ثورة نبيلة.. خطفها الإخوان؟!
هذا عنوان من عناوين صحيفة حكومية في ذكرى ثورة يناير السابعة. ما تحت العنوان مليء بالأكاذيب والافتراءات وتبرير الانقلاب العسكري الدموي الفاشي.
كتّاب البيادة على تعدّد منابعهم ومشاربهم شاركوا في إحياء الذكرى من وجهة نظرهم المهزوزة والزائفة. بعضهم لقي جزاء سنمّار من الانقلاب، أو لم يحصل على شيء، اللهم إلا كشف مواقفه الكاذبة ونضاله الكلامي، وكراهيته للإسلام والمسلمين!
أكذوبة خطف الثورة، أو الزحف إلى السلطة والتنكر للديمقراطية، يكررها خدام العسكر بكل بجاحة وصفاقة، وكأن ما يقولونه هو التنزيل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وللأسف فقد امتدت الأكذوبة إلى خارج مصر، لتتداعي ذكريات العشرية السوداء التي قام بها عسكر الجزائر الذين يسمونهم هناك حزب فرنسا، من تقتيل للشعب الجزائري المسلم وترويع الآمنين وإلصاق كل ذلك بمن سموهم الإرهابيين المسلمين. لدرجة أن كاتبا جزائريا فرانكفونيا اسمه "واسيني الأعرج"، يقول: إن الإسلاميين عندما وصلوا إلى الحكم في الجزائر ركلوا الديمقراطية! ولم يخجل المذكور، من الكذب الفاجر الذي يدركه من لديه أبسط عقل. فالإسلاميون لم يحكموا الجزائر ولو لدقيقة واحدة، وبالتالي فلم يركلوا الديمقراطية. لقد فازوا في المرحلة الأولى من الانتخابات النيابية التي أجراها الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، وعندئذ قام العسكر أو حزب فرنسا، بإقالة الرئيس وإلغاء المرحلة الثانية، ثم أعملوا القتل والذبح وبقر بطون النساء، وفتحوا السجون التي اكتظت بكل من يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، على النحو الدامي الذي يرويه الضابط الجزائري في القوات الخاصة؛ حبيب سويدية- الهارب إلى فرنسا؛ في كتابه" الحرب القذرة" ونشر بالفرنسية في باريس، وترجمته روز مخلوف وصدر عن دار ورد السورية بدمشق عام2003م.
الأمس واليوم يزعم خدام البيادة أن الثورة تم خطفها من جانب الإخوان، لم يكتفوا بذلك بل يحملونهم مسئولية انقسام الشعب، وانهيار السياسة والحياة الاقتصادية والاجتماعية! ونسوا أنه لولا الإخوان- كما تشهد القوى السياسية في ميدان التحرير- لانتصر جمال مبارك في معركة الجمل، وكان الوزراء يؤدون القسم أمامه الآن!
ويذهب بعض الذين استدعوا العسكر للحكم ووأد الديمقراطية والحرب على الإسلام، إلى أن اليمين الديني تحالف مع اليمين الفلولي، وزحف إلى كراسي السلطة، بهدف تركيب رأس و"لحية" للنظام المخلوع، سطوا على الثورة، وإفشالا لها.
شجاعة هؤلاء المنافقين تمنعهم من الإشارة إلى الإسلام بلفظه الصريح، ويتحدثون عما يسمى باليمين الديني، وكأن اليمين الديني المزعوم تشكيل اجتماعي يعرفه الناس، وفي الحقيقة لا يوجد يمين أو يسار في الإسلام أو في المجتمع المصري الفقير. اليمين واليسار موجودان في دوائر اللصوص والأفاقين الذين ينهبون أموال الشعب الكادح البائس تارة باسم النخبة، وأخرى باسم النضال! عدا ذلك فالشعب المصري المسلم يتضور جوعا، ومن يوفقه الله إلى عمل شريف يطرد نموه وزيادته يتم نهبه والاستيلاء عليه باسم مكافحة الكيانات الإرهابية بدءا من المؤسسات التعليمية مرورا بالمستشفيات العلاجية والشركات المنتجة حتى دور النشر والمكتبات.
يتمنى المنافقون الأفاقون أن يكون هناك حزب للثورة، يحمل رايتها وينفذ أهدافها، ويتجاهلون أن الحزب الذي تنتظره الثورة المجهضة بفعل الغدر والخيانة موجود في سجون الانقلاب أو مطارد، وعدد أفراده أكثر من مائة ألف مسلم يضمون أساتذة جامعات ومعلمين ومهندسين وعلماء وأطباء ومثقفين حقيقيين وخبراء اقتصاد وتخصصات مختلفة. بعضهم تجاوز في سجنه أربع سنوات دون توجيه اتهام إليه ويتعرض للتعذيب أو المضايقات أو الإهمال الطبي. وبعضهم الآخر حوكم في محاكمات ظالمة وحكم عليه بإعدامات ومؤبدات ومشددات دون أن يتاح له حق الدفاع عن نفسه. ويعلم الذين استدعوا الجيش للانقلاب أنهم لا يملكون قاعدة ولا جماهير، وأن هذا الحزب الأسير يعطي ولا يأخذ، ويضحي ولا ينتظر مقابلا، لأنه يبتغي وجه الله. هذا الحزب هو الذي أتت به الانتخابات الحرة النزيهة في خمسة انتخابات شهد العالم على عظمتها، حيث وقف الشعب في طوابير طويلة تحت الشمس المحرقة ليدلي بصوته منذ الصباح الباكر، وفي هذه الانتخابات لفظ الشعب الانتهازيين والخونة وخدام البيادة والشماشرجية وخصوم الكرامة والشرف.
الحزب الأسير الذي يعبر عن جموع مصر لم يخطف الثورة كما يدعي أنصار البيادة الفاشية، ونفايات اليسار الفاسد، ولم يزحف بدبابة أو مدرعة نحو المجالس النيابية أو الرئاسة في الاتحادية، كان حب الناس له هو الذي يجذبه إلى العمل العام، ويمنحه الثقة والمودة. هل رأيتم وزيرا مثل باسم عودة الذي أطلق عليه وزير الغلابة؟
يوم حكمت البيادة في عام 1952 لوثت يديها بالدم والعار والهزائم غير المسبوقة في التاريخ، وسرقت الحرية والكرامة والأمل، وللأسف وجدت من يصفق لها ويبرر أفعالها المشينة ويحضها على إعطاء القانون إجازة، وإلقاء الدستور في سلة المهملات، وكان ذلك يتم بدعاوى الثورية أو تحت مصطلحات سخيفة.
هناك مصفقون لا يعرفون الحياء لم ينظروا إلى اللصوص الثوريين الذين صنعهم الحكم العسكري على عينه في ستين عاما أو يزيد. ولكنهم يزعمون أن اليمين الديني سرق الثورة، وزحف إليها، وسطا عليها! إن ما يسمي اليمين الديني لم يسرق مليما من أموال الدولة، ولكن اللصوص الثوريين سرقوا الأرض والقصور والمجوهرات والشركات والمصانع وغيرها، وتحولوا إلى إقطاعيين بلا شرف، ولصوص بلا أخلاق، وانغمسوا في الملذات المحرمة والمفاسد التي لا تخشى الله.
والمضحك أن يقال إن اليمين الديني حكم البلاد!
متى حكم المسلمون أنفسهم في ظل حكم عسكري فاشي قبيح لا يعرف ولاء لله أو خوفا منه. لم يذق من انتخبهم الشعب طعم الحكم في أيامهم القليلة؛ بسبب التآمر الخسيس من الخونة والانتهازيين والطائفيين بالإضافة إلى 300 ألف بلطجي في أنحاء أم الدنيا حركتهم الأجهزة لإفشال أجمل ثورة في تاريخ الوطن. أستحي أن أمدح من انتخبهم الشعب، بينما هناك من لا يستحون وهم يمدحون البيادة، ولا يجدون غضاضة في ادعاء الثورية والمهلبية والملوخية.
عندما تقرأ للمنافقين الأفاقين أن ما يسمى اليمين الديني انتحل صفة 25 يناير، وأن اليمين الفلولى انتحل صفة 30 يونيو، وأن تفكيك صلات «العروة الوثقى!» بين 25 يناير و 30 يونيو يمثل لهم مشهدا كئيبا مقبضا، لأن المشهدين في زعمهم ثورة متصلة، وارادة تعبير غلابة عن الرغبة في تغيير شامل ينقلها حزب ثوري من الشارع إلى السلطة(!) فعليك أن تقول لهؤلاء الانقلابيين خاب سعيكم، فأنتم تتحدثون في خلط وتخليط تصنعه سمادير النفاق والانتهازية!
الله مولانا. اللهم فرّج كرب المظلومين. اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم!
وسوم: العدد 759