إبنة قارىء النصر

إبنة قارىء النصر .. الرئيس السادات قال لوالدي : والله أنت كبرت فى نظرى قوى يا مولانا

دولة القرآن الكريم المصرية زاخرة بالمواهب التي قلما تتكرر واليوم نتعرف من هناء إبنه الشيخ محمد عبد العزيز حصان والحاصلة على الأم المثالية عن محافظة الغربية عن الكثير حول والدها الشيخ محمد عبد العزيز حصان قارىء القرآن الكريم

..................

قالت هناء ابنة فضيلة القارىء الشيخ محمد عبد العزيز حصان قارىء القرآن الكريم : والدي من مواليد يوم 22 أغسطس عام 1928 في قرية الفرستق التابعة لمركز بسيون والقريبة من مركز كفر الزيات بمحافظة الغربية وحفظ القرآن الكريم فى سن السابعة من عمره وقد ساعده على ذلك تفرغه الكامل لحفظ القرآن الكريم بسبب فقد بصره وبدأت علامات النبوغ تظهر على وجهه وهو صغير حتى أن الشيخ على زلط صديق والده الحاج عبد العزيز نصحه بالذهاب بابنه محمد لكتاب الشيخ عرفة الرشيدى فى قرية قسطا ليحفظه القرآن الكريم وهى قرية مجاورة لقرية الفرستق وكان الشيخ محمد يذهب للكتاب كل يوم سيرًا على قدمه بصحبة والده ولم يتوقف طموحه عند هذا الحد بل كان لديه طموح متفائل حتى تعلم القراءات السبع وحفظ متن الشاطبية فى عامين وأصبح ينادونه بلقب الشيخ محمد وكان يتلو القرآن بصوت وتجويد وتنغيم بالسليقة التى اكتسبها عن طريق سماعه لقراء الجيل الأول بالإذاعة وكان الشيخ عرفة يطلب منه بعد المراجعة تلاوة بعض الآيات بصوته الجميل لتزيد ثقته بنفسه وليتعلم أحكام التلاوة ليجيد القرآن وتلاوته وبعد مشوار طويل مع التلاوة على مدى 15 عامًا قارئًا للقرآن فى المآتم والسهرات والمناسبات المختلفة استطاع خلالها بناء مجده وشهرته بجهده وعرقه وذات يوم قال له الشيخ عرفة : ياشيخ محمد لي صديق اسمه عبد الرحمن بك رمضان دعاني لحضور حفل ديني سيحضره مشاهير القراء وإيه رأيك تذهب معي حتى يتعرف عليك كبار الموظفين ومشاهير القراء ؟ فوافق وذهب معه وقرأ ماتيسر من القرآن فأعجب به الحاضرون وقال عبد الرحمن بك رمضان : ياشيخ عرفة الولد الممتاز الذي قرأ اسمه إيه ؟ فقال : اسمه محمد عبد العزيز ومن الفرستق فقال : باشيخ عرفة اهتم به لأن مستقبله باهر جدا وستثبت الأيام ذلك .

أضافت هناء ابنة الشيخ محمد عبد العزيز حصان : تقدم إلى اختبار الإذاعة أمام لجنة القراء فى شهر يناير 1964م ولم تقف إعاقته وفقده للبصر وقتها عائقًا أمامه ولكن اللجنة أعطته مهلة لمدة شهور ثم تقدم مرة أخرى للاختبار أمام الإذاعة وحصل على مرتبة الامتياز فى الاختبار الثانى وعندما وقعت نكسة 5 يونيه 1967 تمنى والدي أن يقرأ فجر اليوم الذى تحارب فيه مصر العدو الصهيونى وشاءت الأقدار أن يعتذر الشيخ محمود البيجرمى عن قراءة هذا الفجر لأن حماه توفاه الله وتم التواصل مع والدي عصر يوم السبت 6 أكتوبر 1973 الموافق 10 رمضان 1393 هجريا ولم يكن يعلم أن مصر بدأت الحرب فوافق على القراءة وتوجه ليلًا إلى مسجد الإمام الحسين بالقاهرة وكان المسجد مكتظًا بالمصلين فى الفجر وقرأ من أواخر سورة الأحقاف وأوائل سورة محمد ووقتها طلبت الإعلامية صفية المهندس المسئول عن الوقت إتاحة المجال أمامه ليقرأ أطول فترة ممكنة وبسبب ذلك لقب بقارئ النصر وقارئ العبور كما أطلق عليه أقرانه وتلاميذه أستاذ الوقف والابتداء والتلوين والتنغيم.

في سياق متصل قالت هناء ابنة الشيخ محمد عبد العزيز حصان : كان هناك رجلًا يعمل فراشًا بجوار إحدى المدارس بكفر الزيات وكان يحب والدي وأوصى أسرته وأقاربه بأن يدعوه للتلاوة فى مأتمه عند وفاته وكانت الأسرة لا تستطيع دفع تكاليف المأتم وعند وفاته تمت دعوة والدي وعلم بالموقف فما كان منه إلا أنه تكفل بمصاريف العزاء ووعدهم بأنه سيقرأ فيه لكن حدثت مفاجأة حيث اتصل به الفريق محمد سعيد الماحى كبير ياوران رئاسة الجمهورية ليقرأ فى عزاء والدة الرئيس السادات لكن والدي اعتذر عن عدم الحضور لأنه مرتبط بقراءة فى عزاء آخر وبعد ذلك تمت دعوته لحضور حفل أربعين والدة الرئيس السادات فوافق والدي وعندما حضر استقبله الرئيس السادات مداعبًا له وقال له : والله أنت كبرت فى نظرى قوى يا مولانا عندما علمت أنك اعتذرت عن عدم الحضور فى مأتم والدتى لتفى بوعدك مع أولاد عم خليل بتاع الفراشة .

أيضا قالت هناء ابنة الشيخ محمد عبد العزيز حصان : تم تعيين والدي قارئًا للسورة فى المسجد الأحمدى بطنطا بقرار جمهورى من الرئيس الراحل محمد أنور السادات عام 1980 فقد كانت له ذكريات مع مدينة طنطا .. كان يقف خاشعًا باكيًا على أبوابها فقد حفظ القرآن بها وتعلم علومه وجوده والتقى مع عشاق صوته واستمعوا له فقد كان يقرأ بها كل أسبوع حتى جاءه تكليف من رئاسة الجمهورية وقتها بأن يكون قارئًا للسورة بأشهر مساجد مصر وكان يقول إنه من حسن حظى أن منَ الله على وجعلنى خادمًا للقرآن وقارئًا للسورة وأذكر أيضا أن إذاعة القرآن الكريم بدولة إيران أرسلت له العديد من السفريات إلى دول الخليج العربى فسافر إلى الإمارات بدعوة خاصة من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والمملكة العربية السعودية التى كان يعتبرها وطنه الثانى بعد مصر وكان يشعر بحبها فى قلبه ويحس بالأمان فيها لحسن معاملتهم وشدة إعجابهم وتقديرهم له وكان والدي القارئ الوحيد الذى لم يطبق عليه قرار المسئولين بالتليفزيون المصرى بمنع ظهور القراء كفيفى البصر بالحفلات والجمعات التى ينقلها التليفزيون فى بث مباشر على الهواء من المساجد وكان سبب القرار هو صعوبة تنبيه القراء كفيفى البصر إلى انتهاء الوقت المخصص للقراءة ولم يجرؤ أحد من مسئولى التليفزيون وقتها على إزاحة والدى عن قراءة قرآن الجمعة فى الجمعات التى كان ينقلها التليفزيون من الجامع الأحمدى بطنطا رغم أن رئيس الجمهورية الأسبق محمد حسنى مبارك حضر الجمعة الأخيرة من رمضان ذات مرة فى الجامع الأحمدى فى بداية التسعينيات من القرن الماضى ولم يجرؤ مسئولو التليفزيون على تغيير والدي لأن الناس كانت لن توافق على ذلك .

أضافت هناء ابنة الشيخ محمد عبد العزيز حصان قارىء القرآن الكريم : أنجب والدي تسعة أبناء ستة من الذكور هم : إبراهيم ومحمد وهشام والشافعى ورضا وأحمد وثلاثًا من الإناث هنَّ : وفاء ومايسة وأنا وتوفي اثنين فى حياة والدي وهما عبد المنصف الذى مات فى حادث أثناء رجوعه من محافظة كفر الشيخ وكان يستمع للوالد فى قرآن الجمعة ورضا الذى كان مريضًا وتوفى بعدها وأذكر أيضا أن في عام 1990 حصل محمد العيسوي محمد نجا من جامعة الملك عبد العزيز آل سعود بالمملكة العربية السعودية على الدكتوراه عن والدي الشيخ محمد عبد العزيز حصان في الوقف والابتداء تحت عنوان التصوير النغمي للقرآن الكريم وعلم التنغيم .

في الختام قالت هناء ابنة الشيخ محمد عبد العزيز حصان : توفى والدي ليلة الجمعة 2 مايو عام 2003 وأقيمت صلاة الجنازة عليه فى مسجد السيد أحمد البدوى بطنطا وكان قد قال لنا فى إحدى المرات : يا أولاد لما أموت صلوا على صلاة الجنازة مع صلاة الجمعة فى المسجد الأحمدى بطنطا ومن مفارقات القدر أن أمي توفاها الله فى عصر نفس اليوم وقد ترك والدي تسجيلات عدة وتراث يقدر بـ 10 آلاف ساعة من التلاوة .

وسوم: العدد 1112