخل الكونغرس أثناء تمرير الموازنات وبعض التشريعات المهمة.
تغييرات مرتقبة
الدكتورة سحر خميس، أستاذة الإعلام بجامعة ميرلاند الأمريكية علقت على الانتخابات قائلة، إن الكثير من المراقبين والمحللين السياسيين هنا في العاصمة الأمريكية واشنطن، يرون أن فوز الديمقراطيين في الانتخابات النصفية هو مؤشر مهم يمهد للعديد من التغييرات المرتقبة، خاصة مع النظر إلى التنوع الديموغرافي و العرقي والمذهبي والنوعي للفائزين الديمقراطيين، مضيفة، حيث إن عددا من الفائزين من النساء ومن الأفارقة الأمريكيين ومن سكان أمريكا الأصليين ومن المهاجرين من أمريكا الجنوبية، بل ومن المهاجرين المسلمين أيضاً، مثل رشيدة طالب، أول امرأة مسلمة من أصول عربية فلسطينية تدخل الكونجرس الأمريكي، والهان عمر، أول امرأة مسلمة صومالية محجبة تصبح نائبة أمريكية.
واعتبرت خميس في تصريحات خاصة لـ"الشرق" أن هذه الموجة الجديدة، التي يطلق عليها هنا في الولايات المتحدة، الموجة الزرقاء Blue Wave، نسبة إلى اللون الأزرق المرتبط بالحزب الديمقراطي، هي مؤشر على تغيير الكثير من السياسات الخاصة بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
سياسات الرئيس
ورأت خميس، أن سياسة الرئيس الأمريكي مثل التضييق على المهاجرين وإرسال قوات على الحدود الأمريكية لمنع الكثير من راغبي اللجوء إلى أمريكا من الدخول وبناء حائط على الحدود بين أمريكا والمكسيك، وغير ذلك من السياسات الانعزالية التي انفرد بها وأثارت زوبعة من الغضب والاستنكار الشعبي، خصوصاً لدى الشباب والأقليات والنساء والمهاجرين، أدت إلى هذه النتيجة، خاصة إذا علمنا أن هذه الفئات هي التي صوتت في الانتخابات النصفية لصالح الحزب الديمقراطي.
عزل ترامب
وأوضحت خميس أن هذا الفوز قد يكون تمهيداً لعزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أو على الأقل اتخاذ بعض الخطوات في هذا الاتجاه، حيث ستقوم الأغلبية الديمقراطية بالتضييق عليه ومحاسبته ومطالبته بتقديم كشوف الضرائب السنوية التي لم يقدمها حتى الآن، مشيرة إلى أن الكل هنا في واشنطن في حالة ترقب وانتظار لما ستسفر عنه الأيام والشهور القادمة في هذا الصدد.
مستقبل الأنظمة
وفيما يخص مستقبل بعض الأنظمة المتحالفة مع الولايات المتحدة بعد الانتخابات الأمريكية، توقعت خميس أن يؤثر ذلك بشكل مباشر على الكثير من الأنظمة الديكتاتورية والسلطوية حول العالم، خاصة في دول العالم الثالث، بما في ذلك الكثير من الأنظمة العربية التي تنتهك حقوق الإنسان والحريات الأساسية بشكل دائم وممنهج، لافتة إلى أن صورة ترامب إذا اهتزت أو ضعفت أو انتهت رئاسته، فلا شك أن ذلك سوف يؤثر على وضعية ومستقبل هذه الأنظمة.
مجلس النواب
من جانبه علق مصدر أمريكي مطلع على الانتخابات الأمريكية قائلا: إن خسارة الجمهوريين لأغلبيتهم السابقة في مجلس النواب، تعني إعادة ترؤس الديمقراطيين لجميع اللجان الفاعلة في المجلس وعلى رأسها لجنة الميزانية الأمريكية التي تتحكم في توزيع الموارد وتحديد المصادر ومنها الضرائب المفروضة، مضيفاً، إن الديمقراطيين بذلك سيتمكنون من وقف بعض مشاريع ترامب، وسيحاولون خلق المتاعب له ولكنهم لن يستطيعوا تهديد وجوده.
وأشار المصدر إلى ملاحظة هامة تتمثل في أن بعض الشيوخ الديمقراطيين الممثلين للولايات التي صوتت لصالح الرئيس ترامب في 2016 خسروا مقاعدهم لصالح شيوخ جمهوريين جدد، معتبراً أن هذا الأمر إشارة واضحة إلى أن القاعدة المؤيدة للرئيس ترامب والتي أسهمت في فوزه بالانتخابات الرئاسية لا تزال تؤيده.
ورأى أن الديمقراطيين كانوا يطمعون في فوز مرشحيهم لحكومة الولايات الهامة في الانتخابات الرئيسية القادمة مثل حاكم ولاية فلوريدا وحاكم ولاية أريزونا، وذلك لمنع أي إعادة رسم وتخطيط الدوائر الانتخابية فيها بشكل يفتت أصوات الفئات ذات الميول الديمقراطي مثل السود واللاتينيين والمهاجرين حديثي الهجرة إلى أمريكا، إلا أنهم فشلوا في مسعاهم وفاز فيها الجمهوريون.
الدوائر الانتخابية
واعتبر المصدر أن المحصلة النهائية للانتخابات، هي أن الموجة الجمهورية اليمينية المحافظة التي جاء بها ترامب لا تزال متماسكة ويتوقع زيادتها زيادة عكسية كلما خفت نفوذ أمريكا، وارتبك وجودها على الساحة العالمية، وزادت حدة الشوفينية الوطنية والعنصرية وتضخم الأنا الأمريكية، إضافة إلى الابتعاد عن التفاعل العالمي والتركيز على المحافظة على الموقع الاقتصادي (ليس من خلال التنافس ولكن من خلال عرقلة نجاحات الآخرين).
ووصف المصدر فوز الديمقراطيين بمجلس النواب بالمتوقع، لأن تقسيم الدوائر الانتخابية المصغرة بحسب التكتلات السكنية يجعل ديناميكية التذبذب بين حزب وآخر أسرع وتيرة من الانتخابات على أساس ولاية كاملة.
وسوم: العدد 798