المأساة السورية .. مَن يبكي فيها، ومن يرقص ، ومن ينظر ببلاهة !؟
1) حين يموت شخص ما ، في حيّ ، أو قرية ، أو قبيلة .. تختلف مواقف الناس ، حول تأثير موته ، في حياتهم :
*) بعض الناس يحسّ بعظَم المصيبة ، ويحسّ بأن ظهره قد كسِر( حسب أهمّية الفقيد ، بالنسبة لكل من هؤلاء !) ، ويبكي بحرارة ، أو يتفجّع بمرارة ، وينظر في حاضره البائس ، ومستقبله الذي يراه مظلماً ، بغياب الفقيد ، ويَحار في أمره ، وفيما يفعل..! وغالباً مايكون هؤلاء ، مِن أهل الفقيد الأدنَين العقلاء ، الذين يعرفون كيف يفكّرون بالحال والمآل! وإذا كان الفقيد ذا أهمّية وشأن ، في المسائل الاجتماعية ،أوالسياسية ، أو الثقافية ، أو العلمية ، أو التربوية .. أحسّ بعض الناس ، الذين يعرفون أهمّيته ، وتأثير فقده ، بفراغ يتناسب مع حجم الفقيد ، وباشروا بالنظر فيمن يخلفه ، في موقعه، أو في المهمّة التي يمكن أن يؤدّيها ، ممّا كان الفقيد يؤدّيه ، في حياته ! وقد يكون الفقيد على مستوى قرية ، أو محافظة ، أو على مستوى الوطن كله ، في المجال السياسي ، أو الاجتماعي ، أو الثقافي ، أو العلمي ..!
*) وبعض الناس يرقص فرحاً ، لغياب الفقيد ..! وهؤلاء أصناف شتّى ، منهم :
- أعداء الفقيد ، وحاسدوه ، ومنافسوه .. من الغرباء ، وربّما كان بعضهم من الأقارب!
- الأطفال والبـُله في أسرة الفقيد ، الذين يرون اجتماع الناس من حولهم ، واهتمامهم بهم ، وحدبَهم عليهم ..! وقد يحصلون منهم على بعض الهِبات الصغيرة ، من حلويات وألعاب .. تطييباً لخواطرهم ، ومعالجة لنفوسهم المجروحة ، بخسارة فقيدهم ! فيصير المأتم ، لدى هؤلاء الأطفال والبله ، عيداً سعيداً ، مفعما بالفرح والسرور.. والمأكولات الشهيّة والهدايا !
*) وبعض الناس قد ينظر ببلاهة ، أو عدم اكتراث ، إلى الأمر، لأنه لايعنيه ، من قريب أو بعيد !
2) هو ذا حال سورية ، وطناً وشعباً :
- إن مصيبة الشعب السوري ، بهذا الحكم الشاذّ المدمّر ، يصعب تخيّلها ، أو تخيّل وقعِها، على نفوس العقلاء ، من أبناء هذا الشعب وقلوبهم ..! فلمْ تترك هذه الزمرة الحاكمة ، شيئاً في البلاد ، إلاّ استباحته ، من دماء بشرية ، وأموال ، وكرامات .. ومن ثروات وطنية ، ومن قيَم وطنية وإنسانية ! فلم يسلم من عبثها جيش ، ولا قضاء ، ولا تشريع ، ولا تربية ، ولا تعليم ، ولا ثقافة ، ولا تاريخ ! وأخيراً .. جاء دور العقيدة ، التي استبيحت جهاراً نهاراً ، من قبل المبشّرين الفرس ، بحماية رسمية صارمة ، من أجهزة الأمن ! إنها مأساة تقصم ظهور الجبال ! هكذا ينظر إليها عقلاء الشعب السوري ، الذي يعرفون معنى الوطن ، ومعنى الكرامة ، ومعنى استباحة الأوطان والشعوب ، من قبل عصابات الإجرام .. أياً كانت جنسياتها ، وأياً كان انتماؤها ، وأياً كانت شعاراتها !
- أمّا الصِبية والبله ، فينظرون إلى الأمر من زاوية ما يحصلون عليه ، من منافع هزيلة ، كالمال الحرام ، والمنصب الخادع الزائل ، و نحو ذلك ، ممّا يغرَى به ، ضعاف النفوس والعقول !
- أمّا الآخرون ، الذين لايعرفون ماذا يجري في سورية ، فينظرون إلى الأمر ببلاهة ، أو عدم اكتراث ..! وربما نظر بعضهم مستغرباً ، إلى مايحسّ به العقلاء السوريون ، من عظم المصيبة ، ووجّه إليهم اللوم ، لأنهم لم يحسنوا التعامل مع صنّاع الكارثة المستمرّة في بلادهم! بل ربّما وقف بعض هؤلاء البعيدين ، موقف الفيلسوف السياسي ، الذي يَسمع شعارات الزمرة الحاكمة ، ويعجب من موقف المعارضة ، التي لاتتجاوب مع هذه الشعارات ، ولا تصفّق لها! مع أنها آخر الشعارات التي تردّد في (ساحة النضال القومي.. بين المحيط والخليج !).
وحسبنا الله ونعم الوكيل !
وسوم: العدد 757