الكاتبة الدانمركية نينا عائشة راسموسن

الكاتبة الدانمركية نينا عائشة راسموسن تضع كتابا عن رحلتها إلى الحج

بعد أن اعتنقت الإسلام وتمسكها بجانبه الحضاري

التقتها: ياسمينة حمزة 

صحافية عربية مقيمة في الدانمارك

صدر مؤخرا في كوبنهاغن كتاب عن رحلة حج الي مكة المكرمة، للفنانة والمؤلفة والرحالة المعروفة نينا عائشة راسموسن. وعرفت نينا في الدانمارك بسفرها المتواصل ورحلاتها الطويلة التي غالبا ما تنتهي بكتاب. فقد سافرت الي معظم بلدان العالم ووضعت كتبا عديدة عن رحلاتها، تعد من ابرز ما كتب حديثا في الدانماركية في باب ادب الرحلات. لكن نينا عائشة اهتمت بشكل خاص ببلدان الشرق الاوسط وخصوصا بثقافة شعوبها الغنية. وفي العام 2006 قررت نينا القيام بواحدة من اهم رحلاتها، حيث أعدت عدتها وسافرت الي مكة المكرمة لاداء فريضة الحج، مع ستمئة مسلم ومسلمة من الدانمارك. ولان الاشتراك في رحلة الحج والدخول الي مكة المكرمة والمدينة المنورة مقصوران علي المسلمين فقط، قررت نينا ان تتحول الي الاسلام، وتتسمي باسم جديد (نينا عائشة). لماذا تحولت نينا الي واحد من اكبر ديانات العالم بعد ان كانت بلا دين؟ وما هي التحضيرات التي قامت بها استعدادا لرحلة الحج؟ وما هي نظرتها للاسلام بعد حجها الي مكة المكرمة؟ هذه الاسئلة وغيرها وجهتها للسيدة نينا عائشة راسموسن بمناسبة اصدار كتابها ((رحلة حج الي مكة

لماذا قررت القيام بسفرة الحج الي مكة المكرمة؟؟

انطلقت الفكرة اولا من رغبتي القديمة بالسفر الي السعودية. لكنني لم اجد الطريق سالكا الي هناك لاسباب كثيرة. وبنصيحة من احدهم تبلورت لدي فكرة التحول للاسلام والسفر الي مكة. وبدأت بالاستعداد للرحلة، حيث قرأت القرآن، وعدة كتب وارشادات عن الحج ودخلت دين الاسلام. كان يجب ان اتحول الي الاسلام اولا. لقد سافرت كثيرا الي الشرق الاوسط، ولبست الحجاب مرات عديدة، لذلك اعرف جيدا كيف يجب ان تتصرف المرأة المسلمة.

تعلمين، تحت شروط خاصة وضمن عملية منظمة ودقيقة، وذلك لوجود ملايين الحجاج في نفس المكان. في العام 2006 كان هناك حوالي 3,2 مليون حاج في مكة، وقد جرت جميع الشعائر والمناسك بدون حوادث تذكر، حيث لم تقع اصابات كبيرة بين الحجاج كما حدث في سنوات سابقة، من جراء الازدحام وغيره. لقد كان في المكان بشر من جميع انحاء العالم تجمعوا باطيافهم والوانهم ومظاهرهم المختلفة. لم اذهب الي مكة لكي انتقد وانما لكي اري وافهم واروي ما شاهدت وفهمت. فأنا مسلمة الان وسأبقي كذاك حتي نهاية حياتي .

ما هو انطباعك عن الاسلام بعد ادائك مناسك الحج في مكة؟

لقد تغير انطباعي عن الاسلام كثيراً بعد الحج. لقد ذهبت الي هناك وانا احمل الكثير من الاحكام المسبقة عن الاسلام والمسلمين. لكن الناس الذين ذهبت معهم كانوا مسلمين مؤمنين طيبين، فهم لم يكونوا ارهابيين ولا متطرفين او متشددين باي شكل من الاشكال. انهم ناس عاديون ومسالمون ومندمجون بشكل جيد في المجتمع. وهذه الشريحة من المسلمين لا يسمع عنها احد كثيراً في الاعلام الدانماركي لانها مستبعدة من الصورة الاعلامية.

هل واجهتك صعوبات او احكام مسبقة من بعض الناس وانت تستعدين للسفر الي مكة او بعد التحول الي الاسلام؟

واجهت استغرابا كبيرا بين بعض الدانماركيين عندما اصبحت مسلمة، لأنهم لم يفهموا ولم يستوعبوا تحولي المفاجئ للاسلام وذهابي الي الحج في مكة، بعد ان كنت في يوم من الايام فوضوية متمردة (هيبيز) وملحدة. هذه الاحكام المسبقة فاجأتني كثيراً. وبعض الدانماركيين لا يكتفون بذلك بل يعتقدون مسبقا بأنني عندما اصبحت مسلمة، اخترت الانحياز الي جانب اضطهاد المرأة والتزويج الاجباري. انهم يتجاهلون حقيقة كوني نفس الشخص، لكن رحلة الحج وسعت آفاقي وعلمتني اشياء كثيرة وجديدة. لقد اكتشفت من خلال هذه الرحلة مجموعة كبيرة من البشر المؤمنين جداً والطيبين والمسالمين. وفي نفس الوقت عرفت كما لم اعرف من قبل كم هي قوية ومتجنية تلك الاحكام المسبقة ضد الاسلام..

كيف تصفين علاقتك بالدين الاسلامي حاليا؟

انا مسلمة وسأبقي كذلك حتي نهاية حياتي، كما قلت سابقا، لكنني لست متدينة جداً، ولا ارتدي الحجاب. ولست سنية ولا شيعية. انا مسلمة فقط وقريبة الي حد ما مما يسمي بالمسلم المعاصر او المتحضر، لانني اريد ان احتفظ بحقي في التفكير الشخصي، ولا اعتقد ان هذا خطأ، فالله منح الانسان فرصة التفكير وهذه حقيقة ثابتة.

ما هو رأيك بالنساء المسلمات اللواتي يرتدين الحجاب في الدانمارك؟

ليست لدي اية مشكلة مع الحجاب في الشرق الاوسط، لان ذلك جزء من ثقافة المجتمع. ولكنني لا افضل الزي الديني عموما لانه يشكل حسب اعتقادي، نوعاً من الرفض للآخرين. كما ان الذين يظهرون دينهم بشكل شديد الوضوح انما يفرضونه علي الاخرين، سواء كان ذلك بارتداء الحجاب او الصليب او العباءة البرتقالية. فالدين حسب اعتقادي شأن شخصي وخاص جدا .

في كتابها الذي يحمل عنوان التقطت بعضها بكاميرا خفية، تصف نينا عائشة راسموسن مشاهداتها في مكة والمدينة وتخبرنا بتفاصيل تحولها للاسلام والاجراءات التي اتبعتها لاعلان اسلامها. كما تتحدث عن تفاصيل حياتها وحياة الحجاج اليومية، وعن شعائر الحج ومناسكه وتسجل انطباعاتها الشخصية عن الامكنة التي حلت بها وعن الناس الذين التقتهم وحاورتهم خلال رحلتها. ومما يضفي علي الكتاب اهمية خاصة، اسلوبه القصصي الرائع الذي ينقل القارئ بسلاسة متناهية من الوصف المباشر الي اعماق التاريخ حيث تروي الكاتبة قصص الاماكن المهمة والمناسبات التي شهدتها وابطال تلك المناسبات، مما يتيح للقارئ الدانماركي معلومات وافية عن الاسلام والمسلمين.

تقول نينا عائشة في الصفحة الاولي من كتابها:

بدأ كل شيء في احد الايام، عندما التقيت بالصدفة احد المعارف من ذوي الجذور الشرق اوسطية. فبعد التحية سألته بشكل مفاجئ:

هل تعرف كيف يمكنني ان ادخل الي العربية السعودية؟ فأجابني بسرعة:

نعم يمكنك اعتناق الاسلام والقيام برحلة حج الي مكة.

اصابت هذه الفكرة قلبي بشكل مباشر وادركت علي الفور ان هذا ما يجب ان اقوم به فعلا. ومنذ ذلك الوقت اصبحت المشاركة برحلة الحج الي مكة هدفي الاول. وبعد سنتين من ذلك اللقاء صرت جاهزة تماما، فقد قرأت القرآن وكررت النطق بالشهادة مئات المرات يوميا، ووجدت اسمي الاسلامي، عائشة. أعترف ان الامر كان قاسيا في البداية، وكنت اسأل نفسي بين الحين والاخر: هي يمكنني تحمل كل هذا؟ ولعل ما سهل الامر علي هو انني لم اكن اعتنق دينا لأتركه.....

وتختتم كتابها بالأسطر التالية:

والان دعوني اطرح السؤال الذي لا يمكن تجنبه: هل ما زلت مسلمة؟ الجواب: نعم انا كذلك بكل تأكيد. فقد نطقت بالشهادة وانا لذلك مسلمة. اما ما اضمره من ايمان وما افكر به فيدخل في اطار حياتي الشخصية، او كما يقال علي الطريقة الاسلامية: سيحاسبني الله علي ذلك يوم القيامة .