حوار مع الكاتب الصحفى عباده نوح عن ذكرياته مع أبيه الدكتور السيد نوح
هو علم من أعلام الإسلام المعاصرين، شغل وقته كله فى الذب عن الإسلام والمسلمين عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم" فقد كان هو سباقا للخير، كما كان مدافعا عن السنة النبوية ضد أعدائها المارقين وكتب فى هذا الأبحاث والمقالات والمصنفات التى بلغت الآفاق فى حياته وبعد مماته ، هو الشيخ الدكتور السيد محمد السيد نوح أستاذ الحديث وعلومه فى جامعة الأزهر التى حصل منها على الدكتوراه فى رسالة بعنوان "الحافظ أبوالحجاج المزى وجهوده فى كتاب تهذيب الكمال" وهو سفر نفيس ضخم بلغ أكثر من 35 مجلدا ضخما قبل أن يحققه المحدث العلامة بشار عواد معروف بأكثر من عشرة أعوام، عمل بعد ذلك فى كلية الشريعة بقطر والإمارات وجامعة الكويت منذ بداية التسعينيات وحتى رحيله فى 16رجب 1428هـ (30يوليو 2007م) عن عمر ناهز 62عاما بعد حياة حافلة بالعطاء العلمى والاجتماعى ...
وكان لابد من الاقتراب من دائرة الدكتور السيد نوح عبر ابنه الكاتب الصحفى عباده نوح يحكى لنا ذكريات مع أبيه بعد ثمانية أعوام من الرحيل وحكى أيضا عن بصماته وجهوده فى الدول التى عمل بها حيث عمل بالعديد من الدول العربية - كما أسلفنا – وزار الكثير من دول العالم داعيا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ومشاركاً فى العديد من المؤتمرات العلمية، وموضوعات اخرى نعانقها من خلال هذا الحوار الثرى..
1- كيف تتذكر والدك الشيخ الدكتور السيد نوح بعد ثمانية أعوام من الرحيل؟
عندما اتحدث عن الوالد رحمه الله تهرب مني الكلمات ويعجز اللسان عن الوصف لأنه بالفعل كان كيان كبير ومرجع وقدوة لي ولغيري في الحياة، رجل أفنى حياته في خدمة دينه ودعوته والناس، كان نعم الأب ونعم الصديق ونعم الداعية ونعم الاستاذ ونعم المربي.. أفنى حياته كلها لله.
الوالد باختصار رجل أحب الله فأحبه الناس.
2- بصماته وجهوده فى كل الدول التى زارها وعمل بها؟
هذا مما يشرح الصدر ويفرح القلب، بالفعل لم أذهب الى دولة إلا كان ذكر الوالد فيها سباقا، حتى كان ينتابني "قشعريرة" أحيانا لما أعامل معاملة أخرى بسبب سيرة الوالد.
بالفعل الوالد كان حريص كل الحرص على استغلال كل دقيقة لله حيث كان يردد دائما غداً سنموت ولن يكون لدينا متسع من الوقت للعمل، فاعملوا واجعلوا نصيبكم من العمل يوميا 48 ساعة كناية عن كثرة الواجبات وقلة الأوقات.
لم يترك قارة إلا وزارها، جاب أكثر من 45 دولة ما بين مؤتمر أو معسكر أو ندوة أو دعوة بالرغم من التضييق الذي كان يواجهه في بعض هذه الدول سواء من المتطرفين أو المسؤوليين.
3- عرف عن الوالد انشغاله بهموم المجتمع منذ صغره كيف كان ذلك؟
نعم، الوالد نشأ في مجتمع ريفي مجبول على الاجتماعية بطبعه، ولكن النقطة الفاصلة في حياته كانت بعد حصوله على الدكتوراه، حيث تغيرت حياته وفكره ورؤيته للحياة خاصة بعد قراءة كتاب "العبادات" للشيخ يوسف القرضاوي، ومن وقتها شغلته هموم المجتمع وسعى الى معالجتها بما يملك.
4- أولاده وأصدقائه وتلاميذه وأساتذته كيف كانت علاقته مع هؤلاء؟
جميع علاقات الوالد بلا استثناء كانت قائمة على الألفة والمودة والمحبة، حتى لو حدث أحيانا سوء تفاهم ينتهي فوراً دون أي تمدد قد يكون، واتذكر تواضع ووفاء الوالد لأساتذته في حرصه على تقبيل أيديهم أمام الجميع، بالإضافة إلى توفير ما يستطيع من الحياة الكريمة لهم بالرغم من تباعد المسافات وتغير الأحوال.
5- عرف عن الوالد دفاعه المستميت عن السنة كيف؟
هذا كان مشروع الوالد في الحياة، خاصة في الشق الاكاديمي والدراسة الجامعية سواء في الماجستير أو الدكتوراه، فكانت رسالة الدكتوراه في تهذيب الكمال للإمام الحافظ المزي، وألف العديد من الاصدارات للدفاع عن السنة مثل علم الطبقات، درء تعارض أحديث قراء الارض، التابعون وجهادهم في خدمة الحديث، مركز بحوث السنة والسيرة، توجهات نبوية على الطريق، مقدمات في تخريج الحديث، ميزان تقيم الاعمال كما تصوره السنة، مناهج المحدثين في رؤية الحديث، منهج الرسول في معاملة وتربية الاولاد.
6- السيد نوح والإمام أبو الحجاج المزى علاقة روحية وعلمية ؟
اتذكر مقولة لأحد مشايخ الوالد ممن حضر مناقشة الدكتوراه حول الإمام المزي، حيث قال بعد انتهاء المناقشة أمام الجمهور: لو كان الامام المزي حيا لقبل جبينك يا سيد نوح.
هذا ملخص العلاقة، فالوالد كان أول من ناقش ودرس ونبه لتهذيب الكمال للإمام المزي قبل تحقيقه وطباعته لاحقا من قبل العديد، وكان يرى بأن للإمام المزي جهود جبارة تستحق تلسيط الضوء عليها.
7- ما تقييم الناس لجهوده وأعماله؟
الذكرى الحسنة والاثر الطيب لهو أبلغ تقييم للناس على جهود الوالد واعماله، فكلما يذكر د. سيد نوح في أي مكان أو زمان يترحم عليه الجميع ويذكرونه بما رأوه منه، فكان حقا ممن شهد له الناس في الارض بالصلاح.
8- الأيام الأخيرة فى حياة السيد نوح؟
رافقت الوالد في أيامه الاخيرة في المستشفى صباح ومساء، فبالرغم من معاناته إلا أنه كان يردد دائما اللهم أمتني على الإسلام والإيمان، وكلما كان يزوره أحد من رفقائه كان يخاطبهم بلغة العين.. فكنت تشعر التناغم والانسجام بينهما دون كلام.
رحم الله الوالد وجمعنا معه في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
وسوم: 636