وللمتصهينين بطاقة خروج بلا عودة
لو أن المستعجلين على تقبل احتلال فلسطين وقمع أهلها كأمر واقع يشاهدون ويسمعون آراء بعض الحقوقيين اليهود عن الفكر الصهيوني، مثل جدعون ليفي وناعوم تشومسكي ونورمان فينكنستاين والأمريكي الفلسطيني إدوارد سعيد، لربما خجلوا من جهلهم بنتائج ما يستعجلون التطبيع معه. أجزم بأن الخمسة أو العشرة أشخاص من الكتاب والمغردين بيننا، الداعين للتصالح مع أقبح فكر عنصري في التاريخ لا يملكون الفهم الكافي لنتائج ما يدعون له. صحيح أن عددهم ما زال لا يستحق الاهتمام، لكنهم يسهمون في تسميم عقول الشباب الذين لا يفهمون معنى الفاعل والمفعول به في الحضارات، مثلما تسمم الجيفة الواحدة مياه البئر بالكامل.
لكن لنفترض حصول ما لن يحصل ونناقش ما قد يترتب عليه، والمسألة لا تحتاج إلى التنظير. تكفي قراءة ما جرى بينهم وبين الشعوب التي طبعت معهم عبر مئات السنين. الوصول إلى علاقة طبيعية مع الفكر الصهيوني يعني القبول بمتطلبات النص التوراتي الذي يصدقونه، الأخيار أسياد للأغيار، ويقول النص: يا أبناء إسرائيل كل ما تطأه أقدامكم من أرض هو ملك لكم تفعلون به ما تشاؤون.
من المؤكد أن الوصول إلى علاقة تطبيع مع من يحمل الفكر الصهيوني (ولا أقصد أتباع اليهودية كديانة) يترتب عليه النتائج التالية:
أولاً: السيطرة الروتشيلدية على رؤوس الأموال والأعمال، ومن لا يعرف معنى ذلك عليه التعرف بالقراءة المتوسعة عن العقلية المالية الروتشيلدية وتأثيرها في تاريخ العالم.
ثانياً: القبول بسيطرة الإعلام المسير الكاسح بيد المتحكم فيه المعروف على الفضائيات والصحافة والسينيما وصناعة الوثائقيات والبرامج السياسية والتربوية.
ثالثاً: القبول بشروط التعايش بحسب مفاهيم الحريات الشخصية الجسدية والفكرية التي يفرضها الطرف الأقوى على الأضعف.
رابعاً: القبول بمنظمة آيباك صهيونية عربية على غرار نموذجها الأمريكي المتغلغل في الحياة السياسية والاجتماعية الأمريكية.
خامساً: أنه على كل مصرف مالي أو رجل أعمال أو مسؤول أو مفكر مستقل يرفض التعامل مع التطبيع، عليه أن يكون مستعداً للاغتيال الإعلامي والفكري وربما المحاكمة بتهمة معاداة السامية رغم أنه هو من أصول سامية ويرفض التعامل مع الفكر الصهيوني تحديداً.
سادساً: وهذه ربما الأقل أهمية عند المهرولين للتطبيع رغم أنها الأهم، وهي القبول بالتنازل عن فلسطين العربية بأرضها ومساجدها وكنائسها ومقابر الأجداد فيها وآثارها وزيتونها، بكل ما يعنيه ذلك من خيانة جيل واحد لكل الأجيال السابقة واللاحقة.
سابعاً وأخيراً: تحمل أي دولة إسلامية تطبع مع مغتصب عنصري لكل ما يترتب على ذلك من نبذ وعداء مع الشعوب الإسلامية الرافضة لفرض الأمر الواقع بسبب العجز عن نقل المسؤولية إلى الأجيال القادمة.
هكذا وبناء عليه يتضح أن أفضل الحلول هو سفر الراغبين في التطبيع إلى صهاينتهم في إسرائيل بتذكرة خروج دون عودة، ليتعرفوا بالمعايشة معنى أن يكونوا عرباً في مجتمع عنصري أخيار ضد أغيار، ولتتخلص منهم مجتمعاتهم كذلك.
وسوم: العدد 766