د. جابر قميحة يهاجم الظواهر السيئة
د. جابر قميحة يهاجم الظواهر السيئة
النقاد الجامعيون مشغولون بالمذكرات الطلابية التافهة
كتاب الحداثة نرجسيون ... ويدمرون اللغة والهوية
أ.د/
جابر قميحةحوار أجراه: حزين عمر
قليلون هم الذين يجمعون بين طبيعة الباحث الأكاديمي المدقق الذي يشك من أجل الوصول إلى الحقيقة . والناقد صاحب الرؤية الواضحة والموضوعية والموقف الحاسم والعلم الغزير ، والمبدع بما يتسم به من تمرد وتصادم مع كل ماهو رديء وزائف ... والدكتور جابر قميحة واحد من هؤلاء القليلين .. فهو مبدع وناقد وأكاديمي .. أستاذ .. وقد تمرد على نمط الحياة الجامعية وهجر أشهر وأقدم كلية نظرية فى مصر ( كلية الألسن ) على الرغم من أنه أحد أركانها.
يقول الدكتور جابر :
الذنب ليس ذنبي ... فأنا أتبنى الشباب , وأقرأ وأدرِّس , وليس علي أن أعرض ما أكتب لينشر فى الصحف الكبرى أو المتخصصة .. وقد أعددت كتابا كاملا تأكيدا لدوري هذا ، يحمل عنوان " فلسطين مأساة ونضالا فى شعر الشباب" .
ومنذ عشرين عاما دعوت لإنشاء لجنة متخصصة فى كل فرع من فروع الأدب يًـشهد,لأعضائهابالحيدة والعلم ، تتولى إبداعات هؤلاء الشباب وتقديمها .. ولم يستجب أحد .. ونرى الآن في المؤسسة الرسمية المسئولة عن النشر أن من يُـنشر لهم هم أصحاب نظرية " من تعرف " لا " ماذا تعرف " من العلم والفكر . وقد نشر لأحدهم ثلاثة دواوين فى عام واحد ، وليس فيها من الشعر شيء !! ويقف آخرون عدة سنوات لنشر ديوان واحد.
غثيان !!
تسير الحياة الإبداعية فى طريق والأكاديميون فى طريق آخر .. متى يلتقيان ؟ .
لانريد التقاء بل تبنيا من الأكادميين لإنتاج المبدعين .. لكن ما يعرض على الساحة الآن قل سمينه وكثر غثه .. وكلمة " إبداع " كبيرة جدا ، وقد قرأت مؤخرا مجموعة قصصية مما ينشرفي المؤسسة الرسمية فأصبت بغيثان!! وأرى أن هناك أزمة نقدية فادحة فعلا .. بسبب انصراف النقاد عن القراءة ، كما كان يحدث قديما .. فمثلا كان شوقى ضيف يقرأ كل ما يصدر من أجناس الأدب . الآن انشغل أغلب الأساتذة بطباعة المذكرات الجامعية لطلابهم , ويفرضون عليهم شراءها ، ويحتالون فى قهرهم وإجبارهم على هذا .. فهم مثلا يقدمون مذكرات صغيرة الحجم , وأوراقها تحمل ألوانا لا يمكن تصويرها ، ثم يعهدون إلى بعض الطلاب بتوزيعها على زملائهم ، وعلى كل طالب أن يوقع على شراء نسخته .
أيامنا ومن سبقنا كان استاذ الجامعة يذهب إليها بالأتوبيس ، ولا يرى غضاضة فى هذا .. وتحول الأمر الآن إلى وجاهة. ولا بد من السيارة الفارعة والشقة الفخمة . وهذه الحياة المادية تدفعهم للتكالب والتصارع . إلى حد المشادات من أجل التدريس للفصول الأكثر كثافة حتى يجنوا أموالا أكثر من توزيع المذكرات التافهة .
أمر واقع :
بعض المفكرين والأدباء يرون الالتزام فى الأدب نقمة عليه . وخصوصا إذا وظف لخدمة الدين . ويرفضون مصطلح ( الأدب الإسلامى ) ..ماذا تقول فى هذا الموقف ؟؟
أرفض ما يسمى الالتزام اذا كان إلزاما . كأن أكون مثلا موظفا بوزارة الثقافة فيفرض علي تبني سياستها .. لكن الالتزام الذاتي النابع من النفس لاتجاه معين . دون فرض خارجي يعد عملية تفكير ذاتى .. فأنا مثلا أعيش الإسلام والثقافة التراثية ذات الطابع الديني . فأكتب عن موضوع نقدي كأثر الجهاد فى الشعر العربى . أو أنظم قصيدة دينية .. فهذا نوع من الالتزام الذاتي الذى يعد جزءا من نسيجي الأدبي , فلا تستطيع أن تفصل نفسك عن الموجودات .
والأدب الإسلامى موجود . والاعتراف به لا يمكن أن يكون اعترافا منشئا . بل هواعتراف كاشف عن واقع إبداعي . واتصور أن الأدب لايمكن أن يكون بقرار .. وهناك ما يسمى الأدب الوطني والقومي والشيوعى والوجودى والصهيوني والمسيحى .
ولى فى الأدب المسيحي بحث ، فله طابعه الفني ومقوماته . وهناك رسالة ماجستير بجامعة القاهرة عن ( الأدب القبطي) فلماذا ننكر الأدب الإسلامي ؟
وبصفة عامة هناك مصطلحات كثيرة تحتاج إلى مراجعة . لامفهوم الالتزام فقط بل هناك مصطلح ( الفن للفن ) الذى لاوجود له فى واقع التاريخ البشري . وهو تعبير مخادع وغير منطقي . فالفن لاينشأ من فراغ , ولا يعود إلى فراغ .
انتشرت النزعات الحدائية . وما يسمى بقصيدة النثر كظواهر سرطانية فى جسد الأدب .. أترى رابطا ما بينها وبين السياسة المعادية للهوية العربية ؟
ما يسمى بقصيدة النثر اسميها ( خنثى الكلام ) لأنها لا هي بالشعر . ولا هى بالنثر . ولا هى بقول عاقل . إنها الإبهام والإساءة للغة والتقاليد والهوية .. ولا تعد أدبا .. هى مجرد صرخات مرحاضية ؟؟ وإحدى رائداتها : سارة برنار اعترفت قائلة : إن هذا الكلام يحمل تناقضا ويحمل فناءه فى داخله .. وقد ماتت هذه الكتابات فى مهدها .. ومن يكتبونها ناس نرجسيون لا يشغلهم إلا عرض أنفسهم وإثارة الصخب حول ذواتهم إنهم لايحملون قيمة أدبية .