د. كمال رشيد

د. كمال رشيد

حوار : محمد صالح حمزة

"الرّباط" اسم صحيفة ارتبط باسم ضيف حلقتنا هذه، الدكتور كمال رشيد؛ فقد رأس تحريرها طوال فترة صدورها.. يُعطيها من جهده ووقته واهتمامه.. وقبل ذلك كلّه من رفقه وتواضعه اللذين يستدعيان في ذهن محاوره، باللاشعور، حديث المصطفى : "ما دخل الرّفق في شيء إلاّ زانه..".

بهذين المفتاحين السّحريين: الرفق والتواضع دخل أبو بلال قلوب كلّ من عرفه، فلا غرابة، البتّة، أن يكون له كلّ ذلك العدد من الأحبّة والأصدقاء والمعارف.

زاده الله بسطة في العلم والجسم، فأغنى –بعلمه هذا- المكتبة الإسلامية بالعديد من الكتب والدّراسات ودواوين الشّعر.

ولربّما كان لضيفنا فضله المميّز في سدّ ثغرة تُعاني منها المكتبة الإسلامية، وقلّما أوْلتها الأقلام المخلصة ما تستحقّ من الجهد والاهتمام؛ ألا وهي مكتبة الطفل.. فقد خصّها الدكتور كمال رشيد –مشكوراً مأجوراً- بالعديد من كتبه ودواوينه الشعرية وأناشيده العذبة.

آثر "لواء" المسلمين بهذا الحوار المعطّر بالأخوّة الصّادقة والمودّة الآسرة.. فإلى فيضه الدّفّاق:

 

هل لكم أن تقدّموا للقرّاء بطاقتكم الشّخصيّة؟

كمال عبد الرحيم رشيد، من مواليد قرية الخيرية/يافا/فلسطين عام 1941.

متزوّج وله ستّة أبناء ذكور وابنتان..

 

دراستكم: الشّهادة-سنة التّخرّج-مكان الدّراسة

1- الشّهادة الجامعية الأولى (الليسانس) في اللغة العربية/جامعة دمشق 1969.

2- الماجستير/في علوم الفقه/جامعة محمد الخامس 1979

3- الدكتوراه/في علوم اللغة/الجامعة الأردنية، 1996

 

إنتاجكم: كتب - دراسات - دواوين شعر- مقالات... وفي أيّ صحف تنشرون؟ وما المطبوع منها، وما المخطوط؟

1- الشّعر:         ديوان: شدو الغرباء

                          ديوان: عيون في الظّلام

                          ديوان: القدس في العيون

2- دراسات:               تأمّلات في السّنة

3- مقالات في كتب:   أشواق في المحراب

4- تمثيليات:               كتاب "مجالس الإيمان"

                          كتاب "أقوال ومواقف"

5- كتب للأطفال:                1- أناشيدي ج1، ج2.

                          2- الخطأ والصّواب في الصّحة

                          3- الخطأ والصّواب في السّلوك

                          4- سليم في المزرعة

                          5- أخلاق إسلامية

                          6- عادات حميدة

                          7- أبو خليل والحلم الجميل

                          8- نحبّ هؤلاء

ب- كتب مخطوطة

1. في المسجد         2. شريفة والقطّة الأليفة

3. الأشياء تتكلّم            4. أخطار يا صغار                                       

5. الدّيوان الرّابع، ولم أحدد عنوانه.

الكتابة الصحفيّة:

مئات المقالات في الصحف الأسبوعية والمجلاّت الدّورية، وبخاصّة في:

1- صحيفة الرّباط ـ وقد كنت رئيس تحريرها.

2- صحيفة السّبيل.

3- صحيفة المجد.

4- مجلّة فلسطين المسلمة.

5- مجلّة الثقافة العربية.

الإنتاج الذي تعتزّون به أكثر من غيره.. ولماذا؟

أقول ما قيل قديماً: "كلّهم أبنائي" وقد يكون الدّيوان الأوّل "شدو الغرباء" أعزّها إلى نفسي، لأنّه الباكورة، وقد شقّ الطريق، وربما عُرفتُ به أكثر من غيره، وقد طبع أربع طبعات بحوالي 15000 نسخة، وقد نفدت جميعاً، وقد كانت الطبعة الأولى عام 1975.

أما في النّثر فلربما كان أعزّها كتاب "تأمّلات في السنّة" وهو دراسة نصيّة أدبية لأربعين حديثاً نبويّاً.

أما بالنسبة للأطفال فإنّ "أناشيدي" هي الأعزّ حيث لُحّنت وغُنّيت في الإذاعات، واعتمدت في الكتب المدرسيّة، وقد طبعت عدّة طبعات.

العمل الحالي.

المدير العام للمدارس العمريّة في عمان.

 

نبذة عن مجالات العمل السّابقة

ـ التعليم: في وزارة التربية:

1. عضو المناهج لمبحث اللغة العربية.

2. رئيس قسم الكتب المدرسية.

3. رئيس قسم التحرير.

ـ رئيس تحرير صحيفة الرّباط الإسلامية.

ـ عضو هيئة تدريس في جامعة الزّرقاء الأهلية.

 

آمال عزمتم على تحقيقها: ماذا تحقّق منها، وما الذي لم يتحقّق بعد؟

1. كنت أطمح بعد التقاعد أن أكون صاحب مكتبة ودار نشر ناجحة، وقد تحقّق شيء من هذا، إذ أنشأت دار بلال للنشر والتوزيع دون مكتبة، ولكن الأمر يقتصر الآن على الصّف والإخراج والطّباعة، بلا مكتبة، ويكاد الإنتاج في النّشر يكون قليلاً نظراً لأنّ هذا الأمر يحتاج إلى تفرّغ كليّ وإلى رأس مالٍ كبير، وهما أمران لم يتحقّقا.

2. كما حصلت على ترخيص لمجلّة للأطفال باسم "بشرى" ولكنّ عجزت عن إخراجها لحيّز الوجود للأسباب السابقة.

الساحة الأدبيّة تعجّ بأدعياء الأدب، ورافعي راية الحداثة، كيف تنظرون إلى هذا الواقع.. وماذا تقولون لهؤلاء؟

هم كائنون في كلّ عصر، ولكنّهم كثيرون في هذه الأيام نظراً لغيبة المعايير الصّحيحة والنّقد السليم، ولدخول عنصر المجاملة، ونظام الشّلليّة في النقد، فكل فريق يُمجّد من هو على شاكلته، بحقّ وجدارة، وبغير حقّ ودون جدارة.

ونظراً لغياب الأدب القوي أو قلّة الأدباء المتميّزين فإنّ الفرصة تكون متاحة لأولئك، ولقد ساعدت بعض الصّحف بملاحقها الأدبية على إيهام أولئك بأنّهم أدباء وذلك بنشر ما يصدر عنهم، إمّا استرضاء لهم، أو ضعفاً في المعايير المعتمدة في تلك الصّحف.

ولقد جاءت نظرية الحداثة مركباً سهلاً يركبه أولئك الأدعياء حيث تغيب شروط الشّعر الجيّد، وحيث تفسد الأذواق. ويتوارى أولئك حول الغموض واللامعقول.

وليس الاعتراض على الشّعر الحديث من حيث المبدأ، ولكن على أنّه الباب المفتوح الذي ولجه الكثير من أولئك. وليست العبرة بالحداثة أو القدم، بالشعر العمودي أو شعر التفعيلة، وإنّما العبرة بالجودة، فالقصيدة الجيّدة جيّدة سواء أكانت قديمة أو حديثة.

نقول لأولئك ألاّ يتعجّلوا الوصول والنّجاح، وأن يُتعِبوا أنفسهم وأن ينغمسوا في الشعر القديم أوّلاً، يَقرؤون ويَقرؤون، ويَحفظون ويَنْسَون ثم يَكتبون. ولا يمكن القفز عن الشّعر الأصيل الذي هو السّفر القديم.

ونقول لهم: يُقبل الشعر الحديث باعتباره نوعاً من أنواع التّطوّر في الشّعر العربي، ولكنّه ليس بديلاُ أو نقيضاً للشّعر العمودي. بل هو الفرع من الأصل.

ونحن نلمح أن كثيراً من شعراء الحداثة بدؤوا يعودون إلى شكل الشّعر العمودي.

أعداء الإسلام يتّهمون الإسلاميين باحتكار الحقيقة.. وبالتالي نفي الآخر.. كيف تردّون على هذه الفرية، وما هو حكم الإسلام تجاه الرّأي الآخر؟

المسلم بأصل تكوينه الفكري والسّلوك يبحث عن الحقّ والحقيقة، وهو مطالب بالتماس الحقيقة وتبنّيها وإشاعتها في النّاس، وهو مطالب أن يكون مع الحقّ، وأن يتراجع إلى الحقّ إن بان له غير ذلك. والقاعدة عنده "الرّجوع إلى الحقّ خير من التّمادي في الباطل" وكذلك "الحكمة ضالّة المؤمن أنّى وجدها فهو أحقّ النّاس بها".

والمسلمون في تاريخهم الطّويل أخذوا وأعطوا، وعلّموا غيرهم وتعلّموا من غيرهم.

والإسلام يدعو إلى التّشاور والشّورى وسؤال أهل الاختصاص والمعرفة } فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ { (النحل:43). ولقد أخطأ عمر وأصابت امرأة، وهناك القول المأثور: "رحم الله امرأ أهدى إليّ عيوبي".

ولكن الذي يكون في كلّ الحالات أنّ المسلم منهجي يصدر عن منهج واضح صحيح هو المنهج الإلهي، وهو المنهج المعصوم من الزّلل والخطأ، لأنّه من عند الله الذي خلق، والذي يعلم، ولهذا فالمسلم يعيش في دائرة اليقين والإيمان، وهو لا يُنزل حكم الناس وآراءهم منزلة حكم الله وتشريعه، أما في غير مورد النّص الشرعي فباب الاجتهاد مفتوح، يلجه أهل الرّأي والحكمة والمعرفة والإخلاص. وهكذا يكون أمام المسلم القولان التاليان:

1- لا اجتهاد في مورد النّص.

2- أنتم أدرى بشؤون دنياكم.

 

الأمّة العربية والإسلامية تمرّ بمرحلة غاية في الدّقة والخطورة.. كيف تنظرون إلى ذلك.. وما هو في رأيكم الدّاء.. وما هو الدّواء؟

قد لا نكون مغالين إذا قلنا إنّ هذه المرحلة من حياة الأمة العربية والإسلامية، من أتعس المراحل وأحلكها وأقساها، وأخطر ما في الأمر أن تتخلّى الأمة عن هويتها وتنداح اندياحاً على ضوء ما يراد لها من الأعداء. إنّ فقدان القدرة السياسية مسبوق بفقدان الهوية، والضعف يُفضي إلى الضّعف، والهوان يُبعد الإنسان عن جادّة الصّواب، وقبل أن نفقد أرضنا فقدنا ذاتنا وهويتنا وعناصر وجودنا.

ولا يصلح أمر هذه الأمّة إلاّ بما صلح به أوّلها، وهو الالتقاء على شيء، على منهج، والإسلام هو منهاج أمّتنا ونقطة ارتكازها، والسبيل لاعتصامها، إنّ صلاح النّفس يقود إلى صلاح الحياة والمعاش، صلاح السياسة والاقتصاد والفكر والثقافة. لابدّ أن تعود الأمّة إلى حصونها ومعاقلها.

 

ماذا يجول في الخاطر وتودّون أن تقولوه للقارئ؟

} فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ { (الرعد:17). لقد ملكت أمّـتنا المال والجيوش والأعداد والشّهادات، ولكن هذه الطاقات وقد قامت على غير أساس، ولم توجّه التوجيه الصحيح فقد كانت وبالاً علينا، وحفزت عدوّنا إلى أن يُركّز جهوده لتفتيت هذه العناصر وتبديدها، ولم يبق إلاّ الجسد الممدّد.

 

أفراد العائلة: وهل يحمل أحد منهم نفس اهتماماتكم.. وطريقة تفكيركم. ومنظاركم للحياة بشكل عام؟

بلال وهو الابن الأكبر عنده اهتمامات وممارسات أدبية، ولقد ظهر له شيء من هذا، وإن كنتُ أرجو له المزيد.

أما في مجال النّظرة إلى الحياة فإنّي أحمد الله أن أبنائي جميعاً بنين وبنات، يصدرون عن توجه إسلامي صادق، وسلوك قويم بطريقة عفوية وتوجيه عن بعد، دون ضغط أو إكراه، وإنها لنعمة كبيرة أحمد الله عليها، إذ لم أفجع بواحد منهم لسوء خلقه أو فساد تصوّره.