إلياذة محرم=2

في كلمته المنشورة 30/7/1945، بالعدد 630 من مجلة الرسالة المصرية الغراء، ذكر إبراهيم دسوقي أباظة -ت:1953- وزير المواصلات بحكومة محمود فهمي النقراشي -ت:1948-  أن محمود سامي البارودي-ت:1904- لم يمت حتى ألقى مقاليد الشعر العربي إلى أحمد شوقي -ت:1932- وحافظ إبراهيم -ت:1932- وأحمد محرم -ت:1945- وخليل مطران -ت:1949- وأحمد الكاشف، ت: 1948! وبرغم الأصول الشركسية والتركية التي تجمع أباظة وهؤلاء الشعراء جميعا معا إلا خليل مطران، ينبغي أن يبتهج كل عربي بلغته التي خلبت لبهم وملأت حياتهم فكانت شعارهم وبقيت مجدهم!

لقد صنع بأحمد محرم أبوه خيرا إذن حين أبقاه في بيته الواسع الهادئ الصالح من مدينة الدلنجات بمديرية البحيرة (محافظة البحيرة) من شمال مصر، واستقدم له من علَّمه علوم العربية وآدابها وعلوم الإسلام وآدابه، حتى اختلطت بروحه وطموحه؛ فنشأ عروبيا إسلاميا لا يتأخر عما يخدم العروبة والإسلام، ولا يشغل عنه نفسه بأباطيل المعيشة، حتى لقد بقي بالمديرية نفسها بعد وفاة أبيه -وإن انتقل فيها إلى دمنهور- واصطنع لنفسه بها مجلسا جامعا يرتاده المتَثقفون، فيتنازعون الأفكار العربية الإسلامية فنيةً وعلميةً، ويتواصون بها شفاهيّةً وكتابيّةً، حتى تسامع بهم الناس، فوفد عليهم محب الدين الخطيب (داعية الجامعة الإسلامية)، داعيا إلى نظم ملحمة عربية إسلامية كالإلياذة اليونانية والشاهنامة الفارسية؛ فكانت الإلياذة الإسلامية (ديوان مجد الإسلام).

لم نكن قد رأينا كتاب هذه الإلياذة الإسلامية التي اكتملت عام 1933 تقريبا، ولم تنشر إلا بعد ثلاثين عاما من اكتمالها، ولكننا سمعنا أنها قصيدة واحدة من عشرات آلاف الأبيات، وأن أصحاب أحمد محرم من الشعراء قد أعانوه عليها؛ فازدادت علينا غموضا وأسطورية، وازددنا لها هيبة وإكبارا!

وسوم: العدد 764